الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نزول القرآن الكريم على سبعة أحرف
1 -
روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف» .
زاد مسلم قال ابن شهاب: بلغني أن تلك السبعة في الأمر الذي لا يكون إلا واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام.
2 -
القراءات السبعة غير الأحرف السبعة: لأن الأحرف السبعة متقدمة على القراءات السبع فقد نزلت الحروف المقطعة على النبي الأمي بالوحي الجلي بالتلقين. أما القراءات فنقلت بالتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والقرّاء السبعة وجدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم سنة 11 هـ بفترة كبيرة، وهم حسب تاريخ الوفاة لكلّ منهم:
(1)
ابن عامر: عام 118 هـ (2) ابن كثير: عام 120 هـ (3) عاصم: عام 128 هـ (4) أبو عمرو البصري: عام 154 هـ (5) حمزة عام: 156 هـ (6) نافع: عام 169 هـ (7) الكسائي: عام 189 هـ 3 - الأحرف السبعة غير اللغات السبع: لأن أحدا لم يستطع أن يجزم
بمعنى الأحرف السبعة ولم يفسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل بقيت غير معلومة كما خفيت ليلة القدر ليجتهد الناس بالعبادة، كذلك خفيت معاني هذه الأحرف ليجتهد الناس في دراسة هذا الكتاب الكريم على مرّ العصور، ففي كل جيل من الأجيال تظهر معجزات عديدة في هذا الكتاب لا يعرفها من سبقهم.
هذا وقد جاء صاحب الإتقان ليوصلها إلى خمسة وثلاثين وجها ولكل وجه سبعة أقسام.
4 -
مذهب العلماء في معنى نزول القرآن على سبعة أحرف:
المذهب الذي يختاره أكثر العلماء هو مذهب الإمام الرازي، مع أن الإمام الرازي لم يجزم بمعاني هذه الحروف.
معنى نزول القرآن على سبعة أحرف نقلا عن مذهب الإمام الرازي:
أ- الاختلاف في وجوه الإعراب مثل: وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ [البقرة: 282]، وقرئت: وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ حيث في الأولى:
يضارّ لأن (لا) ناهية، وفي الثانية: يضارّ لأن (لا) نافية.
ب- اختلاف الحروف مثل: «يعلمون» و «تعلمون» باختلاف النقط.
ج- اختلاف الأسماء من إفراد وتثنية وجمع وتذكير وتأنيث مثل:
وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ [المؤمنون: 8] فقد قرئت بالإفراد والجمع «أمانتهم وأماناتهم» .
د- الاختلاف بإبدال كلمة بكلمة: وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ [الواقعة: 29] فقد قرئت «وطلع منضود» بالعين ومخرج الحرفين واحد.
ملاحظة: قراءة ابن مسعود والسّارق والسّارقة فاقطعوا- أيمانهما
بدلا من- أيديهما [المائدة: 83] هي: قراءة شاذة، وردت من طريق الآحاد فقط لا يعمل بها.
هـ- الاختلاف بالتقديم والتأخير: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ
…
[التوبة: 111].
أما قراءة: «وجاءت سكرة الحق بالموت» فشاذة أيضا لأنها من طريق أحادي وذلك بدلا من قوله تعالى: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق: 19].
والاختلاف بشيء يسير من الزيادة أو النقصان جريا على عادة العرب في حذف أحرف الجر والعطف تارة وإثباتها أخرى كقوله تعالى: وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة: 100].
فقد قرئت: من تحتها وهما قراءتان متواترتان فزيادتها أي: «من» وافقت رسم المصحف المكي، أي: ابن كثير وأهل مكة، وحذفها وافق غيره، أيّ: الباقون وهي كذلك في مصاحفهم.
- أما قراءة: والذكر والأنثى بدلا من قوله تعالى: وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى [الليل: 3] فهي شاذة من طريق أحادي.
ز- اختلاف اللهجات بالفتح والإمالة والترقيق والتفخيم والهمز والتسهيل وحروف المضارعة وقلب بعض الحروف وإشباع ميم الذكور وإشمام بعض الحركات مثل: وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى [الليل: 3] قرئت بإمالة:
(أتاك وموسى)[طه: 9].
وقوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ [المؤمنون: 1] قرئت بترك الهمزة ونقل
حركتها من أول الكلمة الثانية (أفلح) إلى آخر الكلمة الأولى «قد» لتصبح قَدْ أَفْلَحَ.
وقوله تعالى: عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ [الفتح: 6].
5 -
القصد من نزول القرآن على سبعة أحرف: هو التيسير على الأمة المحمّدية.
- ورد في كتاب مباحث في علوم القرآن للدكتور صبحي الصالح ما يلي: القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان، فالقرآن هو الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للبيان والإعجاز، والقراءات هي اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في كتابة الحروف أو كيفيتها من تخفيف أو تثقيل أو غيرهما فإذا صح أنه عليه السلام وسع على المسلمين في أول الأمر وراعى التخفيف على العجوز والشيخ الكبير، وأذن لكل منهم أن يقرأ على حرفه- أي: طريقته في اللغة- لما يجده من المشقة في النطق بغير لغته فليس معنى هذا أنه كان يأذن لهم بإثبات هذه القراءات وكتابتها على أنها حروف نزل عليها القرآن؛ وإذن فما كانت توسعته عليه السلام في هذا من القراءة إلا تخفيفا على بعض الأفراد في حالات خاصة، وأما ما أذن فيه من هذه الحالات بإثباته، وأقرّ كتبة الوحي عليه فهو محفوظ بطريق التواتر في أحرف قليلة معدودة يرفض ما عداها ولو جاء من طريق صحيح أحادي لأن التواتر شرط في إثبات القرآنية.
فتعميم هذه الحالات الفردية على جميع الأحرف السبعة كأنها ضرب من القراءة بالمعنى، لا يمكن أن يقتصر عليه في فهم الحديث اه.
- يرى بعضهم أن الحروف السبعة هي السور المبدوءة بأحرف:
حم وعددها سبع سور ولذلك عدت حم: آية، وعسق: آية ثانية في سورة الشورى وهذه خمسة أحرف، بينما عدت خمسة أحرف:
كهيعص كلها آية واحدة في سورة مريم.
كما يرى هؤلاء أن الأحرف السبعة هي السبع المثاني التي شرحت في ثنايا هذا البحث سابقا. ومن هذه المثاني أحرف التهجي الأربعة عشر وهي مجموعة بقولنا: «نص حكيم له سر قاطع» فقد ثنّيت سبعة الأحرف مرتين وقد ذكر ذلك سابقا.
- ولتمام الفائدة هذا بيان لأول من فسر على سبعة أحرف نذكر منهم:
أولا: أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفى 224 هـ في كتابه غريب الحديث حيث قال:
المراد سبع من لغات العرب، وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه هذا لم نسمع به قط، ولكن نقول: هذه اللغات السبع متفرقة في القرآن، فبعضه نزل بلغة قريش، وبعضه نزل بلغة هوازن، وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة أهل اليمن، وكذلك سائر اللغات، ومعانيها في هذا كله واحدة ثم قال: وما يبين ذلك قول ابن مسعود رضي الله عنه: «إني سمعت القرّاء فوجدتهم متقاربين فاقرءوا كما علّمتم» ، وقد وافق أبا عبيد في هذا القول كل من:
- أحمد بن يحيى ثعلب توفي 291 هـ.
- عبد الحق بن غالب المشهور بابن عطية المتوفى 546 هـ.
- وتعقّب بعض العلماء هذا الرأي بأن لغات العرب أكثر من سبع لغات وأجيب على ذلك بأن المراد أفصحها.
ثانيا: أبو شامة توفي 665 هـ: قال بعد أن نقل في كتابه (1) الآراء المتعددة التي وردت في هذه القضية الهامة:
(1) المرشد الوجيز الى علوم تتلق بالكتاب العزيز
وهذه الطرق المذكورة في بيان وجوه السبعة الأحرف في هذه القراءات المشهورة كلها ضعيفة، إذ لا دليل على تعيين ما عينه كل واحد منهم، ومن الممكن تعيين ما لم يعينوا، ثم لم يحصل حصر جميع القراءات فيما ذكروه من الضوابط، فما الدليل على ما ذكروه مما دخل في ضابطهم من جملة الأحرف السبعة دون ما لم يدخل في ضابطهم؟
وكان أولى من جميع ذلك لو حملت على سبعة أوجه من الأصول المطردة مثل:
1 -
صلة ميم الجمع، وهاء الضمير، وعدم ذلك.
2 -
الإدغام، والإظهار.
3 -
المدّ، والقصر.
4 -
تحقيق الهمز، وتخفيفه.
5 -
الإمالة، وتركها.
6 -
الوقف بالسكون، وبالإشارة إلى الحركة.
7 -
فتح الياءات، وإسكانها، وإثباتها، وحذفها (1)[اه].
تعقيب (2): هذا الرأي من الآراء المبتكرة حيث لم يسبقه أحد لرد القول به فيما أعلم، إلّا أنه لم يف بالغرض المطلوب.
ثالثا: محمد بن الجزري ت 833 هـ: بعد أن نقل في كتابه- النشر في القراءات العشر- العديد من الآراء التي وردت في بيان المراد من الحديث
(1) المرجع السابق
(2)
تعقيب د. محمد سالم محسن في كتابه القرارات وأثرها في علوم العربية ص 29 مكتبة الكليات الازهرية
الشريف قال: ولا زلت أستشكل هذا الحديث وأفكر فيه وأمعن النظر من نيّف وثلاثين سنة، حتى فتح الله عليّ بما يمكن أن يكون صوابا إن شاء الله، وذلك أني تتبعت القراءات صحيحها، وشاذها، وضعيفها، ومنكرها، فإذا هو يرجع اختلافها إلى سبعة الأحرف من الاختلاف لا يخرج عنها:
الأول: أن يكون الاختلاف في الحركات بلا تغيير في المعنى والصورة نحو (يحسب) بفتح السين وكسرها.
الثاني: أن يكون بتغيير في المعنى فقط دون تغيير في الصورة نحو فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ [البقرة: 37].
الثالث: أن يكون في الحروف مع التغيير في المعنى لا الصورة نحو:
(تبلوا- تتلوا).
الرابع: أن يكون في الحروف مع التغيير في الصورة لا المعنى نحو:
(الصّراط- السراط).
الخامس: أن يكون في الحروف والصورة نحو: (يأتل- يتأل).
السادس: أن يكون في التقديم والتأخير: نحو (وقاتلوا- وقتلوا).
السابع: أن يكون في الزيادة والنقصان: نحو: (وأوصى- ووصى).
فهذه الأوجه السبعة لا يخرج الخلاف عنها. [اه] تعقيب: مما لا شك فيه أن قول ابن الجزري هذا لا يعتبر قولا مبتكرا كما يفهم من كلامه حيث سبقه بعض العلماء بما هو قريب منه (1).
ومما قاله: إن السبب في تعدد القراءات إرادة التخفيف والتيسير على الأمة لاختلاف لغاتها وتباين لهجاتها.
(1) المرجع السابق.
إذا فكل تفسير لبيان المراد من الأحرف السبعة يعتبر معقولا ومقبولا إذا كان متمشيا مع ما سبق تقريره من بيان السبب في تعدد القراءات، وكل تفسير يخرج عن هذا
الإطار العام ينبغي ردّه وعدم قبوله وإعادة النظر فيه (1).
ومن قوله أيضا (1): ولست أدّعي أنّ ما أقوله هو كل هذه الأسباب بل هو بعضها والمجال لا يزال مفتوحا أمام كل مفكر وكل ذي عقل سليم (3).
ومن قوله في فوائد تعدد القراءات:
إن الوقوف على فوائد تعدد القراءات أمر اجتهادي ولست أدّعي أن ما سأذكر هو كل الفوائد، ولكن يكفي أنني فتحت الباب أمام كل باحث لعله يأتي بجديد (4).
ونحن إذ نشكر د. محمد سالم بن محيسن الذي استفدنا منه، جزاه الله عنا خير الجزاء، حيث إنه أطلعنا على ما كتبه العلماء الذين سبقوه في مؤلفاتهم عن تفسير سبعة أحرف ورأيه في أولئك المؤلفين تحليلا وتعليقا، نقول وبتوفيق من الله:
إن الجديد الذي فتح (ابن محيسن) عليه الباب في كتابه هو ظهور كتاب المعجزة الكبرى في القرآن للمؤلف؛ وهو من مدينة مصراتة- زاوية المحجوب- ليبيا، وهو يبحث عن الحروف المعجزة الكبرى في القرآن وهي السبع المثاني في القرآن بالدليل والبرهان، وذلك بعد أن خاض العلماء كثيرا في الحديث عن تفسير سبعة الأحرف التي نزل عليها هذا القرآن، وأخذ كل واحد منهم يدلي بدلوه في تفسير هذه الأحرف السبعة، فمنهم من فسرها على أنها سبع لهجات، ومنهم من فسرها على أنها سبع لغات حيث اختار لها سبع قبائل فقط من دون القبائل العربية الأخرى وما
(1) المرجع السابق.
(3)
المرجع السابق.
(4)
المرجع السابق.
أكثرها حتى لا يخرج عن الأحرف السبعة، ومنهم من فسرها على أنها سبع قراءات بعد القرن الثالث الهجري واختار لها سبعة قراء فقط ممن وجدوا في القرن الثاني الهجري وذلك حتى لا يخالف الأحرف السبعة، ومن هنا فنحن نسأل:
ما علاقة هذه السبعة الأحرف الأولى المعجزات، التي نزل عليها القرآن من عند الرحمن من فوق سبع سماوات، بكل هذه التفسيرات والآراء من قريب أو بعيد؟؟
لذلك كان لا بدّ من رد واضح وصريح عن كل هذه التفسيرات والآراء، يقوم على الدليل القطعي والبرهان، وليس على الاجتهاد بكل أشكاله، لأنه لا اجتهاد مع النص، ومن هنا كان من الضروري أن يظهر هذا الكتاب المتواضع والقائم على الحجة والدليل والبرهان ومخاطبة عقل الإنسان في الوقت المناسب الذي يبين حقيقة الأحرف السبعة لئلا تبقى هذه الأمة رهينة الظن والاجتهاد، ورغم وجود الحقيقة بين أيديها من واقع كتاب الله الواحد وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الواحدة، حيث قال الله سبحانه: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ [الحجر: 87].
وكذلك فإن ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديثين الشريفين حيث قال عليه الصلاة والسلام: «أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه» .
وقال صلى الله عليه وسلم: «أقرأني جبريل عليه السلام على حرف فراجعته فزادني فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف» ، صدق رسول الله فيما قال.
وقال الحق سبحانه: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء: 82].
وقال سبحانه وتعالى: وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام: 153].