الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فهموا)؛ أي: حَزِنوا.
قال ابن عبد البر: كان في عبد الله بن حُذَافَة دُعَابةٌ، ومن جُملتها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمَّره على سَريَّةٍ، فأمرَهم أن يجمَعوا حطَبًا، وذكَر الحديثَ.
(خمدت) بفتح الميم، وحكَى المُطَرِّزي كسرَها، وأنكَره أبو حاتِم، والزَّمَخْشَريُّ، أي: طَفِيء لهبُها.
(لو دخلوها ما خرجوا منها)؛ أي: لأَنَّ الدُّخول فيها مَعصيةٌ، والعاصي يستحقُّ النَّارَ؛ لقوله تعالى:{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} [الجن: 23] والمراد بقَوله: (إلى يَومِ القِيَامةِ) التَّأْبيد، أي: لو دَخلُوها مُستحلِّين له لمَا خرَجوا منها أبدًا، وهذا جزاءٌ من جِنْس العمَل.
* * *
60 - بَعْثُ أَبِي مُوسَى وَمُعَاذٍ إِلَى اليَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الوَدَاعِ
(باب بَعْثِ أَبي مُوسَى، ومُعاذٍ إلى اليمَن)
4341 -
و 4342 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا مُوسَى وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى اليَمَنِ، قَالَ: وَبَعَثَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مِخْلَافٍ، قَالَ: وَاليَمَنُ مِخْلَافَانِ، ثُمَّ قَالَ:"يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا"،
فَانْطَلَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى عَمَلِهِ، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِذَا سَارَ في أَرْضِهِ كَانَ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ، أَحْدَثَ بِهِ عَهْدًا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَسَارَ مُعَاذٌ في أَرْضِهِ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ أَبِي مُوسَى، فَجَاءَ يَسِيرُ عَلَى بَغْلَتِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ، وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ، وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ، وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ قَدْ جُمِعَتْ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ، فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ! أَيَّمَ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا رَجُلٌ كفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ، قَالَ: لَا أَنْزِلُ حَتَّى يُقْتَلَ، قَالَ: إِنَّمَا جِيءَ بِهِ لِذَلِكَ، فَانْزِلْ، قَالَ: مَا أَنْزِلُ حَتَّى يُقْتَلَ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ، ثُمَّ نزَلَ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ! كيْفَ تَقْرَأُ القُرْآنَ؟ قَالَ: أَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا، قَالَ: فَكَيْفَ تَقْرَأُ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟ قَالَ: أَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، فَأَقُومُ وَقَدْ قَضَيْتُ جُزْئِي مِنَ النَّوْمِ، فَأَقْرَأُ مَا كتَبَ اللهُ لِي، فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي، كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي.
الحديث الأول:
(مِخْلاف) بكسر الميم، وسُكون المعجمة: هو لليَمَن كالرِّيف للعِراق، أي: الرُّسْتاق، والمَخالِيْف: الرَّسَاتيق.
(إلى عمله)؛ أي: إلى مَوضع عمَله.
(أحدث به عهدًا)؛ أي: جدَّد عَهْد الصُّحبة.
(أيّما هذا)؛ أي: أيُّ رجلٍ هذا المجموعُ اليَدِ، فزِيدتْ (ما) على (أيُّ)، وربَّما سقَطت الألف، فيُقال: أيُّم، وقد تخفَّف الياء.
(أتفوّقه)؛ أي: أقرأَ شيئًا بعد شيءٍ في آناء اللَّيل، وأطراف
النهار، أي: لا أَقرأَ وِرْدِي دفعةً واحدةً، بل هو كما تحلب اللَّبَن ساعةً بعد ساعةٍ، والفُوَاق: ما بين الحلْبَتين.
(فأحتسب)؛ أي: أَطلُب الثَّواب في نَومتي؛ لأنها من جملة المُعِيْنات على الطَّاعة في القِراءة ونحوها.
* * *
4343 -
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ إِلَى اليَمَنِ، فَسَألهُ عَنْ أَشْرِبَةٍ تُصْنَعُ بِهَا، فَقَالَ:"وَمَا هِيَ"؟ قَالَ: البِتْعُ وَالمِزْرُ، فَقُلْتُ لأَبِي بُرْدَةَ: مَا البِتْعُ؟ قَالَ: نبَيذُ العَسَلِ، وَالمِزْرُ: نبَيذُ الشَّعِيرِ، فَقَالَ:"كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ".
رَوَاهُ جَرِيرٌ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ.
الثاني:
(البِتْع) بكسر الموحَّدة، وسُكون المثنَّاة، وبمهملةٍ.
(والمِزْر) بكسر الميم، وسُكون الزاي، وبالراء.
* * *
4344 -
و 4345 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَدَّهُ أَبَا مُوسَى وَمُعَاذًا إِلَى
اليَمَنِ، فَقَالَ:"يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا"، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: يَا نبَيَّ اللهِ! إِنَّ أَرْضَنَا بِهَا شَرَابٌ مِنَ الشَّعِيرِ المِزْرُ، وَشَرَابٌ مِنَ العَسَلِ البِتْعُ، فَقَالَ:"كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ"، فَانْطَلَقَا، فَقَالَ مُعَاذٌ لأَبِي مُوسَى: كَيْفَ تَقْرَأُ القُرْآنَ؟ قَالَ: قَائِمًا، وَقَاعِدًا، وَعَلَى رَاحِلَتِهِ، وَأتفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا. قَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ وَأَقُومُ، فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي، وَضَرَبَ فُسْطَاطًا، فَجَعَلَا يَتَزَاوَرَانِ، فَزَارَ مُعَاذٌ أَبَا مُوسَى، فَإِذَا رَجُلٌ مُوثَقٌ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ أَبُو مُوسَى: يَهُودِيٌّ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ، فَقَالَ مُعَاذٌ: لأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ.
تَابَعَهُ الْعَقَدِيُّ، وَوَهْبٌ، عَنْ شُعْبَةَ، وَقَالَ وكيعٌ، وَالنَّضْرُ، وَأَبُو داوُدَ: عَنْ شُعْبة، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، رَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ.
الثالث:
(فسطاطًا) هو البَيت من الشَّعْر، وفيه لُغاتٌ: فُساط، وفُسَّاط، وكسر الفاء لغةٌ في الثَّلاث.
(يتزاوران)؛ أي: يَزورُ أحدُهما الآخَرَ.
(تابعه العقدي) موصولٌ في (الأحكام).
(ووهب) وصلَه أبو نُعيم.
(وقال وكيع) موصولٌ في (الجهاد) مختصرًا، وأخرجه ابن أبي عاصِم في "كتاب الأشربة" تامًّا.
(وأبو داود)؛ أي: الطَّيَالِسي، هو في "مسنده"، ومن طريقه أخرجه النَّسائي.
* * *
4346 -
حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ الْوَليدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَائِذٍ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَرْضِ قَوْمِي، فَجئْتُ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُنِيخٌ بِالأَبْطَح، فَقَالَ:"أَحَجَجْتَ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ"؟ قُلْتُ: نعمْ يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: "كَيْفَ قُلْتَ؟ " قَالَ: قُلْتُ: لَبَّيْكَ إِهْلَالًا كَإِهْلَالِكَ، قَالَ:"فَهَلْ سُقْتَ مَعَكَ هَدْيًا؟ " قُلْتُ: لَمْ أَسُقْ، قَالَ:"فَطُفْ بِالبَيْتِ، وَاسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَة، ثُمَّ حِلَّ"، فَفَعَلْتُ حَتَّى مَشَطَتْ لِي امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ بَنِي قَيْسٍ، وَمَكُثْنَا بِذَلِكَ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ.
الرابع:
(العباس) بموحَّدةٍ، وسينٍ مهملةٍ: هو النَّرْسي، بنونٍ، وراءٍ مهملة، ونَرْس لقَبُ جدِّه نَصْر؛ قاله له بعض النَّبَط، فنُسب إليه.
وقيده الدِّمْيَاطِي بياءٍ، وشينٍ معجمةٍ، وهو الرَّقَّام، وكلاهما من شيوخ البُخَارِيّ.
(حتَّى استخلف عُمر) مفهومُ الغاية فيه أنَّهم تَركوا التَّمتُّع، وقد وقَع فيه اختلافٌ.
وسبق تحقيقه في (الحج).
* * *
4347 -
حَدَّثَنِي حِبَّانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَيْفِي، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى اليَمَنِ: "إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، فَإِذَا جِئتهُمْ، فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الله قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صلَوَاتٍ في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الله قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمْ صَدَقَةً، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ".
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: {طَوَّعَتْ} : طَاعَتْ، وَأَطَاعَتْ لُغَةٌ، طِعْتُ وَطُعْتُ وَأَطَعْتُ.
الخامس:
سبق شرحه في أول (الزكاة).
* * *
4348 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ: أَنَّ مُعَاذًا رضي الله عنه -