الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوليد بن عُقْبة بن أبي مُعَيط لم يكن في هذا الوقْت وُلد، أو كان طِفْلًا مسَح رسول الله صلى الله عليه وسلم رأْسَه يوم فتْح مكة.
(صرعى) جمع صَرِيع، أي: مَطروحٌ بين القَتْلى في المَصَارع التي عيَّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل القِتال.
* * *
8 - بابُ قَتْلِ أَبِي جَهْلٍ
3961 -
حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا قَيْسٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، أَنَّهُ أَتَى أَبَا جَهْلٍ وَبِهِ رَمَقٌ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَلْ أَعْمَدُ مِنْ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ؟.
الثاني:
(أعمد) قال الجَوْهَري: أنا أَعمَد مِن كذا، أي: أَعجَبُ منه، ومنه قول أبي جَهْل: أَعمَدُ من سيِّدٍ قتلَه قومُه، والعرب تقول: أَعمَدُ مِن قتلِ محق، أي: هل زاد على هذا، أي: ليس قتلُكم لي إلا قتلَ رجلٍ قتلَه قومُه، لا يَزيد على ذلك، ولا هو فَخْر لكم، ولا عارٌ عليَّ.
وقيل: المعنى: هل زاد الأمر على رجلٍ قتلَه قومه، فأعمَد: بمعنى: فوق، ويُؤيِّده الرواية الثانية.
وقيل: بمعنى: أغضَب، وقيل: أتوجَّع، وأَشتكي.
وبالجملة فالمراد أنه يُهوِّن على نفْسه ما حلَّ به من الهَلاك.
وروي: (هل أُعذَر)؛ أي: أنه معذورٌ.
* * *
3962 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونس، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَنْظُرُ مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ؟ "، فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ، قَالَ: آأَنْتَ أَبُو جَهْلٍ؟ قَالَ: فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، قَالَ: وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ؟ أَوْ: رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ؟
قَالَ أَحمد بْنُ يُونُسَ: أَنْتَ أَبُو جَهْلٍ.
3963 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ: "مَنْ يَنْظُرُ مَا فَعَلَ أَبُو جَهْلٍ؟ "، فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ، فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ فَقَالَ: أَنْتَ أَبَا جَهْلٍ؟ قَالَ: وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ؟ أَوْ قَالَ: قَتَلْتُمُوهُ؟.
3963 / -م - حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُثَنَّى، أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ نَحْوَهُ.
الثالث:
(عَفْرَاء) بفتح المهملة، وسُكون الفاء، وبراءٍ، ممدودٌ: اسم أُمهما، وأما أبوهما فالحارث ابن رِفَاعة النجَّاري، واسم ابني عَفْراء: مُعاذ، ومُعوِّذ، بإهمال العين، وإعجام الذال، ولهما أخٌ ثالثٌ اسمه عَوْف، وهو أيضًا شاهَد الوَقْعة، بل قيل: إنه أحد القاتلَين.
وسبق في (الجهاد)، في (باب: من لم يُخمِّس الأسلاب): وهو مُعاذ بن عَفْراء، ومُعاذ بن عمْرو بن الجَموح، وفي "الاستيعاب": مُعاذ بن عمرو هو الذي قطَع رِجل أبي جهلٍ وصرَعه، ثم ضرَبه مُعوِّذ بن عَفْراء حتى أثبتَه، ثم تركَه وبه رمَق، فذفَّف عليه ابن مَسعود، واحتزَّ رأْسَه.
وقال (ن): قتلَه مُعاذ بن عمرو، وابن عَفْراء.
ووجه الجمْع بين ذلك أنَّ الكلَّ فعلُوا، فأسند كلُّ راوٍ إلى ما رآه من الضَّرْب، أو من زيادة الأثَر على حسَب اعتقاده.
(برد)؛ أي: ماتَ.
(أبا جهل) نُصب بالنِّداء؛ أي: أنت مَصْروعٌ يا أبا جهل، أو هو على مذهب مَن يقول: ضربه بأبا قُبيس، أو تقديره: أنت تكون يا أبا جَهْل؛ نعم، صحَّ أنَّ أنسًا لم يَشهَد بدرًا، فهو من مَراسيل الصَّحابة.
* * *
3965 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الرَّقَاشِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ،
قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُو بَيْنَ يَدَيِ الرَّحْمَنِ لِلْخُصُومَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ: وَفِيهِمْ أُنْزِلَتْ {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} قَالَ: هُمُ الَّذِينَ تَبَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ: حَمْزَةُ، وَعَلِيٌّ، وَعُبَيْدَةُ -أَوْ أَبُو عُبَيْدَةَ- بْنُ الْحَارِثِ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةُ، وَالْوَليدُ بْنُ عُتْبةَ.
الرابع:
(يجثو) بجيمٍ، ومثلَّثةٍ، أي: يَبْرُك على الرُّكَب، وهي جِلْسة المُخاصِم المُجادِل، وهو إشارةٌ إلى ما في قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الحج: 17].
(وقال قيس) هو ابن عُبادة المذكور، وهو موصولٌ بالإسناد المذكور.
(تبارزوا) من البُروز: وهو الخُروج من بين الصفِّ على الانفِراد للقِتال.
(وعُبيدة) بالضم، على التَّصغير، ابن الحارِث بن عبد المطَّلِب، كان أسنَّ من النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين، أسلَمَ قبْلَ دُخوله صلى الله عليه وسلم دار الأَرقم، بارَزَ الوليدَ بن عُتْبة، فاختُلف بينهما ضربتَان، ومات عُبَيدة منها بعد ذلك، وأما الوليد فمات يومئذٍ، وبارزَ عليٌّ شَيْبةَ فقتلَه، وحمزةُ عُتْبة فقتلَه.
قال ابن الأثير في "الجامع": عن ابن إسحاق: بارَز عُبيدة عُتبة، وحمزةُ شَيبة، وعليٌّ الوليد، وهذا هو المَشهور، وهذه الستَّة أقارِب، فكلٌّ من بني عبد مَنَاف؛ فحمزة عمُّه، وعليٌّ وعُبيدة ابنا أخوَيه، وشَيبة بن ربيعة بن عبد شمس أخو عُتْبة، وعم الوليد.
* * *
3966 -
حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي هَاشِم، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: نزَلَتْ {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} فِي سِتَّةٍ مِنْ قُرَيْشٍ: عَلِيٍّ، وَحَمْزَةَ، وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَليدِ بْنِ عُتْبة.
الخامس:
يتعلق بالذي قبله؛ وكذا السادس، والسابع.
* * *
3967 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّوَّافُ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ -كَانَ يَنْزِلُ فِي بَنِي ضُبَيْعَةَ، وَهْوَ مَوْلًى لِبَنِي سَدُوسَ- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: فِينَا نزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} .
3968 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي هَاشِم، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، سَمِعْتُ أَبَا ذَر رضي الله عنه يُقْسِمُ: لَنَزَلَتْ هَؤُلَاءِ الآيَاتُ فِي هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ السِّتَّةِ يَوْمَ بَدْرٍ، نَحْوَهُ.
3969 -
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يُقْسِمُ قَسَمًا إِنَّ هَذِهَ الآيَةَ {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} نزَلَتْ فِي الَّذِينَ بَرَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ: حَمْزَةَ، وَعَلِيٍّ، وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ، وَعُتْبةَ وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ، وَالْوَليدِ بْنِ عُتْبةَ.
3970 -
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: سَأَلَ رَجُلٌ الْبَرَاءَ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: أَشَهِدَ عَلِيٌّ بَدْرًا؟ قَالَ: بَارَزَ وَظَاهَرَ.
الثامن:
(وظهر)؛ أي: عليه، وفي بعضها:(وظاهَرَ)؛ أي: عاوَنَ.
* * *
3971 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كَاتَبْتُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، فَلَمَّا كانَ يَوْمُ بَدْرٍ -فَذَكَرَ قَتْلَهُ وَقَتْلَ ابْنِهِ- فَقَالَ بِلَالٌ: لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا أُمَيَّةُ.
التاسع:
(كاتبت)؛ أي: عاهَدْتُ.
(أُمَيَّة) بضم الهمزة، وتشديد الياء: ابن خَلَف؛ قتلَه بلالٌ، وقد كان يُعذِّب بلالًا كثيرًا في المُسْتضعَفين بمكةَ، وقيل في ذلك:
هَنِيْئًا زادكَ الرَّحمنُ فَضْلًا
…
فقَدْ أَدركتَ ثَأْرَكَ يا بِلالُ
(ابنه) بالنون.
وسبق الحديث في (الوكالة).
* * *
3972 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَني أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَرَأَ {وَالنَّجْمِ} فَسَجَدَ بِهَا، وَسَجَدَ مَنْ مَعَهُ، غَيْرَ أَنَّ شَيْخًا أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ، فَقَالَ: يَكْفِيني هَذَا. قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا.
العاشر:
(إن شيخًا) هو أُميَّة بن خَلَف، وقيل: الوَليد بن المُغِيْرة.
وسبق في (سُجود التلاوة).
* * *
3973 -
أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: كَانَ فِي الزُّبَيْرِ ثَلَاثُ ضَرَبَاتٍ بِالسَّيْفِ، إِحْدَاهُنَّ فِي عَاتِقِهِ، قَالَ: إِنْ كُنْتُ لأُدْخِلُ أَصَابِعِي فِيهَا، قَالَ: ضُرِبَ ثِنْتَيْنِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَوَاحِدَةً يَوْمَ الْيَرْمُوكِ. قَالَ عُرْوَةُ: وَقَالَ لِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ حِينَ قُتِلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: يَا عُرْوَةُ، هَلْ تَعْرِفُ سَيْفَ الزُّبَيْرِ؟ قُلْتُ: نعمْ، قَالَ: فَمَا فِيهِ؟ قُلْتُ: فِيهِ فَلَّةٌ فُلَّهَا يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ: صَدَقْتَ:
بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِب
ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى عُرْوَةَ، قَالَ هِشَامٌ: فَأَقَمْنَاهُ بَيْنَنَا ثَلَاثَةَ آلَافٍ، وَأَخَذَهُ بَعْضُنَا، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ أَخَذْتُهُ.
الحادي عشر:
(إن كنت) هي المخفَّفة من الثَّقيلة.
(اليرموك) بفتح الياء، وسُكون الراء، وبالكاف: مَوضعٌ بناحيَة الشَّام، تَقاتلَ فيه المسلمون وعسكر قَيْصر الرُّوم هِرَقْل في خلافة عمر.
(فلة) بفتح الفاء: واحدُ فُلُول السيف، وهي كُسورٌ في حدِّه،
وفَلَّه يفُلُّه، أي: كسَره.
(فلّها) بالبناء للمفعول، والضمير راجعٌ للفَلة.
(بهن فلول من قراع الكتائب)؛ أي: ضَرْب الجُيوش بعضهم بعضًا، وأول البيت:
ولا عَيْبَ فيهِمْ غيرَ أنَّ سُيُوفَهُمْ
(فأقمناه)؛ أي: قوَّمناه: وهو ما يَقُوم مِن ثمنِه مَقامه.
(بعضنا)؛ أي: بعض الورَثة.
* * *
3974 -
حَدَّثَنَا فَرْوَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كانَ سَيْفُ الزُّبَيْرِ مُحَلًّى بِفِضَّةٍ. قَالَ هِشَامٌ: وَكَانَ سَيْفُ عُرْوَةَ مُحَلًّى بِفِضَّةٍ.
الثاني عشر:
معناه ظاهرٌ.
* * *
3975 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ: أَلَا تَشُدُّ فَنَشُدَّ مَعَكَ، فَقَالَ: إِنِّي إِنْ شَدَدْتُ كَذَبْتُمْ، فَقَالُوا: لَا نَفْعَلُ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ حَتَّى شَقَّ صُفُوفَهُمْ، فَجَاوَزَهُمْ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ رَجَعَ
مُقْبِلًا، فَأَخَذُوا بِلِجَامِهِ، فَضَرَبُوهُ ضَرْبتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْرٍ. قَالَ: عُرْوَةُ كنْتُ أُدْخِلُ أَصَابِعِي فِي تِلْكَ الضَّرَبَاتِ ألْعَبُ وَأَنَا صَغِيرٌ. قَالَ عُرْوَةُ: وَكَانَ مَعَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ وَهْوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، فَحَمَلَهُ عَلَى فَرَسٍ وَكَّلَ بِهِ رَجُلًا.
الثالث عشر:
(تشد) هو أن يَحمِل في الحرْب.
(كذبتم) يُقال: حمل فُلانٌ فما كذَّبَ، بالتشديد، أي: ما جبُنَ.
قال (خ): كذب الرجلُ الرجلَ في القِتال: إذا حمَل، ثم كَعَّ وانصرَف.
(لا نفعل)؛ أي: لا نجبُن، ولا ننصرِف، ويحتمل أن يكون:(لا) ردًّا لكلامه، أي: لا نكذِّب، ثم قالوا: نفعَل الشَّدَّ.
(ضربتين على عاتقه) وجْه الجمْع بينه وبين ما سبَق: أنَّ إحداهما على عاتقِه؛ أنَّ العدَد لا يدلُّ على نفْي غيره، ويحتمل أن يكُون المراد بالعاتق أولًا وسَط العاتِق، أي: إحداهُنَّ في وسَطه، والضَّربتان في طرَفيه.
نعَمْ، سبَق أن الضربتَين كانتا في بَدْر، وواحدة في اليَرموك، والمفهوم هنا بالعكس، ولا مُنافاةَ؛ لاحتمال أنَّ الضربتَين بغير السَّيف، والتي تقدَّمتْ مقيَّدةٌ به.
(ضربها) مبنيٌّ للمفعول، والضمير للمَصْدر.
* * *
3976 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعَ رَوْحَ بْنَ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قتادَةَ قَالَ: ذَكرَ لَنَا أَنسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ: أَنَّ نبَيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ فَقُذِفُوا فِي طَوِيٍّ مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ خَبِيثٍ مُخْبِثٍ، وَكَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، فلَمَّا كانَ بِبَدْرٍ الْيَوْمَ الثَّالِثَ، أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَشُدَّ عَلَيْهَا رَحْلُهَا، ثُمَّ مَشَى وَاتَّبَعَهُ أَصْحَابُهُ وَقَالُوا: مَا نُرَى يَنْطَلِقُ إِلَّا لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، حَتَّى قَامَ عَلَى شَفَةِ الرَّكِيِّ، فَجَعَلَ يُنَادِيهِم بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ:"يَا فُلَانُ بنَ فُلَانٍ، وَيَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ، أَيَسُرُّكُمْ أَنَّكمْ أَطَعْتُمُ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّا قَدْ وَجَدْناَ مَا وَعَدَناَ رَبُّنَا حَقًّا، فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبكُّمْ حَقًّا؟ "، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا تُكَلِّمُ مِنْ أَجْسَادٍ لَا أَرْوَاحَ لَهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا أَنتمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أقولُ مِنْهُمْ".
قَالَ قتادَةُ: أَحْيَاهُمُ اللهُ حَتَّى أَسْمَعَهُمْ قَوْلَهُ تَوْبِيخًا وَتَصْغِيرًا وَنَقِيمَةً وَحَسْرَةً وَنَدَمًا.
الرابع عشر:
(صناديد) جمع صِنْديد، وهو السيِّد الشُّجاع العَظيم.
(طوى) فَعِيْل، بمعنى: مَطْوِيٍّ، وهو البِئْر المطْويَّة بالحِجارة، والجمْع: أَطْواء.
(خبيث) ضِدُّ الطَّيِّب.
(مُخَبِث) بكسر الموحَّدة، من قولهم أخبَثَ، أي: اتخذَ أصحابًا خُبْثًا.
(ظهر)؛ أي: غلَب.
(عَرَصَة) هي كلُّ بُقعةٍ بين الدُّور واسعة.
(الرَّكِيّ) بفتح الراء، وكسر الكاف، وتشديد الياء: جمع رَكِيَّة، وهي البئر.
(ما تكلم) استفهامٌ.
(وتصغيرًا) من الصَّغار: وهو الذُّلُّ، والهَوان.
(ونقيمة)؛ أي: عُقوبة.
* * *
3977 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنْ عَطَاءً، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما {الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا} قَالَ: هم وَاللهِ كُفَّارُ قُرَيْشٍ، قَالَ عَمْرٌو: هُمْ قُرَيْشٌ، وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم نِعْمَةُ اللهِ، {وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} قَالَ: النَّارَ يَوْمَ بَدْرٍ.
الخامس عشر:
(البوار) الهَلاك، والمراد به هنا: النار يومَ بدْر.
* * *
3978 -
حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ،
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَن ابْنَ عُمَرَ رَفَعَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ"، فَقَالَتْ: إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّهُ لَيُعَذَّبُ بِخَطِيئَتِهِ وَذَنْبِهِ، وَإِنَّ أَهْلَهُ لَيَبْكُونَ عَلَيْهِ الآنَ".
* * *
3979 -
قَالَتْ: وَذَاكَ مِثْلُ قَوْلِهِ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ عَلَى الْقَلِيبِ وَفِيهِ قَتْلَى بَدْرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ لَهُمْ مَا قَالَ:"إِنَّهُمْ لَيَسْمَعُونَ مَا أقولُ"، إِنَّمَا قَالَ:"إِنَّهُمُ الآنَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّ مَا كُنْتُ أقُولُ لَهُمْ حَقٌّ"، ثُمَّ قَرَأَتْ:{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} يَقُولُ: حِينَ تَبَوَّؤُا مَقَاعِدَهُمْ مِنَ النَّارِ.
السادس عشر:
حاصل كلام عائشة: أنَّ الباء للمُصاحَبة، لا للسَّبَبية.
وسبق الحديث في (الجنائز).
(القليب) هي البِئْر قبْل أنْ تُطوَى.
والجمع بين هذا وبين ما سبَق أنه كان مَطْويًّا: أنْ يكون بعضها مَطْويًّا، وبعضها غير مَطْويٍّ، فالنَّفْي والإثْبات باعتبارَين، أو المُراد في الموضِعَين مُطلَق البئْر.
(مثل ما قال)؛ أي: ابن عُمر في تعذيب الميِّت.
(إنهم ليسمعون) بيانٌ، أو بدَلٌ، ووجه المشابهة بينهما حمْل ابن عُمر على الظَّاهر، والمراد منها غير الظَّاهر.
واعلم أنَّها لم تكذِّب ابن عُمر فيما رَوَى، بل البحْث بينهما أنَّ ابن عُمر يقُول حقيقةً، وهي تحمله على المَجاز.
ثم يحتمل أنَّ معنى الآية: إنَّك لا تُسمع، بل الله المُسمع، مع أنَّ المفسِّرين قالوا: المُراد بالموتى: الكفَّار باعتبار مَوْت قُلوبهم وإنْ كانوا أحياءً صورةً، وكذا المراد من الآية الأُخرى.
قال في "الكشاف" في: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80]: شُبِّهوا بالموتى وهم أحياء؛ لأنَّ حالهم بحالِ الأموات، وقال في:{مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22]: أي: الذين هم كالمقْبُورين.
(أن ما كنت) بفتح (أنَّ) وكسرها، ويُروى في (حق):(لَحقٌّ) باللام.
* * *
3980 -
و 3981 - حَدَّثَنِي عُثْمَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: وَقَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَلِيبِ بَدْرٍ فَقَالَ: "هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ " ثُمَّ قَالَ: "إِنَّهُمُ الآنَ يَسْمَعُونَ مَا أًقُولُ". فَذُكِرَ لِعَائِشَةَ، فَقَالَتْ: إِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّهُمُ الآنَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي كُنْتُ أَقُولُ لَهُمْ هُوَ الْحَقُّ"، ثُمَّ قَرَأَتْ:{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} حَتَّى قَرَأَتِ الآيَةَ.