الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أوهم امرأته القرآن. وقد يكون واجبا إذا تضمن دفع ضرر يجب دفعه ولا يندفع إلا بذلك.
قال شيخنا: والضابط: أن كل ما وجب بيانه فالتعريض فيه حرام، لأنه كتمان وتدليس (1) .
[المجاز]
مسألة: في القرآن مجاز نص عليه بما خرجه في متشابه القرآن في قوله: «إنا» و «نعلم» و «منتقمون» هذا من مجاز اللغة، يقول الرجل: إنا سنجري عليك رزقك، إنا سنفعل بك خيرا.
[قال شيخنا: قد يكون مقصوده يجوز في اللغة](2) .
[شيخنا] :
…
...
…
فصل
استدل القاضي على أن اللفظ الواحد يجوز أن يكون متناولا لموضع الحقيقة والمجاز بقوله: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [92/4] متناول للرقبة الحقيقية ولغيرها من الأعضاء على طريق المجاز وكذلك قوله: اشتريت كذا وكذا رأسا من الغنم، متناول للرأس الذي هو العضو المحسوس ولسائر الأعضاء.
قال شيخنا: قلت: هذا نقل اللفظ من الخصوص إلى العموم، وهو من باب الحقيقة العرفية؛ لأن الرأس أدخل في اللفظ من سائر
الأعضاء بهذا الوضع؛ لكن اجتمع فيه الوصفان فهو مدلول عليه بهما جميعًا فليس هذا من موارد النزاع: لكن تقرير كلامه: أنه إذا صار يعم
(1) إعلام الموقعين 3/246، 247 ف 2/13، 14.
(2)
المسودة ص 164، 165 قلت: وقد بسط شيخ الإسلام في نفي المجاز في القرآن وفي اللغة في كتاب الإيمان وغيره وذكر هذه الأمثلة وغيرها وأجاب عنها وكذلك تلميذه ابن القيم وكتابه على هذا المنوال لا تقرير له. والفهارس جـ 2/13 و 1/239. فهو في نظري حكاية لتقسيمهم الكلام إلى حقيقة ومجاز وبيان وجوه المجاز عندهم.
موضع الحقيقة وغيره حقيقة فلأن يكون ذلك مجازا أولى؛ لكن يقال: لفظه في صدر المسألة «يجوز أن يكون اللفظ الواحد متناولا لموضع الحقيقة والمجاز فيكون حقيقة من وجه مجازا من وجه آخر» ، وعلى هذا التقرير يكون مجازا فيقال: هذا في تعميم الخاص نظير البحث في تخصيص العام، إلا أنه هناك نقصت الدلالة وهنا زيدت، فكما أنه هناك يقال هو حقيقة في دلالته على الباقي مجاز أو لا حقيقة ولا مجاز في عدم دلالته على الخارج، يقال هنا: هو حقيقة في دلالته على مسماه الأول مجاز في الزيادة على ذلك. واستدل أيضا بقولهم: «عدل العمرين» عند من يقول هما: أبو بكر وعمر، والمنصوص عن أحمد خلافه، قال: هو حقيقة في أحدهما مجاز في الآخر، وكذلك قولهم:«ما لنا طعام إلا الأسودان التمر والماء» قاله القاضي (1) .
فصل في وجوه المجاز
منها: أن يستعمل اللفظ في غير ما هو موضوع له، «الحمار» أطلقوه على البليد واسم الأسد أطلق على الرجل الشجاع.
ومنها: المستعمل في موضعه وغير موضعه كقوله: «فتحرير رقبة» يتناول الرقبة وجميع الأعضاء، وكذلك إطلاق الشيء على ضده كإطلاقهم «السليم» على اللديغ، و «المفازة» على المهلكة.
ومنها: الحذف كقوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [82/12] ، {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} [93/2] .
ومنها: الصلة كقوله: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [30/42] يعني بما كسبتم.
(1) المسودة ص 168، 169 ف 2/13 وجـ 1/239.
ومنها: أن يطلق اسم المصدر على المفعول: كضرب فلان، وخلق الله، وعلى الفاعل: كرجل عدل.
ومنها: إطلاق اسم الفاعل على المفعول: كقوله: {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [21/69] أي مرضية، وعلى المصدر كقولك:«تخشى اللائمة» يعني اللوم.
ومنها: إطلاق اسم المدلول على الدليل، يقال: سمعت علم فلان، أي عبارته عن علمه الدال عليه.
ومنها: أن يطلق اسم المسبب على السبب، كإطلاقهم اسم الرحمة على المطر.
قال: فهذه جملة وجوه للمجاز.
قال شيخنا رضي الله عنه: قلت: جماعها إما زيادة وإما نقص، وإما نقل، والنقل إما إلى النظير، وإما إلى الضد، وإما إلى الأصل، وإما إلى الفرع، وقد دخل في الأصل السبب والفاعل، وفي الفرع الدليل والمفعول والمصدر بالنسبة إلى الفاعل (1) .
فصل
لما قال المخالف: «المجاز كذب لأنه يتناول الشيء على خلاف الوضع» . قال القاضي: هذا خرق للإجماع، لأنهم استحسنوا التكلم بالمجاز مع استقباحهم الكذب، قال: وعلى أن الكذب يتناول الشيء على غير طريق المطابقة والمجاز قد يطابق الخبر من طريق العرف، وإن كان لا يطابقه من طريق اللغة.
قال شيخنا: قلت: هذا المجاز هو الحقيقة العرفية فليس هو المجاز المطلق (2) .
(1) المسودة ص 169، 170 ف 2/13.
(2)
المسودة ص 170 ف 2/13.
وقال القاضي أيضا:
فصل
يصح الاحتجاج بالمجاز والدلالة عليه أن المجاز يفيد معنى من طريق الوضع [كما أن الحقيقة تفيد معنى من طريق الوضع] ألا ترى إلى قوله: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [43/4]، يفيد المعنى وإن كان مجازا؟ لأن الغائط هو الموضع المطمئن من الأرض استعمال في الخارج. قال: وكذلك قوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [22، 23/75] ومعلوم أنه أراد غير الوجوه ناظرة؛ لأن الوجوه لا تنظر وإنما الأعين، وقد احتج الإمام أحمد بهذه الآية في وجود النظر يوم القيامة في رواية المروذي والفضل بن زياد وأبي الحارث.
وأيضا: فإن المجاز قد يكون أسبق إلى القلب، كقول الرجل لصاحبه:«تعال» أبلغ من قوله: يمنة ويسرة، وكذلك قوله:«لزيد علي درهم» مجاز وهو أسبق إلى النفس من قوله: «يلزمني لزيد كذا درهم» وإذا كان يقع بالمجاز أكثر مما يقع بالحقيقة صح الاحتجاج به.
قال شيخنا: قلت: كلامه كأنه يشتمل على أن المجاز يصير حقيقة عرفية أو أنه يكون هو الظاهر لما اقترن به، فيكون هو الظاهر: إما لاستعمال غالب، وإما لاقتران مرجح، فإما مجردا، وإما مقرونا، وقد يكون أدل على المقصود من لفظ الحقيقة.
وقوله: «أسبق إلى القلب» يراد به أن معنى لفظ المجاز أسبق من معنى حقيقة لفظ المجاز، وأن ذلك المعنى أسبق من حقيقة ذلك
المعنى؛ فإن معنا حقيقتين: حقيقة بإزاء لفظ المجاز، وحقيقة بإزاء
معناه، تلك عدل عن معناها، وهذه عدل عن لفظها، فالمتكلم
بالمجاز لابد أن يعدل عن معنى حقيقة وعن لفظ حقيقة أخرى إلى لفظ
المجاز ومعناه (1) .
قال القاضي: يصح ادعاء العموم في المضمرات والمعاني. أما المضمرات نحو قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [3/5] و: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ} [96/5] ومعلوم أنه لم يرد نفس العين؛ لأنها فعل الله، وإنما أراد أفعالنا فيها، فيعم تحريمها بالأكل والبيع. وكذلك قوله:«لا أحل المسجد لجنب» ليس المراد عين المسجد، وإنما المراد به أفعالنا (2) .
واحتج المخالف أن اللفظ اقتضى تحريم العين نفسها فإذا حمل على الفعل يجب أن يصير مجازا كقوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [82/12] قال: والجواب أن هذا وإن لم يتناول ذلك نطقا فهو المراد من غير دليل ويفارق هذا {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} نحوه، لأنا لم نعلم أن المراد به أهلها باللفظ لكن بدليل لأنه لا يستحيل جواب حيطانها في قدرة الله، فاحتاج إلى دليل يعرف به أنه أراد أهلها.
قال شيخنا: قلت: مضمون هذا أن القرينة العقلية إذا عرف المراد بها لم يكن اللفظ مجازا؛ بل حقيقة، فكل ما حمل اللفظ عليه بنفس اللفظ مع العقل فهو حقيقة [أو أنه يحتمل أن يكون هذا حقيقة عرفية، لكن كلامه اقتضى أن ما فهم من اللفظ من غير دليل منفصل فهو حقيقة] وإن لم يكن مدلولا عليه بالوضع، وستأتي حكايته عن أبي الحسن التميمي: أن وصف الأعيان بالحل والحظر [توسع واستعارة كما قال البصري] .
والصحيح في هذا الباب خلاف القولين: أن الأعيان توصف بالحل
(1) المسودة ص 170، 171 ف 2/13 وف 1/239.
(2)
المسودة ص 91-93 ف 2/15.
والحظر حقيقة لغوية كما توصف بالطهارة والنجاسة والطيب والخبث، ولا حاجة إلى تكلف لا يقبله عقل ولا لغة ولا شرع، وحينئذ فيكون العموم في لفظ التحريم. وفرق بين عموم الكل لأجزائه وعموم الجميع لأفراده، ويختلف عموم لفظ التحريم وخصوصه بالاستعمال (1) .
مسألة: لا يقاس على المجاز قاله ابن عقيل وابن الزاغوني ولم يذكروا فيه مخالفا، وكذلك ذكره ابن الزاغوني وحكى الخلاف فيه عن بعض الأصحاب بناء على أن اللغة تثبت قياسا.
قال القاضي: في مسألة ثبوت الأسماء بالقياس: وأيضا فإن أهل اللغة قد استعملوا القياس في الأسماء عند وجود معنى المسمى في غيره، وأجروا على الشيء اسم الشيء إذا وجد بعض معناه فيه، الرجل البليد حمارا لوجود البلادة فيه، وسموا الرجل الشجاع سبعا لوجود الشدة فيه، ونظائر ذلك كثيرة، وعلى ذلك قول عمر: الخمر ما خامر العقل، وقول ابن عباس: كل مسكر مخمر خمر. قيل له: هذه التسمية منهم مجاز، فقال: قد ثبت عنهم أنهم فعلوا ذلك، فلا يضر أن يكون أحد الاسمين مجازا، والآخر حقيقة، على أنهم سموا «الأبله» حمارًا مجازا لوجود بعض معانيه، فلما لم يوجد كل معانيه كان مجازا. وأما النبيذ فيوجد فيه معاني الخمر كلها، وكذلك اللوط والنباش.
قال شيخنا: هذا تصريح بأن الأسماء تثبت بالقياس حقائقها ومجازاتها؛ لكن فيه قياس المجاز بالحقيقة. فأما قياس المجاز بالمجاز فمقتضى كلامه أنه إن وجد فيه معاني المجاز المقاس عليها كلها جاز، كما أن الحقيقة إذا وجد فيه معنى الحقيقة كلها جاز (2) .
(1) قلت: إلى أن قال القاضي.
(2)
المسودة ص 174، 175 ف 2/15.