الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[شيخنا] :
…
...
…
فصل
[خبر الواحد إذا طعن فيه السلف]
خبر الواحد إذا طعن فيه السلف لم يجز الاحتجاج به عند الحنفية، وقد روي ما يشبه قولهم عن علقمة في إنكاره على الشعبي حديث فاطمة لما طعن فيه عمر وغيره (1) .
فصل
[الأخذ بالحديث الضعيف والمرسل إذا لم يخالفه ما هو أثبت منه أو للاعتبار به الضعيف في اصطلاحهم]
ذكر القاضي كلام أحمد في الحديث الضعيف والأخذ به، ونقل الأثرم قال: رأيت أبا عبد الله إن كان الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في إسناده شيء يأخذ به إذا لم يجئ خلافه أثبت منه، مثل حديث عمرو بن شعيب وإبراهيم الهجري، وربما أخذ بالمرسل إذا لم يجئ خلافه، وتكلم عليه ابن عقيل. وقال النوفلي: سمعت أحمد يقول: إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والأحكام شددنا في الأسانيد، وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يرفع حكما فلا نصعب. قال القاضي: قد أطلق أحمد القول بالأخذ بالحديث الضعيف، فقال مهنا: قال أحمد: الناس كلهم أكفاء إلا الحائك والحجام والكساح. فقيل له: تأخذ بحديث: «كل الناس أكفاء إلا حائكا أو حجاما» وأنت تضعفه؟! فقال: إنما نضعف إسناده، ولكن العمل عليه وكذلك قال في رواية ابن مشيش وقد سأله عمن تحل له الصدقة، وإلى أي شيء تذهب في هذا؟ فقال: إلى حديث حكيم بن جبير. فقلت: وحكيم بن جبير ثابت عندك [في الحديث] قال: ليس هو عندي ثبتا في الحديث. وكذلك قال مهنا: سألت أحمد عن حديث معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن غيلان أسلم وعنده عشر نسوة. قال: ليس بصحيح والعمل عليه، كان عبد الرزاق يقول: معمر عن الزهري مرسلا. قال القاضي: معنى قول أحمد
(1) المسودة ص 272، 273 ف 2/9.
«ضعيف» على طريقة أصحاب الحديث؛ لأنهم يضعفون بما لا يوجب التضعيف عند الفقهاء كالإرسال والتدليس والتفرد بزيادة في حديث لم يروها الجماعة، وهذا موجود في كتبهم: تفرد به فلان وحده. فقوله: «هو ضعيف» على هذا الوجه. وقوله: «والعمل عليه» معناه على طريقة الفقهاء. قال: وقد ذكر أحمد جماعة ممن يروي عنه مع ضعفه، فقال في رواية إسحاق بن إبراهيم: قد يحتاج أن يحدث الرجل عن الضعيف مثل عمرو بن مرزوق وعمرو بن حكام ومحمد بن معاوية وعلي بن الجعد وإسحاق بن أبي إسرائيل ولا يعجبني أن يحدث عن بعضهم. وقال في رواية ابن القاسم في ابن لهيعة: ما كان حديثه بذاك، وما أكتب حديثه إلا للاعتبار والاستدلال، أنا قد أكتب حديث الرجل كأني أستدل به مع حديث غيره يشده، لا أنه حجة إذا انفرد. وقال في رواية المروذي: كنت لا أكتب حديثه -يعني جابرا الجعفي- ثم كتبته اعتبر به. وقال له مهنا: لم تكتب عن أبي بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف؟ قال: أعرفه. قال القاضي: والوجه في الرواية عن الضعيف أن فيه فائدة، وهو أن يكون الحديث قد روي من طريق صحيح فتكون رواية الضعيف ترجيحا (1) ، أو ينفرد الضعيف بالرواية فيعلم ضعفه، لأنه لم يرو إلا من طريقه، فلا يقبل.
قال شيخنا: قوله: «كأني أستدل به مع حديث غيره؛ لا أنه حجة إذا انفرد» يفيد شيئين؛ أحدهما: أنه جزء حجة، لا حجة، فإذا انضم إليه الحديث الآخر صار حجة؛ وإن لم يكن واحد منهما حجة فضعيفان قد يقومان مقام قوي (2) . الثاني: أنه لا يحتج بمثل هذا منفردا، وهذا يقتضي أنه لا يحتج بالضعيف المنفرد، فإما أن يريد به نفي الاحتجاج
(1) نسخة: «مرجحًا» .
(2)
نسخة: «قد يقويان» .
مطلقا، أو إذا لو يوجد أثبت منه. قال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: ما تقول في حديث ربعي بن خراش؟ قال: الذي يرويه عبد العزيز بن أبي رواد؟ قلت: نعم. قال: لا، الأحاديث بخلافه، وقد رواه الحفاظ عن ربعي عن رجل لم يسموه. قال: قلت: فقد ذكرته في المسند؟ قال: قصدت في المسند المشهور وتركت الناس تحت ستر الله ولو أردت أن أفصل ما صح عندي لم أرو من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء ولكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث، لست أخالف ما ضعف من الحديث إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه. [ذكره القاضي في مسألة الوضوء بالنبيذ] .
قال شيخنا: قلت: مراده بالحديث الذي رواه ربعي عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قدم أعرابيان فشهدا» أو حديث: «لا تقدموا الشهر» أو غيرهما.
قال شيخنا: قلت: وعلى هذه الطريقة التي ذكرها أحمد بنى عليه أبو داود «كتاب السنن» لمن تأمله، ولعله أخذ ذلك عن أحمد، فقد بين أن مثل عبد العزيز بن أبي رواد ومثل الذي فيه رجل لم يسم يعمل به إذا لم يخالفه ما هو أثبت منه.
وقال أحمد في رواية أبي طالب: ليس في السدر حديث صحيح، وما يعجبني قطعه، لأنه على حال قد جاء فيه كراهة. قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يقول: إذا كان في المسألة عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث لم نأخذ فيها بقول أحد من الصحابة ولا من بعدهم خلافه، وإذا كان في المسألة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قول مختلف نختار من أقاويلهم ولم نخرج عن أقاويلهم إلى قول من بعدهم، وإذا لم يكن فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة قول نختار من أقوال التابعين، وربما كان الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في إسناده شيء فنأخذ به إذا لم يجئ خلافه أثبت منه، وربما