الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
54 - بابُ قَوْلِ الله تعَالَى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ} إلى قولهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ}
(باب قَولِ الله عز وجل: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} [التوبة: 25])
حُنَين: وادٍ بين مكة والطائف.
4314 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ: رَأَيْتُ بِيَدِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى ضَرْبَةً، قَالَ: ضُرِبْتُهَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ. قُلْتُ: شَهِدْتَ حُنَيْنًا؟ قَالَ: قَبْلَ ذَلِكَ.
الحديث الأول:
واضح المعنى.
* * *
4315 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رضي الله عنه، وَجَاءَهُ رَجُل، فَقَالَ: يَا أَبَا عُمَارَةَ! أتَوَلَّيْتَ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَمْ يُوَلِّ،
وَلَكِنْ عَجِلَ سَرَعَانُ القَوْمِ، فَرَشَقَتْهُمْ هَوَازِنُ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ بِرَأْسِ بَغْلَتِهِ البَيْضَاءِ يَقُولُ:"أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ".
الثاني:
(يَا أَبا عُمارة) بضم العين المهملة، وخفَّة الميم: كُنْية البَراء.
(أتوليتَ) التَّولِّي: الانهِزام.
(سَرَعان) بفتح المهملة، والراء: أوائِل النَّاس، جمع: سَرِيْع، وحُكي تسكين الراء.
(هَوَازِن) بفتح الهاء، والواو، وكسر الزَّاي: قَبيلةٌ من قَيْس.
(وأبو سُفيان بن الحارث) هو ابن عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(بغلته) البَيضاء اسمها: دُلْدُل.
* * *
4316 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: قِيلَ لِلْبَرَاءَ وَأَنَا أَسْمَعُ: أَوَلَّيْتُمْ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْن؟ فَقَالَ: أَمَّا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَا، كَانُوا رُمَاةً، فَقَالَ:"أَنَا النَّبِيُّ لَا كذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ".
الثالث:
كالذي قبلَه.
* * *
4317 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعَ الْبَرَاءَ -وَسَألهُ رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ-: أفرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ فَقَالَ: لَكِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَفِرَّ، كَانَتْ هَوَازِنُ رُمَاةً، وَإنَّا لَمَّا حَمَلْنَا عَلَيْهِم انْكَشَفُوا، فَأَكْبَبْنَا عَلَى الغَنَائِمِ، فَاسْتُقْبِلْنَا بِالسِّهَامِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَغْلَتِهِ البَيْضَاءِ، وَإنَّ أَبَا سُفْيَانَ آخِذٌ بِزِمَامِهَا، وَهْوَ يَقُولُ:"أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ".
قَالَ إِسْرَائِيلُ وَزُهَيْرٌ: نزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَغْلَتِهِ.
الرابع:
(انكشفوا)؛ أي: انهزَموا.
(فأكببنا)؛ أي: وقعْنا على الغنائم، وهو فعلٌ لازمٌ.
(فاستلقينا) بالبناء للمفعول.
(لا كذب) قيل: كان يقُوله بفتح الموحَّدة؛ ليَخرُج عن الوزْن، وقيل: هو رجَزٌ لا شِعرٌ.
(قال إسرائيل وزهير) موصولان في (الجهاد).
وسبق شرح الحديث هناك في (باب: من قاد بلِجام دابَّة غيره).
* * *
4318 -
و 4319 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي لَيْثٌ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ.
وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ: وَزَعَمَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَألوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"مَعِي مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ؛ إِمَّا السَّبْيَ، وَإِمَّا المَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنيتُ بِكُمْ". وَكَانَ أَنْظَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إلا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في المُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ:"أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ، فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ، حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللهُ عَلَيْنَا، فَلْيَفْعَلْ"، فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ في ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ". فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا، هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْ سَبْيِ هَوَازِنَ.
الخامس:
(استأنيت)؛ أي: انتظَرتُ، وذلك لرجائه صلى الله عليه وسلم إسلامَهم.
(أنظرهم)؛ أي: انتظَرَهم، والنَّظَر: الانتِظار.
(يطيب)؛ أي: يُعطي وقلْبه طيِّبٌ.
(عرفاؤكم) جمع: عَرِيْف، وهو النَّقيب.
وسبق الحديث مِرارًا أوَّل (الوَكالة)، وغيرها.
* * *
4320 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عُمَر قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا قَفَلْنَا مِنْ حُنَيْنٍ، سَأَلَ عُمَرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَذْرٍ كانَ نَذَرَهُ في الجَاهِلِيَّةِ اعْتِكَافٍ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِوَفَائِهِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وَرَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
السادس:
(اعتكافٍ) بدَلٌ من (نَذرٍ)، فإنْ قيل: هذا مَرويٌّ عن عُمر، فما
معنى: عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟، قيل: المرويُّ عنه أنَّه أمَر بوَفائه.
* * *
4321 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قتادَة، عَنْ أَبِي قتادَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَامَ حُنَيْنٍ، فَلَمَّا التَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلةٌ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ المُشْرِكِينَ، قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنَ المُسْلِمِينَ، فَضَرَبْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ بِالسَّيْفِ، فَقَطَعْتُ الدِّرْعَ، وَأَقْبَلَ عَلَيَّ، فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ المَوْتِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ المَوْتُ فَأَرْسَلَنِي، فَلَحِقْتُ عُمَرَ، فَقُلْتُ: مَا بَالُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَمْرُ اللهِ عز وجل. ثُمَّ رَجَعُوا، وَجَلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"مَنْ قتلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بيِّنَةٌ، فَلَهُ سَلَبُهُ"، فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي، ثُمَّ جَلَسْتُ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ، فَقُمْتُ، فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي، ثُمَّ جَلَسْتُ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ، فَقُمْتُ، فَقَالَ:"مَا لَكَ يَا أَبَا قتادَةَ؟ " فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ رَجُلٌ: صَدَقَ، وَسَلَبُهُ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ مِنِّي. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَاهَا اللهِ، إِذًا لَا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللهِ، يُقَاتِلُ عَنِ اللهِ وَرَسُولهِ صلى الله عليه وسلم، فَيُعْطِيَكَ سَلَبَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"صَدَقَ فَأَعْطِهِ"، فَأَعْطَانِيهِ، فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا في بَنِي سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ في الإسْلَامَ.
السابع:
(جولة)؛ أي: اضطراب تقدُّمٍ وتأخُّرٍ، وفي العبارة لُطْفٌ حيث لم يقُل: هزيمة، وهذه الجَولة كانت في بعض المسلمين لا في رسول الله صلى الله عليه وسلم ومَن حوالَيهِ.
(حبل عاتقه)؛ أي: عَصَبِه، والعاتِق: موضع الرِّداء من المَنكِب.
(أمر الله)؛ أي: حُكمه الذي حكَم به.
(قتيلًا)؛ أي: مُشرِفًا على القَتْل، فهو مجازٌ باعتبار المآل.
ويحتَمل أنَّه حقيقةٌ باعتبار أنَّه قَتيلٌ بهذا القتْل لا بقتلٍ سابقٍ كما قال المتكلِّمون في جواب المُعضِلة المشهورة وهي: أنَّ إيجاد المعدوم محالٌ؛ لأنَّ الإيجاد إما حالَ العدَم؛ فهو جمعٌ بين النَّقيضين، وإما حال الوجود؛ فهو تحصيل الحاصِل، فيُجاب بأنَّ الإيجاد للمَوجود بهذا الوُجود لا بوُجودٍ متقدِّمٍ.
(سلبه)؛ أي: ما معَه من الثِّياب، والأسلحة، ومركَبٍ، ونحوه.
(لا ها الله) قال الجَوْهَري: ها للتَّنبيه، وقد يُقسَم بها، فيُقال: لا ها اللهِ ما فعلتُ، أي: واللهِ ما فعلتُ.
وقد مرَّ له توجيهان في (الجهاد)، في (باب: من لم يُخمِّس الأسلاب).
(مَخْرَفًا) بفتح الميم والراء وكسرها: البُستان.
(سلِمة) بكسر اللام.
(تأثلته)؛ أي: اتخذتُه أصْل المال، واقتنيتُه.
وفيه فضيلةٌ عظيمةٌ لأبي بكر رضي الله عنه اجتَهد، وأفتَى، وحكَم بحضْرة النبيِّ صلى الله عليه وسلم وصوَّبَه.
* * *
4322 -
وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قتادَةَ: أَنَّ أَبَا قتادَةَ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ نَظَرْتُ إِلَى رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ يُقَاتِلُ رَجُلًا مِنَ المُشْرِكِينَ، وَآخَرُ مِنَ المُشْرِكِينَ يَخْتِلُهُ مِنْ وَرَائِهِ لِيقْتُلَهُ، فَأَسْرَعْتُ إِلَى الَّذِي يَخْتِلُهُ، فَرَفَعَ يَدَهُ لِيَضْرِبَنِي، وَأَضْرِبُ يَدَهُ، فَقَطَعْتُهَا، ثُمَّ أَخَذَنِي، فَضَمَّنِي ضَمًّا شَدِيدًا حَتَّى تَخَوَّفْتُ، ثُمَّ تَرَكَ فتحَلَّلَ، وَدَفَعْتُهُ ثُمَّ قتلْتُهُ، وَانْهَزَمَ المُسْلِمُونَ، وَانْهَزَمْتُ مَعَهُمْ، فَإِذَا بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ في النَّاسِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَمْرُ اللهِ، ثُمَّ تَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ أقامَ بيِّنَةً عَلَى قَتِيلٍ قتَلَهُ، فَلَهُ سَلَبُهُ". فَقُمْتُ لألتَمِسَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلِي، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَشْهَدُ لِي، فَجَلَسْتُ، ثُمَّ بَدَا لِي، فَذَكَرْتُ أَمْرَهُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: سلَاحُ هَذَا القَتِيلِ الَّذِي يَذْكُرُ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ مِنْهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَلَّا لَا يُعْطِهِ أُصَيْبغَ مِنْ قُرَيْشٍ، وَيَدَعَ أَسَدًا مِنْ أُسْدِ اللهِ، يُقَاتِلُ
عَنِ اللهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَدَّاهُ إِلَيَّ، فَاشْتَرَيْتُ مِنْهُ خِرَافًا، فَكَانَ أَوَّلَ مَالٍ تأثَّلْتُهُ في الإِسْلَامِ.
الثامن:
(وقال الليث) موصولٌ في (الأحكام).
(يختله)؛ أي: يَخدعُه.
(أُصيبغ) بإهمال الصاد، وإعجام الغَين، وبالعكس، فهو على الأول: تَصغيرٌ وتحقيرٌ له بوصْفه باللَّون الرَّديء، وقيل: مَذمَّةٌ بسَواد اللَّون وتغيُّره، وقيل: وصفٌ له بالمَهانة والضَّعف، وعلى الثاني: تصغير ضِبْع على غير قياسٍ، شبَّهه به لضَعْف افتِراسه، وما يُوصف به من العجْز ونحوه؛ لأنَّه قد عظَّم أَبا قَتادة، وجعلَه كالأسَد.
وقال ابن مالك: أُضَيْبع، بالمعجمة، وإهمال العين، تَصغير: أَضْبع، وهو القصير الضَّبْعِ، أي: العَضُد، ويكنى به عن الضَّعيف.
وقال (خ): الأَصْبَع، بصادٍ، ومهملةٍ: نوعٌ من الطَّير، ويجوز أن يكون شبَّهه بنَباتٍ ضعيفٍ الضَّبْعاء، وأوَّل ما يَطلُع من الأرض يكون أوَّل ما يَلي الشَّمسَ منه أصفَر.
وقيل: سُمِّي بذلك لشَامةٍ كانت له يصبغُها.
(وتدع) بالرفع، والنصب، والجزم، نحو: لا تَأْكُلِ السَّمَكَ وتَشرَب اللَّبَن.
(خرافًا) هو اسم ما يُخرَف من الثِّمار، أراد بُستان خِرافٍ،