الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
30 - بابُ مَرْجَعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الأَحْزَابِ وَمَخْرَجِهِ إِلَى بَنِي قرَيْظَةَ وَمُحَاصَرَتِهِ إِيَّاهُمْ
(باب مَرجع النبيِّ صلى الله عليه وسلم من الأحزاب)
فتح الجيم (مَرجَع) مناسبٌ للمُحاصَرة.
4117 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الخَنْدَقِ وَوَضَعَ السِّلَاحَ وَاغْتَسَلَ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ: قَدْ وَضَعْتَ السِّلَاحَ، وَاللهِ مَا وَضَعْنَاهُ، فَاخْرُجْ إِلَيْهِمْ، قَالَ:"فَإِلَى أَيْنَ؟ ". قَالَ: هَاهُنَا، وَأَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ.
الحديث الأول:
ظاهر المعنى.
* * *
4118 -
حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى الغُبَارِ سَاطِعًا فِي زُقَاقِ بَنِي غَنْمٍ مَوْكِبِ جِبْرِيلَ حِينَ سَارَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ.
الثاني:
(زُقاق) بالضم: السِّكَّة.
(غَنْم) بفتح المعجمة وضمها، وسُكون النُّون: أَبو حَيٍّ مِن تَغْلِب، بفتح المثنَّاة.
(موكب) بالحركاتِ الثَّلاث: نوَعٌ من السَّير، أو القَوم الرُّكوب على الإبِل للزِّينة، وكذلك جماعة الفُرسان.
ويَعرفُه أنَس وكذا عائشة رضي الله عنها أنَّه جِبْريل بإخبار النبي صلى الله عليه وسلم.
* * *
4119 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الأَحْزَابِ: "لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ"، فَأَدْرَكَ بَعْضُهُمُ العَصْرَ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي، لَمْ يُرِدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ.
الثالث:
(العصر) رواية مسلم: (الظُّهر)، ولكن العصر هو الذي قالَه موسى بن عُقْبة، وابنُ إسحاق، وغيرُهما من أهل المغازي.
ووجه الجمْع، إما أنه قال: الظُّهر لمن كان قَريبًا، والعصر للبَعيد، أو لأهل القوَّة الظُّهر، ولمن دُونهم العصر.
(لم يرده)؛ أي: ليس المقصود تأْخيرَ الصلاة ألبتَّةَ، بل الاستِعجال.
وسبق شرح الحديث في (باب: صلاة الخوف).
* * *
4120 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ. وَحَدَّثَنِي خَلِيفَةُ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يَجْعَلُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم النَّخَلَاتِ حَتَّى افْتَتَحَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ، وَإِنَّ أَهْلِي أَمَرُونِي أَنْ آتِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَسْأَلَهُ الَّذِينَ كَانُوا أَعْطَوْهُ أَوْ بَعْضَهُ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَعْطَاهُ أُمَّ أَيْمَنَ، فَجَاءَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَجَعَلَتِ الثَّوْبَ فِي عُنُقِي تَقُولُ: كَلَّا وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَا يُعْطِيكَهُمْ وَقَدْ أَعْطَانِيهَا، أَوْ كمَا قَالَتْ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"لَكِ كَذَا". وَتَقُولُ: كَلَّا وَاللهِ، حَتَّى أَعْطَاهَا -حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ- "عَشَرَةَ أَمْثَالِهِ". أَوْ كَمَا قَالَ.
الرابع:
(يجعل)؛ أي: هبةً؛ لأنَّه لا يحلُّ له أَكْل الصَّدقة، وقيل: كانوا أَعطَوه ليُفرِّقَه على المهاجرين، فهو الأَشبَه.
(والنبي يقوله) جملةٌ حاليةٌ.
(لك) فيه تقديرٌ، أي: لها ذلك، ثم قال:(لك) لظَنِّها أنها كانت هبةً مؤبَّدة، وتمليكًا لأصل الرَّقَبة، فأراد صلى الله عليه وسلم استطابَةَ قلْبها؛ لمَا لها عليه من حقِّ الحَضانة، فما زال يَزيدُها في العِوَض حتى رضيت.
* * *
4121 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه يَقُولُ: نَزَلَ أَهْلُ قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى سَعْدٍ، فَأَتَى عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا دَناَ مِنَ المَسْجدِ قَالَ لِلأَنْصَارِ:"قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ، أَوْ: خَيْرِكُمْ". فَقَالَ: "هَؤُلَاءِ نزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ"، فَقَالَ: تَقْتُلُ مُقَاتِلَتَهُمْ وَتَسْبِي ذَرَارِّيهُمْ، قَالَ:"قَضَيْتَ بِحُكْمِ اللهِ"، وَرُبَّمَا قَالَ:"بِحُكْمِ المَلِكِ".
الخامس:
(المسجد) قال (ك): هو مسجدٌ اختطَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أمكنة بني قُرَيظة، وكان يُصلِّي فيه مدَّةَ مُقامه هناك.
لكنْ سبَق أن ذلك وهمٌ، وأنْ لا مَسجِدَ هناك، وأن المَحفوظ: فلمَّا دَنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم، قيل: المُراد موضع السُّجود، أي: موضع مُصلَّى النبيِّ صلى الله عليه وسلم حيث كان.
قال القُرطُبي في "اختصاره": المَسجِد الذي جُعل فيه سَعْد، وسالَ دمُه فيه، ليس هو مسجد المَدينة، وإنما كان مَوضِعًا يُصلَّى فيه غير مَخطُوطٍ، والله أعلم.
ولم يرد أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خطَّ في بني قُريظة مسجدًا حين حاصرَهم.
(أخْيرَكم) دليلُ استِعمال أَفْعَل التَّفضيل من الخير.
(الملَك) بفتح اللام، وهو جبريل عليه السلام، أو بكسرها،
وهو الله تعالى، وهو أوضح.
* * *
4122 -
حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الخَنْدَقِ، رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ: حِبَّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ، رَمَاهُ فِي الأَكْحَلِ، فَضَرَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْمَةً فِي المَسْجدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ، فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الخَنْدَقِ وَضَعَ السِّلَاحَ وَاغْتَسَلَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام وَهْوَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنَ الغُبَارِ، فَقَالَ: قَدْ وَضَعْتَ السِّلَاحَ، وَاللهِ مَا وَضَعْتُهُ، اخْرُجْ إِلَيْهِمْ. قَالَ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "فَأَيْنَ؟ ". فَأَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ، فَرَدَّ الحُكْمَ إِلَى سَعْدٍ، قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ المُقَاتِلَةُ، وَأَنْ تُسْبَى النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ، وَأَنْ تُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ. قَالَ هِشَامٌ: فَأَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ سَعْدًا قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ صلى الله عليه وسلم وَأَخْرَجُوهُ، اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّكَ قَدْ وَضَعْتَ الحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَإِنْ كَانَ بَقِيَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْءٌ فَأَبْقِنِي لَهُ حَتَّى أُجَاهِدَهُم فِيكَ، وَإِنْ كُنْتَ وَضَعْتَ الحَرْبَ فَافْجُرْهَا، وَاجْعَلْ مَوْتَتِي فِيهَا. فَانْفَجَرَتْ مِنْ لَبَّتِهِ، فَلَمْ يَرُعْهُمْ -وَفِي المَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ - إِلَّا الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا: يَا أَهْلَ الخَيْمَةِ! مَا هَذَا الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ؟ فَإِذَا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا، فَمَاتَ مِنْهَا رضي الله عنه.
السادس:
(حِبان) بكسر المهملة، وشدَّة الموحَّدة، وبالنون.
(ابن العَرِقة) بفتْح المهملة، وكسر الرَّاء، وبالقاف: اسم أُمِّه، سُمِّيتْ به لطِيْب رِيْحها.
قلتُ: وهو حِبَّان بن قَيْس من بَني معيص بن عامِر بن لُؤَي.
(الأكْحل) عِرْق في اليَدِ يُفصَد.
(فنزلوا على حكمه) الضَّمير للنبيِّ صلى الله عليه وسلم.
والجمْع بينه وبين ما سبَق: أنهم نزَلوا على حُكم سَعْد؛ إما باعتبار بعضٍ كذا، وبعضٍ كذا، أو أنَّ معنى:(نَزلوا على حُكم سَعْد): رَضُوا بحُكمه، ففي "مغازي ابن إسحاق": لمَّا أيقَنوا أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم غير مُنصرِفٍ عنهم، حتى يُناجزهم نزلُوا على حكمه صلى الله عليه وسلم، فقالت الأَوْس: يا رسول الله، هم مَوَالِيْنا، فقال:"أَلا تَرضَونَ -يا معشَر الأَوْس- أنْ يَحكُم فيهم رجلٌ منكم"، قالوا: بلَى، قال:"فذلكَ سَعْد بن مُعَاذ"، فحكَّمه فيهم.
(فافْجُرها) بضم الجيم، وهمزةِ وصلٍ، أي: الجِرَاحة.
(واجعل موتتي فيها) هذا تمنٍّ للشَّهادة؛ فإنَّ تمنِّي أصْل الموت غير جائزٍ، أي: فلا تَحرمْني ثَوابَ هذه الشَّهادة.
(في ليلته) في بعضها: (لَبَّتِه) بفتح اللام، أي: المَنْحَر، ومَوضِع القِلادة من الصَّدْر.
(فلم يرعهم) من الرَّوع، وهو الفَزَع، والضَّمير لبَني غِفَار يدلُّ عليه السِّيَاق.
(من بني غِفار) هو على حَذْف مضافٍ، أي: خَيْمة من خِيَام بني غِفَار، وهو بكسر المعجمة، وتخفيف الفاء، وبالراء.
(يغذو) بمعجمتين: يَسِيل دَمًا.
سبق في (باب: الخَيمة في المسجِد).
* * *
4123 -
حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَدِيٌّ أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِحَسَّانَ: "اهْجُهُمْ -أَوْ هَاجِهِمْ- وَجِبْرِيلُ مَعَكَ".
4124 -
وَزَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ قُرَيْظَةَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: "اهْجُ المُشْرِكِينَ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ مَعَكَ".
السابع:
(وزاد إبراهيم) وصلَه النَّسائي.
* * *