الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال حنبل: سمعت أبا عبد الله يقول: ما حديث ابن لهيعة بحجة، إلا أني كنت كثيرا ما أكتب حديث الرجل لا أعرفه ويقوي بعضه بعضا.
وسأله المروذي عن جابر الجعفي، فقال: قد كنت لا أكتب حديثه ثم كتبته أعتبر به.
وقال له مهنا: لم تكتب حديث ابن أبي مريم وهو ضعيف؟ قال: أعرفه. وقال سمعته يقول لرجل عنده في حديث رجل متروك، قال له الرجل: قد رميت بحديثه ما أدري أين هو، قال له أبو عبد الله: ولم؟ كيف لم تدعها حتى تنظر فيها وتعتبر بها (1) .
[إذا قال الصحابي أو التابعي من السنة كذا أو أمرنا بكذا ونهينا عن كذا]
مسألة: إذا قال الصحابي: «من السنة كذا وكذا» اقتضى سنة النبي صلى الله عليه وسلم عند أصحابنا وعامة الشافعية وجماعة من الحنفية منهم أبو عبد الله البصري. وقال أبو بكر الرازي والكرخي والصيرفي: لا يقتضي ذلك، واختاره الجويني.
قال القاضي: إذا قال الصحابي: «من السنة كذا» كقول علي: «من السنة ألا يقتل حر بعبد» اقتضى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك إذا قال التابعي:«من السنة كذا» كان بمنزلة المرسل، فيكون حجة على الصحيح من الروايتين، كما قال سعيد بن المسيب:«من السنة إذا أعسر الرجل بنفقة امرأته أن يفرق بينهما الحاكم» وكذا إذا قال الصحابي: «أمرنا بكذا ونهينا عن كذا» فإنه يرجع إلى أمر النبي صلى الله عليه وسلم ونهيه، وكذلك إذا قال:«رخص لنا في كذا» وقد نقل أبو النظر العجلي عن أحمد في جراحات النساء مثل جراحات الرجال حتى تبلغ الثلث، فإذا زاد فهو على النصف من جراحات الرجال، قال: وهو قول زيد بن ثابت، وقول علي كله على النصف. قيل له: كيف لم تذهب إلى قول علي؟ قال: لأن هذا يعني قول زيد ليس بقياس، قال: قال سعيد بن المسيب: «هو السنة» .
(1) المسودة ص 294، 295 ف 2/9.
قال القاضي: وهذا يقتضي أن قول التابعي: «من السنة» أنها سنة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه قدم قول زيد على قول علي، لأنه وافق قول سعيد:«إنما هي السنة» وبين أنه ليس بقياس. قال: وقد رأيت هذا لبعض أصحابنا ويغلب على ظني أنه أبو حفص البرمكي ذكره في مسائل البرزاطي لما روى الحديث عن ابن عمر أنه قال: «مضت السنة أن ما أدركت الصفقة حبا مجموعا فهو من مال المبتاع» فقال بعد هذا: صار هذا الحديث مرفوعا بقوله: «مضت السنة» ويدخل في المسند. حرر ابنه عبد الله أن هذا القائل هو ابن بطة.
قال شيخنا رضي الله عنه: قلت: ويغلب على ظني أن هذا الضرب لم يذكره أحمد في الحديث المسند، فلا يكون عنده مرفوعا (1) .
مسألة: فإن قال التابعي ذلك فكذلك، إلا أنه يكون بمنزلة المرسل، وقد أومأ أحمد إلى ذلك.
والد شيخنا: قال المقدسي: وقول التابعي والصحابي في ذلك سواء، إلا أن الاحتمال في قول الصحابي أظهر وذكر قول التابعي في هذه وفي التي بعدها. قال أبو الخطاب: في ذلك وجهان، بناء على المرسل.
قال شيخنا رضي الله عنه: الخلاف في «أمرنا» و «نهينا» إنما يتوجه عند الإطلاق، وأما عند الاقتران -بأن الأمر كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو زمنه- فلا يتوجه، كقول أنس في الأذان:«أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة» في السياق المعروف، وكقول عائشة:«كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة» وقول زيد بن أرقم: «كان الرجل منا يحدث أخاه وهو في الصلاة حتى نزل قوله {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [238/2] فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام» وقول سهل بن سعيد: «كان الناس يؤمرون أن يضعوا أيمانهم على شمائلهم» .
(1) المسودة ص 295، 296 ف 2/9.