الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل التاسع والخمسون: العقود والالتزامات
مدخل
…
الفصل التاسع والخمسون: العقود والالتزامات
يجب على الإنسان الوفاء بالعقود وبالالتزامات، مهما كانت، ما دامت قد تمت برضاء الطرفين وباختيارها. ومن هذه العقود عقود الزواج والديون والشركات والمزارعة. وغير ذلك. وقد تعقد العقود بغير كتاب، أي: باتفاق لساني، وقد تتم بكتاب يدون عليه ما اتفق عليه، وقد يشهد على العقد شهود.
ويكتب العقد، أي: الاتفاق إذا أريد أن يكون كتابة، على كتاب قد يكون صحيفة. يدوّن فيه كل ما اتفق عليه. ويعبر عن صحيفة العقود بلفظة "ص ل ت""صلت" و"ص ل وت" في بعض اللهجات العربية الجنوبية. ومن معانيها "سمع"، وتؤدي معنى أن موقعي العقد قد سمعوا شروط العقد وعرفوها، فهم على علم بها وشهادة1.
وإذا تم التكاتب ودوّنت كل الشروط التي اتفق عليها، ختم عليها المتعاقدون. وقد فعلوا ذلك في المعاهدات وفي الاتفاقيات وفي عقود التجارة والمعاملات الأخرى. وقد يكتب العقد كاتب قد يذكر اسمه دلالة على أنه شاهد عدل على صحة العقد. ويقوم الخاتم مقام الإمضاء المستعمل في هذا اليوم. وقد يكتب اسم الرجل، ثم توضع صورة الخاتم تحته.
1 Rhodokanakis، Stud، Lexi، Ii، S. 44
وربما لا يكون الخاتم مكتوبًا، بل يكون محفورًا، حفرت عليه صور. فقد ورد أن في خاتم أنس بن مالك نقش ذئب أو "ثعلب"، وكان خاتم عمران بن الحصين نقشه تمثال رجال متقلد سيفًا. ويختم به على الطين، وقد ورد: أن عمر بن الخطاب نهى أن يكتب في الخواتيم شيء من العربية1.
وفي العربيات الجنوبية لفظة "جزم"، وترد في كتب العقود والالتزامات، وتعني القطع، وقطع إنسان عهدًا على نفسه وإمضاءً له، كما نقول:"جزم اليمين: أمضاه"2 وأما لفظة "تجزم" فمعناها عقد عقدًا، أو أمضى يمينًا واتفاقًا3.
وتختم نصوص الاتفاقيات والعهود في بعض كتابات العربية الجنوبية بلفظة "صدق" أحيانًا4، دلالة على اكتسابها الصفة الشرعية وموافقة المتعاقدين التامة، وهي في معنى "صودق" التي تدون في نهاية المعاهدات والاتفاقيات في بعض الأحيان.
وتحتفظ صكوك العقود عند الطرفين، وقد تودع في الأماكن المقدسة ودور العبادة، وذلك في الأمور المهمة، مثل: الأحلاف وما يتعلق بالمجموع. وقد أودعت قريش الوثيقة التي كتبتها بمقاطعة "بني هاشم" في جوف الكعبة كما ورد ذلك في كتب السير. وقد عيّر "الحارث بن حِلِّزة اليشكري"، قومًا غدروا ونقضوا العهد بقوله:
حذر الجور والتعدي وهل ينقـ
…
ـض ما في المهارق الأهواء
أي: إن كانت أهواؤكم زينت لكم الغدر بعد ما تحالفنا وتوافقنا، فكيف تصنعون بما في الصحف مكتوبًا عليكم5.
وأشار شاعر آخر، وهو "قيس بن الخطيم" إلى كتب دوّن فيها حلف6.
1 الطبقات الكبرى، لابن سعد "7/ 10 وما بعدها".
2 راجع الفقرة الأولى من النص: Glaser 1064، Chi 435، Hofmus، 17
3 Rhodohanakis، Stud، Lexi، Ii، S. 154
4 Rhodokanakis، Stud. Lexi.، Ii، S. 92، J. Pedersen، Der Eid Bei Den Semiten. S. 131.
5 المعاني الكبير "2/ 1117".
6 المعاني الكبير "2/ 1117".