الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَوجدت بعد مَوته كَذَلِك وَإِن وهب لَهُ عرُوضا أَو حَيَوَانا جَازَ إِذا أبرزه من سَائِر مَاله فَإِن كبر وَملك أَمر نَفسه فَلم يقبضهُ حَتَّى مَاتَ الْأَب بطلت وَكَذَلِكَ إِذا لم يقبض الْكَبِير
الْبَاب الثَّانِي فِي الْوَقْف وَهُوَ الْحَبْس وَفِيه سِتّ مسَائِل
(الْفَصْل الأول) فِي حكم التحبيس وَهُوَ جَائِز عِنْد الْإِمَامَيْنِ وَغَيرهمَا خلافًا لأبي حنيفَة وَقد رَجَعَ عَن ذَلِك صابه أَبُو يُوسُف لما ناظره مَالك وَاسْتدلَّ بأحباس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وَصَارَ الْمُتَأَخّرُونَ من الْحَنَفِيَّة يُنكرُونَ منع إمَامهمْ وَيَقُولُونَ مذْهبه أَنه جَائِز وَلَكِن لَا يلْزم (الْفَصْل الثَّانِي) فِي أَرْكَانه وَهِي أَرْبَعَة الْمحبس والمحبس والمحبس عَلَيْهِ والصيغة فَأَما الْمحبس فكالواهب وَأما الْمحبس فَيجوز تحبيس الْعقار كالأرضين والديار والحوانيت والجنات والمساجد والى بار والقناطر والمقابر والطرق وَغير ذَلِك وَلَا يجوز تحبيس الطَّعَام لِأَن منفعَته فِي إستهلاكه وَفِي تحبيس الْعرُوض وَالرَّقِيق وَالدَّوَاب رِوَايَتَانِ على أَن تحبيس الْخَيل للْجِهَاد أَمر مَعْرُوف وَأما الْمحبس عَلَيْهِ فَيصح أَن يكون إنْسَانا أَو غَيره كالمساجد والمدارس وَيصِح على الْمَوْجُود والمعدوم والمعين والمجهول وَالْمُسلم وَالذِّمِّيّ والقريب والبعيد فروع فِي مُقْتَضى الْأَلْفَاظ الَّتِي يعبر بهَا عَن الْمَوْقُوف عَلَيْهِم فَأَما لفظ الْوَلَد وَالْأَوْلَاد فَإِن قَالَ حبست على وَلَدي أَو على أَوْلَادِي فَيتَنَاوَل ولد الصلب ذكورهم وإناثهم وَولد الذُّكُور مِنْهُم لأَنهم قد يَرِثُونَ وَلَا يتَنَاوَل ولد الْإِنَاث مِنْهُم خلافًا لأبي عمر بن عبد الْبر وَإِن قَالَ حبست على أَوْلَادِي وَأَوْلَادهمْ فَاخْتلف فِي دُخُول ولد لبنات أَيْضا وَإِن قَالَ على أَوْلَادِي ذكورهم وإناثهم سَوَاء سماهم أَو لم يسمهم ثمَّ قَالَ وعَلى أَعْقَابهم أَو أَوْلَادهم فَيدْخل أَوْلَاد الْبَنَات وَأما لفظ الْعقب فَحكمه حكم الْوَلَد فِي كل مَا ذكرنَا وَكَذَلِكَ لفظ الْبَنِينَ وَقد يخْتَص بالذكور إِلَّا أَن يَقُول ذكورهم وإناثهم وَأما لفظ الذُّرِّيَّة والنسل فَيدْخل فيهمَا أَوْلَاد الْبَنَات على الْأَصَح وَأما لفظ الْآل والأهل فَيدْخل فِيهِ الْعصبَة من الْأَوْلَاد وَالْبَنَات والأخوة وَالْأَخَوَات والأعمام والعمات وَاخْتلف فِي دُخُول الأخوال والخالات وَأما لفظ الْقَرَابَة فَهُوَ أَعم فَيدْخل فِيهِ كل ذِي رحم من قبل الرِّجَال وَالنِّسَاء محرم أَو غير محرم على الْأَصَح وَأما الصِّيغَة فَهِيَ لفظ الْحَبْس وَالْوَقْف وَالصَّدَََقَة وكل مَا يَقْتَضِي ذَلِك من قَول كَقَوْلِه محرم لَا يُبَاع وَلَا يُوهب وَمن فعل كالإذن للنَّاس فِي الصَّلَاة فِي الْموضع الَّذِي بناه مَسْجِدا وَلَا يشْتَرط قبُول الْمحبس عَلَيْهِ
إِلَّا إِذا كَانَ معينا مَالِكًا أَمر نَفسه (الْفَصْل الثَّالِث) فِي شَرطه وَهُوَ الْحَوْز حَسْبَمَا ذَكرْنَاهُ فِي الْهِبَة فَإِن مَاتَ الْمحبس أَو مرض أَو أفلس قبل الْحَوْز بَطل التحبيس وَكَذَلِكَ إِن سكن دَارا قبل تَمام عَام أَو أَخذ غلَّة الأَرْض لنَفسِهِ بَطل التحبيس وَيجوز أَن يقبض للكبير غَيره مَعَ حُضُوره بِخِلَاف الْهِبَة وَيقبض الْوَالِد لوَلَده الصَّغِير وَالْوَصِيّ لمحجوره وَيقبض صَاحب الأحباس مَا حبس على الْمَسَاجِد والمساكن وَشبه ذَلِك وَلَا بُد من مُعَاينَة الْبَيِّنَة للحوز إِذا كَانَ الْمحبس عَلَيْهِ فِي غير ولَايَة الْمحبس أَو كَانَ فِي ولَايَته وَالْحَبْس فِي دَار سكناهُ أَو قد جعل فِيهَا متاعة فَلَا يَصح إِلَّا بالإخلاء والمعاينة وَإِذا عقد الْمحبس عَلَيْهِ أَو الْمَوْهُوب لَهُ فِي الْملك الْمحبس أَو الْمَوْهُوب كِرَاء أَو نزل فيهمَا لعمارة فَذَلِك حوز (الْفَصْل الرَّابِع) فِي مصرف الْحَبْس بعد انْقِرَاض الْمحبس عَلَيْهِم وَذَلِكَ على ثَلَاثَة أَقسَام (الأول) حبس على قوم مُعينين فَإِن ذكر لفظ الصَّدَقَة أَو التَّحْرِيم لم ترجع إِلَيْهِ أبدا وَإِن لم يذكرهما فَإِذا انقرضوا فَاخْتلف قَول مَالك فَقَالَ أَولا ترجع إِلَى الْمحبس إو إِلَى ورثته ثمَّ قَالَ لَا ترجع إِلَيْهِ وَلَكِن لأَقْرَب النَّاس إِلَيْهِ (الثَّانِي) حبس على مَحْصُورين غير مُعينين كأولاد فلَان وَأَعْقَابهمْ (الثَّالِث) حبس على غير مَحْصُورين وَلَا مُعينين كالمساكن فَلَا يرجع إِلَيْهِ بِاتِّفَاق وَيرجع إِلَى أقرب النَّاس إِلَيْهِ إِن كَانَ لم يعين لَهُ مصرفا فَإِن عين مصرفا لم تعد إِلَى غَيره (الْفَصْل الْخَامِس) والأحباس بِالنّظرِ إِلَى بيعهَا على ثَلَاثَة أَقسَام (الأول) الْمَسَاجِد فَلَا يحل بيعهَا أصلا بِإِجْمَاع (الثَّانِي) الْعقار لَا يجوز بَيْعه إِلَّا أَن يكون مَسْجِدا تحيط بِهِ دور محبسة فَلَا بَأْس أَن يَشْتَرِي مِنْهَا ليوسع بِهِ وَالطَّرِيق كالمسجد فِي ذَلِك وَقيل أَن ذَلِك فِي مَسَاجِد الْأَمْصَار لَا فِي مَسَاجِد الْقَبَائِل وَأَجَازَ ربيعَة بيع الرّبع المحبي إِذا خرب ليعوض بِهِ آخر خلافًا لمَالِك وَأَصْحَابه (الثَّالِث) الْعرُوض وَالْحَيَوَان قَالَ ابْن الْقَاسِم إِذا ذهبت مَنْفَعَتهَا كالفرس يهرم وَالثَّوْب يخلق بِحَيْثُ لَا ينْتَفع بهما جَازَ بَيْعه وَصرف ثمنه فِي مثله فَإِن لم تصل قِيمَته إِلَى كَامِل جعلت فِي نصيب من مثله وَقَالَ ابْن الْمَاجشون لَا يُبَاع أصلا (الْفَصْل السَّادِس) بَقِيَّة أَحْكَام الْمحبس فَمِنْهَا أَن الْمحبس إِذا اشْترط شَيْئا وَجب الْوَفَاء بِشَرْطِهِ وَالنَّظَر فِي الأحباس إِلَى من قدمه الْمحبس فَإِن لم يقدم قدم القَاضِي وَلَا ينظر فِيهَا الْمحبس فَإِن فعل بَطل التحبيس وتبتنى الرباع المحبسة من غلاتها فَإِن لم تكن فَمن بَيت المَال فَإِن لم يكن تركت حَتَّى تهْلك وَلَا يلْزم الْمحبس النَّفَقَة فِيهَا وَينْفق على الْفرس الْمحبس من بَيت المَال فَإِن لم يكن بيع واشتري بِالثّمن مَا لَا يحْتَاج إِلَى نَفَقَة كالسلاح وَقَالَ ابْن الْمَاجشون لَا يجوز بيع ذَلِك وَلَا يجوز نقض بُنيان الْحَبْس وَلَا تَغْيِيره وَإِذا انْكَسَرَ مِنْهَا جذع لم يجز بَيْعه بل يسْتَعْمل فِي الْحَبْس وَكَذَلِكَ النَّقْض وَقيل يُبَاع وَلَا يناقل بِالْحَبْسِ وَإِن خرب مَا حواليه