المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

السهم المقتل قبل سقوطه في الماء، إن نفذه فيه لم - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٢

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[باب الخلطة في الزكاة]

- ‌[باب الرقيق]

- ‌[باب الغارم]

- ‌(باب ابن السبيل)

- ‌[باب زكاة الفطر]

- ‌[كتاب الصيام]

- ‌(باب في شروط الوجوب في رمضان)

- ‌(باب في شرط صحة الصوم)

- ‌(باب فيما يثبت به شهر رمضان وغيره)

- ‌(باب صوم يوم الشك)

- ‌[باب في مبطل الصوم]

- ‌[باب في موجب القضاء لرمضان]

- ‌[باب زمن قضاء الفطر في رمضان]

- ‌[باب في موجب الكفارة في ($) رمضان]

- ‌[باب في قدر كفارة العمد للفطر في رمضان]

- ‌كتاب الاعتكاف

- ‌[باب ما يجب به خروج المعتكف من المسجد]

- ‌[باب مبطل الاعتكاف]

- ‌[باب ما يوجب ابتداء كل الاعتكاف]

- ‌[باب الجوار في الاعتكاف]

- ‌[كتاب الحج]

- ‌[باب فيما يجب الحج به وما يصح به]

- ‌[باب الاستطاعة في الحج]

- ‌[باب في مسقط وجوب الحج]

- ‌[باب شروط الحج على المرأة]

- ‌[باب إحرام الحج]

- ‌[باب ما ينعقد به إحرام الحج]

- ‌[باب فى العمرة]

- ‌[باب الإفراد في الحج]

- ‌[باب القران]

- ‌[باب المتعة]

- ‌[باب المراهق]

- ‌[باب الرمل]

- ‌[باب في الوقوف الركنى]

- ‌[باب وقت أداء جمرة العقبة]

- ‌[باب أول وقت الرمي]

- ‌[باب ما يقع به التحلل الأصغر]

- ‌[باب فوت رمي جمرة العقبة]

- ‌[باب التحلل الأكبر من الحج]

- ‌[باب طواف الصدر]

- ‌[باب مفسد العمرة]

- ‌[باب ممنوع الإحرام]

- ‌[باب دماء الإحرام]

- ‌[باب إشعار الإبل بسنامها]

- ‌[باب الطول والعرض في الإبل والحيوان]

- ‌[باب محل ذكاة الهدي الزماني]

- ‌[باب محل ذكاة الهدي المكاني]

- ‌[باب الأيام المعلومات]

- ‌[كتاب الصيد]

- ‌[باب شرط الصائد فيما تعذرت ذكاته في البر]

- ‌[باب رسم المصيد به]

- ‌[باب المصيد]

- ‌[كتاب الذبائح]

- ‌[باب معروض الذكاة]

- ‌[باب آلة الصيد]

- ‌[باب الذكاة]

- ‌[باب مقطوع الذكاة]

- ‌[باب دليل الحياة في الصحيح]

- ‌[باب في المريضة المشرفة للموت]

- ‌[باب في دليل استجماع حياة المريضة]

- ‌[باب المقاتل]

- ‌[باب في الجنين الذي تكون ذكاته بذكاة أمه]

- ‌[كتاب الأضاحي]

- ‌[باب المأمور بالأضحية]

- ‌[باب فيمن يشرك في ثواب الأضحية]

- ‌[باب أيام الذبح]

- ‌[باب في وقت الذبح]

- ‌[باب العقيقة]

- ‌[كتاب الأيمان]

- ‌[باب فيما تصح فيه اليمين شرعا اتفاقا]

- ‌[باب فيما يوجب الكفارة باتفاق]

- ‌[باب في لغو اليمين والغموس]

- ‌[باب صيغة اليمين]

- ‌[باب فيما تتعدد فيه الكفارة]

- ‌[باب فيما تتحد فيه الكفارة]

- ‌[باب فيما يتعدد به موجب الحنث كفارة أو غيرها]

- ‌[باب في شرط الاستثناء بمشيئة الله]

- ‌[باب الثنيا]

- ‌[باب المحاشاة]

- ‌[باب في يمين البر والحنث]

- ‌[باب الكفارة]

- ‌[باب الطعام]

- ‌[باب الكسوة]

- ‌[باب في شروط الرقبة]

- ‌[باب فيما يوجب النية في اليمين مطلقاً]

- ‌[باب في شرط النية]

- ‌[باب في البساط]

- ‌[باب فيما يوجب الحنث في تعذر المحلوف علي فعله]

- ‌[باب ما لا يتعلق باليمين بالمحلوف عليه دائمًا]

- ‌[باب فيما يوجب تعلق اليمين بالمحلوف عليه]

- ‌[باب النذر]

- ‌[باب في شروط وجوب النذر]

الفصل: السهم المقتل قبل سقوطه في الماء، إن نفذه فيه لم

السهم المقتل قبل سقوطه في الماء، إن نفذه فيه لم يؤكل.

ولو رمى صيده في الجو أو الجبل فسقط ميتًا منفوذ المقتل؛ ففيها: أكل، وغير منفوذ.

قال ابن حارث: اختلف ففيه، فذكر قول ابن القاسم فيها: لا يؤكل.

قال: وقال أشهب: لو قال قائل يؤكل كان قولًا؛ لأن الموت من الرمية.

قال يحيى بن عمر: أنكر سحنون قول أشهب.

[باب المصيد]

المصيد: تقدم في الرسم، وناد النعم في كونه كوحش أو مقدور عليه؛ ثالثها: البقر؛ لأن لها فيه أصلًا؛ لتخريج اللخمي على الوحش لعلة العجز عنه، وعلى قول ابن حبيب في النعم يعجز عن ذكاتها بسقوطها في مهواة يطعنها حيث أمكن.

ص: 288

وفرق ابن رشد مع المازري: بتحقق الفور، ولم يتعرضا لعلة العجز؛ فلعله لوضوح الفرق بين الأصل والطارئ والمشهور، وابن حبيب قائلًا: لا باس أن تعرقب غير البقر وتعقر عقرًا لا يبلغ مقتلًا ثم تذكى.

ونقض التونسي قوله: لا يلحق غير البقر بها؛ بقوله في الساقط في المهواة: بجامع العجز عن ذكاتهما.

وقو ابن عبد السلام: في الفرق نظر، لأن البعير الناد أقوى شبهًا بالوحش من الساقط؛ يرد بان العلة العجز لا التوحش، ولذا لو حصل الوحش بعد الإرسال بحيث يقدر عليه بلا مشقة صار كالنعم، فغن كانت العلة العجز تم الفرق.

والوحش يتأنس كالنعم، وكذا لو عجز أو حل بعد الإرسال بحيث يقدر عليه بلا مشقة، وبخلاف قتيل مرسل ثان أمسكه الأول بعد إرساله؛ لنص كتاب محمد في الأول، وأصبغ في الثاني.

وخرج اللخمي قول أحدهما في الأخرى بناء على اعتبار المال أو وقت الإرسال، ورده المازري بعدم الثقة بدوام إمساكه، وترجح ابن بشير في صحة التخريج، ورده بالفرق المذكور.

وعبر ابن الحاجب بان دوام إمساكه موهوم، فرده ابن عبد السلام بأنه مظنون، قال: والظن في الأحكام الشرعية كالقطع، وحققه بأنه لو أرسل الثاني بعد إمساك الأول لما أكل.

قلت: تفسيره بالموهوم إن قصد به نقل رد فليس كذلك، وإن قصد كونه من عنده؛ فإن أراد مطلق إمساكه فغير صادق بل هو مشكوك فيه وبه يرد دعوى ابن عبد السلام أنه مظنون، واستدلاله بعدم أكله لو أرسل الثاني بعد حبسه الأول، يرد بأن الشك في موجب ذكاة الصيد يحرمه، وإن أراد دوام إمساكه دون قتل من الأول والثاني حتى يصل إليه صائده فيذكيه كما في مسألة محمد فصادق وعليه يجب حمله فيتم.

وقول ابن عبد السلام: المظنون كالمتحقق؛ يرد بأنه في الظن المتعلق بعين الحكم الشرعي لا بسببه ضرورة الفرق بين ظن حل لها في الحوت وظن كون المصيد هو المرسل عليه.

ص: 289

الشيخ عن كتاب محمد، والعتبي عن أصبغ: ما اضطره الجارح لحفرة لا خروج له منها، أو انكسر رجله فكنعم.

محمد: وكذا ما بجزيرة صغيرة يتأتى أخذه منها.

العتبي عن أصبغ: ما بالغار والغيضة والفراخ بوكر شاهق يخاف العطب في نيله ولا حيلة في طرحه برمح ونحوه كوحش.

اللخمي: قتيل جارحي مرسل واحد أرسلهما معًا كقتل جارح واحد، ولو قتله تقدم، والمرسلان على التعاون والشركة كواحد، وعلى استقلال كل عن الآخر إن استقل جارح بقتله فلربه، ولو تأخر إرساله، وإن استويا في إدراكه وقتله فبينهما، وإن حبسه أحدهما وقتله الآخر طرح وضمنه رب القاتل إن كان المرسل الثاني.

المازري: إن جهل الثاني إرسال الأول، وكان قبل إمساكه لم يضمنه؛ لأنه جبار، وظاهر قول اللخمي: يضمنه، ولو كان كذلك فجعل الأول كمستحق له بسبق إرساله، ويلزمه لو أمسكه الثاني عن الفرار وقتله أن يختلف في أكله كقتله ما سقط بحفرة، والمحرم أكله صيده له مثله.

اللخمي: صيد الخنزير لأكله غير مضطر حرام، ولمضطر.

قال الوقار: يستحب ذكاته.

قلت: فيه نظر؛ لأن الرخصة تعلقت به من حيث كونه ميتة لا من حيث ذاته، وتذكية الميتة لغو.

اللخمي: وصيده لقتله جائز؛ لقول مالك: يجوز قتله أبدًا.

قلت في ولائها: من ورث من عبده النصراني خنزيرًا سرحه.

اللخمي: والأسد والنمر والفهد والذئب على حرمتها مثله إلا أن ينوي الانتفاع بجلده فينوي ذكاته، ورده ابن بشير بأن ذكاتها لجلودها إنما هو على كراهتها؛ يرد بان ظاهرها تحريمها مع قول مالك فيها: إذا ذكيت جاز لبس جلودها والصلاة عليها.

ابن القاسم: وفيها.

اللخمي: وعلى كراهتها يكره رميها للأكل ويجوز للقتل.

ص: 290

قال: والثعلب والضبع أخف منها، له رميها بنية الذكاة أو دونها.

ابن بشير: قوله: (أو دونها) إن أراد لخوف إذايتها فظاهر، وإلا فلأي شيء تقتل، وشرط النية تعلقها بذكاته.

الشيخ عن كتاب محمد: من رمى صيدًا لينفره من محله لا لصيده فكنعم ونحوه، وسمع ابن وهب، وروى محمد، وقال ابن حبيب: ما رؤاه إن نواه من حيث إنه مباح كفى.

قلت: لا أعلم فيه خلافًا لأخذه ابن عبد السلام من كلام ابن الحاجب: وإن نواه من نوع بان خلافه فقولان؛ لنقل الشيخ عن أشهب: من رمى غرابًا بان أنه غيره أكل، وعن أصبغ: من رمى تيتلا فإذا هو ظبي لم يؤكل.

وصوب التونسي الأول، قال: وانظر لو أراد ذبح كبش فذبحه فإذا هو نعجة، والأصوب أكله، وأشار المازري لجري القولين على الخلاف الأصولي في كون الجهل بالصفة جهلًا بالذات، أو لا يدل على أنه خلاف حقيقي، وقال ابن بشير: هما خلاف في حال إن لم يخص نية ذكاته بعينه أكل، وإلا فلا.

قلت: لا يعترض قوله: (وإلا فلا) بصحة الوضوء لصلاة بعينها دون غيرها للمزومية صحته لغيرها، ضرورة أن نية رفع الحدث عنه في معينة على القول بصحة الوضوء يرفعه عنه ضرورة، وكلما أرتفع لم يعد إلا أن يحدث ثانيًا، ولا لزوم بين نية ذكاة معين ونية ذكاة غيره، وللمسألة شبه بمسألة ناصح ومرزوق في عتقها الأول، فاعتبرها بها.

وفيها: لو رمى حجرًا أو سبعًا أو خنزيرًا فإذا هو صيد لم يؤكل، ولو رمى سبعًا لذكاه جلده فإذا هو ظبي؛ ففي جواز أكله نقلا عبد الحق عن شيوخه وصوب طرحه، ولم يحك أبو حفص غيره، وجعلها التونسي مسألة نظر، وخرج المازري القولين على القولين في تبعيض الذكاة.

ولو نوى غير ما رأى بجهة معينة، فطريقان:

اللخمي: ما بغيضة أو غار أو وراء أكمة إن كان بها صيد في حله بقتله وكونه كنعم قولا مالك وسحنون مع أشهب.

ص: 291

الباجي: ما لا يختلط به غيره كالغار المشهور أكله ومنعه أشهب، وما قد يختلط غيره به كالغيضة والحدقة.

أصبغ: يؤكل، ومنعه ابن القاسم.

وسمع ابن القاسم: من أرسل بازه على ما اضطرب إليه لرؤيته إياه دون مرسله لا أحب أكل؛ لاحتمال أنه غيره، إلا أن يوقنه برؤية غير مرسله أنه هو، أو بعدم طيران طير غيره من محله.

ابن رشد: هذا إن نوى ما اضطرب إليه فقط، ولو نواه وغيره أكل؛ لقولها: إن نوى جماعة وما وراءها مما لم يره أكل الجميع، ولرواية محمد: من أرسل كلبه لإحداد نظره والتفاته يمينًا وشمالًا أكل ما أخذ، وهذا أظهر من حمل بعضهم سماع ابن القاسم خلافها، ووفاق قول سحنون وأشهب، وقال اللخمي: في مسألة محمد أجازه مالك مرة وكرهه أخرى.

وقول ابن الحاجب: ولو أرسله ولا ظن صح على المشهور؛ يريد: مسألة الغيضة، وما ذكر معها لشهرة ذكرها، وتفسيره ابن عبد السلام بمرئي مباح جهل جنسه بعيد؛ لعدم وجود مقابل المشهور فيه، بل سماع ابن القاسم في الطائر نص بإباحته.

اللخمي: المرسل على متعدد إن نوى معينًا منه فغيره كنعم، وإن نوى واحدًا لا بعينه فالثاني كنعم، فلو شك في الأول منهما فكلاهما كنعم، وإن نوى أكثر من واحد فأخذ أكثر منه بسهم أكلا، وبغيره ثالثها: إن كان شغله بأخذ الأول يسيرًا لابن القاسم مع ابن وهب، ومالك ومحمد واللخمي، وما أمكنت ذكاته فكنعم، وإلا كفى جرحه.

اللخمي: في أكل ما مات بضرب سيف أو تنييب دون جرح أو بصدم قولا أشهب وابن القاسم.

قلت: عزا ابن شعبان قول أشهب لابن وهب معه.

عياض: ومماسته كصدمة.

قلتك الذي في النوادر عنه، نطحها كصدمها، وقول عياض:"ظاهر الكتاب إن نيبته ولم تدمه أكل مع قوله ثانيًا: لا يصح تنييب إلا بإدماء وإن قل، وهو مقتضى قوله في الكتاب: إن لم تنيبه لم يؤكل "متناقض.

ص: 292

وقول التونسي: قال ابن القاسم: لو كدمته أكل بخلاف الصدم، ظاهره وإن لم تدمه.

قال: ولم يذكروا خلافًا مات يجري من طلب الكلب، وفيه نظر.

وفيها: إن لم ينفذ الجارح مقتله وقدر على خلاصه منه، أو عجز وقدر على ذكاته تحته لم يؤكل إلا بها، فلو زهقت نفسه قبل إمكانها أكل إن نيبه، ولو ذكاه وهو ينهشه قادرًا على خلاصه منه لم يؤكل.

ابن القاسم: إلا أن يرقن موته بذكاته، فحمله ابن رشد على خلاف قول مالك.

وفيها: إن شغله عن ذكاته إخراج آلتها من خرجه أو انتظار من هي معه لم يؤكل، وسمع ابن القاسم: إن بادر لإخراجها من حزامه.

محمد: أو من خفه فمات الصيد أكل.

اللخمي عنه: وكذا لو مات في قدر ما لو كانت شفرته بيده لم يدرك ذكاته.

قلت: يريد: وكذل لقدر ما يخرجها من خفه أو حزامه، وأجراها المازري على قولي الأصوليين في تكفير من مات بعد بلوغه تاركًا للنظر في زمن لا يسعه، وكونه في الجنة على المشهور في الصبيان بناء على اعتبار تركه أو ماله، وعلى قولي الفقهاء بكفارة من أفطرت في رمضان لاعتقاد حيضها في يومها ثم حاضت فيه ونفيها.

وفيها: إن أنفذ مقتله فحسن فري أوداجه.

الحلقوم: وكذا الحلقوم إن فرى الجارح أوداجه، وظاهر قول عياض اختصاص ذلك بالودجين لخروج الدم منهما دون الحلقوم، وهو ظاهر قولها: إن أفراهما الجارح فقد فرغ من ذكاته، فيجب أتباع الصيد لاحتمال إدراك ذكاته.

فيها: إن توارى عنه فوجده قتيلًا به أثر جارحه أو سهمه أكل ما لم يبت، وإن أدركه آخر نهاره.

زاد في سماع يحيى ابن القاسم: إن لم يجد قربه صيدًا ثانيًا يشككه في المرسل عليه منهما.

اللخمي: هذا إن كانا قتيلين، ولو وجد احدهما حيًا أكل القتيل؛ إلا أن يتنزه عنه في الجارح لا السهم، لانتفاء احتمال الانتقال عن المرسل عليه لغيره، ولو وجد سهمه

ص: 293

فيه أو كلبه عليه، أو عرف المرسل عليه أكل وإلا فلا، رواه ابن حبيب.

المازري: إن وجد كلبه متعلقًا به وذلك بعد طول، وأشار بعض أصحابنا إلى اختلاف فيه لاحتمال كونه غير المرسل عليه.

قلت: ظاهره ولو كان جادًا في إتباعه، قال: وروى ابن القصار ما يدل على استباحته وإن لم يتبعه، قال: ومن قال هذا رأى العقر ذكاة فلا يبطل باحتمال؛ ولحديث البهزي المخرج في الصحيح: أنه صلى الله عليه وسلم مر بظبي حاقف فيه سهم؛ فقال البهزي: إنه سهمه، فلم يسأله صلى الله عليه وسلم هل كان يتبعه أو ترك إتباعه اختيارًا.

وفيها: إن رجع عن إتباعه ثم وجده من يومه قتيلًا لم يؤكل؛ لاحتمال إدراك ذكاته لوتبعه.

اللخمي: هذا إن وجده غير منفوذ، ولو وجده منفوذًا؛ فإن كان برمي أكل، وبجارح طرح، إلا أن يعلم أن الجارح بقتله سريعًا لقوته وضعف الصيد.

الشيخ عن أصبغ: أو كان أنفذه قبل رجوعه عنه، ولو بات ووجده ميتًا غير منفوذ.

ابن رشد: يطرح اتفاقًا.

قلت: وقاله ابن حارث، وزاد قال ابن القاسم: ليس السهم كالجارح؛ لأن سهمه يعرفه.

اللخمي: الصواب رواية ابن القصار: لا بأس بأكله في السهم والجارح، ولو رجع عن إتباعه اختيارًا.

المازري: ظاهر قول مالك في الموطأ كراهتهن ثم ذكر رواية ابن القصار.

قلت: ففي أكله، ثالثها: في السهم، ورابعها: يكره، وفي المنفوذ، ثالثها: في غير السهم، ورابعها: يكره لابن القاسم قائلًا فيها: لم أجد لمالك فيه حجة أكثر من أنه السنة مع محمد عن أشهب، وللخمي عن ابن الماجشون مع الصقلي عن ابن حبيب،

ص: 294

ونقله عن أشهب وابن عبد الحكم، والباجي عن رواية ابن القصار، واللخمي عن محمد مع الصقلي عنه، مع أصبغ قائلًا: لم أجد رواية ابن القاسم طرحه في كتاب السماع ولا في رواية غيره، فهي منه وهم، أو عن بلاغ ضعيف، واللخمي عن رواية أشهب مصوبًا رواية ابن القصار المتقدمة.

وقول ابن الحاجب في قول مالك: تلك السنة عورض بنقل خلافه وانفراده.

أما نقل خلافه فثابت لرواية الصحيحين في حديث عدي: ((فغن غاب عنك يومًا فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت))، ورواية مسلم في حديث أبي ثعلبة قال صلى الله عليه وسلم:((كل ما ردت عليك قوسك ذكيا أو غير ذكي)).

قال: وإن تغيب عني؟

قال: ((وإن تغيب عنك، ما لم يضل أو تجد فيه أثرًا غير سهمك))، ورواية النسائي في حديث عدي: قلت يا رسول الله إنا أهل صيد وإن أحدنا يرمي الصيد فيغيب عنه الليلة أو الليلتين فيتبع الأثر فيجده ميتًا.

قال: ((إذا وجدت السهم فيه ولم تجد فيه أثر سبع وعلمت أن سهمك قتله فكله))، وكذا انفراده لعدم وجود روايته غيره.

وقول ابن عبد السلام: أما انفراده به فغير صحيح؛ لذكر أبي داود عن أبي رزين قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بصيد، فقال: إني رميته من الليل فأعياني ووجدت سهمي

ص: 295

فيه من الغد وقد عرفت سهمي، فقال:((الليل خلق من خلق الله عظيم لعله أعانك عليه شيء انبذها عنك))، وقريب منه في بعض طرق عدي بن حاتم؛ يرد بأن الكلام في المسند، وقوله: وقريب منه في بعض طرق عدي؛ لا أعرفه، بل نصه: أو ظاهره خلافه.

وقول ابن رشد، قول ابن عباس: ما أصميت فكل، وما أنميت فلا تأكل. أظنه مرفوعًا لا يثبت به كونه مسندًا.

ابن القاسم: الإصماء ما لم يبت، والإنماء ما بات.

ولم أجد نقل معارضة قول مالك لغير ابن الحاجب؛ بل نقلوا معارضة أصبغ لرواية ابن القاسم بانفراده بها، ونقل غيره من الرواة خلافها.

ولو ترك مار بصيد قادر على ذكاته ذكاته؛ فقال اللخمي عن محمد: الذي سمعت طرحه، ونقله الصقلي عنه مع روايته، ونقله ابن محرز كأنه المذهب.

زاد التونسي: وفيه بعد؛ لعجز ربه عن ذكاته وغيره لا يلزمه، بل يقال له قتلته فعليك قيمته.

قلت: إنما ألزموه ذكاته حيث يخاف موته، وهو مظنة لفعل الجارح به ما يصدق مذكيه في خوف موته.

(؟؟؟؟؟؟؟؟)

ابن محرز: فيه نظر، ومقتضى قول التونسي نفيه.

اللخمي: كان يتنازع في تضمينه، ونفيه أحسن، ولو كانت شاة كذلك فواضح؛ لخوف تكذيبه في خوف موتها فيضمنها.

المازري: جنح بعضهم لتضمينه؛ لأنه مال مسلم قدر على صونه عن التلف فتركه.

ابن بشير: المنصوص تضمينهن قاله محمد، ويجري في المذاكرات جريه على قولين في الترك، هل هو فعل فيضمن، أو لا فلا؟

ص: 296

وأشار إليه ابن محرز.

قلت: لم يشر ابن محرز إلى أن الترك فعل بحاٍل، بل إلى كونه موجبًا للضمان فقط، ولا أعلم قولًا بأن الترك فعل، بل اختلف المذهب في حكم الحاكم إذا كان متعلقة تركًا وعدمًا، هل يوجب الحكم باحترامه كما إذا كان متعلقة فعلًا أو لا؟

وفرق بين كون الترك فعلًا وكون حكمه كذلك.

واختلف الأصوليون في صحة التعليل بالعدم الإضافي، وفي كون متعلق النهي فعل الضد أو مجرد الترك.

نقلا ابن التلمساني عن أكثر المعتزلة مع بعض أصحابنا، والغزالي مع أبي هاشي قائلً: ليس الترك فعلًا بحال؛ لأنه تعالى موصوف به أزلًا ولا فعل أولًا.

قال ابن التلمساني: تسمية الباري تاركًا إن أراد مجرد نفي الفعل فحق معنًى بعيد لفظًا؛ إذ لا يقال في العرف تارك لكذا إلا لما كان بفرضية الثبوت.

قلت: لم يتعقب في شرح الدينية إطلاق كونه في الأزل تاركًا، بل به أجاب عن إشكال العجز في كون القادر قادرًا على الفعل والترك، وقال ابن عبد السلام.

قال أبو هاشم: تركه الفعل غير مقدور، وإلا لزم أن يكون عدم الفعل في الأزل مستندًا إلى القدرة وهو غير لازم؛ لأن المقدور مشروط تقدم القصد عليه، الذي هو مشروط بعدم ذلك المقدور؛ لاستحالة القصد إلى تحصيل الحاصل.

قلت: المنقول عن أبي هاشم وما مر عنه لا أعرفه بهذا اللفظ، وقد يرجع إلى معنى ما تقدم، وقوله:(هو غير لازم) لا يصح، بل لزومه واضح؛ لأن دعوى أبي هاشم عنده ترك الفعل غير مقدور؛ فقوله:(وإلا لزم) معناه: إن لم يثبت لترك الفعل أنه غير مقدور ثبت له أنه مقدور، وإلا ارتفع عنه النقيضان، وكلما ثبت كونه مقدورًا كان الترك في الأزل مقدورًا ولا مقدور إلا لله.

أما استدلاله على عدم لزومه بقوله: (لأن المقدور

) الخ. فحاصلة أن المقدور مشروط تقدم عدمه عليه، وهذا حق؛ يريد: كلما كان كذلك استحال كونه أزليًا؛ لأن شرط الأزلي عدم تقدم عدمه عليه، وهذا إنما هو إبطال للازم نقيض دعوى أبي هاشم، فهو تقرير لتمام دليله لا إبطال لملازمته كما زعم، فهو إبطال لدعوى الخصم بما

ص: 297

يصححها، فيرجع للقول بالموجب أو لقلب النكتة.

وسبب الغلط في هذه الشرطية أن نقول: لازمها، وهو كون الترك في الأزل مقدورًا، باطل من حيث تنافي جزئيه، وهما: كونه في الأزل، وكونه مقدورًا، لملزومية المقدور سبقية العدم، وملزومية الأزل نقيضه، وهذا اللازم من حيث مجموع جزئيه مناف للازم أحد جزئي الملزوم؛ لأن الملزوم كون الترك مقدورًا فأحد جزئيه مقدور، والمقدور مناف للأزل حسبما مر، وهو أعني لازم الشرطية لازم لملزومها من حيث مجموع جزئيه لذاتيهما، وهما كون الترك مقدورًا؛ لأن لازم الشيء باعتبار حقيقته لا ينفك عنه أزلًا ولا غيره، كلزوم العلم للعالم حسبما تقرر في اللازم الذاتي، وفي فصل الحقيقة والمحقق، فملازمة الشرطية ثابتة من حيث مجموع جزئي ملزومها، ولازمها باطل من حيث تنافي جزئيه.

إذا تقرر هذا فسبب الغلط في توهم بطلان ملازمة هذه الشرطية اعتبار المنافاة بين لازم أحد جزئي ملزومها وهو مقدور، وجزء لازمها وهو كونه في الأزل، وهذا غير قادح؛ لوجود العلاقة الدالة على اللزوم، وهو اعتبار مجموع جزئي الملزوم، ونظيرها قولنا: لو كان هذا الساكن متحركًا كان منتقلًا عن حيزه، فالساكن متوهم كونه قادحًا في الملازمة، وليس كذلك لوجود مقتضيها وهو متحرك، والبحث في هذه الشرطية نحو من بحث ابن واصل في قولهم في السالبتين المعدولة والمحصلة لو كذبتا لصدقت موجبتاهما، وقد بيناه في مختصرنا المنطقي فعليك باستحضاره يتضح لك الحق، والله أعلم.

ابن محرز: إن وجب ضمان المار وجب في التلف بترك حفظ مال عن هلاك، أو خلاص رجل من أسد، أو مواساة بفضل طعام أو شراب، أو سقي زرع، أو إعطاء خيط جائفة أو مخيطها، أو ماسك حائط جار عن سقوط، أو التقاط مال ذي قدر، أو شهادة بحق أو بحبس وثيقة به، ولو قطعها فالضمان أبين.

ابن بشير: متفق عليه، وقتل شهيدها أضعف؛ لأنه تعد على سبب الشهادة لا عليها.

قلت: وقتل الزوجة قبل البناء في النكاح، والحاصل أن مجرد عدم الفعل إن كان

ص: 298

لعجز لم يوجب صمانًا اتفاقًا.

وفي إيجابه حكم فعله المطلوب في إسقاط قضاء قابله خلاف من عادم الماء والصعيد، ومطلق الحركة للصلاة عاقلًا، والحصر عن تمام فرض حجه، وإلا فإن كان لموجب من حاكم؛ ففي إيجابه حكم احترام فعله قولان، وإلا فإن كان من ملتزم فعله كالمسائل المتقدمة أوجب ضمانه اتفاق؛ كالمودع والمقارض والحارس، وإلا فقولان، ،إجراؤهما على كون الترك فعلًا أو يبطل بالحارس ونحوه، أما المنع ففعل يوجب الضمان والقود في النفس إن أتضح سببية المنع في الموت، كمنع ساقط في لجة خلاصه منها، وتمامه في موجبي الضمان والقود من كتابيهما.

سمع أصبغ ابن القاسم: صيد العبد يتعدى عليه غير ربه ببعثه يصيد له لربه.

ابن رشد: اتفاقًا، وذكره المازري كأنه المذهب معبرًا عنه بغصب العبد قائلًا: هذا على رد الغلاة، فتبعه ابن بشير.

وفي السماع: ما صاده بتعد على فرس؛ له وعليه أجر مثله.

ابن رشد: وكذا نبلع وقوسه اتفاقًا، وقاله المازري.

ابن بشير: ينبغي أن لا يتفق في الفرس إذا كان هو المدرك.

وفي كون الكلب كالعبد أو الفرس

سماع أصبغ ابن القاسم قائلًا: إن شاء ربه دفع أجر عمل المتعدي، وإن شاء أسلم الصيد.

زاد ابن حبيب عنه وعن الأخوين: وأخذ أجر كلبه أو بازه.

وقول أصبغ مع سحنون في الكلب والبازي.

أصبغ: بئس ما قال ابن القاسم لاستقلال العبد بعمله، وجل عمل الكلب للصائد.

أصبغ: وعليه أجر الكلب كالدابة يعمل عليها.

وقول ابن عبد السلام: "نص ابن القاسم والأخوان أن لرب الكلب والبازي والفرس ترك الصيد للصائد وأخذ قيمة العمل، والأمر في ذلك والعبد سواء، وعندي فيه نظر؛ لأن الغاصب إذا حكم عليه برد الغلة إنما يقضى عليه برد ما حصل بيده لا

ص: 299

بقيمة عمل العبد الذي أجرة "؛ يرد بأن ما ذكر من نصهم ليس كذلك إنما قاله ابن القاسم فيمن تعدى عليها حسبما مر من نص السماع، وكذا لفظ النوادر؛ لأن نصها: من صاد بكلب غيره أو بازه، وكون حكم ما ذكروه حقًا في المتعدي واضح كالضروري من المذهب، وغره عبارة المتأخرين في المسألة بالغصب، ومن طالع كتب المتقدمين حمل لفظ الغصب على حقيقة لغًة وعلم ضعف إجراء المازري المسألة على رد غلة المغصوب، ومن أنصف علم الحق، والله أعلم بمن اهتدى.

ابن رشد: قول ابن القاسم أظهر من قوليهما؛ لأن جل العمل للكلب والبازي؛ لأنهما اتبعا الصيد وأخذاه، وإنما للمتعدي التحريض فلربهما شيئان، وللمتعدي شيء واحد، فوجب كون الصيد لربهما على ما تأول لابن القاسم في المزارعة الفاسدة؛ الزرع لذي شيئين من الأرض والبذر والعمل لا لذي واحد منهما.

ورده ابن عبد السلام بأن ما ذكره في المزارعة مختلف فيه، فمخالفه فيها يخالف في الصيد، أو يفرق بأن المتزارعين دخلا على الشركة بخلاف الصائد ورب الكلب، وهذا معتبر في الشركة والقراض؛ يرد بأن مخالفه هنا لم ينقل عنه في المزارعة مخالفته وبإنتاج الفرق العكس؛ لأنه إذا حرم الأخذ الداخل على الشركة المرضي كونه شريكًا، فأحرى من لم يرض استقلاله بالصيد فنظير الزرع الصيد.

وسمع عيسى ابن القاسم: لا بأس بأكل طير يصاد بوضع خمٍر له يشربها يسكر.

قلت: يريد: ويكره صيده بها؛ لأنه استعمال لها، ولم يذكره ابن رشد.

والحالات: يجد الصيد بها غير ناصبها أو يطرده فيسقط بها بعد استقلاله بنفسه عن طرده لناصبها، ولو سقط بها لطرده بعد استيلائه عنه دون قصد طرحه بها لطارده، فلو قصده؛ فقال ابن رشد: لا بيان فيها في الواضحة ولا العتبية، ومقتضى مذهبهم لطارده وعليه قيمة نفعه بها.

قلت: سبقه به اللخمي.

ابن عبد السلام: ظاهر ما حكاه في النوادر عن العتبية الشركة فيما فرضه ابن رشد، ولم أجده في العتبية بذلك الظهور.

قلت: لم أجد في النوادر ما حكاه عنها، بل ظاهرها أنه لطارده دون شيء، ونصها

ص: 300

من سماع عيسى ابن القاسم: إن أعيوه وأشرفوا على أخذه كالمقتدرين عليه، فضغطوه حتى وقع في المنصب، فهو لطارده دون رب المنصب، وقاله أصبغ. فإن سقط فطره دون رب المنصب، وقاله أصبغ. فإن سقط فطرده دون استقلاله بنفسه ول بعد عنه، ففي كونه له وعليه له أجر مثله أو تركه له؛ لأصبغ وسماع عيسى ابن القاسم، وقياس ابن رشد على قول ابن القاسم في صيد متعد على كلب به، وما طرده لدار أخذ بها في كونه لطارده فقط أو شركة بينه وبين ربها، ثالثها: الأول وعليه بقدر انتفاعه بها، لعبد الحق عن قولي شيوخه، وقول ابن رشد، ولم يحك اللخمي غير الأول، وعزا ابن حارث الأول لابن القاسم وأشهب، قال: ولو لم يضطره طارده لها فدخلها الصيد، فقال ابن القاسم: لرب الدار، وأشهب: لطارده، وفيما ند من صائده وصاده غيره طريقان:

اللخمي والمازري: إن صيد قبل توحشه وبعد تأنسه فالأول اتفاقًا، ونحوه للتونسي، ولو صاده بعد توحشه؛ فثالثها: إن تأنس عند الأول لابن عبد الحكم قائلًا: ولو توحش عشرين سنة، ومالك مرة مع ابن القاسم ومرة مع ابن الماجشون، والصواب الأول.

اللخمي: لو أرسله الأول اختيارًا فلصائده اتفاقًا.

ابن بشير: لو صاده ثاٍن بعد نده من الأول؛ ففي كونه للثاني أو الأول، ثالثها: إن طال زمن نده.

قلت: هذا يتناول صورة الاتفاق، ونحوه قول ابن نافع في المبسوطة: هو للثاني، وإن لم يكن هروبه هروب انقطاع.

اللخمي: وعلى أنه بالتوحش للآخر، لو قال ربه: ند منذ يومين، وقال الأخر: لا أدري، فقال ابن القاسم: ربه مدٍع.

سحنون: بل صائده، وهو الصواب لتحقق ملك ربه وجزمه، فلو خرج صائده بطول فكذلك للأول، وذكر ابن بشير القولين فيهما مفرعين على ثالثة.

ابن رشد: قول ابن نافع: ربه مدع عليه البينة، يناقض قوله: هو للصائد وإن لم يكن هروب انقطاع، ولو ملكه ربه بشراء؛ ففي كونه كذلك أو له مطلقًا قولا محمد وابن الكاتب، محتجًا بأن الأرض المحياة تحيي بعد رجوعها لحال إهمالها أولًا

ص: 301

لربها إن ملكها بشراء مطلقًا، بخلاف ملكه إياها بإحياء.

وفيها: من صاد طيرًا في رجله سباقان، أو ظبيًا في أذنه قرطان أو في عنقه قلادة؛ عرف بذلك، فإن كان هروبه هروب انقطاع وتوحش فهو لصائده، وإلا فلربه، فظاهرها لمحمد.

ويملك الصيد بأخذه:

سحنون: لو رأى واحد من قوم عشًا، فقال: هو لي لا تأخذوه، أو وجدوه كلهم فأخذه أحدهم؛ فلآخذه، فلو تدافعوا عنه فلكلهم.

قلت: هذا إن كان بمحل غير مملوك، وما بمملوك لربه.

وفيها: إن أبان عقر الصيد يده أو رجله أو فخذه أو جناحه أو خطمه لم يؤكل ما بان منه؛ مات بذلك أو ذكي، وكذا ما بقي معلقًا به بقاء لا يعود لهيئته أبدًا، وما علم أنه يعود لهيئته كباقيه، وإن أبان رأسه أو نصفه أكل جميعه.

ابن رشد: وكذا نصف رأسه؛ لأنه مقتل.

المارزي: وكذا إن كان مع الرأس أقله.

قلت: وفيما سوى ذلك طرق.

روى محمد: إن أبان وركيه مع فخديه لم يؤكل المبان، وسمع عيسى ابن القاسم: إن أبان وركيه أكلا.

المازري: قال بعضهم: ليس هذا اختلافًا، وحمل رواية محمد على أن القطع لم يبلغ الجوف.

الباجي: في أكل المبان مع غير الرأس بكونه الأكثر، أو بوصول القطع للجوف؛ ثالثها: بكونه لا تتوهم حياته بعده، لرواية محمد وابن حبيب مع ابن القاسم، وتعليل ابن القصار،

قلت: عزاه اللخمي لابن الجلاب.

ابن رشد: لو أبان وركيه مع فخديه ولم يجز له نصفين ولا بلغت الضربة جوفه، فروى محمد: لا يؤكل المبان.

ابن حبيب: ما لم يكن كل عجزه مع وركيه؛ لأن القطع من جوفه الصواب أكله

ص: 302

ولو بقي كل عجزه في الأعلى؛ لأنه لا يمكن حياته.

روى اللخمي: لا بأس باتخاذ أبرجة الحمام وإن عمرت من حمام الناس.

اللخمي: ما لم يحدث الثاني بقرب الأول.

قلت: في ضحاياها لا يصاد حمام الأبرجة، وما صاده منها عرف به، فإن جهل ربه تصدق به.

الشيخ عن ابن كنانة: لا يمنع اتخاذها وإن أضربت بزرع جيرانه وثمارهم، وأكره أن يؤذي أحد، ثم ذكر عن ابن حبيب عن مطرف منع اتخاذها هناك، وعزا التونسي وابن العربي لأصبغ إجازته من غير كراهة، فالأقوال ثلاثة، وإن دخل حمام برج في آخر، فإن عرف وقدر على رده رد.

اللخمي: اتفاقًا، ثم قال: الأحسن عدم رده؛ لأنه غير مملوك للأول، إنما هي على سبيل الإيواء، تأوي اليوم بموضوع وغدًا بآخر.

قلت: فيجوز اصطيادها، وإن عرفت ولم يقدر على ردها؛ فقال ابن القاسم: لا شيء على من صارت له.

ابن حبيب: يرد فراخها، وإن لم تعرف وجهل عشها فلا شيء عليه.

وحمام البيوت لقطة: له بيعه فيتصدق بثمنه، وحبسه ويتصدق بقيمته، وإن لم يتصدق بشيء فواسع؛ لاستخفاف مالك حبس يسير اللقطة.

التونسي عن سحنون: لو تزوجت حمامة البيوت مع ذكر له، ردها ونصف الفراخ؛ لأن الذكر والأنثى من الحمام سواء تعاونهما في زق الفراخ وتربيتهما.

الشيخ: روى ابن القاسم: لمن نصب جبحًا بجبل ما دخل فيه من نحل.

أشهب: إن كانت جبلية، والمربوبة أسوة بين أربابها، ولا أحب نصبه بها، وما به كثير نحل مربوبة وكثير نحل غير مربوبة له نصبه به، وما دخله إلا أن يعلم أنه لقوم فيرد لهم وكره ابن كنانة نصه قرب جباح الناس.

ابن حبيب عن مطرف: لا تنصب جباح النحل حيث تضر بأهل القرية في زرعهم وثمرهم؛ بخلاف الماشية للعجز عن الاحتراس منها، ولقول مالك في الدابة الضارية فساد الزرع تغرب وتباع على ربها، وكذا الإوز والدجاج الطائرة التي لا يقدر على

ص: 303

الاحتراس منها، وأجاز اصبغ كل ذلك كالماشية، وقاله ابن القاسم.

العتبي عن سحنون: لو ضرب فرخ نحل على آخر بشجرة أو في بيت فهو لرب الأول والبيت.

ابن رشد: قول التونسي "لعله أراد إنهما دخلا جبح الثاني كانا له، ولو بقيا بالشجرة وعاشا بها وأفرخا كان لهما وعسلهما بينهما، تفسير" وإنما يكونان لم دخل جبحه إن طال حتى فات إخراجهما وقسمهما بينهما؛ كدخول حمام برج في آخر إن قدر على ردها، وإلا بقيت لمن ثبتت في برجه.

اللخمي: لو دخل فرخ جبح في آخر، فقال سحنون: هو لمن دخل عنده وعلى قول ابن حبيب في الحمام إن لم يقدر على ردها رد أفراخها؛ يرد قدر ما يكون من عسلها.

قلت: تقدم له إن جهل عش الحمام لم يرد لها فرخ، ومحل النحل مجهول أبدًا فلا يرد عسلًا.

قال: وأرى إن رضي من صار إليه بإعطاء قيمته أن له ذلك والحكم الأول في النحل أقوى من الأبراج؛ لأن النحل تملك، والحمام إنما هي تأوي إلى الأبراج.

ص: 304