الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المرة، حاول تعويض الخسارة بجولة جديدة وهكذا؛ لأنه إن يئس وجلس واستسلم للزمان، أكله جار له يطمع في ماله مهما كان، فهو لا بد له من استعداد لغزو جديد.
وفقر البادية قد حدد في الوقت نفسه من غرام الأعراب في الغزو. إذ جعل أسلحتهم محدودة وإمكانياتهم في القتال دون إمكانيات الحضر بكثير. لذا صار غزوهم للحضر كرًّا سريعًا وفرًّا بأقصى ما يكون من السرعة، للنجاة بما حصلوا عليه من سلب، أو للنجاة بأنفسهم من القتل في حالة الخسارة والهزيمة. ولهذا كانوا يحسبون ألف حساب حين يريدون غزو حدود الحكومات الكبيرة، ولا يقدمون عليه إلا بعد درس وتأمل ووقوف على مواطن الضعف والثغرات في خطوط الدفاع لتلك الحكومات. أما غزوهم بعضهم بعضًا، فإن أسلحتهم فيه متساوية متكافئة. سيوف ورماح ورمي بالسهام. والذي يكسب النصر فيه، من له عدد وافر كثير وخيل وفرسان شجعان، يأخذون الخصم بمباغتة ومفاجأة.
الخيل:
وللخيل نصيب كبير ولا شك في الغزو وفي إكثاره في جزيرة العرب إذ صارت سببًا من أسباب توسيع رقعة الغزو والحروب، فالقبيلة التي تملك عددًا كبيرًا من الخيل يكون لها النصر في الغالب؛ لأن الخيل سريعة الحركة وهي تمكن الفارس من مقارعة خصمه بسرعة، ومن ملاحقة الراجل والوصول إليه بسهولة، فلا يكون أمامه عندئذ سوى المقاومة أو القتل أو الوقوع في الأسر. وبفضل الخيل ظهر الأبطال الفرسان، الذين نقرأ أسماءهم في أخبار الأيام. والحصان مثل البطل، يجب عده من أبطال معارك تلك الأيام. فقد مكَّن القبائل الغنية من بسط نفوذها على القبائل الضعيفة، فالجمل ثقيل الحركة بطيء السير بالنسبة إلى الفرس، وفي إمكان من لديه عدد كبير من الخيل غزو القبائل التي لا تمتلك مثل هذا العدد من الخيل، حتى وإن امتلكت عددًا كبيرًا من الإبل والرجال. لما ذكرته من سرعة حركة الخيل ومن مرونتها في القتال وفي الكر وفي الفر، ثم لصبرها ولتحمل أعصابها على ضبط نفسها في القتال بالنسبة إلى الجمل الذي يهيج بسرعة فتثور أعصابه، فيولي لا يبالي إلى حيث يوجهه هياجه، ملقيًا براكبه على ظهره في بعض الأحيان،