الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السابع عشر:
(يسمعون)؛ أي: الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم، أو القائلَ: وَجَدْنا ما وعَدَنا ربُّنا حقًّا، للكفار حين يتمكَّنون يوم القيامة في مَقاعدهم من النَّار، قال تعالى:{وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 44].
ووجه التعريض بأنه لم يقُل هذا الكلام زمانَ كونهم في القَليب، وإنما يُقال يوم القيامة، أي: القول المراد به في ذلك اليوم الحقيقة، وأما هذا فكان قولًا مجازيًّا، والله أعلم.
* * *
9 - بابُ فَضْلِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا
(باب فَضْلِ مَن شَهِدَ بدْرًا)
3982 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ: أُصِيبَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ وَهْوَ غُلَامٌ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّي، فَإِنْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ أَصْبِرْ وَأَحْتَسِبْ، وَإِنْ تَكُ الأُخْرَى تَرَى مَا أَصْنَعُ، فَقَالَ:"ويحَكِ! أَوَ هَبِلْتِ أَوَ جَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ؟ إِنَّها جِنَانٌ كثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ فِي جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ".
الحديث الأول:
(تر) في بعضها: (تَرى)، وهو مثل:{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ} ، بالرفْع في قراءة قُنْبل، على حذف الفاء، كأنَّه قيل: فيدركُكم.
(أو هبلت) الهمزة للاستفهام، والواو للعطْف على مقدَّرٍ، وهو بالنِّداء للفاعل، أو للمفعول، من قولهم: هبَلَتْه أُمُّه، أي: ثَكِلتْه، وهبَلَه اللَّحم، أي: غلَب عليه، والهابِل: التي ماتَ ولدُها.
قال (ع): وليسى على حقيقته، وإنما المعنى: أَفقَدتِ خَيْرك وعقلكِ مما أصابكِ من الثَّكَل بابنك حتى جهلتِ صفَة الجنة؟.
وقال (ش): قيَّده بعضُهم بفتح الموحَّدة، ولا يصحُّ.
(أو جنة) الهمزة للاستِفهام، والواو عاطفةٌ مفتوحةٌ.
(الفردوس) هو أَوسَط الجنَّة، وأَعلاها، ومنه تتفجَّر أنهار الجنَّة.
وسبَق في أوائل (الجِهاد)، وما فيه من الاختِلاف.
* * *
3983 -
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ حُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعْدِ بنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبَا مَرْثَدٍ وَالزُّبَيْرَ، وَكُلُّنَا فَارِسٌ، قَالَ: "انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ،
فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةً مِنَ الْمُشْرِكينَ مَعَهَا كِتَابٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكينَ"، فَأَدْركْنَاهَا تَسِيرُ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا حَيْثُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْنَا: الْكِتَابُ، فَقَالَتْ: مَا مَعَنَا كِتَابٌ، فَأَنَخْنَاهَا فَالْتَمَسْنَا فَلَمْ نَرَ كِتَابًا، فَقُلْنَا: مَا كَذَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لنجَرِّدَنَّكِ، فَلَمَّا رَأَتِ الْجدَّ أَهْوَتْ إِلَى حُجْزَتِهَا وَهْيَ مُحْتَجزَةٌ بِكِسَاءٍ فَأَخْرَجَتْهُ، فَانْطَلَقْنَا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ! قَدْ خَانَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِي فَلأَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ ". قَالَ حَاطِبٌ: وَاللهِ مَا بِي أَنْ لَا أكُونَ مُؤْمِنًا بِاللهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلَّا لَهُ هُنَاكَ مِنْ عَشِيرَتِهِ مَنْ يَدْفَعُ اللهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "صَدَقَ، وَلَا تَقُولُوا لَهُ إِلَّا خَيْرًا"، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِي فَلأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ: "أليْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ؟ "، فَقَالَ: "لَعَلَّ اللهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئتمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ، أَوْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ"، فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ، وَقَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
الثاني:
(خاخ) بمعجَمتين: مَوضِعٌ.
(امرأة) هي سارة، بمهملة وراء.
(حاطب) بمهملتين.
(بَلْتَعة) بفتْح الموحَّدة، وسُكون اللام، وفتح المثنَّاة، وبمهملةٍ: اللَّخْمِي، بفتح اللام، وسُكون المعجَمة، من أهل اليمَن.
(الكتاب) نصب بفعلٍ مقدَّرٍ، أي: أَعطِي، أو هاتي، أو أَخرِجي.
(ما معي)؛ أي: ما مُصاحبي، وفي بعضها:(ما معنا)، مشتقٌّ من العِناية.
(حجزة) حُجْزة الإزار: مَعْقِده، وحُجْزة السَّراويل التي فيها التِّكَّة، واحتجز الرجلُ بإزاره: إذا شدَّهُ على وسطه.
(إلا أكون) استثناءٌ، أو بفتح الهمزة، بتقدير: أنْ لا أكون.
(القوم)؛ أي: المشركين.
(يد)؛ أي: مِنَّةٌ، ونعمةٌ.
ولا منافاة بين هذا وبين ما سبق في (الجهاد)، وفي (باب: الجاسوس): أنه بعثه والمقداد، والزُّبَير، وأنها أخرجتْه من العقاص؛ لاحتمال أنه بعَث الأربعة.
وأما الحُجْزة فإنها المَعْقِد مُطلَقًا، وأجوبةٌ أُخرى سبقت في (الجهاد)، في (باب: إذا اضطُرَّ).
(لعل) قال (ن): معنى الترجِّي فيه راجعٌ إلى عُمر؛ إذ وُقوعه عند الرسول صلى الله عليه وسلم محقَّقٌ، وأوثر على التحقيق بعْثًا له على التأمُّل، ومعناه: الغُفران لهم في الآخرة، وإلا، فلو توجَّه على أحدٍ منهم حدٌّ مثلًا يُستوفَى منه.