الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قتل القاتل:
ويكون قتل القاتل عند الجاهليين بحدّ السيف. أما طرق القتل الأخرى في مثل الشنق أو الصلب على خشبة، فإنها من العقوبات التي لم تكن مألوفة بين العرب. والصلب على الخشبة، أي: الصليب من طرق القتل المألوفة عند الرومان. وأما "الرجم"، أي: إماتة الشخص برجمه بالحجارة، فإنه من العقوبات المعروفة عند العبرانيين، وقد نص على العقوبات التي يعاقب الإنسان عليها في الرجم في التوراة1.
وقد ورد أن من الجاهليين من عاقب بالصلب. فقد قتل المشركون "خبيب بن عدي" الأنصاري بصلبه على خشبة، وبطعنه بالرماح حتى مات2. وصلب "هلال بن عقة"3، وصلب غيرهما، ويكون الصلب بتعليق الشخص وربطه على خشبة، وطعنه بالحربة حتى يموت مصلوبًا4.
وورد أن رسول الله قتل "عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس"، بعرق الظبية منصرفة من بدر. فأمر بصلبه. فهو أول مصلوب في الإسلام5. وقد عرف الصلب في الإسلام. وهو كناية عن تعليق الإنسان بعد قتله على خشبة، أو شجرة أو محل مرتفع ليراه الناس. وقد صلب خالد بن الوليد "عقة بن جشم بن هلال النمري" بعين التمر6.
وورد أن الصلب كان في الجاهلية عقوبة قاطع الطريق7.
وقد ورد في القرآن الكريم ما يفيد وجود "الصلب" وتقطيع الأيدي والأرجل عند الجاهليين. فقد ورد في سورة المائدة: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} 8.
1 Hastings، Dictionary Of The Bible، Vol.، I، P.521، The Bible Dictionary، Vol. Ii، P.233، W. Croswant، A Dictionary Of The Life In Bible Times، P.222
2 إمتاع الأسماع "1/ 177"، "غزوة الرجيع"، الإصابة "1/ 418"، "رقم 2222"، نهاية الأرب "17/ 133 وما بعدها"، المحبر "479".
3 الأخبار الطوال "112".
4 تفسير القرطبي "6/ 151".
5 المحبر "479".
6 المحبر "479".
7 المحبر "327".
8 الآية رقم 33.
وقد ذكر علماء التفسير أن هذه الآية نزلت في "العُرنيين" أو قوم من "عكل" قدموا على رسول الله، فاجتووا المدينة، فأمر لهم رسول الله بلقاح وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها، فانطلوا، فلما صحوا، قتلوا راعي رسول الله واستاقوا النعم، وكفروا بعد إسلامهم فبلغ النبي خبرهم، فأرسل في آثارهم، فأتى بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وألقوا في الحرة يستسقون فلا يسقون. وكانوا قطعوا يدي الراعي ورجليه، وغرزوا الشوك في عينيه حتى مات، وأدخل المدينة ميتًا. وكان هذا الفعل سنة ست من الهجرة1.
كذلك كان القتل بإزهاق الروح بالرجم من العقوبات المعروفة عند الجاهليين، فقد قتل المشركون "عبد الله بن طارق"، رجمًا بالحجارة، أوثقوا أطرافه، فلما نزع يده من رباطه، قتلوه رجمًا بالحجارة2. ولكن هذه العقوبة من العقوبات القليلة التي لجأ إليها أهل الجاهلية، فلا نستطيع اعتبارها من نوع القتل المألوف عند العرب.
والخنق معروف عند الجاهليين، لكنه قليل الاستعمال في العقوبات. وقد ذكر أن "النعمان بن المنذر"، أمر بخنق عدي بن زيد العبادي حتى مات3. ويكون بخنق الشخص بحبل يضيق على رقبته ويشد حتى يموت أو بقماش أو بجلد أو باليد وبأمور أخرى عديدة. وقد خنقت بعض النساء رجالًا، انتقامًا منهم. ويستعمل عند وجود فرصة سانحة كأن يكون الشخص نائمًا أو عند عثور شخص لا سلاح عنده على عدو له. فوجد أن الفرصة الوحيدة المواتية له للقضاء عليه هي بإخناقه، وقد يستعمل في حالة الدفاع عن النفس.
وقد عرفت "المثلة" عند الجاهليين. يقال مثل بفلان، نكل به تنكيلًا، بقطع أطرافه والتشويه به. ومثّل بالقتيل جدع أنفه وأذنه أو مذاكيره أو شيئًا من أطرافه. وقد مثِّل بـ"حمزة" عم النبي، لما قتله "وحشي". وقد نهى الإسلام عن المثلة بالإنسان وبالحيوان4.
1 تفسير الطبري "6/ 132 وما بعدها"، روح المعاني "6/ 106 وما بعدها"، تفسير القرطبي "6/ 148 وما بعدها".
2 إمتاع الأسماع "1/ 175"، الاستيعاب "2/ 306"، "حاشية على الإصابة".
3 تاج العروس "6/ 339"، "خنق".
4 تاج العروس "8/ 111"، "مثل"، تفسير الطبري "6/ 133".