الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
858 - سعيد بن أبي راشد
16774 -
عن سعيد بن أبي راشد، قال: لقيت التنوخي، رسول هرقل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمص، وكان جارا لي، شيخا كبيرا قد بلغ الفند، أو قرب، فقلت: ألا تخبرني عن رسالة هرقل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل؟ فقال: بلى؛
«قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك، فبعث دحية الكلبي إلى هرقل، فلما أن جاءه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قسيسي الروم وبطارقتها، ثم أغلق عليه وعليهم الدار، فقال: قد نزل هذا الرجل حيث رأيتم، وقد أرسل إلي يدعوني إلى ثلاث خصال: يدعوني إلى أن أتبعه على دينه، أو على أن نعطيه مالنا على أرضنا، والأرض أرضنا، أو نلقي إليه الحرب، والله لقد عرفتم فيما تقرؤون من الكتب، لياخذن ما تحت قدمي، فهلم نتبعه على دينه، أو نعطيه مالنا على أرضنا، فنخروا نخرة رجل واحد، حتى خرجوا من برانسهم، وقالوا: تدعونا إلى أن نذر النصرانية، أو نكون عبيدا لأعرابي جاء من الحجاز، فلما ظن أنهم إن خرجوا من عنده أفسدوا عليه الروم رفأهم ولم يكد، وقال: إنما قلت ذلك لكم لأعلم صلابتكم على أمركم، ثم دعا
⦗ص: 107⦘
رجلا من عرب تجيب، كان على نصارى العرب، فقال: ادع لي رجلا حافظا للحديث، عربي اللسان، أبعثه إلى هذا الرجل بجواب كتابه، فجاء بي فدفع إلي هرقل كتابا، فقال: اذهب بكتابي إلى هذا الرجل، فما ضيعت من حديثه، فاحفظ لي منه ثلاث خصال: انظر هل يذكر صحيفته التي كتب إلي بشيء، وانظر إذا قرأ كتابي فهل يذكر الليل، وانظر في ظهره هل به شيء يريبك، فانطلقت بكتابه حتى جئت تبوك، فإذا هو جالس بين ظهراني أصحابه، محتبيا على الماء، فقلت: أين صاحبكم؟ قيل: ها هو ذا، فأقبلت أمشي حتى جلست بين يديه، فناولته كتابي فوضعه في حجره،
ثم قال: ممن أنت؟ فقلت: أنا أحد تنوخ، قال: هل لك في الإسلام الحنيفية ملة أبيك إبراهيم؟ قلت: إني رسول قوم، وعلى دين قوم، لا أرجع عنه حتى أرجع إليهم، فضحك، وقال:{إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين} يا أخا تنوخ، إني كتبت بكتاب إلى كسرى فمزقه، والله ممزقه وممزق ملكه، وكتبت إلى النجاشي بصحيفة فخرقها، والله مخرقه ومخرق ملكه، وكتبت إلى صاحبك بصحيفة فأمسكها، فلن يزال الناس يجدون منه باسا ما دام في العيش خير، قلت: هذه إحدى الثلاثة التي أوصاني بها صاحبي، فأخذت سهما من جعبتي فكتبتها في جلد سيفي، ثم إنه ناول الصحيفة رجلا عن يساره، قلت: من صاحب كتابكم الذي يقرأ لكم؟ قالوا: معاوية، فإذا في كتاب صاحبي: تدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، فأين النار؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله، أين الليل إذا جاء النهار؟ قال: فأخذت سهما من جعبتي فكتبته في جلد سيفي، فلما أن فرغ من قراءة كتابي، قال: إن لك حقا، وإنك رسول، فلو وجدت عندنا جائزة جوزناك بها، إنا سفر مرملون، قال: فناداه رجل من طائفة الناس، قال: أنا أجوزه، ففتح رحله، فإذا هو يأتي بحلة صفورية، فوضعها في حجري، قلت: من صاحب الجائزة؟ قيل لي: عثمان، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيكم ينزل هذا الرجل؟ فقال فتى من الأنصار: أنا، فقام الأَنصاري وقمت معه، حتى إذا خرجت من طائفة المجلس، ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
⦗ص: 108⦘
تعال يا أخا تنوخ، فأقبلت أهوي إليه، حتى كنت قائمًا في مجلسي الذي كنت بين يديه، فحل حبوته عن ظهره، وقال: هاهنا امض لما أمرت له، فجلت في ظهره، فإذا أنا بخاتم في موضع غضون الكتف، مثل الحجمة الضخمة»
(1)
.
(1)
اللفظ لأحمد (15740).
- وفي رواية: «عن سعيد بن أبي راشد مَولًى لآل معاوية، قال: قدمت الشام، فقيل لي: في هذه الكنيسة رسول قيصر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فدخلنا الكنيسة، فإذا أنا بشيخ كبير، فقلت له: أنت رسول قيصر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم، قال: قلت: حدثني عن ذلك، قال: إنه لما غزا تبوك، كتب إلى قيصر كتابا، وبعث به مع رجل، يقال له: دحية بن خليفة، فلما قرأ كتابه وضعه معه على سريره، وبعث إلى بطارقته، ورؤوس أصحابه، فقال: إن هذا الرجل قد بعث إليكم رسولا، وكتب إليكم كتابا، يخيركم إحدى ثلاث: إما أن تتبعوه على دينه، أو تقروا له بخراج يجري له عليكم ويقركم على هيئتكم في بلادكم، أو أن تلقوا إليه بالحرب، قال: فنخروا نخرة حتى خرج بعضهم من برانسهم، وقالوا: لا نتبعه على دينه وندع ديننا ودين آبائنا، ولا نقر له بخراج يجري له علينا، ولكن نلقي إليه الحرب، فقال: قد كان ذاك، ولكني كرهت أن أفتات دونكم بأمر، (قال عباد: فقلت لابن خثيم: أوليس قد كان قارب وهم بالإسلام فيما بلغنا؟ قال: بلى، لولا أنه رأى منهم)، قال: فقال: ابغوني رجلا من العرب أكتب معه إليه جواب كتابه، قال: فأتيت وأنا شاب، فانطلق بي إليه، فكتب جوابه، وقال لي: مهما نسيت من شيء فاحفظ عني ثلاث خلال: انظر إذا هو قرأ كتابي هل يذكر الليل والنهار، وهل يذكر كتابه إلي، وانظر هل ترى في ظهره علما، قال: فأقبلت حتى أتيته، وهو بتبوك، في حلقة من أصحابه منتجين، فسألت فأخبرت به، فدفعت إليه الكتاب، فدعا معاوية فقرأ عليه الكتاب، فلما أتى على قوله: دعوتني إلى جنة عرضها السماوات والأرض، فأين النار؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جاء الليل فأين النهار؟
⦗ص: 109⦘
قال: فقال: إني قد كتبت إلى النجاشي، فخرقه فخرقه الله مخرق الملك، (قال عباد: فقلت لابن خثيم: أليس قد أسلم النجاشي، ونعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة إلى أصحابه، فصلى عليه؟ قال: بلى، ذاك فلان بن فلان، وهذا فلان بن فلان، قد ذكرهم ابن خثيم جميعا ونسيتهما)،
وكتبت إلى كسرى كتابا فمزقه، فمزقه الله ممزق الملك، وكتبت إلى قيصر كتابا فأجابني فيه، فلم يزل الناس يخشون منهم باسا ما كان في العيش خير، ثم قال لي: ممن أنت؟ قلت: من تنوخ، قال: يا أخا تنوخ، هل لك في الإسلام؟ قلت: لا، إني أقبلت من قبل قوم، وأنا فيهم على دين، ولست مستبدلا بدينهم حتى أرجع إليهم، قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم أو تبسم، فلما قضيت حاجتي قمت، فلما وليت دعاني، فقال: يا أخا تنوخ، هلم فامض للذي أمرت به، قال: وكنت قد نسيتها، فاستدرت من وراء الحلقة، وألقى بردة كانت عليه عن ظهره، فرأيت على غضروف كتفه مثل المحجم الضخم»
(1)
.
- وفي رواية: «عن سعيد بن أبي راشد، قال: كان رسول قيصر جارا لي زمن يزيد بن معاوية، فقلت له: أخبرني عن كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قيصر، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل دحية الكلبي إلى قيصر، وكتب معه إليه كتابا يخيره بين إحدى ثلاث: إما أن يسلم وله ما في يديه من ملكه، وإما أن يؤدي الخراج، وإما أن ياذن بحرب، قال: فجمع قيصر بطارقته وقسيسيه في قصره، وأغلق عليهم الباب، وقال: إن محمدا كتب إلي يخيرني بين إحدى ثلاث: إما أن أسلم ولي ما في يدي من ملكي، وإما أن أؤدي الخراج، وإما أن آذن بحرب، وقد تجدون فيما تقرؤون من كتبكم، أنه سيملك ما تحت قدمي من ملكي، فنخروا نخرة، حتى إن بعضهم خرجوا من برانسهم، وقالوا: ترسل إلى رجل من العرب، جاء في برديه ونعليه بالخراج، فقال: اسكتوا، إنما أردت أن أعلم تمسككم بدينكم ورغبتكم فيه، ثم قال: ابتغوا لي رجلا من العرب، فجاؤوا بي، فكتب معي إلى النبي صلى الله عليه وسلم كتابا، وقال لي:
⦗ص: 110⦘
انظر ما سقط عنك من قوله، فلا يسقط عنك
(2)
ذكر الليل والنهار،
(1)
اللفظ لعبد الله بن أحمد (16813).
(2)
تصحف في المطبوع من «مسند أبي يَعلى» إلى: «عنك» ، وهو على الصواب في «تاريخ دمشق» 2/ 39، وإتحاف الخِيرَة المَهَرة (4650 و 6343)، إذ نقلاه عن طريق أبي يَعلى.
فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مع أصحابه، وهم محتبون بحمائل سيوفهم حول بئر تبوك، فقلت: أيكم محمد؟ فأومأ بيده إلى نفسه، فدفعت إليه الكتاب، فدفعه إلى رجل إلى جنبه، فقلت: من هذا؟ فقالوا: معاوية بن أبي سفيان، فقرأه فإذا فيه: كتبت تدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض، فأين النار إذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا سبحان الله، إذا جاء الليل فأين النهار؟ فكتبته عندي، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك رسول قوم، فإن لك حقا، ولكن جئتنا ونحن مرملون، قال عثمان: أكسوه حلة صفورية، فقال رجل من الأنصار: علي ضيافته، وقال لي قيصر فيما قال: انظر إلى ظهره، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أريد النظر إلى ظهره، فألقى ثوبه عن ظهره، فنظرت إلى الخاتم في نغض الكتف، فأقبلت عليه أقبله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني كتبت إلى النجاشي فأحرق كتابي، والله محرقه، وكتبت إلى كسرى عظيم فارس، فمزق كتابي، والله ممزقه، وكتبت إلى قيصر فرفع كتابي، فلا يزال الناس، ذكر كلمة، ما كان في العيش خير»
(1)
.
أخرجه أحمد (15740) قال: حدثنا إسحاق بن عيسى، قال: حدثني يحيى بن سليم. و «عبد الله بن أحمد» 4/ 74 (16813) قال: حدثنا سريج بن يونس، من كتابه، قال: حدثنا عباد بن عباد، يعني المهلبي. وفي 4/ 75 (16814) قال: حدثني أَبو عامر، حوثرة بن أشرس، إملاء علي، قال: أخبرني حماد بن سلمة. و «أَبو يَعلى» (1597) قال: حدثنا حوثرة بن أشرس، قال: حدثنا حماد بن سلمة.
ثلاثتهم (يحيى بن سليم، وعباد بن عباد، وحماد بن سلمة) عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن أبي راشد مَولًى لآل معاوية، فذكره
(2)
.
(1)
اللفظ لأبي يَعلى.
(2)
المسند الجامع (15478)، وأطراف المسند (11039)، والمقصد العَلي (1250)، ومَجمَع الزوائد 8/ 234، وإتحاف الخِيرَة المَهَرة (4650 و 6343).
والحديث؛ أخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» 1/ 266.
- فوائد:
- قلنا: إِسناده ضعيفٌ؛ عبد الله بن عثمان بن خثيم مُنكر الحديث. انظر فوائد الحديث رقم (6590).