الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
29 - بابٌ غَزْوَةُ الْخَنْدَقِ وَهْيَ الأَحْزَابُ
قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: كَانَتْ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ.
(باب غَزوة الخَنْدق وهي الأَحزاب)
جمع: حِزْب، وهي الطَّائفة التي اجتَمعتْ طوائف العرَب ويَهود، واتفَقوا على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(موسى بن عُقْبة)؛ أي: صاحب "المغازي"، مات سنة إحدى وأربعين ومائة.
* * *
4097 -
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَهْوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَلَمْ يُجِزْهُ، وَعَرَضَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهْوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَهُ.
الحديث الأول:
(عرضه) العَرْض: الإمرار والاختبار ليُعلم حال مَن يصلُح.
(فلم يجزه) الإجازة: الإنْفاذ.
ففيه أنَّ البلوغ [يكون بخمس عشرةَ سنةً](1)، وفيه حُجَّةٌ لموسى
(1) ما بين معكوفتين ليس في الأصل.
ابن عُقبة أنَّ الخندق في الرابعة؛ فإن أُحُدًا كانت في الثالثة، أما على قول ابن إسحاق، وابن سعد، وغيرهما: أنَّ الخندق في الخامِسة، فاعتذَروا عن هذا الحديث بحمْله على أنَّه كان في أُحُد ابن ثلاث عشرةَ سنةً وأشهُر، فعبَّر بأربعةَ عشَر، وأنَّه في الخندق كان ابن خمس عشرةَ سنةً وأشهُر، فألغَى الزائدَ، وعبر بالخمْس عشرةَ.
* * *
4098 -
حَدَّثَنِي قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَنْدَقِ وَهُمْ يَحْفِرُونَ، وَنَحْنُ نَنْقُلُ التُّرَابَ عَلَى أَكْتَادِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الآخِرَهْ، فَاغْفِرْ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ".
الثاني:
(أكتادنا) بمثنَّاةٍ: جمع كَتَد، وهو ما بين الكاهِل إلى الظَّهر، وفي بعضها بالموحَّدة، والمراد به: ما على الكبد من الجنْب.
قيل: والصَّواب الأول.
* * *
4099 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ، سَمِعْتُ أَنسًا رضي الله عنه يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْخَنْدَقِ، فَإِذَا الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ فِي
غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَبِيدٌ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ لَهُمْ، فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِمْ مِنَ النَّصَبِ وَالْجُوعِ قَالَ:"اللَّهُمَّ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ"، فَقَالُوا مُجِيبِينَ لَهُ:
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا
…
عَلَى الْجهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا
الثالث:
(بايعوا) هو باعتبار لفْظ: (الذين)، وأما باعتبار:(نحن)، فيقال: بايَعْنا، كما في نحو:
أَنا الذي سَمَّتْني أُمِّي حَيْدَرَةْ
وسبق الحديث في (باب: التحريض على القتال)، في (الجهاد).
* * *
4100 -
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: جَعَلَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ، وَيَنْقُلُونَ التُّرَابَ عَلَى مُتُونهِمْ وَهُمْ يَقُولُونَ:
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا
…
عَلَى الإِسْلَامِ مَا بَقِينَا أَبَدَا
قَالَ: يَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ يُجِيبُهُمُ: "اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الآخِرَهْ، فَبَارِكْ فِي الأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ"، قَالَ: يُؤْتَوْنَ بِمِلْءِ كَفَّي مِنَ الشَّعِيرِ فَيُصْنَعُ لَهُمْ بِإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ تُوضَعُ بَيْنَ يَدَيِ الْقَوْمِ، وَالْقَوْمُ جِيَاعٌ، وَهْيَ بَشِعَةٌ فِي الْحَلْقِ وَلَهَا رِيحٌ مُنْتِنٌ.
الرابع:
(متونهم) جمع: مَتْن، وهو الظَّهر.
(كف) في بعضها مُضافًا لياء المتكلِّم، وفي بعضها مع التَّثنية.
(فيصنع)؛ أي: يُطبَخ.
(بإهالة) بكسر الهمزة.
(الودك)؛ أي: الشَّحم المُذاب.
(سَنِخة) بفتح المهملة، وكسر النون، وبمعجمةٍ: فاسدةٍ متغيرةِ الرِّيح.
(بشعة)؛ أي: كَريهة.
(في الحلق)؛ أي: كَريهة الطَّعْم والرِّيح.
(مُنْتِن) بضم الميم، وكسر المثنَّاة، وبكسر الميم أيضًا إتْباعًا لكسرة المثنَّاة، قالدالجَوْهَري، قيل: صوابه: مُنتنةٌ؛ لأن الريح مؤنثةٌ إلا أنَّ المؤنَّث غير الحقيقي يُعبر عنه بالمذكَّر.
* * *
4101 -
حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ جَابِرًا رضي الله عنه فَقَالَ: إِنَّا يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَحْفِرُ، فَعَرَضَتْ كُدْيَةٌ شَدِيدَةٌ، فَجَاؤُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: هَذِهِ كُدْيَةٌ عَرَضَتْ فِي الْخَنْدَقِ، فَقَالَ:"أَنَا ناَزِلٌ"، ثُمَّ قَامَ وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ، وَلَبِثْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا نَذُوقُ ذَوَاقًا، فَأَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمِعْوَلَ فَضَرَبَ، فَعَادَ كَثِيبًا
أَهْيَلَ -أَوْ أَهْيَمَ- فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! ائْذَنْ لِي إِلَى الْبَيْتِ، فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِي: رَأَيْتُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا، مَا كَانَ فِي ذَلِكَ صَبْرٌ، فَعِنْدَكِ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: عِنْدِي شَعِيرٌ وَعَنَاقٌ، فَذَبَحْتُ الْعَنَاقَ، وَطَحَنَتِ الشَّعِيرَ، حَتَّى جَعَلْنَا اللَّحْمَ فِي الْبُرْمَةِ، ثُمَّ جِئْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَالْعَجِينُ قَدِ انْكَسَرَ، وَالْبُرْمَةُ بَيْنَ الأَثَافِي قَدْ كَادَتْ أَنْ تَنْضَجَ، فَقُلْتُ: طُعَيِّمٌ لِي، فَقُمْ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ وَرَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ، قَالَ:"كَمْ هُوَ؟ "، فَذَكَرْتُ لَهُ، قَالَ:"كَثِيرٌ طَيِّبٌ"، قَالَ:"قُلْ لَهَا لَا تَنْزِعُ الْبُرْمَةَ وَلَا الْخُبْزَ مِنَ التَّنُّورِ حَتَّى آتِيَ"، فَقَالَ:"قُومُوا"، فَقَامَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ قَالَ: وَيْحَكِ جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَمَنْ مَعَهُمْ، قَالَتْ: هَلْ سَأَلَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ:"ادْخُلُوا وَلَا تَضَاغَطُوا"، فَجَعَلَ يَكْسِرُ الْخُبْزَ وَيَجْعَلُ عَلَيْهِ اللَّحْمَ، وَيُخَمِّرُ الْبُرْمَةَ وَالتَّنُّورَ إِذَا أَخَذَ مِنْهُ، ويُقَرِّبُ إِلَى أَصْحَابِهِ ثُمَّ يَنْزِعُ، فَلَمْ يَزَلْ يَكْسِرُ الْخُبْزَ وَيَغْرِفُ حَتَّى شَبِعُوا وَبَقِيَ بَقِيَّةٌ، قَالَ:"كُلِي هَذَا وَأَهْدِي، فَإِنَّ النَّاسَ أَصَابَتْهُمْ مَجَاعَةٌ".
الخامس:
(فعرضت كبدة) بموحدةٍ، ثم دالٍ.
قال (ش): هذا لأبي ذَرٍّ، ويُروى:(كتَدةٌ) بالمثناة.
وروى أَبو الهَيْثم: (كُدْيَةٌ) بضم الكاف، وبياءٍ، وكذا رواه ابن أبي شَيبة في "مسنده"، وهي الأرض الصُّلْبة التي لا يعمَل فيها مِعْوَلٌ،
وهذه الرواية هي الصَّواب.
قال (خ): إنْ كانت: (كبدةٌ) محفوظةً فهي القِطْعة الصُّلبة من الأرض، وأرضٌ كَبْداء، وقوسٌ كَبْداء: شديدةٌ.
(وبطنه معصوب بحجر) لعلَّه لتَنكسِر حَرارة الجُوع ببُرودة الحجَر، أو ليَعتدِل قائمًا، أو لأنها حِجَارةٌ رِقاقٌ تعضِدُ البطْن فتشدُّ العُروق والأمعاء، فلا يتحلَّل شيءٌ مما في البطْن، فلا يحصُل ضعفٌ زائدٌ بحسب التَّحلُّل.
وفي "مسند أحمد" زيادةُ: "من الجُوع"، وأنكر ابن حِبَّان في "صحيحه" ذلك كلَّه، وقال: هذا باطلٌ كلُّه، وإنما هو:(بحِجزٍ) بالزاي، أي: بطرَف الإزار؛ إذ اللهُ تعالى كان يُطعِم رسولَه صلى الله عليه وسلم ويسقيه إذا واصَل، فكيف يتركُه جائعًا مع عدَم الوصال حتى يحتاج إلى شدِّ الحجَر على بطنه؟!.
وقال غيره: بل كانت عادة العرَب إذا خلَت أجوافُهم وغارَتْ بُطونهم يشدُّون عليها حجَرًا، ففعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ليُعْلِم أصحابَه أنه ليس عنده ما يَستأثِر به عليهم، وإنْ كان هو محمولًا في ذلك، فقد قال:"إني لستُ كأَحَدِكُم؛ إِنِّي أبيتُ عند رَبِّي يُطعمُني ويَسقِيني"، فأخبر أنَّه محمولٌ فيما يَرِد عليه من الله عز وجل بما يُغْنيه عن الطَّعام والشَّراب.
(كثيبًا) هو الكِدْس من الرَّمل.
(أهْيل) بسكون الهاء: السَّائل عنه.
(أهيم) بالميم: مثله، والهَيَام من الرَّمل: ما كان دفَّاقًا هابِطًا.
(انكسر) قال الخليل: كلُّ شيءٍ تغيَّر عن أمرٍ تعجَزُ عنه؛ فقد انكسَر، يقال: اكسِر مِن بَرْد الماء حتى يَنكسِر.
(الأثافي) جمع أُثفيَّة، وهي أحجارٌ ثلاثةٌ تُوضع عليها القِدْر.
(تَنْضَج) بفتح الضاد المعجمة، أي: تطيب.
(طُعَيّم) بتشديد الياء: تصغير طَعام.
قال السَّفَاقُسي: ضبطَه بعضُهم بتخفيفها، ولا وَجْهَ له.
(تضاغطوا)؛ أي: لا تَزدَحموا، والضَّغْط: الزَّحمة.
(ويُخَمر)؛ أي: يُغطَّى.
(وأهدي)؛ أي: ابعثي بالهديَّة إلى الجيران.
* * *
4102 -
حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا حُفِرَ الْخَنْدَقُ رَأَيْتُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَمَصًا شَدِيدًا، فَانْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأَتِي فَقُلْتُ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ فَإِنِّي رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَمَصًا شَدِيدًا؟ فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ جِرَابًا فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنٌ، فَذَبَحْتُهَا، وَطَحَنَتِ الشَّعِيرَ، فَفَرَغَتْ إِلَى فَرَاغِي، وَقَطَّعْتُهَا فِي بُرْمَتِهَا، ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: لَا تَفْضَحْنِي بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبِمَنْ مَعَهُ، فَجِئْتُهُ فَسَارَرْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا وَطَحَنَّا صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَناَ، فَتَعَالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ. فَصَاحَ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ، إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُورًا فَحَيَّ هَلًا بِكُمْ"، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا تُنْزِلُنَّ بُرْمَتكُمْ، وَلَا تَخْبِزُنَّ عَجينَكُمْ حَتَّى أَجِيءَ"، فَجئْتُ وَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْدُمُ النَّاسَ، حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِي، فَقَالَتْ: بِكَ وَبِكَ، فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي قُلْتِ، فَأَخْرَجَتْ لَهُ عَجينًا، فَبَصَقَ فِيهِ وَبَارَكَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا فَبَصَقَ وَبَارَكَ، ثُمَّ قَالَ:"ادْعُ خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعِي، وَاقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُمْ وَلَا تُنْزِلُوهَا، وَهُمْ ألفٌ، فَأُقْسِمُ بِاللهِ لَقَدْ أَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا، وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كمَا هِيَ، وَإِنَّ عَجِينَنَا لَيُخْبَزُ كمَا هُوَ".
السادس:
(خَمْصًا) بفتح المعجمة، والميم: ضُمور البطْن من الجُوع.
(فانكفيت)؛ أي: انقلبْتُ، وأصله الهمز، وقد يُسَهَّل.
(بهيمة) تصغير بَهْمَة، وهي الصَّغيرة من أَولاد الغنَم.
(داجن) هو من الغنَم: ما يُربَّى في البُيوت ولا يخرج إلى المرعَى، والدَّجْن: الإقامة بالمكان، ولا يدخلُه التاء؛ لأنه صار اسمًا للشَّاة، وخرج عن الوصفيَّة.
(طَحنَت) بلفظ الغَيبة.
(سورًا) السُّور بغير همزٍ بلسان الفُرس: طَعام العُرس.
(فحيهلا) كلمةُ استدعاءٍ فيها حثٌّ واستعجالٌ.
(يَقْدُم) بضم الدال.
(بك) متعلِّقٌ بمحذوفٍ على سبيل الدُّعاء عليه، نحو: فعَل الله بكَ كذا وكذا حيث أتيتَ بناسٍ كثيرٍ، والطَّعامُ قليلٌ، وذلك موجِبٌ للخَجْلة.
(فبسق) بالسين، ويُقال بالصاد، وبالزاي.
(واقدحي)؛ أي: اغرِفي، والمِغْرفة تُسمى المِقْدَحة.
(وانحرفوا): مالُوا.
(لتغط) تفُورُ من الامتلاء، فيُسمَع لها غَطِيْطٌ.
هذا من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم.
* * *
4103 -
حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:{إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ} قَالَتْ: كَانَ ذَاكَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ.
4104 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَنْقُلُ التُّرَابَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى أَغْمَرَ بَطْنَهُ -أَوِ اغْبَرَّ بَطْنُهُ- يَقُولُ:
وَاللهِ لَوْلَا اللهُ مَا اهْتَدَيْنَا
…
وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
…
وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا
إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا
…
إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا
وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ: "أَبَيْنَا أَبَيْنَا".
السابع، والثامن:
(أغْمَر) بفتح الهمزة، وسكون المعجمة، وفتح الميم، وبالراء.
(أو اغبرّ) بالمعجمة، والموحَّدة، وتشديد الراء: مِن الغُبار.
قال (خ): هذا معروفٌ، وأما (أغمر)، فإنْ كان محفوظًا فمعناه: وارَى التُّرابُ جِلْدة بطْنه، ومنه غِمار الناس، وهو جُموعهم إذا تكاثَفوا والتزَم بعضُهم بعضًا، ورجلٌ غَمْر، وهو الذي يَلتبسُ عليه الأَمْر والرَّأْي.
ويُروى: (أغفر) من الغَفَر -بالتحريك- وهو التراب.
قال (ع): (حتى أغْفرَ بطنَه، أو أغْبرَ)، كذا لهم، وكذا ضبَطه بعضهم بفتْح بطنه، ولبعضهم:(اغمرَّ) بتشديد الراء، ورفع (بطنُه).
وعند النَّسَفي: (حتى غَبَر بطنه، أو اغبَرَّ)، أي: عَلاه.
ولا وجْهَ للميم إلا أن يكون بمعنى ستَر.
وأما تشديد الراء ورفْع (بطنه) فبعيدٌ، وللفاء وجهٌ من الغَفَر، وهو التُّراب، والأوجه: اغْبَرَّ.
(والله لولا الله) الأبيات موزونةٌ إلا أنَّ الأُولى: (قد بَغَوا علَينا)، ساقطٌ منه:(وقد)، وهوَ قوله:(هم)، إلا أنْ يتَّزِنَ بما أولًا.
(ورفع)؛ أي: كان يرفَع صوتَه بالكلمة الأخيرة، ويكرِّرها، ويمدُّها.
* * *
4105 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ".
التاسع:
(بالصَّبا) بفتح المهملة، مقصورٌ: الرِّيحُ الشَّرقية، والدَّبور الغَربية، وقيل: الصَّبا التي تجيء من ظَهرك إذا استقبلتَ القِبلة، والدَّبور عكسها.
وقال الجَوْهَري: الصَّبا ريحٌ مَهبُّها موضع مَطلِع الشَّمس إذا استوى الليل والنَّهار، والدَّبور ما يقابلُها.
ولما حاصَر الأحزابُ المدينةَ هبَّت الصَّبا، وكانت شديدةً، فقلعتْ خِيامَهم، وقلبَتْ قُدورَهم فهربُوا، وذلك قوله تعالى:{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9].
* * *
4106 -
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يُحَدِّثُ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ، وَخَنْدَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، رَأَيْتُهُ يَنْقُلُ مِنْ تُرَابِ الْخَنْدَقِ حَتَّى وَارَى عَنِّي الْغُبَارُ جِلْدَةَ بَطْنِهِ، وَكَانَ كَثِيرَ الشَّعَرِ، فَسَمِعْتُهُ يَرْتَجِزُ بِكَلِمَاتِ ابْنِ رَوَاحَةَ، وَهْوَ يَنْقُلُ مِنَ التُّرَابِ يَقُولُ:
أللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا
…
وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
…
وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا
إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا
…
وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا
قَالَ: ثُمَّ يَمُدُّ صَوْتَهُ بِآخِرِهَا.
العاشر:
سبق في السادس ما يوضِّحه.
* * *
4107 -
حَدَّثَنِي عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَوَّلُ يَوْمٍ شَهِدْتُهُ يَوْمُ الْخَنْدَقِ.
الحادي عشر:
ظاهرٌ.
* * *
4108 -
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَر. قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ وَنسوَاتُهَا تَنْطُفُ، قُلْتُ: قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ مَا تَرَيْنَ، فَلَمْ يُجْعَلْ
لِي مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ، فَقَالَتِ: إلْحَقْ فَإِنَّهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ، وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ فِي احْتِبَاسِكَ عَنْهُمْ فُرْقَةٌ، فَلَمْ تَدَعْهُ حَتَّى ذَهَبَ، فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ خَطَبَ مُعَاوِيَةُ، قَالَ: مَنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي هَذَا الأَمْرِ فَلْيُطْلِعْ لَنَا قَرْنَهُ، فَلَنَحْنُ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُ وَمِنْ أَبِيهِ، قَالَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ: فَهَلَّا أَجَبْتَهُ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَحَلَلْتُ حُبْوَتِي وَهَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ: أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْكَ مَنْ قَاتَلَكَ وَأَبَاكَ عَلَى الإِسْلَامِ. فَخَشِيتُ أَنْ أَقُولَ كلِمَةً تُفَرِّقُ بَيْنَ الْجَمْعِ، وَتَسْفِكُ الدَّمَ، وَيُحْمَلُ عَنِّي غَيْرُ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُ مَا أَعَدَّ اللهُ فِي الْجنَانِ. قَالَ حَبِيبٌ: حُفِظْتَ وَعُصِمْتَ.
قَالَ مَحْمُودٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: وَنَوْسَاتُهَا.
الثاني عشر:
(ونسَوَاتها) بفتح النون، والمهملة، والواو، وبسُكون السِّين كما في " المُحْكم"، أي: ضَفائِرها، وهو شَعرها (1).
وقال (خ): نسَواتها ليس بشيءٍ، إنما هو: نَوسَاتها، أي: ذَوائِبها تقطُر، وكلُّ شيءٍ جاء وذهَبَ، فقد نَاسَ.
وقال الجَوْهَري: النَّوْس التَّذَبذُب، وذُو نُوَاسٍ مِن أمراء اليمَن، سمي بذلك لذُؤابتين كانتا تَنُوسان على ظَهْره.
وقال (ع): نَسْواتها، كذا لهم، ولابن السَّكَن:(نَوْسَاتها) بتقديم
(1)"وهو شعرها" ليس في الأصل.
الواو كما ذكَره البخاري عن عبد الرزَّاق، وهو أشبَهُ بالصِّحة.
وقال أَبو الوليد الوَقْشِي: إنه أشبَهُ بالصِّحة مِن ناسَ يَنُوسُ: إذا تقلقل، وتحرَّك.
وسمى الذَّوائبَ نَوساتٍ؛ لأنها تتحرَّك كثيرًا.
(تَنْطُف) بضم الطاء وكسرها، أي: تَقطر.
(من الأمر)؛ أي: من الإِمارة.
(الحقْ)؛ أي: بالقَوم.
(فرقة)؛ أي: افتِراقٌ بين الجماعة، ومخالفةٌ بينهم.
(تفرق الناس)؛ أي: عن المبايعة، والاجتماع عليها.
(قَرْنه) بفتح القاف، أي: رأْسَه، أي: يُرينا وجهَه، والقَرنان في الوجْه، أو فليُبْدِ لنا بِدْعتَه، وهذا تعريضٌ منه بابن عُمر، وعُمر رضي الله عنهما.
(ابن مَسْلَمة) بفتح اللام: الفِهْري.
(حبْوتي) بضم المهملة وكسرها، وبموحدةٍ: اسمٌ مِن احتَبى الرجلُ: إذا جمَع ظهرَه وساقَيه بعِمامته، أو نحوها.
وكأنَّ ابن عُمر أرادَ التخلُّف عن البَيعة لمعاوية لمَا تقدَّم من الاختِلاف، فنبَّهتْه حفصةُ على أنَّ تخلُّفه يُوجب الاختلافَ، فخرَج وبايَعَ رضي الله عنه.
(وأباك)؛ أي: أبا سُفيان، وذلك لأنَّ مُعاوية وأباه أسلَما يوم الفتْح، وكان عُمر وعبد الله قبل ذلك يُقاتلانهما على الإسلام.
(حفظتَ) مبنيٌّ للمفعول، والتاء للخِطاب.
(قال محمود)؛ أي: ابن غَيْلان، وقد أخرج روايته محمَّد بن قُدامة في كتاب "أخبار الخوارج".
* * *
4109 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الأَحْزَابِ: "نَغْزُوهُمْ وَلَا يَغْزُونَنَا".
4110 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يَقُولُ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ حِينَ أَجْلَى الأَحْزَابُ عَنْهُ: "الآنَ نَغْزُوهُمْ وَلَا يَغْزُونَنَا، نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ".
الثالث عشر:
ظاهر المعنى.
* * *
4111 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ:"مَلأَ اللهُ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ ناَرًا، كَمَا شَغَلُوناَ عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ".
4112 -
حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ جَعَلَ يَسُبُّ كفَّارَ قُرَيْشٍ، وقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا كِدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبَ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"وَاللهِ مَا صَلَّيْتُهَا"، فَنَزَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بُطْحَانَ، فتوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ وَتَوَضَّأْناَ لَهَا، فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ.
الرابع عشر، والخامس عشر:
(بُطْحان) بضم الموحَّدة، وسكون المهملة، ثم مهملة، غير منصرفٍ.
سبق الحديث آخرَ (مواقيت الصلاة).
* * *
4113 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الأَحْزَابِ:"مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟ ". فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، ثُمَّ قَالَ:"مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟ "، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، ثُمَّ قَالَ:"مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟ ". فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، ثُمَّ قَالَ:"إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٍّ، وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ".
السادس عشر:
(حواريًّا) بتشديد الياء، مصروفٌ، قاله الزجَّاج، أي: ناصِر.
(وحواريَّ) بالإضافة إلى ياءِ المتكلِّم، وبحذْفها والاكتِفاء بالكسرة، وبفتْحها.
مرَّ في (الجهاد)، في (باب: هل يبعث الطَّليعةَ؟).
* * *
4114 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:"لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، أَعَزَّ جُنْدَهُ، وَنصَرَ عَبْدَهُ، وَغَلَبَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، فَلَا شَيءَ بَعْدَهُ".
السابع عشر:
(أعز جنده) إلى آخره، عُلم منه أنَّ السَّجع المذموم هو الذي بالتكلُّف، والتزامِ ما لا يَلزم، لا الذي بالسَّجيَّة، أو الذي فيه إبطالُ حقٍّ، كما في:"أَسَجْعٌ كسَجْع الكُهَّان".
(فلا شيء بعده)؛ أي: جميع الأشياء بالنِّسبة إلى وُجوده تعالى كلا شَيءَ، أو معناه:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلا وَجْهَهُ} [القصص: 88].
* * *
4115 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا الفَزَارِيُّ وَعَبْدَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما يَقُولُ: دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الأَحْزَابِ، فَقَالَ:"اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، سَرِيعَ الحِسَابِ، اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ".
الثامن عشر:
(سريع الحساب)؛ أي: في الحساب، أو سَريعٌ حسابُه، قريبٌ زمانُه.
* * *
4116 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ وَناَفِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنَ الغَزْوِ، أَوِ الحَجِّ، أَوِ العُمْرَةِ، يَبْدَأُ فَيُكَبِّرُ ثَلَاثَ مِرَارٍ ثُمَّ يَقُولُ:"لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ، عَابِدُونُ سَاجِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ".
التاسع عشر:
(لربنا) يحتمل تعلُّقه بما قبلَه، وبما بعده.
* * *