الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال شيخنا: قلت: خص نفسه بالامتناع، لأنه مظنة الظلم والاعتداء، ولهذا كره لبس السواد لما فيه من التشبه بهم، ويدل عليه قوله:«خذ العطاء ما كان عطاء فإذا كان عوضا عن دين أحدكم فلا يأخذه» والملوك المتأخرون إنما يرزقون على طاعتهم وإن كانت معصية، لا على طاعة الله ورسوله (1) .
[شيخنا] :
…
...
…
فصل
[إذا عمل العدل بخبر غيره]
فإن عمل العدل بخبر غيره كان تعديلا له، كما لو عدله بقوله. ذكره القاضي في ضمن مسألة من غير خلاف، أي في مسألة العدل عن غيره. وكذلك ذكره الباجي (2) .
مسألة: لا يقبل الجرح إلا مفسرا مبين السبب، وبه قال الشافعي. وعنه أنه يقبل كالتعديل، وذهب إليه جماعة. وقال ابن الباقلاني: يقبل الجرح المطلق ولا يقبل التعديل المطلق، فصارت المذاهب في المسألتين أربعة (3) . وقال الجويني: هذا يختلف بالمعدل والجارح، فإن كان إماما في ذلك من أهل صناعته قبل منه إطلاقه وإلا فلا. وكذلك قال المقدسي في الجرح.
[الجرح والتعديل والتفصيل فيه]
قال القاضي: ولا يقبل الجرح إلا مفسرا، وليس قول أصحاب الحديث «فلان ضعيف، وفلان ليس بشيء» مما يوجب جرحه ورد خبره. قال: وهذا ظاهر كلام أحمد في رواية المروذي؛ لأنه قال له: إن يحيى بن معين سألته عن الصائم يحتجم؟ فقال: لا شيء عليه، ليس يثبت فيها خبر، فقال أبو عبد الله: هذا كلام مجازفة. قال: فلم يقبل مجرد الجرح من يحيى.
(1) المسودة ص 269 ف 2/9.
(2)
المسودة ص 269 ف 2/9.
(3)
نسخة: «في المسألة» .
قال شيخنا: قلت: لأن أحمد قد علم عدة أخبار فيها، فكيف يقبل نفي ما أثبته؟ ولهذا لما أطلق يحيى الكلام نسبه إلى المجازفة.
قال: وكذلك نقل مهنا عنه قلت لأحمد: حديث خديجة كان أبوها يرغب أن يزوجه، فقال أحمد: الحديث معروف، سمعته من غير واحد. قلت: إن الناس ينكرون هذا، قال: ليس هو بمنكر، قال: فلم يقبل مجرد إنكارهم.
قال شيخنا: قلت: لأنه قد علم خلاف ذلك، والطعن في حديث قد علم ثبوته لا يقبل.
قال: ونقل عنه المروذي ما يدل على أنه يقبل، فقال: قرئ على أبي عبد الله حديث عائشة كانت تلبي: «لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك» فقال أبو عبد الله: كان فيه «والملك لا شريك لك» فتركته لأن الناس خالفوه. وقوله: «تركته» معناه: ترك روايته لأجل ترك الناس له وإن لم تظهر العلة.
قال شيخنا: قلت: قد ذكر الخلال تضعيف المشايخ لعاصم بن عبيد الله، وهو ظاهر في أن الجرح المطلق يقبل، وهو مكتوب في المسودات، وهذا إنما يقتضي أن الزيادة التي تركها الجمهور لا تقبل.
قال شيخنا: هذا الباب يفرق فيه بين جرح الرجل وتزكيته، وبين جرح الحديث وتثبيته. ويفرق فيه بين الأئمة الذي هم في الحديث بمنزلة القضاة في الشهود وبين من هو شاهد محض. فإن جرح المحدث يكون بزيادة علم. وأما جرح الحديث فتارة يكون لطلاع له على علة، وتارة لعدم علمه بالطريق الأخرى، أو بحال المحدث به (1) .
مسألة: يقبل جرح الواحد وتعديله عندنا، وبه قال المحققون،
(1) المسودة ص 269-271 ف 2/9.