الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والرجال قوامون على النساء. أما المرأة، فهي للبيت، والرجل هو "رب البيت" وسيده والمسئول عنه، وله الكلمة على شئونه. وهو القيم الطبيعي المسئول عن تربية أولاده. وهو المسئول عن إعالة زوجه وأولاده. والزوج تبع لبعلها، وعليها إطاعة أوامره، ما دامت أوامره لا تنافي الخلق والمألوف. وبيتها هو "بيت الزوجية". ولسيادة الرجل على بيته وزوجه، قيل له في كثير من اللغات السامية، وفي جملتها اللغة العربية:"بعل". فالرجل هو بعل المرأة.
ومن تلده الزوج يكون للبعل، فهو في ولايته، وله رعايته، وعليه تربيته حتى يبلغ أشده. وهو مسئول أيضًا عن رعاية أحفاده بعد ابنه. أما أولاد ابنته فإنهم في رعاية أبيهم الذي يكون وحده المسئول عنهم؛ لأنه بعل زوجه، وهو رب بيته.
وللحق المتقدم لم تمانع شرائع الجاهليين في وأد البنات أو قتل الأولاد، ولم تَعُدَّ من يئد البنت أو يقتل ابنه قاتلًا، ولم تؤاخذه على فعله، حتى الأمهات لم يكن من حقهن منع الآباء من وأد بناتهن، أو قتل أولادهن؛ لأن الزوج هو وحده صاحب الحق والقول الفصل فيمن يولد له، وليس لامرأته حق الاعتراض عليه ومنعه.
ولهذا الحق لم يكن للولد الاعتراض على ما يفرضه أبوهم عليهم من حقوق، ولا مخالفة أوامره ونواهيه. فبوسع والدهم فرض ما يراه عليهم من عقوبات، فلا يمنعه منها إلا قوة الولد وتوسط الناس. فإذا اشتد عود الولد، وقوي ساعده صار الحق إلى جانبه، وصار في وسعه معارضة والده. ولن يكون في إمكان الوالد فعل شيء بعد بلوغ ابنه سوى خلعه والتنصل منه على رءوس الأشهاد.
القاعدة العامة في الازدواج:
والقاعدة العامة في الازدواج مراعاة علاقة الأصل بالفرع، فلا يجوز نكاح الأب لابنته، ولا الجد لحفيدته، ولا يجوز للأم أن تتزوج ابنها، ولا للجدة أن تتزوج حفيدها، ولا للأخ أن يتزوج أخته، مراعاة لعلاقة الأصل بالفرع، أي: لعلاقة الدم. ومن يفعل ذلك يكون آثمًا مؤاخذًا على فعله.
ويراعى هذا التحريم حتى في حالات التبني، لاكتساب التبني الصفة المقررة للابن الطبيعي، فلا يجوز للمتبني أن يتزوج ابنة المُتبنَّى؛ لأنه اتخذه ابنًا له.
ويحرم على الرجل أن يتزوج ابنة أخيه، أو ابنة أخته. أما ولد الأخوين أو ولد الأختين أو ولد الأخ والأخت، فالزواج بينهم مباح. ويحرم نكاح العمة كما يحرم نكاح الخالة؛ وذلك لأنهما في درجة الأصول. ويحرم بصورة عامة كل نكاح يقع بين المحارم.
ومن القبيح عندهم الجمع بين الأختين، وأن يخلف الرجل على امرأة أبيه، ويسمون هذا الفعل من فعول "الضيزن". وقد عرف هذا الزواج بنكاح المقت1. وقد حرم هذا النكاح في الإسلام2. فقد ورد أن "كبيشة بنت معن بن عاصم" امرأة "أبي قيس بن الأسلت" انطلقت إلى الرسول فقالت:"إن أبا قيس قد هلك، وإن ابنه من خيار الحي قد خطبني". فسكت الرسول، ثم نزلت الآية:{وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} فهي أول امرأة حرمت على ابن زوجها3.
وذكر "السهيلي" أن ذلك الزواج كان مباحًا في الجاهلية بشرع متقدم، ولم يكن من الحرمات التي انتهكوها ولا من العظائم التي ابتدعوها؛ لأنه أمر كان في عمود نسب رسول الله، فكنانة تزوج امرأة أبيه خزيمة، وهي برة بنت مر. فولدت له النصر بن كنانة. وهاشم أيضًا قد تزوج امرأة أبيه واقدة. "وقد قال عليه السلام: أنا من نكاح لا من سفاح. ولذلك قال سبحانه: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} ، أي: إلا ما سلف من تحليل ذلك قبل الإسلام. وفائدة هذا الاستثناء ألا يعاب نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وليعلم أنه لم يكن في أجداده من كان لغية ولا من سفاح"4.
وذكر علماء التفسير: أن أهل الجاهلية كانوا يحرمون ما يحرم إلا امرأة الأب والجمع بين الأختين5. وأسلم "فيروز الديلمي"، وتحته أختان، فقال له النبي:
1 بلوغ الأرب "2/ 52 وما بعدها"، الجصاص "1/ 106، 212".
2 الأغاني "1/ 9""3/ 15"، "طبعة ساسي".
3 الإصابة "4/ 162"، "رقم 945"، تفسير الطبري "4/ 217 وما بعدها".
4 الروض الأنف "1/ 145 وما بعدها".
5 تفسير الطبري "4/ 217".