الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثلث لكل واحد منهما السدس. فبين بسياق الآيتين أن الكلالة تشتمل على الإخوة للأم مرة، ومرة على الإخوة والأخوات للأم والأب. ودلّ قول الشاعر: أن الأب ليس بكلالة، وأن سائر الأولياء من العصبة بعد الولد كلالة: وهو قوله:
فإن أبا المرء أحمى له
…
ومولى الكلالة لا يغضب
أراد أن أبا المرء أغضب له إذا ظلم. وموالي الكلالة وهم الأخوة والأعمام وبنو الأعمام وسائر القرابات لا يغضبون للمرء غضب الأب، أو الكلالة بنو العم الأباعد، أو الكلالة من القرابة ما خلا الوالد والولد. أو هي من العصبة من ورث منه الإخوة للأم. وقد لخص بعضهم آراء العلماء في الكلالة في أقوال سبعة1.
1 تاج العروس "8/ 101 وما بعدها"، "كلل"، "قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، ما قاله هؤلاء، وهو أن الكلالة الذين يرثون الميت من عدا ولده ووالده"، تفسير الطبري "4/ 191"، "عن جابر بن عبد الله، قال: مرضت فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم ثم صب عليّ من وضوئه، فأفقت. فقلت: يا رسول الله؟ كيف أقضي في مالي أو كيف أصنع في مالي؟ وكان له تسع أخوات ولم يكن له والد ولا ولد. قال: فلم يجبني شيئًا، حتى نزلت آية الميراث"، تفسير الطبري "6/ 28".
إرث النساء:
وهناك رواية تذكر أن أول من جعل للبنات نصيبًا في الإرث من الجاهليين هو "ذو المجاسد" عامر بن جشم بن غنم بن حبيب بن كعب بن يشكر، ورّث ماله لولده في الجاهلية، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، فوافق حكمه حكم الإسلام1.
ويذكر علماء الأخبار أن رجلًا من الأنصار مات قبل نزول آية المواريث، وترك أربع بنات، فأخذ بنو عمه ماله كله. فجاءت امرأته إلى النبي تشتكي مما فعله بنو عم المتوفى ومن سوء حالها وعدم تمكنها من إعالة بناتها، فنزل الوحي {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} 1.
1 المحبر "ص236، 324".
2 النساء، السورة رقم 4 الآية 6 وما بعدها، تفسير الطبري "4/ 176"، روح المعاني "4/ 187"، المحبر "324".
ثم نزلت آية الميراث: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} 1. وبذلك انتفت سنة الجاهليين في عدم توريث البنات.
وقد نزلت الآيتان من أجل أن أهل الجاهلية كانوا يورثون الذكور دون الإناث. فكان "النساء لا يرثن في الجاهلية من الآباء، وكان الكبير يرث ولا يرث الصغير، وإن كان ذكرًا". وقد ذكر بعض العلماء أن آية: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} ، "نزلت في أم كحة وابنة كحة وثعلبة وأوس بن سويد، وهم من الأنصار. كان أحدهم زوجها والآخر عم ولدها.
فقالت: يا رسول الله توفي زوجي وتركني وابنته، فلم نورث! فقال عم ولدها: يا رسول الله لا تركب فرسًا، ولا تحمل كلًّا ولا تنكأ عدوًّا يكسب عليها، ولا تكتسب. فنزلت للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون. وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، مما قل منه أو كثر، نصيبًا مفروضًا"2.
وذكروا أن نزول الآية: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} ، إنما كان "لأن أهل الجاهلية كانوا لا يقسمون من ميراث الميت لأحد من ورثته بعده ممن كان لا يلاقي العدو ولا يقاتل في الحروب من صغار ولده ولا للنساء منهم. وكانوا يخصون بذلك المقاتلة دون الذرية، فأخبر الله جل ثناؤه أن ما خلّفه الميت بين من سُمي وفرض له ميراثًا في هذه الآية. وفي آخر هذه السورة فقال: في صغار ولد الميت وكبارهم وإناثهم لهم ميراث أبيهم، إذا لم يكن له وارث غيرهم للذكر مثل حظ الانثيين"3. وذكر أنه "لما نزلت الفرائض التي فرض الله فيها مما فرض للولد الذكر والأنثى والأبوين كرهها الناس أو بعضهم، وقالوا: تعطى المرأة الربع والثمن، وتعطى الابنة النصف، ويعطى الغلام الصغير وليس من هؤلاء أحد يقاتل القوم ولا يحوز الغنيمة، اسكتوا عن هذا الحديث، لعلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينساه أو نقول له فيغيره، فقال بعضهم: يا رسول الله أنعطي الجارية نصف ما ترك أبوها، وليست تركب الفرس ولا
1 النساء، الآية 11، تفسير الطبري "4/ 185"، روح المعاني "4/ 193".
2 تفسير الطبري "4/ 176".
3 تفسير الطبري "5/ 185".