الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثواب ولا عقاب. وفيه احتراز من فعل الصبيان والمجانين والبهائم (1) .
[شيخنا] : فصل
الجائز: ما وافق الشريعة، وقد يريد به الفقهاء ما ليس بلازم (2) .
[الأعيان المنتفع بها قبل الشرع هل هي على الحظر أو الإباحة]
مسألة: الأعيان المنتفع بها قبل الشرع (3) على الحظر في قول ابن حامد والقاضي والحلواني، وبه قال ابن أبي هريرة؛ حكاه عنه القاضي أبو يعلى وأبو الطيب. وذكر أصحاب الحظر من أصحابنا وغيرهم -منهم الحلواني- أن ما تدعو إليه الحاجة من التنفس والتنقل وأكل ما يضطر إليه من الأطعمة جائز؛ وإنما المنع مما لا تدعو إليه الحاجة [فإن العقل لا يمنع هذا كما أن الشرع لا يمنعه، وأعاد ذلك مرة ثانية وقال: لا يقبح تناول هذه الأشياء عند الحاجة وخوف الضرر، والمعتزلة البغداديون والإمامية] . وقالت الحنفية فيما ذكره أبو سفيان وأهل الظاهر وابن سريج وأبو حامد المروذي الشافعيان والمعتزلة البصريون وأبو هاشم الجبائي ووالده: هي على الإباحة، وحكى ابن برهان أن هذا قول ابن أبي هريرة، من أصحابهم، وهو ظاهر كلام أحمد في رواية أبي طالب وقد سأله عن قطع النخل فقال: لا بأس به، لم نسمع في قطع النخل شيئًا، فحكم بالإباحة حيث لم يرد سمع بحظره. قال القاضي: هو ظاهر كلام أبي الحسن التميمي لأنه نص على جواز الانتفاع قبل الإذن (4) من الله وهذا اختيار القاضي في مقدمة المجرد، وهذا اختيار أبي الخطاب، وقال أبو الحسن (5) الخزري من أصحابنا والأشعرية: هي على الوقف، قال أبو الخطاب: وأراه أقوى على أصل من يقول: إن العقل لا مدخل له في الحظر والإباحة وهو قول أكثر أصحابنا، وهو قول الصيرفي وأبي علي
(1) المسودة ص 577 ف 2/4.
(2)
المسودة ص 577 ف2/4.
(3)
في أ: «قبل المسمع» وهو محرف عن «قبل السمع» .
(4)
في ب: «قبل الأمر» .
(5)
في أ: «وهذا اختيار أبي الخطاب الخزري» .
الطبري الشافعيين، قال أبو الحسن صاحبنا من قال: كانت على الإباحة فقد أخطأ وذكر القاضي أن القائل بالوقف موافق للقائل بالإباحة في التحقيق؛ لأن من قال بالوقف يقول: لا يثاب على الامتناع منه ولا يأثم بفعله، وإنما هو خلاف في عبارة. وقال ابن عقيل: بل القول بالوقف أقرب إلى الحظر منه إلى الإباحة.
قال شيخنا: قلت: كلام أبي الحسن الخزري يوافق قول ابن عقيل لأنه يحتج على الفتوى بالإقدام عليها كما يحتج الحاظر والمبيح. يعني بالتناول (1) .
قال شيخنا: قلت: هذا على قول من فسر الوقف بالشك دون النفي، مع أن كلام ابن عقيل أنه (2) ثابت على التفسيرين.
قال والد شيخنا: وقال ابن عقيل: الأليق بمذهبه أن يقال: لا ندري ما الحكم. وقال ابن عقيل: لا حكم لها قبل السمع، وهذا هو الصحيح الذي لا يجوز على المذهب غيره، وهذا اختيار أبي محمد أيضا؛ لكن أبو محمد يفسره بنفي الحكم مطلقا (3) وبعدم الحرج كاختيار الجد، وكذلك فسر ابن برهان مذهب الوقف فقال: هي على الوقف عندما لا يوصف بحظر ولا إباحة ولا وجوب، بل هي كأفعال البهائم (4)، وكذلك قال أبو الطيب: تفسير الوقف: أنه لا يقال: إنها مباحة ولا محظورة إلا بورود الشرع، فما ورد بالإذن فيه فهو مباح وما ورد بالمنع منه فهو محظور. وذكر في أثناء كلامه أنه كفعل البهيمة، وأن الواقفة يجزمون بأن لا إثم قبل الشرع، وقال أبو زيد في جماعة من
(1) في نسخة: «يفتي» بدل يعني.
(2)
كلمة «أنه» ساقطة من أ.
(3)
كلمة «مطلقا» ساقطة من أ.
(4)
في أ: «كفعل البهائم» .
متأخري المعتزلة: لا حكم لها قبل السمع وبعدما ورد السمع تبينا أنها كانت مباحة، حكاه ابن برهان. وذكر أبو الطيب في آخر المسألة أكثر مما ذكره القاضي من الإشكال وجوابه، وذكر داود استدلال بعض أصحابه به. والقائلون بالحظر اختلفوا في القدر الذي لا تقوم النفس إلا به كالتنفس في الهواء وشرب الماء وأكل الطعام الذي يسد الرمق: هل هو محظور أو مباح؟ على قولين، والذي ذكره القاضي أن التنفس والانتقال في الجهات إذا كان لحاجة جاز، لأن الإذن قد دخل فيه من جهة العقل. قال: فنظيره أن يضطر إلى أكل طعام غيره فيباح، لأن العقل لا يمنع من هذا كما لا يمنع الشرع من ذلك عند الحاجة، وإن لم تكن به حاجة منعناه، وادعى ذلك مرة ثانية وذكر أيضا في «اللامع» أنه إذا كان السمع هو الحاظ والمبيح فالسمع ورد مفصلا لم يرد حاظر. ثم ورد سمع آخر مبيحا أو ورد مبيحا ثم ورد سمع آخر حاظرًا. وأجاب عن قوله:{خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [29/2] قال: معناه للاعتبار، لا للإتلاف، وأول قوله:{أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [5/5] بأن معناه ما هو داع إلى فعل الواجب، ويجوز أن يقال: الطيبات هي الحلال؛ ثم هو معارض بقوله: {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} [40/79] .
قال شيخنا: قلت: هذا أحد الاحتمالين في الروضة وأحد قولي أصحابنا وغيرهم بأن ما قبل السمع هل يستصحب إذا قامت الأدلة السمعية على عدم الإباحة إلا ما استثناه الدليل؟ قال القاضي: واحتج الواقف بأن كونه على الحظر أو على الإباحة أنها تعلم على قولكم قبل الشرع بالعقل وما علم حكمه بدليل لا يجوز أن يرد الشرع بخلافه مثل شكر المنعم وقبح الظلم. قال: والجواب أنه كذلك فيما عرف ببدائه العقل وضرورات العقول كالتوحيد وشكر المنعم وقبح الظلم؛ فأما ما يعرف بثواني العقول استنباطا واستدلالا فلا يمنع أن يرد الشرع بخلافه،
لأنا قلنا على الحظر وجوزنا أن يكون على الإباحة أو على الوقف، ولكن كان هذا عندنا أظهر فصرنا إليه فإذا ورد الشرع كان أولى مما عرفناه استدلالا مع تجويز غيره. ثم أجاب بأن ورود الشرع إذن في التصرف، وورود الإذن في الثاني لا يمنع حظرا متقدما، وذكر أنه محظور لمعنى لا لعينه [فلا يمتنع ورود الشرع بخلافه](1) .
[شيخنا] : فصل
اختلف جواب القاضي وغيره من أصحابنا في «مسألة الأعيان» مع قولهم بأن العقل لا يحظر ولا يبيح فقال القاضي: وأبو الخطاب والحلواني: إنما علمنا أن العقل لا يحظر ولا يبيح إلا بالشرع وخلافنا في هذه المسألة قبل ورود الشرع: إن العقل يحظر ويبيح إلى أن ورد الشرع فمنع ذلك، إذ ليس قبل ورود الشرع ما يمنع ذلك. قال الحلواني: وأجاب بعض الناس عن ذلك بأنا علمنا ذلك من طريق شرعي، وهو الإلهام من قبل الله لعباده بحظر ذلك وهذا غير ممتنع كما ألهم أبو بكر وعمر.
قال شيخنا: كلا الجوابين ضعيف على هذا الأصل. وكذلك ذكر القاضي الجواب الثاني فقال: وقد قيل: إنا قد علمنا ذلك من طريق شرعي، وهو إلهام من الله لعباده بحظر ذلك وإباحته، كما ألهم أبا بكر أن قال: الذي في بطن أم عبد جارية (2) وكما ألهم عمر أشياء ورد الشرع بموافقتها.
قال القاضي: الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع اختلف الناس فيها، فذكر شيخنا رضي الله عنه أنها على الحظر إلى أن يرد الشرع