الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستفادة والاسترشاد فإنه لا يعتبر لهما شروط من الشروط المذكورة لسؤال الجدل (1) .
[شيخنا] :
…
...
…
فصل
ذكر ابن عقيل وابن المني والمراغي وجمهور أهل الجدل أنه لا يطالبه بطرد الدليل إلا بعد تسليم ما ادعاه من دلالة البرهان، فلا ينقض دليله حتى يسلم، وإلا فإنه يجب تقديم المنع.
[متى يطالب بطرد الدليل وهل يقبل المنع بعد التسليم
؟]
قال: والتسليم إذا لم يقع بترك مسألة لازمة تجاوزها إلى ما بعدها إما لمساهلة في النظر، وإما لضرب من التدبر على الخصم، وإما للعجز والجهل. ثم هؤلاء الجدليون [المتأخرون] لا يقبلون المنع بعد التسليم، قالوا: لأنه كالرجوع عن الإقرار.
وكذلك ذكر القاضي وغيره أنه إذا منع ثبوت وصف العلة بعد النقض لم يقبل؛ لأن النقض اعتراف بوجود العلة وهي مذكورة في أصل الكتاب؛ وهذا ضعيف لوجهين:
أحدهما: أن السكوت لا يدل على التسليم والإقرار كما لو اشترى منه شيئا فإنه لا يقضي أنه مقر له بالملك، أكثر ما فيه أنه أخر السؤال وتركه، وفرق بين عدم منعه وبين تسليمه وليس كل من لم ينف أو يمنع يكون موافقا.
الثاني: أنه لو اعترف صريحا بصحة مقدمة لجاز رجوعه عنها، بل وجب إذا تبين له الحق في خلافها، وهذا ليس كالإقرار بحقوق الآدميين، فإنه لو أقر بحق لله لجاز رجوعه عنه، فكيف بالأقوال الاعتقادية التي يجب فيها اعتقاد الحق فهو كرجوع المفتي عما تبين له خطؤه [ورجوع الحاكم والشاهد والمحدث عما تبين له خطؤه] ٍ كذلك
(1) المسودة ص 551، 552 ف 2/؟؟.
رجوع المناظر سواء، وليس هذا عيبا عليه في عقله ولا دينه؛ لأن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، كرجوع الباقين، وهذا بناء منهم على البناء بمقدمة مسلمة وإن لم تكن معلومة؛ لكن فرق بين دوام التسليم والإقرار وبين الرجوع عنه، وقد اعترفوا بالفرق بين أسئلة الجدل وأسئلة الاسترشاد، ومن هنا تخبط، وإلا فلا ينبغي الجدل إلا على وجه الإرشاد والاسترشاد دون الغلبة والاستذلال، وإنما لأهل الجدل والأصول في الجدل العلمي من الحيل والاصطلاح الفاسد أوضاع كثيرة، كما أن للفقهاء والحكام في الجدل الحكمي نحو ذلك، والواجب رد جميع أبواب الجدل والمخاصمة في العلم وفي الحقوق إلى ما دل عليه الكتاب والسنة (1) .
(1) المسودة ص 552، 553 ف 2/؟؟.