الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شيخنا: ثم رأيت القاضي قد صرح بهذا الفرق في مسألة المستور. وأما في مقدمة المجرد فقال: الخبر المرسل أن يروي عن رجل ولا يذكر اسمه، أو عمن لم يلقه، ثم قال: ولا يقبل خبر من لم تعرف عدالته وإن عرف مجرد إسلامه على نصوص أحمد فلأن يعرف فيجعل ذلك حجة في رد حديثه، فالأول فيمن لم يعرف اسمه، وهنا قد عرف (1) .
[شيخنا] :
…
...
…
فصل
[فالمرسل طبقات]
قد ذكر القاضي أن من صور المرسل أن يروي عن مجهول لم يعرف عينه كقوله: «رجل من بني فلان» فاحتج مخالفه بأن الجهل بعين الراوي أكبر من الجهل بصفته، لأن من جهلت عينه جهلت عينه وصفته، ثم ثبت أنه لو كان معروف العين مجهول الصفة مثل أن يقول:«أخبرني به فلان ولا أعرف أثقة هو أم غير ثقة» لم يقبل خبره، فبأن لا يقبل خبره إذا لم يذكره أصلا أولى. فقال القاضي: والجواب أنا لا نسلم أن صفته مجهولة؛ لأن رواية العدل عن رجل تعديل له، لا يجوز في حقه أن يروي عن فاسق. وقد قيل: إذا كان فلان معروفا بالإسلام فإنه يقبل خبره، لأن ظاهر أمره العدالة وترك مواقعة المحظور، وجواز أن يكون فعل ما يوجب جرحا في شهادته غير معلوم فلم يكن في معرفة عدالته أكثر من عدم العلم بجرحه. فإن قيل: فيجب أن تقبل شهادته وإن لم يبحث عن عدالته للمعنى الذي ذكرته. قيل: تقبل شهادته في إحدى الروايتين. فعلى هذا لا فرق. ولا نقبلها في الأخرى احتياطا للشهادة كما احتطنا لها من الوجوه التي ذكرناها.
قال شيخنا: قلت: فقد ذكر أنه تقبل رواية المستور وإن لم تقبل
(1) المسودة ص 252-255 ف 2/9.
شهادته، وجعل المجهول العين أجود، إذ الرواية عنه تعديل، بخلاف المعين الذي صرح بعدم العلم بعدالته، فيكون المرسل طبقات:
أحدها: أن يجزم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله.
الثاني: أن يقول: حدثني رجل، أو فلان. ألا ترى أن شهود الفرع لو شهدوا بما سمعوه من شهود الأصل جاز وكانت شهادة استفاضة. ومتى قالوا: أشهدنا فلان أو شاهد فلان فلا بد من البحث عن الأصول.
الثالث: أن يقول: ولا أعلم حاله.
وأما إذا قال: حدثني الثقة ففي كونه مرسلا وجهان: أصحهما أنه ليس بمرسل. ولو قال: حدثني فلان وهو ثقة لم يكن مرسلا بالاتفاق.
ثم ذكر القاضي مسألة مستقلة: أنه لا يقبل خبر من لم تعرف عدالته وإن عرف إسلامه، وقد قال أحمد في رواية الفضل بن زياد وقد سأله عن ابن حميد يروي عن مشايخ لا نعرفهم وأهل البلد يثنون عليهم، فقال: إذا أثنوا عليهم قبل ذلك منهم، هم أعرف بهم. قال: وظاهر هذا أنه لا يقبل خبره إذا لم تعرف عدالته لأنه اعتبر تعديل أهل البلد لهم.
قال شيخنا: قلت: هذا في كلام أحمد كثير جدا. قال: وحكي عن أبي حنيفة أنه يقبل خبر من لم تعرف عدالته إذا عرف إسلامه. واحتج القاضي بأن كل خبر لم يقبل من فاسق كان من شروطه معرفة عدالة المخبر كالشهادة. قال: ولا يلزم عليه الخبر المرسل؛ لأن رواية العدل عنه تعديل. قال: وخبر الأعرابي الشاهد بالهلال يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم عرف من حال الشاهد أنه عدل ثقة فلذلك حكم بشهادته. قال: وليس من شرطه معرفة العدالة الباطنة؛ لأن اعتبارها يشق، ويفارق