الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «اللهم أنت ربي وأنا عبدك ناصيتي بيدك ماض فيّ حكمك عدل في قضاؤك
…
».
ج- ملاحظات حول موقف القرآن الكريم من العلوم الكونية:
1 -
القرآن الكريم لم يجعل العلوم الكونية موضوعه لأنها خاضعة لقوانين جادة في هذا الكون، ولأن العامة لا يفهمونها وأمرها هيّن بسيط بالنسبة إلى ما يقصده القرآن من إنقاذ الإنسان وهداية الثقلين إلى سعادة الدنيا والآخرة. فالقرآن كتاب هداية وليس كتاب رياضيات أو طب أو فلك، وعند ما يذكر شيئا من الكونيات فذلك في سياق قدرة الله تعالى لهداية الإنسان إلى الحمد ودلالة الخلق على الخالق. قال تعالى: قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)[المائدة: 15 - 16].
2 -
دعا القرآن للانتفاع بما في الكون من نعم وعبر، قال تعالى: قُلِ انْظُرُوا ماذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ [يونس: 101].
وقال تعالى: وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ (33) وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)[إبراهيم: 33 - 34].
3 -
هذه الكونيات لها رب وهو الله تعالى ونفى الصفات التي خلعها الضالون عليها وذلك عند ما عبدوا بعض مظاهر الطبيعة.
قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (41)[فاطر: 41].
وهذه الكونيات الهالكة: وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88)[القصص: 88].
ويقول تعالى: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ [إبراهيم: 48].
ويقول أيضا: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67)[الزمر: 67].
4 -
لا توجد حادثة علمية كونية تحدّث عنها القرآن الكريم، إلا أتت صحيحة قطعا وقد أظهر العلم الحديث ذلك كما في الأمثلة السابقة.
5 -
أسلوب القرآن أسلوب بياني معجز عند التحدث عن العلوم الكونية بعكس الأسلوب العلمي البشري، وكل جيل يفهم منه ما يوافق علوم عصره. وتبقى الحقيقة القرآنية
في أعلى درجات الصدق والإعجاز. يقول تعالى: وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49)[الذاريات: 49].
ويقول سبحانه: سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ (36)[يس: 36].
فقد روي عن الحسن البصري: أنه فسر الزوجين بالليل والنهار والسماء والأرض والشمس والقمر والبر والبحر والحياة والموت
…
وهكذا عدّد أشياء وقال كل اثنين منها زوج.
أما المتأخرون ففهموا من ذلك أن الزوجين هما المتقابلان بالذكورة والأنوثة فما من شيء في هذا الوجود إلا منه ذكر وأنثى كالإنسان والحيوان والنبات والجماد. والذكورة والأنوثة بالجماد ضمن الذرات في البروتونات والإلكترونات، فالبروتون ذو شحنة موجبة والإلكترون ذو شحنة سالبة
معاكسة، وهكذا أو بكل دقة يقرر القرآن الكريم أن كل ما في الوجود ذكر وأنثى.
6 -
وليست مهمة القرآن الكريم كسائر الكتب السماوية البحث في العلوم الكونية والمسائل الفنية على النحو المألوف في الكتب الخاصة الموضوعة فيها.
7 -
كانت جزيرة العرب عند نزول القرآن الكريم مليئة بالعقائد الفاسدة والعلوم الكونية الخاطئة فجاء القرآن الكريم، فصحح كل ذلك فأبدل الشرك بالتوحيد، وصحح نظرة العرب إلى الملائكة إذ كانوا يعتقدون أنها بنات الله. قال تعالى: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ (19) وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20)[الزخرف: 19 - 20].
وجاء القرآن الكريم يدعو إلى مكارم الأخلاق، قال صلى الله عليه وسلم:«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» .
8 -
وضع القرآن الكريم قواعد التفكير السليم:
وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (170)[البقرة: 170].
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (104)[المائدة: 104].
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)[فاطر: 27 - 28].