الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القرآن الكريم والشعر
قال تعالى في سورة الشعراء: وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)[الشعراء: 24 - 27].
أ- شعراء المشركين غاوون يتبعهم من هو على شاكلتهم من الإنس والجن وقال بعضهم عن هؤلاء الشعراء:
الشاعر إن هزل أضحك، وإن جدّ كذب، فالشاعر بين كذب وإضحاك، ولذلك نزّه الله رسوله عن الشعر.
ب- حكم الشعر: مباح، ومكروه، ومحرم.
روى مسلم من حديث عمرو بن الشريد عن أبيه قال: ردفت رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يوما فقال: «هل معك من شعر أميّة بن أبي الصلت شيء» ، قلت: نعم، قال «هيه» فأنشدته بيتا فقال «هيه» ثم أنشدته بيتا فقال:«هيه» حتى أنشدته مائة بيت.
وفي هذا دليل على حفظ الأشعار والاعتناء بها إذا تضمّنت الحكم والمعاني المستحسنة شرعا وطبعا.
ج- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حسن الشعر كحسن الكلام وقبيحه كقبيح الكلام» .
- والشعر المذموم الذي لا يحل سماعه وصاحبه ملوم فهو المتكلم
بالباطل فيفضل أجبن الناس على عنترة، وأبخلهم على حاتم الطائي، كشعر الأحوص وعمر بن أبي ربيعة ومن على شاكلتهما.
د- بوّب البخاري في صحيحه- باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير من أن يمتلئ شعرا» .
وهذا في شعر الهجاء والمدح الكاذب للتكسب وفي الغالب عليه الشعر وتركه ذكر الله.
ومعنى «يريه» : من الوري: كالرمي وهو أن يدوي جوفه، وفي الصحاح ورّى القيح جوفه يريه وريا: إذا أكله.
هـ- وفي الحديث عن الشعر الذي يردّ به حسّان على المشركين: «إنه لأسرع فيهم من رشق النبل» . أخرجه مسلم- وعن أنس رضي الله عنه أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم دخل مكة في عمرة القضاء وعبد الله بن رواحة يمشي بين يديه ويقول:
خلوا بني الكفار عن سبيله
…
اليوم نضربكم على تنزيله
ضربا يزيل الهام عن مقيله
…
ويذهل الخليل عن خليله
فقال عمر: يا ابن رواحة في حرم الله وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«خلّ عنه يا عمر فلهو أسرع فيهم من نضح النبل» . رواه الترمذي وصححه.
ومن الشعر المحمود قول محمد بن سابق حيث قال:
إني رضيت عليا للهدى علما
…
كما رضيت عتيقا صاحب الغار
وقد رضيت أبا حفص وشيعته
…
وما رضيت بقتل الشيخ بالدار
كل الصحابة عندي قدوة علم
…
فهل عليّ بهذا القول من عار
إن كنت تعلم أني لا أحبهم
…
إلا من اجلك فاعتقني من النار.
ز- ولا ينكر الحسن من الشعر أحد من أهل العلم، ولا من أولي النهى، وليس أحد من كبار الصحابة وأهل العلم، ولا من أولي النهى والقدوة إلا وقد قال الشعر أو تمثّل به، أو سمعه، فرضي منه ما كان حكمة أو مباحا، ولم يكن فيه فحش ولا خنا ولا لمسلم أذى، فإذا كان كذلك فهو والمنثور من القول سواء لا يحل سماعه ولا قوله (1)[اه].
وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول: «أصدق كلمة- أو: أشعر كلمة- قالتها العرب قول لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل» - أخرجه مسلم.
ح- قال تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [الأنعام: 115].
أي: صدقا في الأخبار، وعدلا في الأحكام، فالقرآن كلّه حق، وصدق، وعدل، وهدى، ليس فيه مجازفة، ولا كذب، ولا افتراء كما يوجد في أشعار العرب وغيرهم من الأكاذيب والمجازفات التي لا يحسن شعرهم إلا بها.
كما قيل في الشعر: «إن أعذبه أكذبه» .
- وتجد في القصيدة الطويلة المديدة قد استعمل غالبها في وصف النساء، أو الخيل، أو الخمر، أو في مدح شخص معين، أو فرس، أو ناقه، أو حرب، أو شيء من المشاهدات
المتعينة التي لا تفيد شيئا إلا قدرة المتكلم المعين على الشيء الخفي أو الدقيق، ثم تجد له فيه بيتا أو بيتين أو أكثر هي بيوت القصيدة وسائرها هذر لا طائل تحته.
(1) تفسير القرطبي (3684).