المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[كتاب الأضاحي] الأضحية اسمًا: ما تقرب بذكاته من جذع ضأن أو - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٢

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[باب الخلطة في الزكاة]

- ‌[باب الرقيق]

- ‌[باب الغارم]

- ‌(باب ابن السبيل)

- ‌[باب زكاة الفطر]

- ‌[كتاب الصيام]

- ‌(باب في شروط الوجوب في رمضان)

- ‌(باب في شرط صحة الصوم)

- ‌(باب فيما يثبت به شهر رمضان وغيره)

- ‌(باب صوم يوم الشك)

- ‌[باب في مبطل الصوم]

- ‌[باب في موجب القضاء لرمضان]

- ‌[باب زمن قضاء الفطر في رمضان]

- ‌[باب في موجب الكفارة في ($) رمضان]

- ‌[باب في قدر كفارة العمد للفطر في رمضان]

- ‌كتاب الاعتكاف

- ‌[باب ما يجب به خروج المعتكف من المسجد]

- ‌[باب مبطل الاعتكاف]

- ‌[باب ما يوجب ابتداء كل الاعتكاف]

- ‌[باب الجوار في الاعتكاف]

- ‌[كتاب الحج]

- ‌[باب فيما يجب الحج به وما يصح به]

- ‌[باب الاستطاعة في الحج]

- ‌[باب في مسقط وجوب الحج]

- ‌[باب شروط الحج على المرأة]

- ‌[باب إحرام الحج]

- ‌[باب ما ينعقد به إحرام الحج]

- ‌[باب فى العمرة]

- ‌[باب الإفراد في الحج]

- ‌[باب القران]

- ‌[باب المتعة]

- ‌[باب المراهق]

- ‌[باب الرمل]

- ‌[باب في الوقوف الركنى]

- ‌[باب وقت أداء جمرة العقبة]

- ‌[باب أول وقت الرمي]

- ‌[باب ما يقع به التحلل الأصغر]

- ‌[باب فوت رمي جمرة العقبة]

- ‌[باب التحلل الأكبر من الحج]

- ‌[باب طواف الصدر]

- ‌[باب مفسد العمرة]

- ‌[باب ممنوع الإحرام]

- ‌[باب دماء الإحرام]

- ‌[باب إشعار الإبل بسنامها]

- ‌[باب الطول والعرض في الإبل والحيوان]

- ‌[باب محل ذكاة الهدي الزماني]

- ‌[باب محل ذكاة الهدي المكاني]

- ‌[باب الأيام المعلومات]

- ‌[كتاب الصيد]

- ‌[باب شرط الصائد فيما تعذرت ذكاته في البر]

- ‌[باب رسم المصيد به]

- ‌[باب المصيد]

- ‌[كتاب الذبائح]

- ‌[باب معروض الذكاة]

- ‌[باب آلة الصيد]

- ‌[باب الذكاة]

- ‌[باب مقطوع الذكاة]

- ‌[باب دليل الحياة في الصحيح]

- ‌[باب في المريضة المشرفة للموت]

- ‌[باب في دليل استجماع حياة المريضة]

- ‌[باب المقاتل]

- ‌[باب في الجنين الذي تكون ذكاته بذكاة أمه]

- ‌[كتاب الأضاحي]

- ‌[باب المأمور بالأضحية]

- ‌[باب فيمن يشرك في ثواب الأضحية]

- ‌[باب أيام الذبح]

- ‌[باب في وقت الذبح]

- ‌[باب العقيقة]

- ‌[كتاب الأيمان]

- ‌[باب فيما تصح فيه اليمين شرعا اتفاقا]

- ‌[باب فيما يوجب الكفارة باتفاق]

- ‌[باب في لغو اليمين والغموس]

- ‌[باب صيغة اليمين]

- ‌[باب فيما تتعدد فيه الكفارة]

- ‌[باب فيما تتحد فيه الكفارة]

- ‌[باب فيما يتعدد به موجب الحنث كفارة أو غيرها]

- ‌[باب في شرط الاستثناء بمشيئة الله]

- ‌[باب الثنيا]

- ‌[باب المحاشاة]

- ‌[باب في يمين البر والحنث]

- ‌[باب الكفارة]

- ‌[باب الطعام]

- ‌[باب الكسوة]

- ‌[باب في شروط الرقبة]

- ‌[باب فيما يوجب النية في اليمين مطلقاً]

- ‌[باب في شرط النية]

- ‌[باب في البساط]

- ‌[باب فيما يوجب الحنث في تعذر المحلوف علي فعله]

- ‌[باب ما لا يتعلق باليمين بالمحلوف عليه دائمًا]

- ‌[باب فيما يوجب تعلق اليمين بالمحلوف عليه]

- ‌[باب النذر]

- ‌[باب في شروط وجوب النذر]

الفصل: ‌ ‌[كتاب الأضاحي] الأضحية اسمًا: ما تقرب بذكاته من جذع ضأن أو

[كتاب الأضاحي]

الأضحية اسمًا: ما تقرب بذكاته من جذع ضأن أو ثني سائر النعم سليمين من بين عيب مشروطًا بكونه في نهار عاشر ذي الحجة أو تالييه بعد صلاة إمام عيده له، وقدر زمن ذبحه لغيره، ولو تحريًا لغير حاضر؛ فتخرج العقيقة والهدي والنسك في زمنها،

ص: 333

هذا على نقل ابن رشد جواز بيع ما ذكى مقصودًا به ذلك التقرب غير مجزئ لعيبه، وعلى روايته: لا يباع ما وجد بعد ذبحه لذلك معيبًا لا يجزئ، مع قول ابن القاسم: ما ذبح يوم التروية لظنه يوم ذبح لا يباع.

تعرف بما ذكي من نعم قصد به قربة الذكاة المشروطة بأنها في نهار عاشر ذي الحجة لتدخل فأسدتها المشاركة لصحيحتها في جزء خاصتها، وهو المنع من بيعها، وفي حكمها طرق.

ص: 334

الموطأ والجلاب عن مالك: سنة غير واجبة.

التلقين والكافي، والمعلم، والمقدمات: سنة مؤكدة.

الشيخ عن ابن حبيب: تاركها آثم.

وعزاه الصقلي والباجي لابن القاسم معه فأخذا منه مع اللخمي وجوبها.

الباجي: الأول أشهر.

المازري: وقع لأصحابنا التأثيم بترك السنن على صفة فقد ينحو إليه.

ابن حبيب: وإن كان الأظهر حمله على الوجوب.

وفيها لابن القاسم: من اشتراها وتركها حتى مضى وقت ذبحها أثم؛ فأخذ منه الصقلي، والباجي واللخمي، وابن رشد وجوبها، وقول ابن العربي: إنما أوجبها بعد الشراء يرده، وقول اللخمي: لو لم تجب قبل الشراء لم تجب بعده؛ يرد بأنه كشروع في نفل.

المازري: قال بهذا الأخذ بعض شيوخنا، وكان شيخنا يرده بقوله: لعله رآه باشترائها ملتزمًا ذبحها فأثم بترك ما التزم.

الشيخ: روى محمد: سنة واجبة؛ فأخذ منه اللخمي وجوبها، وقبل الباجي حمله القاضي على تأكد سنيتها.

ابن العربي: قال مالك في الموطأ: سنة مستحبة، وابن المواز: سنة واجبة، وروى ابن حبيب: إن وجد فقير ثمنها أو مسلفًا فليتسلف، وفي كونها أفضل من الصدقة بثمنها روايتا ابن رشد.

وفيها: الصدقة بثمنها أحب لمالك منها أو هي أحب؟

قال: قال: مالك: لا أحب تركها لمن قدر عليها.

ص: 335

ابن حبيب: هي أفضل من العتق.

وقول ابن عبد السلام: نقل بعض المتأخرين أنها مستحبة غير سنة ولم يسم قائله؛ لا أعرفه قوله، لعله أخذه من قولها: يستحب لمن قدر أن يضحي؛ بعيد لزيادته (غير سنة) ولفظها يحتمله.

قوله: أو من رواية أفضلية الصدقة بثمنها؛ يرد بأنه لو صح كانت نافلة، إذ هو حكم الصدقة ولا قائل به، وبأنه ليس رد الأضحية لحكم الصدقة بأولى من العكس فتكون الصدقة بثمنها سنة.

وقصر ابن الحاجب نقله على الوجوب، وقولها: يستحب؛ يقتضي حمله على السنة، وإلا كان مخلًا بذكر المنصوص أو كل المذهب على رأي، فحمله ابن عبد السلام على إرادته مجرد الاستحباب بعيد.

وقوله: يمكن أخذ الوجوب من قولها: الضحية واجبة على كل من استطاع؛ يرد بأن هذا اللفظ ليس فيها إنما هو في بعض نسخ التعذيب، ولفظ المدونة: قلت الناس كلهم عليهم الأضحية إلا الحاج؟

قال: نعم؛ فهو في لفظ السائل دون لفظ وجوب.

وفيها لمالك: إن ضلت أو ماتت أو سرقت فعليه أن يأتي بأخرى.

وفي زكاتها: من أسلم بعد فجر يوم الفطر استحب له زكاة الفطر.

قال مالك: والأضحى أبين أن ذلك عليه؛ يعني الضحية، واختصرها أبو سعيد، والأضحية أبين في الوجوب.

ولفظ الزاهي: لو لم يجد غير ثمنها لوجبت عليه ولا يأخذه الإمام بها قال تعالي: (؟؟؟؟) ظاهر في وجوبها.

ووجوبها الملغي طروء عيبها بتمام ذبحها، وفي كون ابتدائه قبل فري أوداجها كذلك نقل الباجي عن إسماعيل القاضي قائلا: لأنه نية وفعل، ومفهوم قول ابن حبيب: إن أصابها عيب بعد فري أوداجها وحلقومها أجزأته.

وفيها لابن القاسم: لو أراد ذبحها فاضطربت فانكسرت أو اعورت لم تجزه، ولم أسمعه.

ص: 336

وفي كون قوله: أوجبتها أضحية يوجبها إيجابًا يلغي طروء عيبها كالتقليد والإشعار أو كشرائها بنية الأضحية فقط، ثالثها: يوجب ذبحها ويمنع بيعها لنقل الصقلي عن إسماعيل القاضي، وعن مالك مع أصحابه، وابن رشد عن إسماعيل، وعزاه الأول لغيره وأبطله بأنه يلزمه إن ماتت قبل ذبحها أن يجزئه، ويرد بلزومه في الهدي، والأول ظاهر قول الجلاب: إن ضلت أضحيته ووجدها بعد أيام الذبح فليس عليه ذبحها إلا أن يكون أوجبها قولًا فيلزمه ذبحها، ولم يعز ابن رشد في البيان لمالك غير الثاني، وفي المقدمات: المشهور أنها تجب بالذبح، وروى ابن القاسم ما يدل أنها تجب بالتسمية قبل الذبح، قال: لا تجزئ الأضحية بعد أن تسمى.

ووجوبها المانع بدلها إلا بخير منها بشرائها بنية الأضحية اتفاقًا.

وقول ابن الحاجب: وتجب بالتزام اللسان أو بالنية عند الشراء على المعروف فيهما؛ كالتقليد والإشعار في الهدي، وبالذبح؛ مشكل لأنه إن أراد الأول وهو ظاهر قوله:(كالتقليد) بطل في قوله: (أو بالنية عند الشراء) لأنه ليس كذلك اتفاقًا، وإن أراد الثاني بطل فيه؛ لأن له البدل بالأحسن اتفاقًا، وبطل في قوله:(وبالذبح) إذ لا يتصور فيه بدل، ولو بدلها بخير منها على المعروف.

ونقل ابن عبد السلام عنها: له بدلها بمثلها؛ وهم.

إنما نصها: قال مالك: لا يبدلها إلا بخير منها، و (بدلها بمثلها) نقله الصقلي، والشيخ في مختصر أو للمدونة عنها، وتبعه أبو سعيد غفي اختصاره، وتعقبه عبد الحق بأن نص المدونة ما قلناه، وفضل ثمنها في شرائه أفضل منها أو مثلها أو دونها في وجوب صدقته وندبه.

ظاهر قول محمد: ليتصدق به؛ لأنه جعله لله تعالى، ونص ابن حبيب عن مالك ومن لقي من أصحابه قائلًا: إن اشترى بكل ثمنها دون دونها تصدق بما بين قيمتهما كفضله.

وفيها: قلت إن اشترى دونها ما يصنع بفضل ثمنها؟

قال: قال مالك: لا يجوز أن يستفضل من ثمنها شيئًا، وأنكر الحديث الذي جاء في هذا.

ص: 337

ابن القاسم: إن عجز ثمنها عن مثلها أتمه.

وفي قول ابن الحاجب: وإن لم يوجبها جاز إبدالها بخير منها لا بدون نظر؛ لأنه إن اشتراها بنية الأضحية وجبت على المعروف عنده، فامتنع بدلها مطلقًا، وإن اشتراها لا بنيتها فهي حينئذ كشاة لحكم له بيعها فضلًا عن بدلها بأدنى، إلا أن يحمل على أنه نواها أضحية بعد شرائها دون نيتها، ولا يرد بقول ابن عبد السلام: النية دون فعل معها أو قول لغو؛ لأنه إن أراد في إيجابها المانع بدلها مطلقًا فمسلم ولا يعارض ما قلناه، وإن أراد أنه لغو مطلقًا منعناه، وقد مر اختلافهم في إيجاب نية إتمام النفل قائمًا قيامه، وكذا في قول:(ولعله) على الكراهة، وإلا فمقتضاه جواز الترك؛ لأنه إن أعاد ضمير (لعله) على منع بدلها بالدون كان الملزوم لجواز الترك تحريمه تقرير: هذا بعد تسليم تصور؛ لأنه يقول: كلما كان المنع من بدلها بالدون على غير الكراهة فمعناه جواز الترك؛ أي: فمقتضى المذهب جواز الترك، أو فمقتضى ذلك المنع جواز الترك، يعني: واللازم باطل فالملزوم مثله، واللازم بعد جواز الترك فالملزوم على تقريره هو تحريم بدلها بالدون، وهذا تقرير كلام ابن الحاجب على ما فهم عنه ابن عبد السلام واعتراضه عليه من بدلها بالدون على غير الكراهة هو على التحريم، وإذا كان على التحريم فهو ملزوم لمنع الترك لا لجواز كما قال، وأما الوجه الآخر بدلها بالأفضل؛ فتقريره: كلما كان بدلها بالأفضل على غير الكراهة فهو جائز الترك؛ أي: مباح والملزوم باطل والاعتذار عليه بين، وهذا ضمير مقتضاه على ما تقدم، وأما إن أعدناه على عدم إيجابه فيظهر اندفاع الاعتراض فانظر، وهو غير ملزوم لجواز الترك بل لمنعه، وإن أعاده على بدلها بالأفضل؛ فحينئذ إن أراد بجواز الترك لا لبدل منعت الملازمة، وإن أراد لبدل منع بطلان اللازم.

وحمله ابن عبد السلام على الأول، قال: واستدل على أنه على الكراهية بأنه لو لم يكن كذلك فمقتضى المذهب جواز ترك الأضحية رأسًا بناء على عدم وجوبها، وذلك مستلزم لجواز بدلها بالدون مطلقًا؛ يرد بأن ظاهر قوله:(وإلا فمقتضاه) أنها عنده لزومية وهي على هذا اتفاقية، والمنصوص أنها لا تستعمل في العلوم إلا أن يريد جواب الشرط محذوف، وهذا دليل صحة الملازمة؛ أي وإلا فهو باطل؛ لأن مقتضى المذهب جواز الترك فيصح اللفظ على بعد ولا يتم دليلًا.

ص: 338

قوله: عدم وجوبها ملزوم لجواز بدلها بالدون قطعًا؛ يرد بما مر من لزوم قيام النافلة بمجرد نيته فأين القطع، وكان ابن الحاجب في غنية عن هذا الاستدلال بقول ابن الجلاب، والاختيار أن لا يبدلها بأدنى منها، ولذا فسر ابن رشد منع بدلها بالدون بالكراهة.

وسمع عيسى: رواية ابن القاسم كراهة أستفضال بعض ثمنها في شرائه أفضل منها.

ابن رشد: إن اشترى دونها بالثمن تصدق بما بين قيمتيهما وبأقل بذلك وبالفضل

وسمع ابن القاسم: إن اشترى ثانية ضحى بالتي هي أفضل، وسمع: لا بأس أن يعطى أمه أضحيته.

ابن رشد: يريد: ويشتري مثلها أو أفضل.

وفيها: من أشترى ضحايا يسميها له ولغيره لا بأس أن يذبح لنفسه ما سمى لغيره إن كان أفضل.

ابن رشد: ويكره ذبحه لغيره ما سمى لنفسه؛ لأنه أدنى، والاختيار أن يشتري له

مثل ما سمى أو أفضل.

والمذهب سماع ابن القاسم: من مات قبل ذبح أضحيته وعليه دين يحيط بها بيعت له، وسمع: إن لم يكن دين استحب لورثته ذبحها عنه، فإن شحوا فهي من ماله.

ابن رشد: لأن أصل مالك وكل أصحابه إنما تجب بالذبح.

وسمع عبد الملك أشهب: لا يضحي بها عنه وهي ميراث.

ابن رشد: أي: لا يلزمهم إلا أن يشاءوا كسماع عيسى.

قلت: ظاهر سياق النوادر أن في استحبابه قولين.

قال الشيخ في المختصر، وكتاب محمد عن مالك: من مات عن أضحيته قبل ذبحها فهي ميراث.

محمد: استحب ابن القاسم ذبحها عنه.

وقول ابن الحاجب: بخلاف ما اوجب فإنها تذبح، مع قوله: تباع للدين مطلقًا؛ متناف؛ لأنها إن كانت مالًا له ورثت عند عدم الدين، وإلا لم تبع له إن كان حادثًا.

ص: 339

الشيخ عن ابن حبيب: روى ابن القاسم إن مات بعد ذبحها لم تبع في دين، وسمعه عيسى من ابن القاسم بزيادة: للغرماء أخذها إن لحقه دين، وللغرماء أيضًا أخذ ما قلد من بدنه كما لهم رد عتقه. فقبله الباجي وقيده ابن رشد بالدين السابق على التقليد، قال: لتشبيهه بالعتق.

الباجي: وكذا الأضحية بعد إيجابها باللفظ على رأي قائله.

وقول ابن عبد السلام: عدم بيع لحمها للدين؛ مشكل، ينبغي تعلق الدين بلحمها كتعلقه بها حية، وتشبيه من شبه لحمها بأم الولد بعيد؛ لأنها إنما سقط حق الغرماء فيها لأن من أحاط الدين بما له ليس ممنوعًا من وطء جاريته، ولا من شراء جارية للوطء، ولا من النكاح، فلما لم يمنع من ذلك كان الحمل مفوتًا؛ لأنه من آثار ما أذن فيه، وشراء الأضحية أو الهدي ممنوع منه فينبغي أن ترد وإن فاتت بالذبح؛ يرد من حيث احتمال نقله بنقل التونسي: لا تباع بعد ذبحها اتفاقًا، ومن حيث استدلاله بمنع كونه ممنوعًا من شراء الأضحية، بل ذلك جائز ما لم يقم الغرماء عليه، كما يمنع عند قيام الغرماء عليه من ابتداء الوطء في الأمة، فضلًا عن منع شرائه إياها، وقع ذلك في سماع عيسى ابن القاسم من كتاب المديان.

قال ابن رشد: اتفاقًا.

وإذا أقر بأنه يجوز شراء أمه الوطء فكيف يدعي على المذهب منع شرائه الأضحية، وهل يسوغ هذا إلا مع الوقوف على نص يمنع له شراء الضحية، وهو غير موجود في المذهب فيما أعلم بعد البحث عنه، بل ذكر الشيخ رواية ابن حبيب: إن وجد فقير ثمنها أو مسلفًا فليتسلف، ولم يقيده مالك ولا ابن حبيب ولا الشيخ بإذن المسلف في ذلك، وشراؤه الأضحية أبين في الجواز من شراء الأمة للوطء؛ لأنها سنه مؤكدة والتسري ليس كذلك؛ ولأن الأضحية أمر معتاد عند الناس أكثر من التسري، واللخمي هو الذي شبهها بأم الولد، قال: كما لو اشترى أمة ليتخذها أم ولد؛ لهم بيعها قبل الإيلاد لا بعده؛ لأن كل ذلك مما العادة أن يفعله، وكلام اللخمي حسن، وهم جواب عن قول التونسي: أخذها الغرماء قبل ذبحها، ومنعهم منها بعده تناقض؛ لأنهم إن عاملوه على أن يضحي فلا يأخذوها، وإلا فلهم أخذها بعد الذبح كالعتق، وتقرير

ص: 340

كلام اللخمي جوابًا باختيار الأول.

قوله: (فلا يأخذوها) باطل بالتسري، فإنه مما عاملوه عليه لجوازه له ابتداء ولهم منعه منه قبل فعله حسبما في السماع، ولا يرد باستشكاله كما في الأضحية للجواب عنهما بالفرق بين حكمي إحاطة الدين والتفليس، وقيام الغرماء عليه تفليس.

وفي حكم أكلها بعده طرق:

اللخمي: في كون أكل الذكر والأنثى والزوجة سواء كحالهم في حياة الميت، أو الذكر مثل حظ الأنثيين قولان وذا أصوب، ويلزم الأول منع الغاصب منها؛ لأنه لم يكن ينتفع بها في حياته، وتختص بها الزوجة والابنة إن كانتا، ولا يعترض الثاني بمنع تعلق الدين به؛ لأنه لا يصح بيعه.

الباجي: يأكلها ورثته، وفي جواز قسمها ومنعه قولان لسماع عيسى ابن القاسم مع رواية الأخوين، ورواية محمد بناء على أن القسمة تمييز أو بيع.

التونسي: في قسمها بينهم على المواريث قولا أشهب وابن القاسم وهو أشبه.

ابن رشد في أكلها أهل بيته على نحو أكلهم في حياته، وإن لم يكونوا ورثته وقسمها ورثته على الميراث، ثالثها: يقتسمونها على قدر ما يأكلون لسماع ابن القاسم وسماعه عيسى وظاهر الواضحة.

وسمع أصبغ ابن القاسم أرش عيب أضحية علم بعد ذبحها أيام الذبح أو بعده إن منع أجزاؤها صنع به ما شاء وإلا تصدق به؛ لأنه أوجبها وسماها أضحية فلم يذكر ابن رشد فيه خلافًا.

الكافي: انتفع به وأجراه مجرى ضحيته وتستحب صدقته.

ابن بشير: إن لم يوجبها ففي الصدقة به قولان، وفي منع بيع لحمها ذات عيب لا تجزئ رواية الواضحة ونقل ابن رشد وعزوًه ابن عبد السلام لأصبغ ل أعرفه وعن ابن الفخار وابن دحون وابن الفساري الطليطلي وابن عتاب وابن القطان وابن مالك ما

ص: 341

يقتدي بجواز ردها بعيب يمنع الأجزاء، ولبعضهم جواز رضى ربها بأخذها بدل ثمنها؛ لأنها عين شيئه، ولم يتعقبه ابن سهل عليهم ولا ابن رشد.

القابسي: ما ذبح قبل الإمام لا يباع وإن كان لا يجزئ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم سماه نسيكة، والنسك لا يباع فلم يتعقبه المازري، وقال عياض: فيه نظر.

وفي جواز حلبها قولان للشيخ عن أشهب مع المبسوطة عن رواية ابن وهب، ولها عن ابن نافع قائلا: إن أضر بها ولا ولد لها حلب وتصدق به، ونقل ابن عبد السلام رواية ابن وهب عن المبسوطة بقيد أن لا ولد لها وجعله ثالثا، ولم أجد فيها إلا كما نقلته دون قيد.

وفيها لابن القاسم: لم أسمع من مالك فيه شيئًا وكره لبن الهدي، وفي الحديث: لا بأس بشربه بعد ري فصيلها، وأرى إن لم يكن للأضحية ولد أن لا يشربه إلا أن يضر بها، وفي جز صوفها قبل ذبحها أربعة أقوال.

سمع ابن القاسم لا يجزه بعد تسميتها، فإن فعل أساء وأجزأته ولا يبعه.

الشيخ: وقاله ابن القاسم أن جزه قربه.

سحنون: إن باعه فلا بأس بأكل ثمنه.

محمد عن أشهب له جزه وبيعه ونقله الشيخ أيضًا عن ابن القاسم عنه، وهو خلاف قول اللخمي اتفق ابن القاسم وأشهب على أنه ليس له جزه، وحمل ابن رشد سماع ابن القاسم: لا يبعه على استحباب ترك بيعه قال: كالصدقة يفضل ثمنها، وعزاه ابن زرقون لابن القاسم وحمله على الكراهة، واستحب اللخمي بيعها إن جزها واشترى غيرها كاملة الصوف؛ لأنه جمال لها، وفي قبول ابن عبد السلام ما وقع في بعض أجوبة عبد الحق من اشترى شاة ونيته جز صوفها لينتفع به ببيع وغيره جاز له، ولو جزه بعد ذبحها نظر، لأنه إن شرطه قبل ذبحها فذبحها يفيته وبعده مناقض لحكمها فيبطل على أصل المذهب في الشرط المنافي للعقد.

ص: 342

وفي وجوب ذبح ما ولدته قبل ذبحها ومنعه، ثالثها: يستحب لا بقيد وليس بواجب، ورابعها: به للمبسوطة عن ابن وهب والشيخ عن محمد عن أشهب لا يذبحه، ورأيت في نسخة عتيقة من النوادر زيادة:(ولا يجوز) بخط فوقه (أحب إلي) والشيخ عن رواية محمد ومثبتها وممحوها والفرق بينهما ما بين الاستحباب الأعم القابل لقيد الوجوب والأخص المقيد بنقيضه، ونقل التونسي قول أشهب بزيادة (ولا يجوز)، وعلله بقصور سنه عن الأضحية أو بأنه لا كبير انتفاع به فذبحه تعذيب وفرق بين الممحو والمثبت بإيهام الأول التسهيل في بقائه، وفي نقل ابن عبد السلام عن ابن حبيب إن شاء ذبحه أو تركه حاملا له على مجرد الإباحة نظر؛ لأنه في النوادر بزيادة ما نصه كما له أن يبدلها، وكذا له شرب لبنها وإن تصدق به فحسن، ولابن حارث اتفقوا على أن ذبحه حسن، ولو ذكيت وهو ببطنها فهو كلحمها إن حل.

سمع أبو زيد ابن القاسم ركض ولد أضحيتي بنعجة في بطنها بعد ذبحها، فأمرت بإخراجه بعد تركه حتى مات فذبحته فسال دمه فأمرت فشوي لي منه.

ابن رشد: إذا كان تم خلقه ونبت شعره.

وفيها لمالك: إن أصابها بعد شرائها سليمة عور لم يجز بخلاف الهدي الواجب.

ابن القاسم: لأنها لم تجب والهدي وجب، ولذا لو ضلت، ولم يجدها إلا بعد أيام الذبح صارت كماله، ولو لم يكن ضحى ببدلها بخلاف وجوب ذبح هدي ضل ثم وجد بعد ذبح بدله، ولو اختلطت أضحيتا رجلين بعد ذبحهما أجزأتاهما، وفي لزوم صدقتهما بهما وجواز أكلها إياهما قول يحيى بن عمر وتخريج اللخمي على عكس علة كراهة محمد أكل من اختلط رأس أضحيته برؤوس ضحايا عند الشواء رأس غيره منها قائلا: لعل غيرك لا يأكل متاعك، ولو اختلطتا برؤوس الفران كان خفيفًا.

اللخمي: لأنه إنما كرهه لإمكان تصدق الآخر وعدم أكله وهو استحسان، ولو تحققت صدقته لم يحرم على الآخر أخذه، ولأنه كلقطة طعام لا يبقى وكونه للشواء أشد كراهة؛ لأنه معروف فيرد له على القول بمنع أخذ العوض.

قلت: لعل خفته لجواز أخذه عنده، ولم يحك المازري غير الأول وكذا عبد الحق، واعترضه فقال: ما أرى المنع من أكلها وهي شركة ضرورية كالورثة في أضحية

ص: 343

مورثهم والتعدي على لحمها في فضل البيع.

ابن بشير: لو اختلطت أضحية أو جزء منها بغيرها ففي إباحة أخذ العوض قولان.

قلت: ظاهره أنهما منصوصان، ولو كان ما اختلطت به غير أضحية.

العتبي عن سحنون: من اشتركا في شراء أضحيتين ثم أخذ كل منهما شاة منهما، فإن تساويا فلا بأس وإلا كره أخذ أحدهما التي هي أدنى، فإن فعل أجزأه إن لم يأخذ من شريكه ثمنًا.

ابن رشد: أخذه كتركه إن أخذه تصدق به وإلا فبما بين قيمتهما، وينبغي بيعهما التي هي أدني ويتقاويان الأخرى فمن تركها اشترى مثلها.

التونسي بعد ذكره قول سحنون قال: وقال غيره: يجزئه لأنها وجبت بالقسم، وعزاه اللخمي لابن عبد الحكم وصوباه بأن الواجب لكل منهما نصف شاة لا يصح به أضحية، فآخذ الأدنى لم يبع شيئًا كان يقدر أن يضحي به.

التونسي: ولو قصد القربة بما دفعه ثمنا انبغى أن يبيع ما أخذ ويشتري بجملة ما كان أخرجه.

ابن بشير: لو اختلطتا قبل الذبح فالرواية قسمت، وعلى آخذ الأدنى بدله بمثل الأفضل، وهذا ظاهر إن عينها وإلا كان مستحبًا.

قلت: لم أجد هذه الرواية وعدم ذكرها من تقدم مظنة عدمها، وقول ابن الحاجب:" وأما قبله فالمنصوص إذا قسمت فآخذ الأقل أبدله بمساوي الأفضل، وقيل: بالاستحباب" لا يوافق نقل ابن بشير ولا من تقدم، وسمع عيسى ابن القاسم لو اختلط كبش أضحية بغنم كان ربه شريكا لربها في أكل الغنم إن كانت غنمه مائه أعطى رب الكبش جزءا من مائة جزء وجزء منها.

قلت: فإن تعجل رب الكبش الأخذ أعطي شاة بالقيمة من وسطها لا من أدناها ولا من أعلاها.

ابن رشد: هذا كقولها فيمن اشترى عدلا على أن فيه خمسين ثوبا فوجده أحد وخمسين، فإن قسمها على هذا القول ضرب على كل رأس أو ثوب، فإن طلب لذي

ص: 344

الواحد ما قيمته جزء من مائة جزء وجزء منها أخذه، وإن طار ما قيمته أكثر كان رب الأكثر من الغنم والثياب شريكا له فيه بما زاد، فإن كان أقل ضرب له ثانية فما خرج كان له فيه تمام الجزء وباقية لذي الأكثر، ثم قال في الغنم غير هذا يعطى ذو الواحد مما قيمته منها ذلك الجزء، فإن كان واحدا أخذه وإن تعدد أخذه بالسهم، وقاله أيضًا في الثياب والأول أصوب، وهو اختيار ابن القاسم، ولو تلف منها شيء أو استحق قبل القسم ففي كون الباقي بينهما على تلك الشركة أو لذي الأكثر تسعة وتسعون جزءا ونصف من مائة جزء ولذي الواحد نصف جزء.

مشهور قول مالك مع قوله الغنم والثياب وقول ابن القاسم في الثياب، وثاني قولي مالك فيهما مع قول ابن القاسم، وعليه لا تثبت به الشفعة إلا بعد الحكم بالشركة كما لو ابتاع من أرض قرية عرفها مبذرا مداه غير معينة شرط خيارها أو وهب له منها ذلك، ثم يباع جزء مشاع من القرية قبل تكسير الأرض ومعرفة مبلغ المبيع أو الموهوب من جملتها فيرضيان بالبقاء على الشركة فتجب له الشفعة على الأول لا الثاني، ومن ضحى بأضحية غيره غلطا لم تجز ربما وله بيعها، قاله ابن حبيب والمازري وإن ضمنها ذابحها، ففي إجزائها له ثالثها: إن عرف ذلك بعد فوت لحمها، للشيخ عن محمد وابن القاسم مع روايته وابن حبيب.

قلت: الثاني قولها: المازري: قال ابن حبيب: إن جاء ربها بعد فوتها وضمن ذابحها قيمتها لم تجز عن ذابحها، ومن قال: لا تجزئ مع القيام ذابحها وإن ضمنها رأى أنها لما فاتت وصار لا يقدر على أخذها ترجح القول بالاعتداد بها.

قلت: ما عزاه لابن حبيب عكس ما حكى الشيخ وغيره عنه، وقوله:(ومن قال إلى آخره) هو ما حكاه غير واحد عنه وضعف محمد قول ابن القاسم وقال: هذه من المجالس لم تتدبر وأجرى المازري الأولين على حصول حكم المترقب إذا أمضى يوم ترقبه أو يوم مضى، وقبل الشيخ تمسك محمد بالقياس على إجزاء عتق ظهار أمضاه مستحق رقبته، ونقله المازري بعبارة احتج بالقياس على إمضاء شهادات من أعتق ونكاحه بعد عتقه بإمضاء مستحقه عتقه، ورده ابن عبد السلام بأنه إن أراد بالمقيس عليه عتق غالط بعبد غيره عن ظاهره منعنا حكمهن وإن أراد عتق مشتر إياه فرق بأن

ص: 345

الفقهاء يرون مشتريه كما كمالكه يعطونه حكمه في كل المسائل، وإن أراد في كل المسائل أو أكثرها؛ لأنه لو هلك عنده بأمر من الله لم يلزمه غير ثمنه.

قلت: سبقه بهذا ابن محرز وعبد الحق، ويرد بأنه إن أراد بقوله:(كمالكه) حقيقة نفوذ أمره فيه فباطل باتفاق المذهب على رد عتقه الذي هو أقرب للإمضاء، وإن أراد مجرد ضمانه إياه فمسلم، ولا يتم فرقا لوجوده في المقيس؛ لأن بأخذه الأضحية وإضجاعه إياها ضمنها بمثل ذبحها إذ لو ماتت أو اعورت حينئذ ضمنها، وفي التفرقة بقوة ضمان المشتري لإيجابه الغله له إن أخذ المستحق ربه وغرمها الغالط نظر لاحتمال اعتبارها ولغوها بإناطة الحكم بمجرد المشترك؛ لأنه أبسط، وبسيط العلة أرجح وهو ظاهر قول عبد الحق.

قلت لبعض شيوخنا: يلزم على هذا التفريق لو غصب شاة فضحى بها فأخذ ربها قيمتها أن يجزئه فقال: نعم، وأباه غيره، قال: لأن هذا ضمان تعد والأول أبين، واحتج محمد أيضًا بالقياس على ثبوت حكم أن الولد للأمة بما ولدته قبل استحقاقها بإمضاء مستحقها بيعها.

قال ابن عبد السلام: ويرد بما تقدم؛ لأنه لو وطئ جارية غيره غلطا لم تكن له أم ولد إن حملت واختار ربها أخذ القيمة.

قلت: لا تكون له أم ولد وهم بل تكون به أم ولد؛ لأن كل أمة عتق ولدها على واطئها بأبوته واستقر ملكه إياها قبل ولادتها فهي أم ولد له والقيمة على الواطئ غلطا يوم الوطء على المعروف، فإذا أغرم قيمتها فقد ملكها قبل ولادتها.

وترجم الشيخ في نوادره: باب ما تكون به الأمة أم ولد من وطء الشبهة من إحلال أو غلط فذكر فيها إن أولد أمة بعثها له من أمره بشراء أمة بأن أنها غير التي اشتراها له فهي له أم ولد.

واحتج محمد أيضًا بالقياس على إجزاء الهدي بإمضائه مستحقه بعد تقليده وإشعاره، ورده ابن عبد السلام بأنه لا يشبه الأضحية إلا إن وجد بها حية يرد يمنعه؛ لأن التقليد فيها كالذبح باعتبار حدوث العيب بعده مع إجزائها به بإمضائها المستحق، لا يقال: فالهدي لو عطب قبل محله لم يجزه فتمام القربة إنما هو بالذبح، وهو بعد إمضاء

ص: 346

المستحق لا يتصور هذا في الأضحية إلا إن استحقت قدر الذبح؛ لأنا نقول المردود نفيه علة قياس محمد، هي ثابتة بما أشرنا إليه، وهي كون إمضاء المستحق فيما سبقه فيه فعل قربة تلغى طروء عيبه، فإن أراد إبطاله بما ذكره فرقا لا نفي علة قياس.

أجيب بأن فعله الذبح بعد التقليد والإشعار دون الذبح لنقل محمد وغيره عن ابن القاسم في الهدي بغلط بذبحه غير ربه وإشعاره، فيذبحه عن نفسه إن ذلك لا يمنع إجزاءه من ربه.

ابن محرز: لابن حبيب عن أصبغ: من ذبح أضحية رجل عن نفسه تعديا أجزأته وضمن قيمتها، فمن قال: هذا لم يلزمه ما نسبناه لابن القاسم، ومن أباه فرق بان المتعدي لا شبهة له بخلاف المخطئ.

اللخمي: وإذا لم تجز في الغلط كان له أن يضمن الذابح، فإن ضمنه أو أخذها لم تبع للخلاف في إجزائها.

قلت: تذكر ما قاله في كتاب الحج.

وسمع عيسى ابن القاسم: إن ضمن الغالط فلا يبع لحمها بأكله أو يتصدق به وأكره بيعه، والمذهب منعها بغير النعم وما أمه منها كغيرها.

ابن شعبان: مثلها.

الشيخ: رواية المختصر وغيره أفضلها الضأن ثم المعز، وفي فضل البقر على الإبل وعكسه، ثالثها: لغير من بمنى للمشهور مع رواية المختصر والقاضي وابن شعبان والشيخ عن أشهب قائلا: لا أرى على من بمنى أضحية.

وأنثى كل صنف أفضل من ذكر ما بعده، وفي فضل الذكر على أنثى صنفه وتساويها روايتا اللخمي عن المختصر والمبسوط.

المازري: الأولى المشهور، ولم يحك الباجي غيرها.

وفي الفحل والخصي طريقان:

اللخمي: اختلف فيه ففي المختصر الفحل أولى.

ابن شهاب: لا ينقص خصي الضأن شيئًا.

ص: 347

المازري: المشهور تفضيل الفحل، وقال ابن شهابك هما سيان.

ابن حبيب: سمين الفحل أحب إلي من سمين الخصي، وهو أحب إلي من هزيل الفحل، ولم يحك الباجي غيره، وأقل سنها جذع الضأن وثني غيره، وتقدما في الزكاة، وسمع القرينان أكره التغالي فيها أن يجد بعشرة دراهم فيشتري بمائة.

ابن رشد: لأنه يوحي إلى المباهاة.

قال أبو أيوب: كان الرجل يضحي بالشاة عن أهل بيته ثم صارت مباهاة، وذلك في زمنه فكيف الآن.

اللخمي: يستحب استفراهها لقوله تعال: {بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107]، والقياس على قوله صلى الله عليه وسلم:((أفضل الرقاب أغلاها ثمنا)).

قلت: ظاهره خلاف الأول إلا أن يحمل على التغالي لمجرد المباهاة.

عياض: الجمهور على جواز تسمينها وكرهه ابن شعبان لمشابهة اليهود.

الشيخ: روى ابن وهب عن عدد من الصحابة والتابعين استحباب كونها بكبش عظيم سمين أقرن ينظر في سواد ويسمع فيه ويشرب فيه.

زاد الصقلي عنه أملح: قال: وهو ما كان بياضة اكثر من سواده.

ابن العربي: أفضلها ما اختار صلى الله عليه وسلم، الأقرن الفحيل.

اللخمي: يجتنب ذو عيب ويغتفر غير بينه، فلا تجزئ بينة العرج أو العور أو المرض أو العجفاء التي تنقي، وفي كونها التي لا شحم لها أو لا مخ لها، ثالثها: التي لا شيء لها منهما لابن حبيب ونقل اللخمي والجلاب.

وقول اللخمي: وعلى الثاني إن كانت بأول ذهاب شحمها، وهي قوية لم يقل مخها أجزأت؛ يرد بأنها حينئذ ذات الأمرين إلا أن يريد بأول ذهاب عقب ذهاب.

وفيها: يسير العرج غير المانع لحوقها بالغنم خفيف.

الشيخ عن سحنون: تجزئ التي أقعدها الشحم.

ص: 348

وسمع القرينان المجبورة بعد كسر إن صحت حتى لا ينقص من ثمنها ولا مشيها، ولا صحتها فكصحيحة.

ابن رشد: إن برئت عن عرج يسير فمغتفر.

وفيها: والبياض غير كائن شيء منه على الناظر مغتفر.

الباجي: روى محمد إن منعها البياض بكونه على الناظر فعور.

الباجي: وكذا ذهاب أكثر ضوئها.

زاد اللخمي وذهاب يسيره مغتفر.

ابن الحارث: اختلف إن البياض على بعض الناظر فقال مالك: لا تجزئ، وقال أشهب: إن كان على أقله أجزأ.

قلت للباجي: روى محمد إن كان على الناظر بياض يسير لا يمنعها أن تبصر أجزت، وقول ابن عبد السلام ظاهر قول أشهب إن نقص نظرها شيئًا لم تجز لا أعرفه، وخلاف نقل ابن حارث، وفي لحوق بين عيب غير الأربعة بها وقصر منع الإجزاء عليها قول الأكثر مع المشهور واللخمي عن ابن الجلاب مع ابن القصار والبغداديين.

قلت: بناء على تقديم على مفهوم العدد وعكسه، وفي الجلاب معها لا تجزئ السكاء وهي المخلوقة بلا أذنين، وعطف في التلقين على الأربعة قطع بعض الأعضاء المأكولة أو نقصه خلقة.

وفيها: لا بأس بيسير قطع الأذنين وشقها.

اللخمي: قطع ما دون الثلث يسير وما فوقه كثير، وفي كثرته قولا ابن حبيب ومفهوم قول محمد: النصف كثير.

زاد الشيخ عنه عندنا، وعزاه الباجي لابن القاسم، الشق أيسر من القطع شق النصف يسير.

المازري: رواية المتأخرين تشير إلى أن الشق والقطع باعتبار الكثرة سيان، ورأى بعض المتأخرين أن الشق أيسر من القطع.

الباجي في المبسوط: وسع مالك في يسير شق الأذن كالسمة ونحوها، وعندي لا يمنع الإجزاء إلا أن يشوه خلقها.

ص: 349

وفيها: لا بأس بالسكاء وهي الصغيرة الأذنين.

ابن القاسم: نحن نسميها الصمعاء.

الباجي: إن قبح صغر أذنيها خلقها وشوهها لم تجز.

الشيخ عن محمد: لا بأس بيسير قطع الذنب والثلث عندنا كثير.

الباجي: الصحيح أن الثلث من الأذن يسير ومن الذنب كثير؛ لأنه لحكم وعصب والأذن طرف جلد ونحوه للمازري.

وسمع القرينان الكبش يقطع الراعي من ذنبه قبضة ليخف، يجتنب في الضحايا إن وجد غيره.

ابن رشد: قطع ربع الذنب يسير ونصفه كثير اتفاقا فيهما، وفي كثرة الثلث ويسارته قولا ابن حبيب مع ابن وهب، وظاهر قول محمد النصف كثير من غير إن حد فيه حدا، ولم يحد في المدونة فيه نصفا من ثلث والثلث آخر اليسير وأول الكثير.

قلت: قول محمد وقولها إنما هو في الأذن لا الذنب والذنب أشد.

وقوله: (الثلث آخر اليسير وأول الكثير) يرد بأنهما إن صدقا عليه لزم صدق الضدين على موضوع واحد، وإلا فغير صادق فليس هو منه في شيء، وقد يجاب بأن هذا في الحكم الواحد فلعله باعتبار حكمين كالثلث في حكم تطوع ذات الزوج والثلث في معاقلة المرأة الرجل.

وصح النهي عن الخرقاء والشرقاء والمقابلة والمدابرة.

اللخمي: الخرقاء مثقوبة الأذن، والشرقاء مشقوقتها، والمقابلة مقطوعة الأذن من قبل وجهها، والمدابرة من قبل قفاها.

أبو عمر: المقابلة مقطوعة طرف الأذن، والمدابرة ما قطع من جانبي أذنها، وله في الكافي كاللخمي بزيادة ترك ما قطع معلقا بها كزنمة، وقاله الجوهري.

اللخمي: قد يحمل النهي على ما كثر من ذلك.

ابن القصار: هذا يمنع الاستحباب لا الإجزاء.

الباجي: هذا مطلق والمذهب كثير القطع يمنعه.

قلت: قول ابن القصار على أصله في قصر عيب عدم الإجزاء على الأربعة، فقول

ص: 350

ابن الحاجب النهي عنها بيان للأكمل على الأشهر، يرد بأنه قول ابن القصار والمذهب خلافه حسبما مر للخمي والباجي.

وفيها: كسر خارج القرن دون إدماء عفو وإلا فثالثها: إن لم يدم لابن رشد عن محمد عن أشهب وعن النخعي قائلاً إليه: نحى ابن حبيب وسماع ابن القاسم لا يعجبني ذلك ففسره بعدم الإجزاء؛ لأنه مرض.

اللخمي عن ابن حبيب: لا تجزئ مكسورة خارجه وداخله وإن لم يدم، وإن ذهب خارجه فقط أجزأت، ولا أري إجزاءها إن كثر شينها أو لم يشنها وبان مرضه بإدمائه، وقيد قول أشهب بخفة مرضها به.

وفي مستأصله القرنين دون إدماء نقلا الشيخ عن كتاب محمد وعن ابن حبيب.

محمد عن ابن القاسم: لا تجزئ الجرباء إن كان مرضا.

وفيها: لا تجزئ الحمرة وهي البشمة ولا الجرباء؛ لأنهما مرض، وفي ثالث حجها لا تجزئ ذات الدبرة الكبيرة.

ابن القاسم: فكذا الجرح الكبير، وسقوط الأسنان لإثغار عفو ولكسر يمنع الإجزاء.

ابن رشد: اتفاقا فيهما، وسمع ابن القاسم لا بأس بالتي خفت أسنانها أو سقطت لكبر أو هرم.

ابن رشد عن ابن حبيب: لا تجزئ ساقطتها لكبر.

المازري: هذا خلاف في حال هل ذلك نقص شين أو لا، وروى محمد لا بأس بذاهبة سن واحدة، وروى إسماعيل لا يضحي بها.

اللخمي: محمله على الاستحسان لخفته.

وذكره الباجي بلفظ: إن ذهب لها سن أو أسنان فلا يضحى بها وتركه على ظاهره، وكذا ابن بشير، وذكر القولين فيها وفي ذهاب سنين ولم يحكهما المازري إلا في سن واحدة وجعلهما خلافا في حال.

الشيخ عن ابن حبيب: إن طرحت ثنيتها ورباعيتها دون إثغار لم تجز، ومفهومه عدم لحوق ما لا يساويهما في الجمال بهما.

ص: 351