الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بريبة) بكسر الراء: التُّهْمة.
(غَرْثى)؛ أي: جائعةً لا تَغتاب الناس، لو كانتْ مُغتابةً لكانت آكلةً من لحم أخيها، فتكون شبعانةً لا جوعانةً.
(لست كذلك) إشارةٌ إلى أنَّ حسَّان اغتابَ عائشةَ حين وقَعتْ قِصَّة الإفْك.
(تولى كبره) قد أُنكر بأنَّ الذي تَولَّى كِبْره هو عبد الله بنُ أُبيٍّ ابنُ سَلُوْل، وإنما كان حسَّان من جُملتهم.
(من العمى)؛ أي: لأنَّه عَمِي في آخِر عمُره.
(ينافح)؛ أي: يَذُبُّ عنه بالشِّعر، ويُخاصم عنه.
* * *
35 - بابُ غَزْوَةِ الحُدَيْبِيَةِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}
(باب غَزْوة الحُدَيْبِية)
وفي نسُخةٍ: (عُمْرَة الحُدَيبِيَة)، وهي بتخفيف الياء على الأفْصح، قريةٌ صغيرةٌ، سُميت ببئرٍ هناك عند مَسجِد الشَّجَرة، وهي سَمُرةٌ بايَع الصَّحابة تحتَها على نحوِ مرحلةٍ من مكة.
4147 -
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الحُدَيْبِيَةِ، فَأَصَابَنَا مَطَرٌ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصُّبْحَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ:"أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ "، قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَقَالَ: "قَالَ اللهُ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْناَ بِرَحْمَةِ اللهِ وَبِرِزْقِ اللهِ وَبِفَضْلِ اللهِ. فَهْوَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْناَ بِنَجْمِ كَذَا، فَهْوَ مُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ كَافِرٌ بِي".
الحديث الأول:
(كافر بي) سبق شرح الحديث، وبَيانُ معنى ذلك في (كتاب الصلاة)، في (باب: يستقبل الإمامُ النَّاسَ إذا سلَّم).
* * *
4148 -
حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسًا رضي الله عنه أَخْبَرَهُ قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَ عُمَرٍ كُلُّهُنَّ فِي ذِي القَعْدَةِ إِلَّا الَّتِي كَانَتْ مَعَ حَجَّتِهِ، عُمْرَةً مِنَ الحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ العَامِ المُقْبِلِ فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الجِعْرَانَةِ حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ.
الثاني:
(عُمْرَة من الحُديبية) عدَّها من العُمَر؛ لأنَّ ما حُصِر فيها يُعدُّ وإنْ
لم يُتمَّ مَناسكَها.
وسبَق في (كتاب العُمْرة).
(الجِعْرانة) بكسر الجيم، وسُكون المهملة، وتخفيف الراء، وبكسر المهملة، وتشديد الراء على الأَرْجَح.
وسبق في (الجهاد)، في (باب: ما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُعطي المؤلَّفةَ): أنَّ نافعًا قال: لم يَعْتمِرْ من الجِعْرانة، ولو اعْتمَر لم يَخْفَ على ابن عُمر.
وسبَق الجوابُ باحتِمال غَيبته في ذلك الوقْت، أو نسيانه.
كما مرَّ في (كتاب العُمْرة): أنَّه قال: إحداهُنَّ في رجَب، وأنكَرت عليه عائشة رضي الله عنها.
قال (ن): إما للاشتِباه عليه، أو لنسيانٍ ونحوه.
* * *
4149 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ: انْطَلَقْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَامَ الحُدَيْبِيَةِ فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ أُحْرِمْ.
الثالث:
سبق في (الحج).
* * *
4150 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: تَعُدُّونَ أَنْتُمُ الفَتْحَ فَتْحَ مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ فَتْحًا، وَنَحْنُ نَعُدُّ الفَتْحَ بَيْعَةَ الرُّضْوَانِ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ، كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، وَالحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ فَنَزَحْنَاهَا فَلَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَاهَا فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِهَا، ثمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ فتوَضَّأَ ثُمَّ مَضْمَضَ وَدَعَا، ثُمَّ صَبَّهُ فِيهَا، فَتَرَكْنَاهَا غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ إِنَّهَا أَصْدَرَتْنَا مَا شِئْنَا نَحْنُ وَرِكَابَنَا.
الرابع:
(الفتح)؛ أي: في قوله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح:1]، فالفتْح العظيم هو بَيعة الرِّضْوان؛ لأنها كانت مقدِّمةً لفتْح مكَّة وسبَبًا لرضوان الله تعالى.
(أربع عشرة مائة) لم يقُل: ألفًا وأربع مائة؛ لأنهم كانوا مُنقَسِمين مائتين متميِّزين كذلك.
[قال](ك): كل مائةٍ متميِّزةٌ عن الأُخرى.
(أصدرتنا) من الإصْدار، يُقال: أَصدَرتُه فصَدَر، أي: رجَعتُه فرجَعَ.
(ما شئنا)؛ أي: القَدْر الذي أردنا شُربَه.
(وركابنا)؛ أي: الإبِل التي يُسار عليها.
* * *
4151 -
حَدَّثَنِي فَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: أَنْبَأَناَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ رضي الله عنهما أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَنَزَلُوا عَلَى بِئْرٍ فَنَزَحُوهَا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَى البِئْرَ وَقَعَدَ عَلَى شَفِيرِهَا، ثُمَّ قَالَ:"ائْتُونِي بِدَلْوٍ مِنْ مَائِهَا"، فَأُتِيَ بِهِ فَبَصَقَ فَدَعَا، ثُمَّ قَالَ:"دَعُوهَا سَاعَةً"، فَأَرْوَوْا أَنْفُسَهُمْ وَرِكَابَهُمْ حَتَّى ارْتَحَلُوا.
4152 -
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الحُدَيْبِيةِ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ، فتَوَضَّأَ مِنْهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ النَّاسُ نَحْوَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"مَا لَكُمْ؟ ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! لَيْسَ عِنْدَناَ مَاءٌ نتَوَضَّأُ بِهِ وَلَا نَشْرَبُ إِلَّا مَا فِي رَكْوَتِكَ، قَالَ: فَوَضَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ فِي الرَّكْوَةِ، فَجَعَلَ المَاءُ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ العُيُونِ، قَالَ: فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْناَ. فَقُلْتُ لِجَابِرٍ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَاناَ، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً.
الخامس، والسادس:
(من بين أصابعه) فيه ظُهور البركة في الدَّلْو.
وفي الحديث السَّابق: أنَّ بركة الماء ظهَرتْ في البئْر، ولا مُنافاةَ لاحتمال الظُّهور فيهما جميعًا.
(خمس عشرة مائة) لا تَنافيَ بين هذا، وبين رواية:(أربَعَ عشْرةَ مائةً)، ولا:(ألفًا وثلاث مائةٍ)؛ لأنَّ العدَد لا يَنفي غيرَه، أو كُلٌّ أخبر بحسَب ظنِّه، أو لعلَّ بعضَهم اعتبَر الأكابِر، والبعض الأَصاغِر، والبعض الأَوساط.
قال (ن): يُمكن أنهم كانوا أربعَ مائةٍ وكسرًا، فمَن قال:(ألفًا وأربع مائة) لم يعتبِر الكسْرَ، ومَن قال:(ثلاث مائةٍ) ترَك بعضَهم؛ لأنه لم يتيقَّن العدد.
* * *
4153 -
حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: بَلَغَنِي أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ كَانَ يَقُولُ: كَانُوا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، فَقَالَ لِي سَعِيدٌ: حَدَّثَنِي جَابِرٌ كَانُوا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً الَّذِينَ بَايَعُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا قُرَّةُ، عَنْ قَتَادَةَ.
تابَعَهُ مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ: حدَّثنا أبُو داوُدَ: حدَّثنا شُعْبَةُ.
السابع:
(قال أَبو داود)؛ أي: سُليمان الطَّيَالِسي الحافظ.
(تابعه محمد بن بشار) وصله الإسماعيلي.
* * *
4154 -
حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ: "أَنتمْ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ"، وَكُنَّا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، وَلَوْ كُنْتُ أُبْصِرُ اليَوْمَ لأَرَيْتُكُمْ مَكَانَ الشَّجَرَةِ.
تَابَعَهُ الأَعْمَشُ، سَمِعَ سَالِمًا، سَمِعَ جَابِرًا: أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ.
4155 -
وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما: كَانَ أَصْحَابُ الشَّجَرَةِ أَلْفًا وَثَلَاثَمِائَةٍ، وَكَانَتْ أَسْلَمُ ثُمْنَ المُهَاجِرِينَ.
الثامن (1):
(ولو كنت أبصر)؛ أي: لأنَّه قد صار ضَريرًا في آخِر عمُره.
(تابعه الأعمش) وصلَه البخاري في (الأَشربة).
(وقال عُبيد الله بن مُعاذ) وصلَه أَبو نُعيم في "المُستخرَج".
(أسْلَم) بفتح اللام: قبيلةٌ.
(ثمن)؛ أي: كان مِن قَبيلتهم قَدْر ثُمُن المُهاجِرين.
* * *
4156 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ،
(1)"الثامن" ليس في الأصل.
عَنْ قَيْسٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مِرْدَاسًا الأَسْلَمِيَّ يَقُولُ -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ- يُقْبَضُ الصَّالِحُونَ الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ، وَتَبْقَى حُفَالَةٌ كَحُفَالَةِ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ، لَا يَعْبَأُ اللهُ بِهِمْ شَيْئًا.
التاسع:
(الأول فالأول) بالرفْع على الصِّفَة، أو البدَل، وبالنَّصب على الحال، نحو: ادخُلوا الأَوَّلَ فالأَوَّلَ، أي: مُترتِّبين، واغتُفر فيه الألف واللام؛ لأنَّ الحالَ ما يتخلَّصُ منه.
قال أبو البَقاء: وهل الحال الأوَّل، أو الثاني، أو المجموع منهما؟، خِلافٌ كالخلاف في: هذا حُلْوٌ حامِضٌ؛ لأنَّ الحالَ أصلُها الخبَر.
قال (ك): معناه الأَصلَح فالأَصلَح.
(حُفالة) بضم المهملة، وتخفيف الفاء، ومثلُه: حُثالَة، بالمثلَّثة، فالفاء والثَّاء يَتعاقَبان، كجَدَف وجَدَث، وفُوم وثُوم، أي: لا خيرَ فيهم، وقيل: الرذل من كلِّ شيءٍ.
(ولا يعبأ بهم)؛ أي: ليس لهم عند الله منزلةٌ.
وراوي هذا الحديث: مِرْداس بن مالك الأسْلَمي ممن بايَع تحت الشَّجَرة، وسكَن الكُوفة، وليس له سِوى هذا الحديث الواحِد، ولم يَروِه عنه غيرُ قَيس بن أبي حازِم، انفَرد البخاري بهذا الحديث عن الخمْسة.
* * *
4157 -
و 4158 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَا: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَامَ الحُدَيْبِيَةِ في بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الهَدْيَ وَأَشْعَرَ وَأَحْرَمَ مِنْهَا. لَا أُحْصِي كَمْ سَمِعْتُهُ مِنْ سُفْيَانَ حَتَّى سَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَا أَحْفَظُ مِنَ الزُّهْرِيِّ الإشْعَارَ وَالتَّقْلِيدَ، فَلَا أَدْرِي يَعْنِي مَوْضعَ الإشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ، أَوِ الحَدِيثَ كُلَّهُ.
العاشر:
(وأشْعر) الإشعار: هو أن يَضرِب صَفْحَة السَّنام اليُمنَى بحَديدةٍ، فيُلطِّخَها بالدَّمِ؛ ليُشعِر به أنه هَدْيٌ.
وتَقْليد البَدَنة: أنْ يُعلِّق في عنُقها شيئًا؛ ليُعْلَم أنها هَدْيٌ.
(لا أُحْصي كم) يحتمل أنْ يُريد: لا أُحْصِي كم مرةً سمعتُ هذا الحديث من سُفيان، ويحتمل: لا أُحصِي كم عددًا سمعتُ: أخمس مائةٍ، أم أربَع مائةٍ، أم ثَلاث مائةٍ.
* * *
4159 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ خَلَفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَآهُ وَقَمْلُهُ يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ:"أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ "، قَالَ: نعمْ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَحْلِقَ وَهْوَ
بِالحُدَيْبِيَةِ، لَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَحِلُّونَ بِهَا، وَهُمْ عَلَى طَمَعٍ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللهُ الفِدْيَةَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُطْعِمَ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، أَوْ يُهْدِيَ شَاةً، أَوْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.
الحادي عشر:
(فَرَقًا) بفتح الفاء، والراء، وقد تُسكَّن الرَّاء: مِكْيال يسَع ستَّةَ عشَر رِطْلًا.
(بين)؛ أي: مقسُومًا بين ستَّة مَساكين.
وسبق في (الحج)، في (باب: المُحصَر).
* * *
4160 -
و 4161 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِلَى السُّوقِ، فَلَحِقَتْ عُمَرَ امْرَأَةٌ شَابَّةٌ، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! هَلَكَ زَوْجِي وَتَرَكَ صِبْيَةً صِغَارًا، وَاللهِ مَا يُنْضِجُونَ كُرَاعًا، وَلَا لَهُمْ زَرْعٌ وَلَا ضَرْعٌ، وَخَشِيتُ أَنْ تَأْكُلَهُمُ الضَّبُعُ، وَأَنَا بِنْتُ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءَ الْغِفَارِيِّ، وَقَدْ شَهِدَ أَبِي الحُدَيْبِيَةَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَوَقَفَ مَعَهَا عُمَرُ وَلَمْ يَمْضِ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِنَسَبٍ قَرِيبٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَعِيرٍ ظَهِيرٍ كَانَ مَرْبُوطًا في الدَّارِ، فَحَمَلَ عَلَيهِ غِرَارَتَيْنِ مَلأَهُمَا طَعَامًا، وَحَمَلَ بَيْنَهُمَا نَفَقَةً وَثِيَابًا، ثُمَّ نَاوَلَهَا
بِخِطَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: اقْتَادِيهِ فَلَنْ يَفْنَى حَتَّى يَأْتِيَكُمُ اللهُ بِخَيْرٍ. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! أَكْثَرْتَ لَهَا، قَالَ عُمَرُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَاللهِ إِنِّي لأَرَى أَبَا هَذِهِ وَأَخَاهَا قَدْ حَاصَرَا حِصْنًا زَمَانًا، فَافْتَتَحَاهُ، ثُمَّ أَصْبَحْنَا نستَفِيءُ سُهْمَانَهُمَا فِيهِ.
الثاني عشر:
(ما يُنضجون به كراعًا) بضم أَوَّل الفِعل، أي: يطبُخون، والمعنى: لا كُراعَ لهم حتى يُنضِجُوه، أو لا كِفايةَ لهم في تَرتيب ما يأْكُلونه، أي: لا يقدرُون على الإنْضاج.
والكراع: ما دُون الكَعْب، والمراد: لا يكفُون أنفُسَهم خدمةَ ما يأْكُلونه، فكيف غيره؟!.
(ولا لهم ضرع)؛ أي: ليس لهم ما يحلبُونه، والضَّرع كنايةٌ عن النَّعَم.
(الضَّبُع) بفتح المعجمة، وضم الموحَّدة، وبالمهملة: السَّنَة المُجدِبة الشَّديدة.
(بنت خُفاف) بضم المعجمة، وتخفيف الأُولى.
(إيماء) بكسر الهمزة، وسُكون الياء، وبالمدِّ، وقيل: بفتح الهمزة، والقَصْر، ابن رَحْضَة، بفتح الراء، فالمهملة، فالمعجمة.
(الغِفاري) بكسر المُعجمة، وخفَّة الفاء، والراء.
(ظَهير)(1) بفتح المعجمة، أي: قويٍّ.
(غِرارتين) بكسر الغين، مثنَّى غِرارة، والجمْع غَرائِر: ما يُجعَل فيه التِّبْن ونحوه، قيل: إنَّه معرَّبٌ.
(نستفيء) نسَتَفعِل من الفَيء، أي: نطلُب الفَيءَ مِن سُهمانهما، أو نَسترجِع منهما، وفي بعضها:(نستَقِي) بالقاف.
(سهمانهما) بالمهملة، جمع: سَهم، وهو النَّصيب.
* * *
4162 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ أَبُو عَمْرٍو الْفَزَارِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ الشَّجَرَةَ، ثُمَّ أتيْتُهَا بَعْدُ فَلَمْ أَعْرِفْهَا. قَالَ مَحْمُودٌ: ثُمَّ أنسِيتُهَا بَعْدُ.
4163 -
حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: انْطَلَقْتُ حَاجًّا فَمَرَرْتُ بِقَوْمٍ يُصَلُّونَ، قُلْتُ: مَا هَذَا المَسْجدُ؟ قَالُوا: هَذِهِ الشَّجَرَةُ حَيْثُ بَايَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْعَةَ الرُّضْوَانِ، فَأَتَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ الشَّجَرَةِ، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنَ العَامِ المُقْبِلِ نسَينَاهَا فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهَا، فَقَالَ سَعِيدٌ:
(1)"ظهير" ليس في الأصل.
إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَعْلَمُوهَا وَعَلِمْتُمُوهَا أَنْتُمْ، فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ.
4164 -
حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا طَارِقٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَرَجَعْنَا إِلَيْهَا العَامَ المُقْبِلَ فَعَمِيَتْ عَلَيْنَا.
4165 -
حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ طَارِقٍ، قَالَ: ذُكِرَتْ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ الشَّجَرَةُ فَضَحِكَ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي وَكَانَ شَهِدَهَا.
الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر:
(فعميت)؛ أي: اشتَبهتْ، قالوا: سبَب خفائها أنْ لا يُفتَتن النَّاس بها؛ لمَا جرَى تحتها من الخيْر، ونُزول الرِّضْوان، فلَو بقِيَتْ ظاهرةً لخِيْفَ تعظيم الجُهَّال إِيَّاها، وعبَادتهم لها.
ورواية سعيد عن أبيه قال (ن): فيه ردٌّ على الحاكم أنَّ شرْط البخاري أنْ يَرويَ عن راوٍ له راويان؛ فإنه لم يَروِ عن أبي سَعيدٍ إلا سعيدٌ، ولعلَّه أراد من غير الصحابة.
* * *
4166 -
حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ-
قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَةٍ قَالَ: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ" فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى".
السادس عشر:
(بصدقة)؛ أي: زكاةٍ.
وسبق في (الزكاة)، في (باب: صلاة الإمام لصاحب الصَّدقة).
* * *
4167 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الحَرَّةِ، وَالنَّاسُ يُبَايِعُونَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْظَلَةَ، فَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: عَلَى مَا يُبَايعُ ابْنُ حَنْظَلَةَ النَّاسَ؟ قِيلَ لَهُ: عَلَى المَوْتِ، قَالَ: لَا أُبَايعُ عَلَى ذَلِكَ أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَكَانَ شَهِدَ مَعَهُ الحُدَيْبِيَةَ.
السابع عشر:
(يوم الحَرّة)؛ أي: مُقاتَلة عَسكَر يَزيد لأهل المدينة.
(لعبد الله بن حَنْظلة) بفتح المهملة، والمعجمة، وسُكون النُّون بينهما، كان يَأْخُذ البيعة من الناس ليَزيد بن مُعاوية.
(فقال ابن زيد) هو عبد الله بن زَيد بن عاصِم الأنْصاري، صاحبُ الوُضوءِ الذي قَتَل مُسيلِمة، وقُتِل هو يوم الحَرة، سنة ثلاثٍ وثلاثين.
* * *
4168 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْمُحَارِبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ- قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الجُمُعَةَ ثُمَّ نَنْصَرِفُ وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ نَسْتَظِلُّ فِيهِ.
الثامن عشر:
سبق في (كتاب الصلاة).
* * *
4169 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ بَايَعْتُمْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ؟ قَالَ: عَلَى المَوْتِ.
التاسع عشر:
واضح المعنى.
* * *
4170 -
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَقِيتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رضي الله عنهما فَقُلْتُ: طُوبَى لَكَ صَحِبْتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَبَايَعْتَهُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي! إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثْنَا بَعْدَهُ.
العشرون:
(ما أحدثنا بعده) قالَه إما هَضْمًا لنفْسه، وتواضُعًا، وإما نظَرًا إلى ما وقَع من الفِتَن بينهم رضي الله عنهم.
* * *
4171 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ هُوَ ابْنُ سَلَّامٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ بَايَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ الشَّجَرَةِ.
الحادي والعشرون:
واضح المعنى.
* * *
4172 -
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} قَالَ: الحُدَيْبِيَةُ، قَالَ أَصْحَابُهُ: هَنِيئًا مَرِيئًا، فَمَا لَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللهُ:{لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ} قَالَ شُعْبِةُ: فَقَدِمْتُ الكُوفَةَ فَحَدَّثْتُ بِهَذَا كُلِّهِ عَنْ قتَادَةَ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ} فَعَنْ أَنسٍ، وَأَمَّا هَنِيئًا مَرِيئًا فَعَنْ عِكْرِمَةَ.
الثاني والعشرون:
(فما لنا)؛ أي: فأيُّ شيءٍ لنا؟ وما حُكمنا فيه؟.
(له)؛ أي: لقَتادة.
(أمَّا: إنَّا فتحنا)؛ أي: تَفسيره بالحُدَيبِيَة، فأَرويه عن أنَس، (وأما هَنِيئًا مَرِيئًا)، فأَرويه عن عِكْرمة.
* * *
4173 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مَجْزَأَةَ بْنِ زَاهِرٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ -وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الشَّجَرَةَ- قَالَ: إِنِّي لأُوقِدُ تَحْتَ القِدْرِ بِلُحُومِ الحُمُرِ إِذْ ناَدَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَاكُمْ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ.
4174 -
وَعَنْ مَجْزَأَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ اسْمُهُ أُهْبَانُ بْنُ أَوْسٍ وَكَانَ اشْتكَى رُكْبَتَهُ، وَكَانَ إِذَا سَجَدَ جَعَلَ تَحْتَ رُكْبَتِهِ وِسَادَةً.
الثالث والعشرون:
(مَجْزَأة) بفتح الميم، وسُكون الجيم، وفتح الزاي، والهمزة، وتاء التأْنيث.
قال الغَسَّاني: والمُحدِّثون يُسهِّلون الهمْزة، ورُبَّما كسَر بعضُهم الميم، قال: وليس لزاهِرٍ في "الجامع" غيرُ هذا الحديث.
(إذ نادى) هذا النِّداء كان في غَزْوة خيبر لا في الحُديبِيَة.
قال (ك): الغرَض منه بَيان أنَّ زاهِرًا كان من أصحاب الحُديبِيَة
من غير تعرُّضٍ فيه لمكان النِّداء وزمانه.
(منادي) هو أَبو طَلْحة.
(منهم)؛ أي: من الصَّحابة.
(أُهْبان) بضم الهمزة، وسُكون الهاء، وبموحَّدةٍ، ونُونٍ: مُكلِّم الذِّئْب، نزل الكُوفة، وماتَ بها.
وفي بعضها: (وُهْبَان) بضم الواو، ابن أَوْس السُّلَمي.
قال الكَلابَاذي: روى عن أُهْبان مَجْزأَةُ حديثًا مَوقوفًا في عُمرة الحُديبِيَة.
* * *
4175 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيِّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ-: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَاُبهُ أُتُوا بِسَوِيقٍ فَلَاكُوهُ.
تَابَعَهُ مُعَاذٌ، عَنْ شُعْبَةَ.
الرابع والعشرون:
(تابعه مُعاذ) وصلَه الإِسْماعِيلي.
* * *
4176 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا شَاذَانُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: سَألْتُ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍ رضي الله عنه -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ-: هَلْ يُنْقَضُ الوِتْرُ؟ قَالَ: إِذَا أَوْتَرْتَ مِنْ أَوَّلِهِ فَلَا تُوتِرْ مِنْ آخِرِهِ.
الخامس والعشرون:
(ينقض الوتر) بالمعجمة، أي: إذا صلَّى مثلًا ثلاثَ ركَعاتٍ منه وناَمَ؛ فهل يُصلِّي بعد النَّوم شيئًا آخر منه مضافًا للأول؟، أو إذا صلَّى مرةً؛ فهل بعدَ النَّوم يُصلِّيه مرةً أُخرى؟.
* * *
4177 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسِيرُ في بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلًا، فَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا عُمَرُ، نَزَرْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ لَا يُجِيبُكَ، قَالَ عُمَرُ: فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامَ المُسْلِمِينَ، وَخَشِيتُ أَنْ يَنْزِلَ فِيَّ قُرْآنٌ، فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بِي، قَالَ: فَقُلْتُ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ، وَجِئْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: "لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيِّ اللَّيْلَةَ
سُورَةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَرَأَ:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} ".
السادس والعشرون:
(ثكلتك) دعاءٌ من عُمر على نفْسه لا على حقيقة الدُّعاء.
(نزرت) بتخفيف الزاي المفتوحة، أي: أَلْحَحْتُ عليه، وتُشدَّد أيضًا الزاي للمُبالغة، يُقال: فُلان لا يُعطي حتى ينزَّر عليه، أي: يُلَحَّ عليه، والنَّزْر: القِلَّة، ومنه النَّهر النَّزُور: القليل الماءِ.
قال الحافظ أبو ذَرٍّ الهرَوي: سأَلتُ مَن لقيتُه أربعين سنةً، فما قرأتُه قطُّ إلا بالتخفيف.
(نَشِبْت) بالكسر، أي: مَكثْتُ.
* * *
4178 -
و 4179 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ حِينَ حَدَّثَ هَذَا الحَدِيثَ، حَفِظْتُ بَعْضَهُ، وَثَبَّتَنِي مَعْمَرٌ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، قَالَا: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَامَ الحُدَيْبِيَةِ في بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ، وَأَحْرَمَ مِنْهَا بِعُمْرَةٍ، وَبَعَثَ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ، وَسَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى كَانَ بِغَدِيرِ الأَشْطَاطِ، أَتَاهُ عَيْنُهُ قَالَ: إِنَّ قُرَيْشًا جَمَعُوا لَكَ جُمُوعًا، وَقَدْ
جَمَعُوا لَكَ الأَحَابِيشَ، وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ البَيْتِ وَمَانِعُوكَ، فَقَالَ:"أَشِيرُوا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيَّ، أَتَرَوْنَ أَنْ أَمِيلَ إِلَى عِيَالِهِمْ وَذَرَارِيِّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّوناَ عَنِ البَيْتِ، فَإِنْ يَأْتُوناَ كَانَ اللهُ عز وجل قَدْ قَطَعَ عَيْنًا مِنَ المُشْرِكِينَ، وَإِلَّا تَرَكْنَاهُمْ مَحْرُوبِينَ"، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ! خَرَجْتَ عَامِدًا لِهَذَا البَيْتِ، لَا تُرِيدُ قَتْلَ أَحَدٍ وَلَا حَرْبَ أَحَدٍ، فَتَوَجَّهْ لَهُ، فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ. قَالَ:"امْضُوا عَلَى اسْمِ اللهِ".
السابع والعشرون:
(وثبّتني)؛ أي: جعلَني مَعْمَر ثابتًا فيما سمعتُه من الزُّهْري في هذا الحديث.
(عَيْنًا)؛ أي: الجاسُوس، وهو الرَّبِيئة الذي ينظُر للقَوم.
والمراد به هنا بُسْر بن سُفيان، بضم الموحَّدة، وسُكون المهملة، بن عَمْرو بن عُوَيمر الخُزاعي، أحد بني قُمَير، أسلَم سنة ستٍّ، وشهد الحُديبِيَة، قالَه الحافظان البَكْريُّ، والسُّهَيْليُّ.
(خُزاعة) بضم المعجمة، وخفَّة الزاي، وبمهملةٍ: قبيلةٌ.
(بغدير): مُجتمَع الماء.
(الأشطاط) بفتح الهمزة، وسُكون المعجمة، وبمهملتين: مَوضعٌ تِلْقاء الحُديبِيَة، قاله (ع)، وصاحبُ "المطالع" تبَعًا للبَكْري.
وعن أبي ذَرٍّ روايتُه بالمعجمتَين؛ وكذا قاله السُّهَيْلي في "الرَّوض".
(الأحابيش) قال ابن فارِس: جماعاتٌ من قَبائل شتَّى، واحدُهم: أُحبُوش، بمهملةٍ، فموحدةٍ، فمعجمةٍ.
قال الخَليل: إنهم أحياءٌ من القَارَة انضمُّوا إلى بني ليثٍ في محاربتهم قُريشًا قبل الإسلام.
وقال ابن دُريد: هم حُلَفاء قُريش تحالفوا تحت جبَلٍ يُسمى حُبْشًا، فسُموا بذلك.
(فإن يأتونا) كذا لأكثرهم مِن الإتْيان، وعند ابن السَّكَن:(باتُّونا) بموحدةٍ، وتشديد المثنَّاة، مِن البَتات بمعنى: قاطعونا بإظْهار المُحارَبة، والأول أظهَرُ هنا.
(عَيْنًا) ويروى: (عَنَقًا) بنونٍ، وقافٍ.
قال الخَليل: جاء القوم عُنُقًا عُنُقًا، أي: طَوائِف، والأَعْناق: الرُّؤساء.
قال (خ): المَحفوظ منه: (كان الله قد قطَع عنُقًا) بالقاف، أي: جماعةً من أهل الكفر، فيَقلُّ عددُهم، وتهِنُ بذلك قوَّتُهم.
(من المشركين) متعلِّقٌ بقوله: (قطع)، أي: إنْ يَأْتُونا كان الله قد قطَع منهم جاسُوسًا، يعني: الذي بعثَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، أي: غايتُه أنَّا كُنَّا كمَن لم يَبعث الجاسُوسَ، ولم يَعبُر الطَّريق، وواجَههم بالقِتال، وإنْ لم يأْتُونا نهبْنا عِيَالهم وأَموالَهم، وتركْناهم.
(محروبين) بمهملةٍ، وراءٍ، أي: مَسلُوبين مُنهزِمين، يُقال: حَربَه: إذا أَخذ مالَه، وتركَه بلا شيءٍ، وقد حُرب مالُه، أي: سُلِبَهُ،
فهو محروبٌ.
* * *
4180 -
و 4181 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ يُخْبِرَانِ خَبَرًا مِنْ خَبَرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في عُمْرَةِ الحُدَيْبِيَةِ، فَكَانَ فِيمَا أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا كَاتَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ عَلَى قَضِيَّهِ المُدَّةِ، وَكَانَ فِيمَا اشْتَرَطَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ: لَا يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا وَخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، وَأَبَى سُهَيْلٌ أَنْ يُقَاضِيَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا عَلَى ذَلِكَ، فَكَرِهَ المُؤْمِنُونَ ذَلِكَ وَامَّعَضُوا، فتكَلَّمُوا فِيهِ، فَلَمَّا أَبَى سُهَيْلٌ أَنْ يُقَاضِيَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا عَلَى ذَلِكَ، كَاتَبَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَدَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا جَنْدَلِ بْنَ سُهَيْلٍ يَوْمَئِذٍ إِلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَلَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إِلَّا رَدَّهُ فِي تِلْكَ المُدَّةِ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَجَاءَتِ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ، فَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أبي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهْيَ عَاتِقٌ، فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلْونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِي المُؤْمِنَاتِ مَا أَنْزَلَ.
4182 -
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ
رَضِيَ اللهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ مِنَ المُؤْمِنَاتِ بِهَذِهِ الآيَةِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ} . وَعَنْ عَمِّهِ، قَالَ: بَلَغَنَا حِينَ أَمَرَ اللهُ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرُدَّ إِلَى المُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقُوا مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَصِيرٍ، فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ.
الثامن والعشرون:
(وامّعضوا)؛ أي: بتشديد الميم، أصلُه: انمعَضُوا، فأُدغمَت النُّون في الميم، وهو في الأصل بالظَّاء المُشَالة.
ويُروى: (امتَعَضُوا)، أي: شَقَّ عليهم، وعَظُم، يُقال: مُعِض من شيءٍ سَمعه، وامتَعَض: إذا غَضِب، وشقَّ عليه، ويُروى:(اتعظُوا).
(جَنْدَل) بفتح الجيم، والمهملة، وسُكون النون بينهما.
(مُعيط) مُصغَّر: مَعَط، بمهملتين.
(أن أبا بصير؛ فذكره) إشارةٌ إلى حديثٍ مطوَّلٍ، تقدَّم آخر (كتاب الصُّلْح).
* * *
4183 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما خَرَجَ مُعْتَمِرًا فِي الفِتْنَةِ، فَقَالَ: إِنْ صُدِدْتُ عَنِ البَيْتِ صَنَعْنَا كمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ أَجْلِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ.
4184 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ أَهَلَّ وَقَالَ: إِنْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ لَفَعَلْتُ كمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ حَالَتْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ، وَتَلَا:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} .
4185 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا كَلَّمَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ. وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ بَعْضَ بَنِي عَبْدِ اللهِ قَالَ لَهُ: لَوْ أَقَمْتَ العَامَ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا تَصِلَ إِلَى البَيْتِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ دُونَ البَيْتِ، فَنَحَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَدَايَاهُ، وَحَلَقَ وَقَصَّرَ أَصْحَاُبهُ، وقَالَ:"أُشْهِدُكُمْ أَنِّي أَوْجَبْتُ عُمْرَةً"، فَإِنْ خُلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ البَيْتِ طُفْتُ، وَإِنْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَ البَيْتِ صَنَعْتُ كمَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: مَا أُرَى شَأْنَهُمَا إِلَّا وَاحِدًا، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ حَجَّةً مَعَ عُمْرَتِي، فَطَافَ طَوَافًا وَاحِدًا، وَسَعْيًا وَاحِدًا، حَتَّى حَلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا.
التاسع والعشرون، والثلاثون، والحادي والثلاثون، والثاني والثلاثون:
واضحة المعنى، وسبق ما يُفهم شرحَها مراتٍ.
* * *
4186 -
حَدَّثَنِي شُجَاعُ بْنُ الوَلِيدِ، سَمِعَ النَّضْرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا صَخْرٌ عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: إِنَّ النَّاسَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَسْلَمَ قَبْلَ عُمَرَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ عُمَرُ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ أَرْسَلَ عَبْدَ اللهِ إِلَى فَرَسٍ لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ يَأْتِي بِهِ لِيُقَاتِلَ عَلَيْهِ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُبَايعُ عِنْدَ الشَّجَرَةِ، وَعُمَرُ لَا يَدْرِي بِذَلِكَ، فَبَايَعَهُ عَبْدُ اللهِ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى الفَرَسِ فَجَاءَ بِهِ إِلَى عُمَرَ، وَعُمَرُ يَسْتَلْئِمُ لِلْقِتَالِ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُبَايعُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، قَالَ: فَانْطَلَقَ فَذَهَبَ مَعَهُ حَتَّى بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَهِيَ الَّتِي يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَسْلَمَ قَبْلَ عُمَرَ.
4187 -
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّاسَ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ تَفَرَّقُوا في ظِلَالِ الشَّجَرِ، فَإِذَا النَّاسُ مُحْدِقُونَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ! انْظُرْ مَا شَأْنُ النَّاسِ قَدْ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدَهُمْ يُبَايِعُونَ، فَبَايَعَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عُمَرَ فَخَرَجَ فَبَايَعَ.
الثالث والثلاثون:
(يستلئم)؛ أي: يَلبَس اللأمَة، أي: الدِّرْع.
(محدقون)؛ أي: مُحيطُون به.
فإنْ قيل: سبَق آخرَ (هجْرة النبيِّ صلى الله عليه وسلم للمدينة): أنَّ هذه القِصَّة كانتْ عند قُدوم عُمَر وعبد الله رضي الله عنهما، وهنا يقتضي أنه في الحُديبِيَة.
قيل: هذه غيرُ تلك، ولهذا قال هناك: كان إذا قيل: إنَّه هاجَر قبلَ أبيه يَغضَب، وهنا قال: يَتحدَّثون أن ابن عُمر أسْلَم قبل عُمر.
* * *
4188 -
حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْلَى، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهما، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ اعْتَمَرَ، فَطَافَ فَطُفْنَا مَعَهُ، وَصلَّى وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَكُنَّا نَسْتُرُهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ لَا يُصِيبُهُ أَحَدٌ بِشَيْءٍ.
الرابع والثلاثون:
واضح المعنى.
* * *
4189 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَصِينٍ قَالَ: قَالَ أَبُو وَائِلٍ: لَمَّا قَدِمَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ مِنْ صِفِّينَ أَتَيْنَاهُ نَسْتَخْبِرُهُ، فَقَالَ: اتَّهِمُوا الرَّأْيَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ وَلَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمْرَهُ لَرَدَدْتُ، وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، وَمَا وَضَعْنَا أَسْيَافَنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا لأَمْرٍ يُفْظِعُنَا إلا أَسْهَلْنَ بِنَا إِلَى أَمْرٍ نَعْرِفُهُ قَبْلَ هَذَا الأَمْرِ، مَا نَسُدُّ مِنْهَا خُصْمًا إِلَّا انْفَجَرَ عَلَيْنَا خُصْمٌ مَا نَدْرِي كَيْفَ نَأْتِي لَهُ.
الخامس والثلاثون:
(صِفّين) بكسر المهملة، والفاء المشدَّدة: موضعٌ بين العِراق والشَّام، قاتلَ فيه مُعاويةُ عليًّا رضي الله عنهما.
(اتهموا الرأي) لأنَّ سَهْلًا كان يُتَّهم بالتَّقصير في القِتال، فقال: اتَّهِموا رأْيَكم، فإنِّي لا أُقصِّر، وما كنتُ مقصِّرًا وقت الحاجة كما في الحُديبِيَة؛ فإنِّي رأيتُ نفْسي يومئذٍ بحيث لو قَدرتُ مخالفةَ حُكم رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتَلْتُ قِتالًا لا مَزيدَ عليه، لكنِّي أتوقَّف اليوم لمَصلحة المسلمين.
وإنما أُضيف اليَوم لأبي جَنْدل؛ لأنَّه في ذلك اليوم رَدَّه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى أبيه، فشَقَّ عليهم ذلك.
(يفظعُنَا) يقال: فظَعَهُ الأمرُ، وأَفظَعه: اشتَدَّ عليه، وثَقُل.
(أسهل بنا)؛ أي: أفْضَى بنا إلى سُهولةٍ.
(قبل) ظرفٌ لقوله: (وَضعنا).
(هذا الأمر)؛ أي: مُقاتَلة عليٍّ ومُعاوية.
(ما نشد منه)؛ أي: من هذا الأمر، وفي بعضها:(منها).
(خُصْمًا) بضم المعجمة، وسُكون المهملة: الجانِب، وأصلُه خُصْم القِرْبة وهو طرَفها، ولهذا استعارَهُ هنا مع ذِكْر الانفِجار كما يَنفجِر الماءُ من نواحي القِربَة، وقيل: الحبْل الذي يُشدُّ به الأَحمال، أي: ما يُلفَّق منها حبْلٌ إلا انقطَع آخَر.
وهذا قالَه سهلٌ يوم صِفِّين لمَّا حكم الحكَمان، وأراد الإخْبار عن انتِشار الأمر وشِدَّته.
وتقدَّم الحديث آخر (الجهاد).
* * *
4910 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ ابْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: أَتَى عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ وَالقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ:"أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسكَ؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:"فَاحْلِقْ وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ انْسُكْ نَسِيكَةً". قَالَ أَيُّوبُ: لَا أَدْرِي بِأَيِّ هَذَا بَدَأَ.
4191 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالحُدَيْبِيَةِ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ، وَقَدْ حَصَرَناَ المُشْرِكُونَ، قَالَ: وَكَانَتْ لِي وَفْرَةٌ فَجَعَلَتِ الهَوَامُّ تَسَّاقَطُ عَلَى وَجْهِي، فَمَرَّ بِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسكَ؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} .