الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمر المطلق. يبقى أن يقال: فهل يكون حقيقة أو مجازا؟ فهذا بحث
[اصطلاحي]
.
وقد أجاب عنه أبو محمد البغدادي بأنه مشكك كالوجود والبياض. وأجاب القاضي بأن الندب يقتضي الوجوب فهو كدلالة العلم على بعضه، وهو عنده ليس مجازا، وإنما المجاز دلالته على غيره.
قال شيخنا رضي الله عنه: قلت: الندب الذي هو [الطلب] غير الجازم [جزء من] الطلب [الجازم] فتكون [فيه الأقوال الثلاثة التي هي في العام] يفرق في الثالثة بين القرينة اللفظية المتصلة، كقولك: من فعل فقد أحسن وبين غيرها (1) .
فصل
قال القاضي: كون الفعل حسنا ومرادا يدل على الوجوب ما لم يدل دليل على التخيير، وفي النوافل والمباحات قد ذكر الدليل؛ فلهذا لم يقتض الوجوب.
قال: وجواب آخر: أنا لا نسلم أن الأمر يدل على حسن المأمور به وإنما يدل على طلب الفعل واستدعائه من الوجه الذي بينا، وذلك يقتضي الوجوب، وهذا هو الجواب المعول عليه.
قال شيخنا: قلت: فيه فائدتان، إحداهما: نفي الأول. والثانية: قوله: «يدل على الطلب والاستدعاء» فجعله مدلول الأمر لا غير الأمر (2) .
[الأمر دال على اللفظ والمعنى وله صيغة]
مسألة: في أن للأمر صيغة [حقق الجويني] صحة هذه العبارة على
(1) المسودة ص 7 ف 2/17.
(2)
المسودة ص 8 ف 2/17.
كلا المذهبين: مذهب مثبتي كلام [النفس] ومذهب نفاته. فقولنا: صيغة الأمر. عند من أثبته، فمعناه أن لهذا المعنى صيغة عبارة تشعر به. وأما من نفاه فقولهم:«صيغة الأمر» كقولك ذات الشيء ونفسه، وآيات القرآن، وأن الأشعرية القائلين بالوقف اختلفوا في تنزيل مذهبه؛ فمنهم من قال: الصيغة مشتركة وضعا. ومنهم من قال: المعنى بالوقف أنا لا ندري على أي وضع جرى قول القائل: «افعل» في اللسان فهو إذا مشكوك فيه.
ومنه ابن عقيل أن يقال للأمر والنهي صيغة، أو أن يقال: هي دالة عليه، بل الصيغة نفسها هي الأمر والنهي، والشيء لا يدل على نفسه. قال: وإنما يصح هذا على قول المعتزلة الذي يقولون: الأمر والنهي والإرادة والكراهة، والأشاعرة الذين يقولون: هما معنى قائم بالنفس، والصيغة دالة على المعنى وحكاه عنه (1) . وأما أصحابنا فإني تأملت المذهب فإذا به يحكم بأن الصيغتين أمر ونهي، قال: فقول شيخنا: الصيغة دالة بنفسها على الأمر والنهي اتباع لقول المتكلمين، وإلا فليس لنا أمر ونهي غير الصيغة؛ بل ذلك قول وصيغة، والشيء لا يدل على نفسه.
قال شيخنا أبو العباس حفيد المصنف: قلت: قول القاضي وموافقيه صحيح من وجهين؛ أحدهما: أن الأمر مجموع اللفظ والمعنى، فاللفظ دال على التركيب وليس هو عين المدلول. الثاني: أن اللفظ دال على صيغته التي هي الأمر به، كما يقال: يدل على كونه أمرا، ولم يقل: على الأمر (2) .
(1) قلت: لعله: وحكاية عنه.
(2)
المسودة ص 8، 9 ف 2/17.