الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتابة القرآن الكريم بغير الرسم القرآني
كما مرّ فإن رسم القرآن الكريم توقيفي كتب بين يديّ النبي صلى الله عليه وسلم، وجمع في عهد أبي بكر وتم استنساخ المصاحف في عهد عثمان بن عفان رضي الله
عنهما بوجود الصحابة رضوان الله عليهم من غير نكير فكان إجماعا.
وقد أفتى الإمام أحمد رضي الله عنه بعدم جواز كتابة القرآن الكريم بالرسم الإملائي كما أفتى الإمام مالك بذلك، ولكنه أباح تعليمه للتلاميذ بالرسم الإملائي للتسهيل عليهم.
ولقد ظهرت دعوات لكتابة القرآن بالرسم الإملائي بتغيير الرسم القرآني الذي يسمونه بالرسم الاصطلاحي بحجة أن الناس، وخاصة في أيامنا هذه، لا يستطيعون قراءة القرآن بهذا الرسم نظرا لفتور الهمم وإلغاء الكتاتيب
…
حتى لقد تجرأ بعضهم فقال: إن الصحابة الذين كتبوا القرآن الكريم لم يكونوا يحسنون الإملاء، وإنهم لم يراعوا القواعد الإملائية والصوتية عند كتابته.
-
الرد على هؤلاء:
- أولا: لقد تمكن دعاة فصل الدين عن الدولة من إبعاد تحكيم القرآن الكريم في المجتمعات الإسلامية تحت اسم: «العلمانية» والعلم، كما سموا الربا المحرم:«فائدة» لكي لا تطبق عليه آيات التحريم الواردة في القرآن الكريم فيفهمها الذين يقرءونها.
- ثانيا: هؤلاء يقولون: الناس اليوم لا يتمكّنون من قراءة القرآن الكريم بالرسم القرآني ويخطئون بذلك، ويردّ عليهم كيف تمكّن الناس قديما من قراءة القرآن بشكل صحيح مع أن الجهل كما يقولون كان منتشرا وكانت الأمية متفشية على نطاق واسع؟؟، لذا فإنهم يريدون القضاء على إعجاز القرآن كما عطلوا العمل بأحكامه بين الناس.
- ثالثا: لقد حلّ العلماء هذه المشكلة بأساليب مختلفة منها على سبيل المثال لا الحصر: مصحف الشروق المفسر الميسر الصادر بالجماهيرية الليبية إذ كتبت الكلمات بالرسم الإملائي بالهامش أسفل الصفحة وبقي الرسم القرآني على حاله.
كما أن علماء الرسم والضّبط وضعوا الاصطلاحات المناسبة للقراءة فمثلا كلمة الصلاة التي تكتب بالقرآن الكريم هكذا: (الصلاة) ومثلها كلمة كمشكوة وضع فوق الواو ألفا صغيرة، والقاعدة في ذلك أن تقرأ الحرف الصغير الأعلى ولا تلفظ الحرف الكبير الأسفل فتقرأ الألف ولا تلفظ الواو، في هاتين الكلمتين وأمثالهما. ومثل ذلك: إذا رسم سكون دائري (0) فوق أيّ حرف من أحرف العلة الثلاثة لا تقرأ هذه الأحرف مثل:
«بأييد- وجايء- سأوريكم» ، فتقرأ هكذا:«بأيد- وجيء- سأريكم» .
ومن المعلوم أن الكتابة في كل لغات العالم لها قواعد وأصول يتعلمها الناس بالتدريب والممارسة لأن العلم بالتعليم والحلم بالتحلم.
لنأخذ مثلا كلمتي: «كاتبو- وكتبوا» فقد وضعوا للثانية ألفا بموجب قواعد الإملاء ولم تقرأ الألف، ولم نضع ألفا للأولى.
- رابعا: لو أخذنا الآية الكريمة في سورة النمل بشأن قول سليمان بالنسبة لغياب الهدهد لأعذّبنّه عذابا شديدا أو لأأذبحنّه أو ليأتينّى بسلطان مّبين [النمل: 21].
فقد زيدت الألف بكلمة (لأأذبحنّه) ولم تزد بكلمة: («لأعذبنه») مع أنهما متماثلتان وكاتبهما قطعا نفس الكاتب، وأيّ منصف يقول إن الكاتب لا يخطئ هنا، ولكن هنا لك سر استنبطه العلماء بعد ذلك ويمكن أن يأتي آخرون فيستنبطوا ما لم يعرفه من سبقهم.
- خامسا: ورد في أول سورة البقرة الم، وفي أول سورة الشرح أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ، وللتفريق بينهما بالقراءة السليمة: والسكتة بمقدار حركتين للألف الأولى والشكل بالثانية وهذا واضح.
- سادسا: هذه الدعوة لكتابة القرآن الكريم بالرسم الإملائي- قد تجاهلت عظمته حيث إنه كان ولم يزل دستور الأمة الإسلامية والعربية لغة ومنهاجا إلى يوم الدين- لها هدف بعيد هو القضاء على العروبة والإسلام بنشرها للهجات العامية المحلية التي دعا إليها كثيرون من الذين لا يريدون الخير لهذه الأمة ففشلوا بدعوتهم بفضل الحفظ الإلهي للقرآن الكريم بقوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر: 9] وللرعاية الإلهية معا التي شخصت بعلماء الرسم والضبط والتفسير، والحفظة له غيبا وكذلك الذين يتلونه حق تلاوته ويتدارسونه لا يجمعهم ديوان لكثرتهم، وهم منتشرون في كل أنحاء العالم وعددهم بازدياد مستمر، ونور القرآن الكريم يزداد انتشارا في كل أصقاع المعمورة.
وهكذا ظل القرآن محروسا بحفظ الله تعالى؛ وسيظل وعده عز وجل بهذا الحفظ تحديا قائما لكل جاحد.
فجزى الله هؤلاء عن الأمة الإسلامية خير الجزاء.