الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو جزية فقد التزم الصغار، وإن لم يؤد أبطل حق المسلمين؛ فلهذا كره عمر ذلك وغيره من الصحابة، وهم نهوا عن الشرى.
وأما البيع فإنما كان يبيعها أهل الذمة؛ لأن الأرض الخراجية إنما كانت بأيدي أهل الذمة، وكان ذلك أيضا لئلا يشتغل المسلمون بالفلاحة عن الجهاد، فلما كثر المسلمون وصار أكثرهم غير مجاهدين وصار أداءهم الخراج أنفع لعموم المسلمين من كونها بأيدي أهل الذمة لم يصر في ذلك من الصغار ما يكون في أول الإسلام إلا لمن يشتغل بعمارة الأرض عن الجهاد، وهذا لا يختص بالخراجية، بل هو رأي النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«ما دخلت هذه دار قوم إلا دخلها الذل» رواه البخاري، مع أن الأنصار كانوا هم الفلاحين لأرضهم نهوا عن الاشتغال بعمارة الدنيا عن الجهاد وهذا لا يختص بالأرض الخراجية.
وأما ما ذكره القاضي من قبول شهادة أهل الذمة في الوصية في السفر. فلا ريب أن الفرق هنا ظاهر. وهذا من الاستحسان وتخصيص العلة التي ظهر فيها الفرق. والمنع من شهادتهم على المسلمين ثبت بالنص، والإذن فيها هنا ثبت بالنص أيضا للحاجة.
[شهادة أهل الذمة على المسلمين في غير السفر]
وهل يعدى هذا إلى جميع مواضع الحاجة؟ فيه عن أحمد روايتان، بناء على أن العلة معلومة وهي موجودة في غير هذا الموضع. هذا وجه القول بالجواز. وأما وجه المنع: فإما أن نقول: لم تعلم العلة وأنها مشتركة، أو علمنا اختصاصها بهذه الصورة للضرورة العامة فيها. هذا إذا ثبت عموم المنع في غير هذه الصورة إما لفظا وإما معنى. وألفاظ القرآن لا عموم فيها بالمنع. وكذلك السنة ليس فيها لفظ عام بالمنع. لم يبق إلا القياس. وتلك المواضع أمر فيها بإشهاد المسلمين، ومعلوم أن ذاك
إنما هو عند القدرة على إشهادهما وهذا واجب في الوصية في السفر. وأما إذا تعذر إشهادهما على الدين في السفر أو على الرجعة فليس في
القرآن ما يدل على المنع من ذلك. وإذا لم يكن في الكتاب والسنة منع من إشهاد أهل الذمة عند تعذر إشهاد المسلمين لم يكن هنا قياس يخالف هذه الآية وقد عمل بها الصحابة وجمهور التابعين.
والذين لم يعملوا بها ليس معهم في خلافها لا نص ولا إجماع ولا قياس. وقد تأولوها بأنها حدس من غير أصل يسلم. وبعضهم قال: نقيس. وقال بعضهم: الشهادة باليمين.
والأقوال الثلاثة باطلة من وجوه كثيرة.
وقول من قال: لا تجوز شهادة أهل الذمة على المسلمين بحال. ليس معهم بذلك نص ولا قياس؛ ولكن كثير من الناس يغلطون لأنهم يجعلون الخاص من الشارع عاما. والله أمر بإشهاد المسلمين على المسلمين إذا أمكن فظن من ظن أن هذا يقتضي أن لا يشهد غيرهم ولو لم يوجد مسلم. وباب الشهادات مبناها على الفرق بين حال القدرة وحال العجز؛ ولهذا قبل شهادة النساء فيما لا يطلع عليه الرجال، وقد نص أحمد على شهادتين في الجراح وغيرها إذا اجتمعن ولم يكن عندهن رجال، مثل اجتماعهن في الحمامات والأعراس ونحو ذلك. وهذا هو الصواب؛ فإنه لا نص ولا إجماع ولا قياس يمنع شهادة النساء في مثل ذلك وليس في الكتاب والسنة ما منع شهادة النساء في العقوبات مطلقا.
وأما إذا نذر ذبح ولده أو نفسه فأحمد اتبع ما ثبت عن ابن عباس وهو مقتضى القياس والنص. فإن كان قادرا كان عليه كبش، وإن تلف المال فعليه كفارة يمين. وهو أصح الروايات عن أحمد، وهو الذي
صرح به في مواضع. وقيل: عليه كفارة يمين في الجميع. وقيل: لا
شيء عليه وذلك أن من نذر نذرا فعليه النذر أو بدله في الشرع، وهناك