الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"اختر أيهما شئت" 1، وجمع "أبو أحيحة" سعيد بن العاص بن أمية، بين صفية وهند بنتي المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وجمع "قسي"، وهو ثقيف بن منبه، آمنة وزينب بنتي عامر بن الظرب في نكاح واحد. وجمع "هنام بن سلمة" العائشي، أخو بني تيم اللات بن ثعلبة بن عكابة بين أختين2.
ويقدم "ابن العم" على غيره في زواج ابنة عمه، ولا يزال مقدمًا على غيره3. وقد تجبر البنت على الزواج به في حالة عدم رغبتها من الزواج، وقد لا يتركها تتزوج من غيره إلا بإرضائه، وقد يكون هذا الإرضاء بدفع ترضية له.
1 زاد المعاد "4/ 7".
2 المحبر "327".
3 عمدة القارئ "4/ 199".
الصداق:
والزواج المألوف المتعارف عليه عند غالبية الجاهليين، هو نكاح الناس اليوم.
وهو أن يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته فيصدقها، أي: يعين صداقها ويسمي مقداره ثم يعقد عليها. وكانت قريش وكثير من قبائل العرب على هذا المذهب في النكاح1. وما يدفع يسمى "الصداق" أو "المهر".
ويعد الصداق، أي: المهر فريضة لازمة عند الجاهليين لصحة عقد الزواج، إذ هو علامة من علاماته، ودلالة على شرعيته. وكانوا لا يقرون زواجًا ولا يعترفون بشرعيته إلا إذا كان بمهر. فإذا لم يكن هناك مهر، عدّ بغيًا وسفاحًا وزنًا، فالمهر هو أيضًا علامة شرف، وكون المرأة حرة محصنة لها كامل الحقوق2.
ولا يشترط دفع المهر إذا كانت المرأة قد وقعت في أسر آسر فتزوجها؛ لأنها أسيرته، فهي ملكه، وله حق الدخول بها بغير مهر، ولو كانت في عصمة رجل آخر؛ لأن الأسر يبطل عصمة الزواج.
1 بلوغ الأرب "2/ 3 وما بعدها"، شرح العيني "20/ 121".
2 "أما النكاح فإنما يكون بمهر، وأما السفاح فإنما يكون بلا مهر"، نوادر المخطوطات، أسماء المغتالين "118".
Ency، Iii، P.137
"وكانوا يخطبون المرأة إلى أبيها أو أخيها أو عمها، أو بعض بني عمها. وكان يخطب الكفي إلى الكفي. فإن كان أحدهما أشف من الآخر في الحسب، أرغب له في المهر. وإن كان هجينًا خطب إلى هجين. فزوجه هجينة مثله. فيقول الخاطب إذا أتاهم: أنعموا صباحًا. ثم يقول: نحن أكفاؤكم ونظراؤكم. فإن زوجتمونا فقد أصبنا رغبة وأصبتموها. وكنا لصهركم حامدين. وإن رددتمونا لعلة نعرفها، رجعنا عاذرين. وإن كان قريب القرابة منه أو من قومه، قال لها أبوها أو أخوها، إذا حملت إليه: أيسرت وأذكرت ولا آنثت! جعل الله منك عددًا وعزًّا وجلدًا. أحسني خلقك وأكرمي زوجك. وليكن طيبك الماء. وإذا تزوجت في غربة قال لها: لا أيسرت ولا أذكرت، فإنك تدنين البعداء، وتلدين الأعداء. أحسني خلقك وتحببي إلى أحمائك. فإن لهم عليك عينًا ناظرة، وآذانًا سامعة. وليكن طيبك الماء"1.
والأصل في المهر عند الجاهليين دفعه للمرأة، غير أن ولي أمرها هو الذي يأخذه لينفق منه على ما يشتري لتأخذه المرأة معها إلى بيت الزوجية. وقد يأخذ ولي أمرها "المهر" لنفسه. ولا يعطي المرأة منه شيئًا، لاعتقاده أن ذلك حق يعود إليه. ولذلك نُهي عنه في الإسلام2. وللمرأة حق استرداد مهرها إذا فسح الزوج عقد الزواج، أو إذا طلقها، إلا إذا كان ذلك بسبب الزنا فيسقط.
وإذا كان المهر مؤجلًا كلًّّّّّّّا أو بعضًا، فيكون دينًا في عنق الزوج، وإذا توفي وجب دفعه لامرأته من تركته.
وليس للمهر حدّ معلوم، لا حدّ أعلى ولا حدّ أدنى، بل يتوقف ذلك على الاتفاق. وتُراعى في ذلك الحالة المالية للرجل في الغالب. ولما كانت النقود قليلة في ذلك العهد، كان المهر عينًا في الأكثر، وتدخل فيه الأرض. وقد بلغ المهر مائة من الإبل أو خمسين ومائة بعض الأحيان3. وقد كان بوزن من ذهب أو فضة في بعض الأحيان.
ويجوز للرجل استرداد مهره من تركة زوجه. إن ماتت في حياته، وله حق مطالبة أهلها بردّ مهرها إليه في حالة عدم وجود تركة لها.
1 المحبر "310 وما بعدها".
2 {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} ، سورة النساء، الآية4، الجصاص "2/ 57".
3 الأغاني "8/ 78، 185"، الأمثال، للميداني "1/ 110، 124".
وليس في زواج الشغار، مهر حقيقي؛ لأنه زواج مقايضة. وهو أن يزوّج الرجلُ وليّته في مقابل تزويجه وليّة من سيتزوج وليّته. فليس في هذا الزواج مهر بالمعنى المعروف.
وذكر أن أهل الجاهلية كانوا لا يعطون النساء من مهورهن شيئًا، وأن الرجل إذا زوّج ابنته استجعل لنفسه جعلًا يسمى "الحلوان"، وكانوا يسمون ذلك الشيء الذي يأخذه "النافجة" ويقولون للرجل:"بارك الله لك في النافجة"1.
وروي أن العرب كانت تقول في الجاهلية "للرجل إذا ولدت له بنت: هنيئًا لك النافجة، أي: المعظمة لمالك، وذلك أنه يزوجها فيأخذ مهرها من الإبل، فيضمها إلى إبله، فينفجها، أي: يرفعها ويكثرها"2.
والحلوان أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو امرأة ما بمهر مسمى، على أن يُجعل له من المهر شيء مسمى، وكانت العرب تعير به. وقيل إن حلوان المرأة: مهرها 3.
والصداق المهر، و"الصدقة" مهر المرأة، وقد ورد النهي في الحديث عن الغلو في صدق النساء4، مما يدل على أن من الجاهليين من كان يبالغ في الصداق.
ويستخلص مما جاء في أخبار أهل الأخبار عن المهر أن أهل الجاهلية لم يكونوا على عرف واحد بالنسبة إلى حق الانتفاع من المهر، فمنهم من كان يعطيه كله للمرأة، ومنهم من كان يعطيه كله ويزيد عليه إكرامًا لابنته أو من ولي أمرها، ومنهم من كان يأكله كله أو بعضًا منه.
ويظهر من وثيقة معينية أن ملوك معين كانوا يصدرون أوامرهم بالموافقة على عقود الزواج على نحو ما تفعل الحكومات من إصدار وثائق عقود الزواج. ولكننا لا نملك وثيقة تثبت أن المرأة كانت تُكره على الزواج من شخص لا تريد التزوج منه. بل ليظهر أن المرأة كانت مثل الرجل عند المعينيين لها حق النظر في أمر اختيار الزوج5.
1 اللسان "11/ 650"، "نحل".
2 اللسان "2/ 382"، "نفج".
3 اللسان "14/ 193".
4 اللسان "10/ 197".
5 Arabien، S. 132