الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ نتَلَقَّى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: مَعَ الصِّبْيَانِ.
4427 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ: أَذْكُرُ أَنِّي خَرَجْتُ مَعَ الصِّبْيَانِ نتَلَقَّى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِلَى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ مَقْدَمَهُ مِنْ غَزْوَةِ تبوكَ.
الثالث، والرابع:
(ثنية) هي طريق العَقَبة، وكان هناك تَوديعُ المُسافِرين.
(مقدمه)؛ أي: زمان قُدومه.
ومُناسبَته للترجمة: أنَّ التوجُّه إلى مملَكة قَيْصَر يقتضي التَّدبير في تَسخيره ببعْث الكِتاب إليه ونحوه، فهما متلازمان عادةً.
* * *
83 - بابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَوَفَاتِهِ
وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} .
(باب مرَض النبيِّ صلى الله عليه وسلم)
4429 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ، قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ في المَغْرِبِ بـ {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} ، ثُمَّ مَا صَلَّى لنَا بَعْدَهَا حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ.
الحديث الأول:
واضح المعنى.
* * *
4430 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يُدْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: إِنَّ لنا أَبنَاءً مِثْلَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَعْلَمُ، فَسَأَلَ عُمَرُ ابْنَ عَبَّاس عَنْ هَذِهِ الَآيَةِ:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} ، فَقَالَ: أَجَلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ، فَقَالَ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إلا مَا تَعْلَمُ.
الثاني (1):
(يدني)؛ أي: يُقرِّب.
(إنه من حيث تعلم)؛ أي: تقديمه من جهة عِلْمك بأنَّه من أهل العلم وفُضلائهم.
* * *
(1)"الثاني" ليس في الأصل.
4428 -
وَقَالَ يُونس، عَنِ الزُّهْرِيِّ: قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُولُ في مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: "يَا عَائِشَةُ! مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ، فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السَّمِّ".
(وقال يونس) وصلَه الإِسْماعيلي، والبَزَّار، والحاكم.
(الطعام)؛ أي: المَسموم.
(أوان) بالرفع: خبر المبتدأ، وبالنَّصب ظرْفٌ مخبرٌ به، أو مبنيٌّ على الفتْح؛ لإضافته لجملةِ (وجدتُ)، فإنَّ فيه وجهين أرجحُهما هنا البِناء؛ لأنَّ الفعل مبنيٌّ.
(أبهري) بفتح الهمزة، والهاء، وسُكون الموحَّدة بينهما: عِرْقٌ إذا انقَطَع ماتَ صاحبُه، وهما أبهران يخرُجان من القَلْب، ثم يتشعَّب منها سائرُ الشَّرايين، وقيل: عِرْقٌ في الصُّلْب متصِلٌ بالقلب.
(السم) بالفتح والضم.
قلتُ: وبالكسر، وسبَق حديثُه مراتٍ، وأنَّ المرأَة التي سمَّتْه اسمها: زَينَب.
* * *
4439 -
حَدَّثَنِي حِبَّانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، أَخْبَرَنَا يُونس، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَني عُرْوَةُ: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَخْبَرتْهُ: أَنَّ
رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اشْتكَى نَفَثَ عَلَى نفسِهِ بِالمُعَوِّذَاتِ، وَمَسَحَ عَنْهُ بِيَدِهِ، فَلَمَّا اشْتكَى وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّي فِيهِ، طَفِقْتُ أَنْفِثُ عَلَى نفسِهِ بِالمُعَوِّذَاتِ، الَّتِي كَانَ يَنْفِثُ، وَأَمْسَحُ بِيَدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ.
الثالث (1):
(بالمعوذات)؛ أي: اللَّتان آخِرَ القُرآن مع سُورة الإخلاص تَغليبًا، أو أنَّ أقلَّ الجمع اثنان، أو أنَّ المُراد الكلِمات المعوِّذة بالله من الشَّيطان الرجيم، والأمراضِ، والآفاتِ، ونحوها.
(أنفث) بكسر الفاء.
* * *
4431 -
حَدَّثَنَا قتيْبَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاس: يَوْمُ الخَمِيسِ! وَمَا يَوْمُ الخَمِيسِ؟ اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعُهُ فَقَالَ: "ائْتُونِي أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا"، فتَنَازَعُوا، وَلَا يَنْبَغِي عِنْدَ نبِيٍّ تَنَازُعٌ، فَقَالُوا: مَا شَأْنُهُ؟ أَهَجَرَ؟ اسْتَفْهِمُوهُ، فَذَهَبُوا يَرُدُّونَ عَلَيْهِ، فَقَالَ:"دَعُونِي؛ فَالَّذِي أَنا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونِي إِلَيْهِ"، وَأَوْصَاهُمْ بِثَلَاثٍ، قَالَ:"أَخْرِجُوا المُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ العَرَبِ، وَأَجِيزُوا الوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ" وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ، أَوْ قَالَ: فَنَسِيتُهَا.
(1) كذا وقع ترتيب هذه الأحاديث عند المصنف رحمه الله، وقد قدم وأخَّر عمَّا هي في "اليونينية".
الرابع:
(لن تضلوا) قال (ش): صَوابه: لا تَضِلُّون، وهي رواية الكُشْمِيْهَني.
(أهجر) قال (ن): بهمزةِ استفهامٍ إنكاريٍّ، أي: أنكَروا على مَن قال: لا تَكتبُوه، لا تجعلُوا أمره كأَمْر مَن هذا في كَلامه، وإنْ صحَّ بدون الهمزة لمَّا أَصابَه الحَيْرة والدَّهْشة لعِظَم ما شاهدَه من هذه الحالة الدالَّة على وَفاته، وعظم المُصيبة أَجرى الهُجْر مَجرى شدَّة الوجَع.
قال (ك): هو مجازٌ؛ لأنَّ الهذَيان الذي للمَريض مُستلزِمٌ لشدَّة الوجَع، فأَطلَق الملزومَ، وأراد اللازِمَ.
أو هو من الهَجْر ضِدُّ الوصل، أي: يهجر من الدُّنيا، وأطلق بلفظ الماضي لما رأَوا فيه من علامات الهجْرة من دار الفَناء.
وفي بعضها: (أَهجَرَ)، مِن باب الأفعال.
(فذهبوا يرددوا) صوابُه: يُردِّدون.
(جزيرة العرب) هي من عَدَن إلى العِراق طُولًا، ومن جُدَّة إلى الشَّام عرضًا.
(وأجيزوا)؛ أي: أَعطُوا.
(فنسيها) هو قَول سُليمان الأَحْول، وقال المُهلَّب: الثالثة هي بعْث أُسامة.
وقال (ع): يحتمل أنها: لا تتخِذُوا قَبْري وثَنًا يُعْبَد، وفي (كتاب
المغازي): إنها ما قال: الله الله في الصَّلاة، وما ملَكتْ أيمانُكم.
مرَّ في (الجهاد)، في (باب: جَوائز الوفْد).
* * *
4432 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّزَاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَفي البَيْتِ رِجَالٌ، فَقَالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم:"هَلُمُّوا أَكتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ"، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ غَلَبَهُ الوَجَعُ، وَعِنْدَكُمُ القُرْآنُ، حَسْبُنَا كِتَابُ اللهِ، فَاخْتَلَفَ أَهْلُ البَيْتِ وَاخْتَصَمُوا؛ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبُ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ غير ذَلِكَ، فَلَمَّا أَكثَرُوا اللَّغْوَ وَالاِخْتِلَافَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"قُومُوا".
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَكَانَ يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الكِتَابَ لاِخْتِلَافِهِمْ وَلَغَطِهِمْ.
الخامس:
(الرَّزِية) بفتح الراء، وكسر الزاي: المُصيبة.
(ولغطهم) بمعجمةٍ، ثم مهملةٍ: الصَّوت، والصِّياح.
* * *
4433 -
و 4434 - حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ عليها السلام في شَكْوَاهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، فَسَارَّهَا بِشَيْءٍ، فَبَكَتْ، ثُمَّ دَعَاهَا، فَسَارَّهَا بِشَيْءٍ، فَضَحِكَتْ، فَسَأَلنَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: سَارَّنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَهُ يُقْبَضُ في وَجَعِهِ الَّذِي تُوفِّي فِيهِ فَبَكَيْتُ، ثُمَّ سَارَّنِي فَأَخْبَرَنِي: أَنِّي أَوَّلُ أَهْلِهِ يَتْبَعُهُ، فَضَحِكْتُ.
السادس:
سبق مراتٍ، وفيه معجزاتٌ.
* * *
4435 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ نبَيٌّ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ في مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ -وَأَخَذَتْهُ بُحَّةٌ- يَقُولُ:{فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} الآيَةَ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ.
السابع:
(بُحَّة) بضم الباء الموحَّدة، وشدَّة المهملة: ثِقَلٌ في مَجاري النَّفَس.
(خُيّر)؛ أي: بين الدُّنيا والآخِرة.
* * *
4436 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَما مَرِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم المَرَضَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، جَعَلَ يَقُولُ:"في الرَّفِيقِ الأَعْلَى".
الثامن:
(الرفيق) قال (ح): الصَّاحِب المرافِق، وهو هنا بمعنى الرُّفَقاء، أي: المَلائكة، ويُطلَق على الجمع والواحد.
قال (ك): والظاهر أنَّه معهودٌ من قوله تعالى: {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69] والحديث السَّابِق يشهَد بذلك.
* * *
4437 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: إِنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم -وَهْوَ صَحِيحٌ- يَقُولُ: "إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ، ثُمَّ يُحَيَّا، أَوْ يُخَيَّرَ"، فَلَمَّا اشْتكَى وَحَضَرَهُ القَبْضُ، وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِ عَائِشَةَ، غُشِيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاقَ شَخَصَ بَصَرُهُ نَحْوَ سَقْفِ البَيْتِ، ثُمَّ قَالَ:"اللهُمَّ في الرَّفِيقِ الأَعْلَى"، فَقُلْتُ: إِذًا لَا يُجَاوِرُنَا، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ حَدِيثُهُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهْوَ صَحِيحٌ.
التاسع:
(يحيّا) أي: يُسلِّم إليه الأمر، أو يملك في أمره، أو يُسلِّم عليه تسليمَ الوَداع.
(أو يخيّر) يحتمل عطفه على: يحيَّا، وعلى:(يَرى).
(شَخَص) بفتح الخاء، أي: ارتفَع، وكذا مضارعه.
قال أبو زيد: ولا أعرِف الكسر، وإنما الكسر إذا عظُم شَخْصه، ويُقال: شخَصَ: إذا فتَح عينَيه، وجعلَ لا يَطْرُفُ.
* * *
4438 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّد، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، عَنْ صَخْرِ بْنِ جُويرِيَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِم، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي، وَمَعَ عَبدِ الرَّحْمَنِ سِوَاكٌ رَطْبٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَأَبَدَّهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَصَرَهُ، فَأَخَذْتُ السِّوَاكَ، فَقَصَمْتُهُ وَنَفَضْتُهُ وَطَيَّبْتُهُ، ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَنَّ بِهِ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَنَّ اسْتِنَانًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ، فَمَا عَدَا أَنْ فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَفَعَ يَدَهُ أَوْ إِصْبَعَهُ، ثُمَّ قَالَ:"في الرَّفِيقِ الأَعْلَى" ثَلَاثًا، ثُمَّ قَضَى، وَكَانَتْ تَقُولُ مَاتَ: بَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي.
العاشر:
(محمَّد) قالوا: هو محمَّد بن يحيَى الذُّهْلي.
(يَسْتنّ)؛ أي: يَستاكُ.
(فأبدّه) بتخفيف الموحَّدة، وتشديد المهملة، من الإِبْداد، أي: أَعطاه بُدَّتَه، أي: نَصيبَه من النظَر، ويُروى بالميم بدَل الموحَّدة.
(فقضمته) بالكسر من القَضْم، بالمعجمة، وهو الأَكل بأَطراف الأَسنان، يُقال: قضِمتِ الدابَّةُ شَعيرها، تَقضَمُ، بكسر الضاد في الماضي، وفتحها في المضارع.
وقال (ع): رواه أكثرُهم بالفتح، والمهملة، يُقال: قصمتُه: كسَرتُه، والقُصَامة من السِّواك: ما يُكسَر منه.
(ونفضته) بالقاف، والفاء، وهو المشهور.
(وطيبته)؛ أي: ليَّنته.
(حاقنتي) بمهملةٍ، وقافٍ: النُّقْرة بين التِّرقُوة وحبْل العاتِق.
(وذاقنتي) بالمعجمة: طرَف الحُلقوم، وقيل: الذَّاقِنة ما تَنالُه الذَّقَن من الصُّدور، والذَّواقِن أسفَل البَطْن.
* * *
4440 -
حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ: أنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَصْغَتْ إِلَيهِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، وَهْوَ مُسْنِدٌ إِلَيَّ ظَهْرَهُ، يَقُولُ:"اللهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي، وَألْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ".
الحادي عشر:
(وأصغت)؛ أي: مالَتْ بسَمْعها نحوَه.
* * *
4441 -
حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانةَ، عَنْ هِلَالٍ الْوَزَّانِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: "لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ! اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ"، قَالَتْ عَائِشَةُ: لَوْلَا ذَلِكَ لأُبْرِزَ قَبْرُهُ؛ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجدًا.
الثاني عشر:
(خشي)؛ أي: قالت عائشة: خَشِيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مرَّ في (الجنائز)، في (باب: ما يُكره من اتخاذ المساجد).
* * *
4442 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرني عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ في بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ وَهْوَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلَاهُ في الأَرْضِ، بَيْنَ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ. قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَأَخْبَرْتُ عَبْدَ اللهِ بِالَّذِي قَالَتْ عَائِشَةُ،
فَقَالَ لِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ: هَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ عَلِيٌّ. وَكَانَتْ عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تُحَدِّثُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَخَلَ بَيْتِي وَاشْتَدَّ بهِ وَجَعُهُ، قَالَ:"هَرِيقُوا عَلَيَّ مِنْ سَبع قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ؛ لَعَلِّي أَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ"، فَأَجْلَسْنَاهُ في مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ طَفِقْنَا نصُبُّ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْقِرَبِ، حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا بِيَدِهِ أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ، قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ، فَصَلَّى لَهُمْ، وَخَطَبَهُمْ.
4443 -
و 4444 - وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ: أَنَّ عَائِشَةَ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم، قَالَا: لَمَّا نزَلَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، وَهْوَ كَذَلِكَ يَقُولُ:"لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى! اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ"؛ يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا.
الثالث عشر، والرابع عشر:
(لم تسم عائشة) سبَق سبَب ذلك أنَّ العبَّاس كان مُلازِمًا أحدَ الجانبَين، والجانب الآخَر تارةً عليٌّ، وتارةً أُسامة، فلذلك لم تذكُره، لا لعداوةٍ ونحوها، حاشاها من ذلك.
ومرَّ الحديث في (الوضوء).
(أهريقوا) في بعضها: (هَرِيقُوا) بلا همزٍ، أي: صُبُّوا.
(أوكيتهن) الوِكَاء، بكسر الواو: ما يُشدُّ به رأْس القِرْبة.
(أعهد)؛ أي: أَوصي.
(مِخْضَب) بكسر الميم، وسكون المعجمة الأُولى، وفتح الثَّانية: الإِجَّانَة.
(وأخبرنا) هو منقولُ ابن شِهَاب.
(نزل) مبنيٌّ للمفعول، أي: نَزل المرَضُ به.
(خميصة) كساءٌ أسود مربَّعٌ له علَمان.
(اغتم) إذا كان يأَخُذ بالنَّفس من شدَّة الحرِّ.
* * *
4445 -
أَخْبَرَني عُبَيْدُ اللهِ: أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَقَدْ رَاجَعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في ذَلِكَ، وَمَا حَمَلَنِي عَلَى كَثْرَةِ مُرَاجَعَتِهِ إلا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ في قَلْبِي أَنْ يُحِبَّ النَّاسُ بَعْدَهُ رَجُلًا قَامَ مَقَامَهُ أَبَدًا، وَلَا كُنْتُ أُرَى أَنَّهُ لَنْ يَقُومَ أحدٌ مَقَامَهُ إلا تَشَاءَمَ النَّاسُ بِهِ، فَأَرَدْتُ أَنْ يَعْدِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَبِي بَكْرٍ.
رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو مُوسَى، وَابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
4446 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّهُ لَبَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي، فَلَا أَكرَهُ شِدَّةَ الْمَوْتِ لأَحَدٍ
أَبَدًا بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
الخامس عشر:
(في ذلك)؛ أي: في أمره صلى الله عليه وسلم أَبا بكرِ بإمامة الصلاة، وما حملني عليه إلَّا ظَنِّي لعدَم محبَّة النَّاس للقائم مَقامَه، وظنِّي بتشاؤُمهم به.
(رواه ابن عُمر، وأبو موسى، وابن عباس) الثلاثة موصولةٌ في (الصلاة)، والثاني في (قِصَّة يوسف) أَيضًا، والثالث هنا أَيضًا.
* * *
4447 -
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرني عَبْدُ اللهِ بْنُ كعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ، وَكَانَ كعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّي فِيهِ، فَقَالَ النَّاسُ: يَا أَبَا حَسَنٍ! كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللهِ بَارِئًا، فَأَخَذَ بِيَدِهِ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ وَاللهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ عَبْدُ الْعَصَا! وَإِنِّي وَاللهِ لأُرَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَوْفَ يُتَوَفَّى مِنْ وَجَعِهِ هَذَا، إِنِّي لأَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ الْمَوْتِ، اذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلْنَسْأَلْهُ فِيمَنْ هَذَا الأَمْرُ؟ إِنْ كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ في غَيْرِنَا عَلِمْنَاهُ، فَأَوْصَى بِنَا. فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنَّا وَاللهِ لَئِنْ سَألنَاهَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَنَعَنَاهَا،
لَا يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ، وَإِنِّي وَاللهِ لَا أَسْأَلُهَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
السادس عشر:
(وإسحاق) قال الغَسَّاني: قال ابن السَّكَن: هو ابن مَنْصُور.
(عن الزُّهْرِي: أخبرني عبد الله بن كعب) قال الدِّمْيَاطِي: انفرد البخاريُّ بهذا الإسناد عن الأئمة، وعندي في سماع الزُّهْرِيّ من عبد الله بن كعب نظَرٌ.
وقد تقدَّم من حديث كعْب بن مالك رواية الزهُّري، عن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كعب، عن أَبيه عبد الله بن كعب، عن أَبيه كعب، وهو كذلك عند مسلم.
(الثلاثة)؛ أي: الذين في قوله تعالى: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118].
(بارئًا) بالهمز مِن البُرء من المرَض.
(عبد العصا)؛ أي: بلا عِزَّةٍ ولا حُرمةٍ بين النَّاس، وهو كنايةٌ عنه.
(هذا الأمر)؛ أي: أمر الخِلافة.
(لا يعطينا)؛ أي: لو منَعَنا منها لم تَصِل إلينا قطُّ، أما لو لم يمنَع بل سكت؛ فيحتمل أن تصِل إلينا في الجُملة.
* * *
4448 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَا هُمْ في صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الإثْنَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي لَهُمْ، لَمْ يَفْجَأْهُمْ إلا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ في صُفُوفِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ؛ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ أَنسٌ: وَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا في صَلَاتِهِمْ فَرَحًا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَشَارَ إِلَيْهِم بِيَدِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ، ثُمَّ دَخَلَ الْحُجْرَةَ وَأَرْخَى السِّتْرَ.
السابع عشر:
(فنكص)؛ أي: رجَع متأخِّرًا، وهو القَهْقَرى.
(وهمّ)؛ أي: قصَد المسلمون إبطالَ الصلاة بإظْهار السُّرور قَولًا وفِعْلًا.
* * *
4449 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونس، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّ أَبَا عَمْرٍو ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَيَّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّي في بَيْتِي وَفِي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَأَنَّ الله جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ عِنْدَ مَوْتيِ، دَخَلَ عَلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبِيَدِهِ
السِّوَاكُ، وَأَنَا مُسْنِدَةٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ السِّوَاكَ، فَقُلْتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسهِ أَنْ نَعمْ، فتنَاوَلْتُهُ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: أُلَيِّنُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسهِ أَنْ نعمْ، فَلَيَّنْتُهُ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ، أَوْ عُلْبَةٌ -يَشُكُّ عُمَرُ- فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ في الْمَاءِ، فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، يَقُولُ:"لَا إِلَهَ إلا اللهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ". ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: "فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى، حَتَّى قُبِضَ وَمَالَتْ يَدُهُ.
الثامن عشر:
(سَحْري) بفتح السِّين المهملة وضمها: الرِّئَة.
(ونحري) موضع القِلادة من الصَّدْر.
(علبة)؛ أي: المَحلَب من الجِلْد.
(سكرات) السَّكْرة: الشِّدَّة.
* * *
4450 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، أَخْبَرَني أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْأَلُ في مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ يَقُولَ: "أَيْنَ أَنَا غَدًا؟ أَيْنَ أَنَا غَدًا؟ " يُرِيدُ: يَوْمَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ في بَيْتِ عَائِشَةَ حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَاتَ فِي
الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ في بَيْتِي، فَقَبَضَهُ اللهُ وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي، وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي، ثُمَّ قَالَتْ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ لَهُ: أَعْطِنِي هَذَا السِّوَاكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ! فَأَعْطَانِيهِ فَقَضِمْتُهُ، ثُمَّ مَضَغْتُهُ، فَأَعْطَيتُهُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَنَّ بِهِ وَهْوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِي.
التاسع عشر:
(فأذن له أزواجه) بتشديد النُّون على لغةِ: أكلوني البراغيث.
(وخالط)؛ أي: بسبب السِّواك.
* * *
4451 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ ابْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زيدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: تُوُفِّي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في بَيْتِي وَفِي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَكَانَتْ إِحْدَانَا تُعَوِّذُهُ بِدُعَاءٍ إذَا مَرِضَ، فَذَهَبْتُ أُعَوِّذُهُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ، وَقَالَ:"في الرَّفِيقِ الأَعْلَى، في الرَّفِيقِ الأَعْلَى". وَمَرَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَفِي يَدِهِ جَرِيدَةٌ رَطْبَةٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ بِهَا حَاجَةً، فَأَخَذْتُهَا، فَمَضَغْتُ رَأْسَهَا، وَنَفَضْتُهَا، فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، فَاسْتَنَّ بِهَا كَأَحْسَنِ مَا كَانَ مُسْتَنًّا، ثُمَّ نَاوَلَنِيهَا، فَسَقَطَتْ يَدُهُ، أَوْ سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ، فَجَمَعَ اللهُ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ في آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا،
وَأَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الآخِرَةِ.
العشرون:
(وفي يومي)؛ أي: في نَوبَتي.
* * *
4452 -
و 4453 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَني أَبُو سَلَمَةَ: أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرتْهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه أَقْبَلَ عَلَى فَرَسٍ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حَتَّى نزَلَ، فَدَخَلَ الْمَسْجدَ، فَلَمْ يُكَلِّم النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فتيَمَّمَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ مُغَشًّى بِثَوْبِ حِبَرَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ، فَقَبَّلَهُ وَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! وَاللهِ لَا يَجْمَعُ اللهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ، أَمَّا الْمَوْتَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا.
4454 -
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَحَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وَعُمَرُ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَقَالَ: اجْلِسْ يَا عُمَرُ، فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَجْلِسَ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَتَرَكُوا عُمَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا بَعْدُ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ الله، فَإِنَّ اللهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، قَالَ اللهُ:{وَمَا مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إِلَى قَوْلهِ: {الشَّاكِرِينَ} ، وَقَالَ: وَاللهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ هَذ الآيَةَ حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ،
فتلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ، فَمَا أَسْمَعُ بَشَرًا مِنَ النَّاسِ إلا يَتْلُوهَا. فَأَخْبَرَني سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ: وَاللهِ مَا هُوَ إلا أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلَاهَا، فَعَقِرْتُ حَتَّى مَا تُقِلُّنِي رِجْلَايَ، وَحَتَّى أَهْوَيتُ إِلَى الأَرْضِ حِينَ سَمِعْتُهُ تَلَاهَا؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ مَاتَ.
4455 -
و 4456 و 4457 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه قَبَّلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَوْتهِ.
الحادي والعشرون:
(بالسُّنْح) بضم المهملة، وسُكون النُّون وضمها، وبمهملةٍ: موضِعٌ من عَوالي المدينة كان للصِّدِّيق رضي الله عنه فيه سكَنٌ.
(حِبَرة) بكسر المهملة، وفتح الموحَّدة: ثَوبٌ يَمانيُّ، ويُقال: ثَوبُ حِبَرةٍ؛ بالإضافة، وبالصفة.
(لَّا يجمع الله عليك موتتين)؛ أي: أن عُمر لمَّا كان يقول: إنَّ الله سيَبعثُ نبيَّه صلى الله عليه وسلم، فيقَطِّع أَيدي رجالٍ قالوا: إنَّه ماتَ، ثم يموتُ آخِرَ الزَّمان، فأراد أبو بكر رَدَّ كلامِه، أي: لا يكون لك في الدُّنيا إلَّا مَوتةٌ واحدةٌ، ويُقال: ماتَ يَمات، ويموت.
وسبق الحديث أول (الجنائز).
(فأخبرني)؛ أي: ابن المُسيَّب.
قال (ح): لا أدري مَن يقول ذلك أبو سَلمة، أو الزُّهْري.
(فعَقِرت) بفتح المهملة، وكسر القاف، أي: تَحيَّرتُ ودُهشتُ، وفي بعضها:(عُقِرت) بالبناء للمفعول؛ حكاه السَّفَاقُسِي.
ويُروى بتقديم القاف المضمومة على العين، والصَّواب الأَوَّل.
(تقلني) من الإقْلال، وهو الحَمْل، يُقال: أقلَّ الجَرَّةَ، أي: أطاقَ حملَها.
(تلاها؛ أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قد مات) أي: تلاها لأجْل ذلك، لا أنَّ هذا قرآنٌ يُتلى.
* * *
4458 -
حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدّثَنَا يَحْيَى، وَزَادَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: لَدَدْنَاهُ في مَرَضِهِ، فَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ لَا تَلُدُّونِي، فَقُلْنَا: كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فَلَمَّا أفاقَ قَالَ:"أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِي؟ " قُلْنَا: كَرَاهيةَ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ.
4458 / -م - فَقَالَ: "لَا يَبْقَى أَحَدٌ في الْبَيْتِ إلا لُدَّ -وَأَنَا أَنْظُرُ- إلا الْعَبَّاسَ، فَإنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكمْ". رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
الثاني والعشرون:
(وزاد)؛ أي: عليٌّ في روايته على عبد الله بن أبي شيبة عن يحيى.
(لَّا تلدوني) اللَّدود: ما يُصبُّ في أحد شقَّي الفَمِ من الأدوية، بخلاف الوُجور، فإنَّه الذي يُجعَل في وسَطه، وقد لُدَّ الرجلُ، فهو مَلْدود، قيل: وكان الذي لُدَّ به العُود الهنْدي والزَّيت.
(كراهية) قال (ع): ضبَطناه بالرفع، أي: هذا منه كراهيةٌ، وهو أَوجَهُ من النَّصب على المصدر، أي: كره كراهيةً.
قال أبو البَقاء: أو النَّصب على أنَّه مفعولٌ له، أي: لكَراهية.
(وأنا أنظر) جملةٌ حاليةٌ، أي: لا يبقَى أحدٌ إلَّا لُدَّ في حُضوري، وحالَ نظَري إليه قِصاصًا لفعلهم.
(لم يشهدكم)؛ أي: لم يحضركم حالةَ اللَّدودة، وميمونة كانت منهم فلُدَّتْ وهي صائمةٌ لقسَم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي "مغازي ابن إسحاق": أنَّ العبَّاس هو الآمِر باللَّدِّ، وقال: والله لألُدَّنَّه، ولمَّا أَفاقَ قال:"مَن صنعَ هذا؟ "، قالوا: عمُّك.
فليكن الجمْع بأنَّه لا مُنافاةَ بين الأمر وعدَم الحُضور وقْت اللَّدِّ.
(رواه ابن أبي الزِّناد) وصلَه أَحْمد، والحاكم، وأبو يعلَى.
* * *
4459 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ محَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَتْ: مَنْ قَالَهُ؟ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَإِنِّي لَمُسْنِدَتُهُ إِلَى
صَدْرِي، فَدَعَا بِالطَّسْتِ، فَانْخَنَثَ، فَمَاتَ، فَمَا شَعَرْتُ، فَكَيْفَ أَوْصَى إلَى عَلِيٍّ؟!
الثالث والعشرون:
(فانخنث)؛ أي: استَرخَى، ومالَ.
* * *
4460 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ، قالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما: آوْصَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: لَا، فَقُلْتُ: كيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ، أَوْ أُمِرُوا بِهَا؟ قَالَ: أَوْصَى بِكِتَابِ اللهِ.
الرابع والعشرون:
(أوصى بكتاب الله) لا ينافي قولَه أولًا: (لا)؛ لأنَّ المعنى: أَوصِني بما في كتاب الله.
وفيه الأمر بالوصيَّة.
* * *
4461 -
حَدَّثَنَا قُتيْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً، إلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ الّتِي كَانَ يَرْكَبُهَا، وَسِلَاحَهُ،
وَأَرْضًا جَعَلَهَا لاِبْنِ السَّبِيلِ صَدَقَةً.
الخامس والعشرون:
هذا مع الاثنين قبلَه، سبقت الثلاثة في (كتاب الوصيَّة).
* * *
4462 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنسٍ، قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام: وَاكَرْبَ أَبَاهُ! فَقَالَ لَهَا: "لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ"، فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ: يَا أَبَتَاهْ! أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يَا أَبَتَاهْ! مَنْ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ، يَا أَبَتَاهْ! إِلَى جِبْرِيلَ ننعَاهْ. فَلَمَّا دُفِنَ قَالَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام: يَا أَنسُ! أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم التّرَابَ؟
السادس والعشرون:
(يتغشاه)؛ أي: يتغشَّاه الثِّقَل، أي: الكَرْب، وهو الغَمُّ الذي يأْخذ النفَس والشدَّة.
(واكرب أباه) مندوبٌ، والألِف ألِف النُّدْبة، والهاء للوقْف.
وقد رواه مُبارَك بن فَضَالة عن ثابتٍ بلفْظ: (واكَرْبَاه).
ولا يُقال: هذا نوعٌ من النِّياحة؛ لأنَّ النياحة ما أَشبَهَ نَوحَ الجاهلية من الكَذِب ونحوه، لا مُطلَق النَّدب.