الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب المقاتل]
الباجي: المقاتل انقطاع النخاع؛ المخ الأبيض في فقار العنق أو الظهر، أو انتثار الدماغ أو الحشوة، وخرق الأوداج وانفتاق المصير كل منها مقتل اتفاقًا.
عبد الحق: وقطع الودج الواحد مقتل.
محمد: وقطع بعض الأوداج والحلق مقتل.
قلت: وأطلق الأكثر قولهم خرق المصير، وكذا وقع لمحمد وابن حبيب عن مطرف، وقال ابن رشد: معنى قولهم في خرق المصير؛ إذا خرق أعلاه في مجرى الطعام والشراب قبل تغيره لحال الرجيع؛ لعدم حياتها أكثر من ساعة، وخرق أسفلها حيث الرجيع غير مقتل لبقائها به زمانًا تتصرف.
ولو وجد كرش صحيحة بعد ذبحها مثقوبًا؛ ففي حرمتها قولا شيوخ ابن رشد قائلًا: نزلت في ثور فحكم ابن مكي بفتوى ابن حمد يس بطرحها بالوادي دون فتوى ابن رزق بأكلها، وبيان ذلك في بيعها، فغلبت العامة خدمة القاضي لعظم قدر ابن رزق عندهم فأخذوه من أيديهم وأكلوه، وهو الصواب لما قدمته من الموجود المعلوم بالاعتبار.
قلت: ويؤيده نقل عدد التواتر من كاسبي البقر بإفريقية أنهم يثقبون كرش الثور لبعض الأدواء فيزول عنه به، وقول ابن عبد السلام أنه محل الطعام قبل تغيره، خلاف تعليل ابن رشد صحة قول ابن رزق، ولعله يريد كمال تغيره.
وفي كون اندقاق العنق مقتلًا نقلا الباجي وابن رشد رواية الأخوين وابن القاسم، وفي انشقاق الأوداج نقله قولي ابن عبد الحكم وأشهب مع غيره من أصحاب مالك.
قلت: فيتخرج عليه النخاع.
عبد الحق: شدخ الرأس دون انتثار الدماغ، وشق الجوف قطع مصير ودون انتثار شيء من الحشوة غير مقتل، والروايات أن كسر الصلب دون قطع النخاع غير مقتل، وليحيى بن إسحاق عن ابن كنانة: كسره أو دمغ الرأس مقتل.
عياض: بما روي عن ابن القاسم من جواز أكل منتثرة الحشوة كان يفتي من قدماء
شيوخنا إبراهيم بن حسان بن خلد وحاج في ذلك سحنونا وأعجبت فتواه ابن لبابة.
قلت: إنما ذكر يحيى بن إسحاق عن ابن القاسم كراهة أكلها لا جوازه، إلا أن يريد الجواز الأعم من المكروه فيصدق عليه لا قسيمه.
عياض: وعد شيوخنا قطع المصير وانتثار الحشوة وجهين، وهو عندي راجع لشيء واحد؛ لأنه إذا قطع أو شق انتثرت الحشوة، وهو بين من لفظها في كتاب الديات، وقول بعض شيوخنا: انتثارها خروجها عند شق الجوف منها؛ يرد بأن مجرد الشق غير مقتل اتفاقًا، وكذا انتثارها، لمشاهدة علاجها بردها وخيط الجوف عليها، وقد قال بعض شيوخنا: إنما يكون شق الميعى مقتلًا في أعلاه حيث يجري الطعام، وبهذا لا يكون قول ابن القاسم خلافًا لما روى غيره.
قلت: جعل اللخمي قول ابن القاسم بأكل منتثرة الحشوة قولًا بإعمال الذكاة في منفوذة المقتل، وجعله عياض قولًا بأنه غير مقتل، وتمسك عياض بلفظ دياتها غير تام نصه.
قال: قال مالك: الشاة يخرق السبع بطنها فيشق أمعاءها فينتثرها لا تؤكل، وهذا إنما يدل على أن الأسد قد يشق أمعاءها شقًا يكون سببًا لانتثار أمعائها، لا أنه كلما انشق المصير انتثرت الحشوة، ولا على أن شقها هو انتثارها، بل عطفه عليه يدل على أنه غيرها.
وقوله: ليس مجرد انتثارها مقتلًا.
إن أراد مجرد خروجها فمسلم، وليس هذا مراد الشيوخ به، وإن أراد ولو زال التصاق بعضها ببعض أو التزاقها بمقعر البطن منعناه، وهذا هو مراد الأشياخ به، وما ادعاه من العلاج إنما هو في الأول لا في هذا، وبالضرورة أن هذا مباين لقطع المصير ولا تلازم بينهما في الوجود، وليحيى بن إسحاق عن ابن كنانة: لا يؤكل ما خرجت أمعاؤه.
والموقوذه وما معها ما أصابه مطلق ضرب أو سقوط لأسفل أو سطح أو عقر إن رجيت حياتها فكصحيحة، وإن أنفذت مقاتلها فكما مر، وإلا فإن أيست حياتها أو شك فيها؛ ففي حلها كمريضة وحرمتها، ثالثها: إن شك فيها لابن رشد عن ابن القاسم مع