الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الأذان
باب بَدْءُ الأَذَانِ
وَقَوْلُهُ عز وجل (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ) وَقَوْلُهُ (إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ).
580 -
حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَن أَبِى قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ ذَكَرُوا النَّارَ وَالنَّاقُوسَ، فَذَكَرُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى
ــ
كتاب الأذان
(باب بدء الأذان) أي ابتدائه وهو لغة الأعلام واصطلاحاً الأعلام بوقت الصلاة بالألفاظ التي عينها الشارع مثناة والمراد من النداء إلى الصلاة هو الأذان لها: فإن قلت ما الفرق بين ما في الآيتين من النداء إليها والنداء لها. قلت صلات الأفعال تختلف بحسب مقاصد الكلام فقصد في الأول معنى الانتهاء وفي الثاني معنى الاختصاص. قوله (عمران بن ميسرة) ضد الميمنة و (عبد الوارث) أي التنوري تقدما في باب رفع العلم و (خالد الحذاء) في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم علمه الكتاب و (أبو قلابة) بكسر القاف وخفة اللام وبالموحدة عبد الله الحربي في باب حلاوة الإيمان والرجال كلهم بصريون. قوله (الناقوس) هو الذي يضر به النصارى لأوقات الصلاة لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وبنى المسجد شاور الصحابة فيما يجعل علماً
فَأُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَة
581 -
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ
ــ
للوقت واجتماعهم فذكر طائفة منهم إيقاد النار لظهورها أو ضرب الناقوس لصوته وذكر آخرون أن النار شعار اليهود والناقوس شعار النصارى فلو اتخذنا أحد الأمرين شعاراً لا لتبس أوقاتنا بأوقاتهم أو لشابهناهم ونحو ذلك فذكر بعده عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري رؤياه في الأذان ووافقه عمر رضي الله عنه ونزل الوحي على وفقها أو أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك باجتهاده لجواز الاجتهاد له على مذهب الجمهور. قوله (أمر) بضم الهمزة أي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم مثل هذا اللفظ موقوف لاحتمال أن يكون الآمر غير رسول الله صلى الله عليه وسلم والصواب وعليه الأكثر أنه مرفوع لأن إطلاق مثله ينصرف عرفاً إلى صاحب الأمر والنهي وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيضاً مقصود الراوي بيان شرعيته وهي لا تكون إلا إذا كان الأمر صادراً من الشارع. قوله (يشفع) بفتح الياء والفاء أي يأتي بألفاظه مثناة (ويوتر الإقامة) أي يأتي بها فرادى ى والإقامة هي الإعلام بالشروع في الصلاة بالألفاظ التي عينها الشارع وامتازت عن الأذان بلفظ الشروع والتمييز بهذا اللفظ خير من التمييز بلفظ فرادى ليشمل الامتياز على جميع المذاهب لأن الحنفي لا يقول بأفراد ألفاظها بل بتثنيتها. فإن قلت ظاهر الأمر للوجوب لكن الأذان سنة. قلت ظاهر صيغة الأمر له لا ظاهر لفظه يعني أمر وههنا لم يذكر الصيغة. سلمنا أنه للإيجاب لكنه لا يجاب الشفع لا لأصل الأذان ولا شك أن الشفع واجب ليقع الأذان مشروعاً كما أن الطهارة واجبة لصحة صلاة النفل. ولئن سلمنا أنه لنفس الأذان يقال أنه فرض كفاية لأن أهل بلدة لو اتفقوا على تركه قاتلناهم والإجماع مانع عن الحل على ظاهره وذكر العلماء في حكمة الأذان أربعة أشياء أحدها إظهار شعار الإسلام وكلمة التوحيد والأعلام بدخول وقت الصلاة وبمكانها والدعاء إلى الجماعة. وأقول وفي اختيار القول دون شئ آخر حكمة عظيمة وهي أن القول كيفية تعرض للنفس الضروري فالإعلام به أسهل لذلك ولعدم الاحتياج إلى آلة وأداة وأنه ميسر لكل أحد غنياً وفقيراً في كل زمان ومكان سهلاً وجبلاً براً وبحراً (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) والحمد لله على ذلك. ثم الحكمة في إفراد الإقامة وتثنية الأذان أن الأذان لإعلام الغائبين فيكرر ليكون أبلغ في إعلامهم والإقامة للحاضرين فلا حاجة إلى تكرارها وإنما كرر لفظ الإقامة لأنها هي المقصود فيها فإن قلت لفظ الله أكبر أيضاً مكرر. قلت صورته مكررة لكنها بالنسبة إلى الأذان إفراد ولهذا قال أصحابنا يستحب للمؤذن أن يقول كل تكبيرتين بنفس واحد فيقول في أوله الله أكبر الله أكبر بنفس
قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَاةَ، لَيْسَ يُنَادَى لَهَا، فَتَكَلَّمُوا يَوْماً فِى ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ اتَّخِذُوا نَاقُوساً مِثْلَ
ــ
ثم بقوله آخراً بنفس آخر. قال القاضي عياض: الأذان كلمة جامعة لعقيدة الإيمان مشتملة على نوعية من العقليات والنقليات وإثبات الذات وما يستحقه من الكمال أي الصفات الوجودية ومن التنزيه أي الصفات العدمية ولفظ الله أكبر مع اختصارها دالة على ما ذكرنا ثم صرح بإثبات الوحدانية ونفى الشركة وهو عمدة الإيمان المقدمة على كل وظائف الدين ثم صرح بالشهادة بالرسالة لنبينا صلى الله عليه وسلم التي هي قاعدة جميع العبادات وموضعها بعد التوحيد لأنها من باب الأفعال الجائزة الوقوع وتلك المقدمات من باب الواجبات وبعد هذه القواعد كملت العقائد العقلية فيما يجب ويستحيل ويجوز في حقه تعالى ثم دعاهم إلى الصلاة بعد إثبات النبوة لأن معرفة وجوبها من جهة النبي صلى الله عليه وسلم لا من جهة العقل ثم دعا إلى الفلاح وهو الفوز والبقاء في النعيم وفيه إشعار بأمور الآخرة من البعث والجزاء وهو آخر تراجم عقائد الإسلام قال ثم كرر ذلك بإقامة الصلاة للإعلام بالشروع فيها وهو متضمن لتأكيد الإيمان وتكرار ذكره عند الشروع في العبادة بالقلب واللسان وليدخل المصلي فيها على بينة من أمره وبصيرة من إيمانه ويستشعر عظيم ما دخل فيه وعظمة حق من يعبده وجزيل ثوابه وهذا من النفائس الجليلة فتفكر فيها. وقال أبو حنيفة: تثنى الإقامة كلها والحديث حجة عليه. وقال الخطابي: الذي جرى به العمل في الحرمين والحجاز والشام واليمن ومصر والمغرب إلى أقصى بلاد الإسلام أن الإقامة فرادى ومذهب عامة العلماء أنه يكرر لفظ قد قامت الصلاة إلا مالكاً فإن المشهور عنه أنه لا يكرره وقال فرق بين الأذان والإقامة في التثنية والإفراد ليعلم أن الأذان إعلام بورود الوقت والإقامة أمارة لقيام الصلاة ولو سوى بينهما لاشتبه الأمر في ذلك وصار سبباً لأن تفوت كثيراً من الناس صلاة الجماعة إذا سمعوا الإقامة فظنوا أنها الأذان. قوله (محمود بن غيلان) بفتح المعجمة وسكون التحتانية ورجال الإسناد تقدموا في باب النوم قبل العشاء لمن غلب. قوله (يتحينون) أي يقدرون حينها ليأتوا إليها و (ليس ينادي) قال ابن مالك هذا شاهد على جواز استعمال ليس حرفاً لا اسم لها ولا خبر أشار إليه سيبويه ويحتمل