الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القياس
[شيخنا] :
…
... فصل
الكلام في «القياس» : في صحته، ودلالته، ثم في وجوب اتباعه، واعتقاد مدلوله:
فإن الكلام في كون الشيء يفيد الاعتقاد علما أو ظنا غير الكلام في الاستدلال به واعتقاد موجبه.
ثم أن يقال: كلاها ثبت بالشرع فقط، أو بالعقل أيضا، أو أحدهما بأحدهما.
فالأول قول ابن عقيل: إن صحته ووجوب العمل به إنما ثبت بالشرع فقط. وهذا قول المعممة في التصويب، إذ ليس للأدلة عندهم صفة تدل بها في الظنيات.
والثاني -وهو أ، يقال: كلاهما ثبت بالعقل- فهذا قد يقوله من يقول بالإيجاب العقلي.
وأما الثالث -وهو أن صحته ودلالته قد تعلم بالعقل ثم تعلم بالسمع أو ما ظهر به وجب اتباعه- فهذا أشبه بقول أكثر أصحابنا الذين يجعلون المصيب واحدا، ولا إيجاب إلا بالشرع، فإنا نعلم بعقولنا أن النظر في علة الأصل وما دل عليها يغلب على الظن أن الفرع عند الشارع بمنزلتها، بل بعض الأحيان يكون الظني اضطراريا، كما يكون
العلم اضطراريا. ثم نعلم بالسمع أن مثل هذا يعتقد به الحكم، كما أن ظهور صدق العدل المخبر والشاهدين يعلم بالعقل. ثم كون هذا التصديق موجبًا للعمل يعلم بالسمع؛ فإن العقل قد يعرف الأدلة، ويعلم بالنظر فيها حصول اعتقاده، كما قيل في معرفة الله تعالى؛ ثم وجوب النظر والاعتقاد سمعي.
ثم قد يقال هنا: قد دلت الأدلة الشرعية العامة أن ما ظهر من أحكام الله ورسوله وجب اتباعه عموما؛ فإنه إذا استفدنا بالنظر فيها اعتقادا قويا أن هذا حكم الله من غير معارض مقاوم فقد علم بالأدلة السمعية وجوب اتباع مثل ذلك.
وعلى هذا فالقول في القياس الشرعي كالقول في القياس العقلي، وحصول الاعتقاد به لا يتوقف على ما يدل من جهة الشرع على صحة القياس. وأما وجوب النظر فيه أو الاعتقاد به فبالشرع.
وعلى قول ابن عقيل فالعلل الشرعية أمارات مجعولة لمن يقيس الحكم لصفة هو عليها، وقد صرح بذلك في غير موضوع. وأما على القول الأول فإنها لصفات هي عليها.
قال القاضي في كتاب القولين: القياس الشرعي قد نص أحمد في مواضع على أنه حجة تعلق الأحكام عليه، فقال في رواية محمد بن الحكم: لا يستغني أحد عن القياس، وعلى الإمام والحاكم يرد عليه الأمر أن يجمع له الناس ويقيس. وكذلك نقل الحسين بن حسان: القياس: هو أن يقيس على أصل إذا كان مثله في كل أحواله. وكذلك نقل أحمد بن القاسم: لا يجوز بيع الحديد والرصاص متفاضلاً قياسًا على الذهب والفضة.
قال: وحكى شيخنا أبو عبد الله أن من أصحابنا من قال:
ليس بحجة قال: لأن أحمد قال في رواية الميموني: يجتنب المتكلم في