الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطاب إذا استقر كان ما يرد بعده مما يوجب تركه نسخا، وكذلك ذكر أبو محمد أنه لو ثبت حكم المفهوم واستقر بتراخي البيان يكون نسخا.
قال شيخنا: قلت: هذا ينبني على جواز تأخير البيان: إن لم نجوزه فالتراخي يقتضي الاستقرار وإن جوزناه فالتراخي لا يقتضي الاستقرار (1) .
[شيخنا] :
…
...
…
فصل
[إذا نسخ الأصل فهل تتبعه فروعه]
إذا نسخ الأصل تبعت فروعه، مثله القاضي بمسألتين إحداهما نسخ التوضؤ بالنبيذ النيء يتبعه المطبوخ وقد أجزأ بنية من النهار فكذلك كل صوم معين مستحق ثم نسخ وجوبه وبقي حكمه في غيره. والأولى صحيحة، وفيها نظر أيضا. فإن المنسوخ عندهم تجويز شربه فتتبعه الطهورية فإنها نفس المسألة.
وأما المسألة الثانية: ففيها نظر، والصحيح فيها أن ذلك لا يوجب نسخ ذلك الحكم. وأصحابنا كثيرا ما يسلكون هذه الطريقة إلى استدلالهم (2) ، وذلك بأن المنسوخ هو وجوب صوم يوم عاشوراء فسقط أجزاؤه بنية من النهار لعدم المحل. فأما كون الواجب يجزئ بنية من النهار فلم يتعرض لنسخه.
وهذا مثل احتجاجهم في القرعة بقصة يونس، وهي في الذم. ومما يشبه نسخ بعض الأصل قرعة يونس على إلقاء نفسه في اليم، فإن الاقتراع على مثل هذا لا يجوز في شرعنا، لأن المذنب نفسه لو عرفناه لم نلقه، فهل يكون نسخ القرعة في هذا الأصل نسخا لجنس القرعة؟
(1) المسودة في أصول الفقه ص 111، 212 ف 2/8.
(2)
نسخة: «في استدلالهم» .
أصحابنا قد احتجوا بهذه الآية على القرعة. وأقرب منه قرعة زكريا، فإنهم اقترعوا على الحضانة، وهو جائز، لكن المقترعون كانوا رجالا أجانب فاقترعوا لأنهم قد كان في شرعهم له ولاية حضانة المحررة، فارتفاع الحكم في عين الأصل لا يكون رفعا له في مثل ذلك الأصل إذا وجد.
ومثل ذلك نهيه لمعاذ عن الجمع بين الائتمام وإمامة قومه إذا كان للتطويل عليهم هل يكون نسخا لما دل الجمع عليه من ائتمام المفترض بالمتنفل؟ قال القاضي في مسألة «نسخ الأصل نسخ لفرعه» : احتج المخالف بأنه لو نسخ ذلك لكان نسخا بالقياس على موضع النص، وهذا لا يجوز بالإجماع. فقال: والجواب: أنه ليس بنسخ بالقياس، وإنما زال الموجب فزال ما تعلق به، كما إذا زالت العلة زال الحكم المتعلق بها. قال: وإنما النسخ بالقياس أن ينسخ حكم الفرع بعد استقراره بالقياس على أصل شرع بعد استقراره، وهذا لا يجوز بالإجماع. فأما إزالته بنسخ أصله فليس بنسخ بالقياس.
قال شيخنا: قلت: بل هو في المعنى نسخ بالقياس كما هو إثبات بالقياس؛ لأن الحكم الثابت في الأصل أثبت في الفرع قياسا، ثم إذا ثبت التحريم في الأصل ثبت في الفرع قياسا، إلا أن يقول القاضي: أنا أزيل حكم الأصل عن الفرع ولا أثبت ضده فلا يمشي هذا، لأن الفرع كان قد ثبت فيه حكم الأصل فلا بد من مزيل إما خطاب وإما حكم، والخطاب لم يتناوله فثبت أنه نسخ لحكم الأصل، وهذا جائز ولهذا قال لما ذكر المسألة مفردة: وأما القياس فلا ينسخ لأنه مستنبط من أصل فلا يصح نسخه مع بقاء الأصل المستنبط منه، والأصل باق فكان القياس باقيا ببقائه، وإذا لم يصح نسخه لم ينسخ به أيضا، لأنه إنما يصح ما لم يعارضه أصل، فإن عارضه أصل سقط في نفسه فبطل أن ينسخ الأصل به.