الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو القاسم الأزهريّ: كذّاب.
مات يوم الأربعاء ثالث رمضان سنة ستّ وأربعمائة ببغداد.
2657 - ابن السكاكينيّ [667 - 715]
محمد بن عثمان بن حسن بن نصر، المعروف بابن السكاكيني، الدمشقيّ.
ولد سنة سبع وستّين وستّمائة. سمع بمصر كثيرا على الأبرقوهي لمّا قدمها سنة سبعمائة.
ومات بدمشق في حادي عشر ربيع الأوّل سنة خمس عشرة وسبعمائة.
2658 - القاضي ابن الحريريّ [653 - 728]
(1)
[89 ب] محمد بن عثمان بن أبي الحسن بن عبد الوهّاب، قاضي القضاة، شمس الدين، أبو عبد الله، ابن صفيّ الدين أبي عمرو، ابن محيي الدين، المعروف بابن الحريريّ- بالحاء المهملة المفتوحة، نسبة إلى الحرير، فإنّ أباه كان يعاني بيعه- الأنصاريّ، الدمشقيّ، الحنفيّ.
ولد بدمشق في عاشر صفر سنة ثلاث وخمسين وستّمائة. وتفقّه على الشيخ رشيد الدين ابن سعيد بن عليّ بن سعيد البصراويّ، من فقهاء الحنفيّةبدمشق. وحفظ كتاب الهداية بشرح البداية، في فقه الحنفيّة (2)، وعلّق عليه شرحا.
وكان حفظة، حفظ في النحو والأصول عدّة كتب.
وسمع من القاضي أبي محمد عبد الله بن عطاء الحنفيّ، وقطب الدين أحمد بن المسلم بن المطهّر بن أبي عصرون، وابن علّان، وابن
الصيرفيّ، والنجيب المقداد (3).
وحدّث بدمشق والقاهرة، وصار إماما في الفقه، مشاركا في علوم كثيرة. ودرّس في عدّة مدارس بدمشق كالظاهريّة، والصابريّة، والخاتونيّة، وولي قضاء القضاة الحنفيّة بها في سادس جمادى الآخرة سنة إحدى وسبعمائة، وصرف بشمس الدين الأذرعيّ. وسبب صرفه أنّه وجد بخطّه أنّ الشيخ تقيّ الدين أحمد بن تيميّة من بعد السلف الصالح لم ير الناس مثله. واتّفق أنّه لمّا توجّه البريد بتقليد الأذرعيّ من مصر إلى دمشق، كان النائب غائبا عن دمشق، فدفع التقليد لابن الحريريّ، فأخذه ومضى من داره ليقرأه على الناس، فقد اجتمعوا لسماعه على العادة، فإذا هو باسم الأذرعيّ. فخجل، وقام من المجلس، واستدعى الأذرعيّ حتى قرئ بحضرته.
واستدعي إلى القاهرة، فخرج من دمشق يوم الاثنين العشرين من ربيع الأوّل سنة عشر وسبعمائة، وقدم القاهرة في أوّل ربيع الآخر، فخلع عليه وباشر الحكم عوضا عن شمس الدين أبي العبّاس أحمد بن إبراهيم بن عبد الغنيّ السروجيّ. ودرّس في المدرسة الصالحيّة، والظاهريّة، والناصريّة، والأزكجيّة، وجامع ابن طولون، والجامع الحاكميّ، وسار سيرة حسنة جميلة، وباشر القضاء بهمّة ونهضة ومهابة وجلالة ونزاهة وديانة، ولم يقبل من أحد هديّة، مع ملازمته الاشتغال وإعادة محفوظاته بأوراد له في كلّ يوم.
وخرّج له الحافظ أبو القاسم محمد بن يوسف البرزالي جزءا عن عشرة من الشيوخ، سمع عليه مرارا.
وتشدّد في ولايته على أرباب الجاه، إلّا أنّه كان
(1) الدرر 1/ 158 (3975)، الوافي 4/ 90 (1559)، الجواهر المضيئة 3/ 250 (1401)، الدليل الشافي 653 (2244).
(2)
الهداية في فروع الحنفيّة للمرغيناني: هدية العارفين 2/ 114.
(3)
لا نعرف النجيب المقداد.
يبالغ في تعظيم نفسه، حتى إنّه كان له امرأة جعلها نقيبة في دار حرمه. فإذا دخل عليهنّ تلقّته النقيبة من الباب ومشت بين يديه وهي تقول: باسم الله! سيّدنا ومولانا قاضي القضاة! - ونعوت كثيرة فيها تفخيم وتقعير، حتى ينتهي إلى مرتبة عالية في صدر بيته فيجلس عليها، ويقف نساء داره بأجمعهنّ بين يديه بأدب زائد وسكون. فيلتفت إلى زوجته ويقول لها: أكرمي النقيبة، فإنّها تعظّم بعلك!
فكان يعاب عليه إفراطه في التكلّف والخيلاء، وخروجه عن الحدّ في الترفّع والاستعلاء، ومبالغته في تقعير الألفاظ بحيث كان يثقل كلامه ويمقت على ذلك. هذا مع قوّة نفسه وتشدّده في الأحكام.
واتّفق أنّ تقيّ الدين أبا عبد الله محمد بن أبي بكر بن عيسى [90 ب] الإخنائيّ، لمّا ولي قضاء القضاة المالكيّة في جمادى الآخرة سنة ثماني عشرة وسبعمائة، استقلّه الناس لصغر سنّه وكونه أقلّ نوّاب قضاة المالكيّة، فأنف ابن الحريريّ من ذلك وأخذ خطوط شيوخ المالكيّة بعدم أهليّته وركب إلى القلعة. فعند ما صار بالصوة (1) تحت القلعة، جفلت بغلته فألقته إلى الأرض فتصدّعت عظامه، وحمل على الأعناق إلى منزله بالمدرسة الصالحيّة بين القصرين. فلزم الفراش أيّاما، وشغل عن الإخنائيّ بما هو فيه، فتمّ أمره.
واتّفق له أيضا عزله عن قضاء مصر، وسببه أنّ الأمير بكتمر الساقي لمّا أنشأ له السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون دارا في أرض الميدان المطلّ على بركة الفيل، وأدخل فيه دار الأمير سلّار وإخوته، قصد توسعة إصطبل هذه الدار
بإدخال قطعة من البركة، والبركة من أوقاف الملك الظاهر بيبرس البندقداريّ على ذرّيّته. فتقدّم إلى القاضي ابن الحريريّ باستبدال ما يحتاج إليه من أرض البركة بما هو خير منها، كما هو مذهب الحنفيّة في استبدال الأوقاف. فامتنع من ذلك، وفاوض السلطان بسببه مفاوضة أدّت إلى تنافس.
وآخر ما قال: لا أعرف هذه المسألة في مذهب أبي حنيفة، وإنّما هي رواية عن أبي يوسف، وأنا لا أعمل بها، ولا يجوز استبدال الأوقاف عندي.
وقام من مجلس السلطان، وكلّ منهما قد امتلأ غضبا. وكان مع ذلك قد تقدّم له غير مرّة إهانة النصارى من الكتّاب وغيرهم، وإلزامهم الصغار، وإذا وجد أحدا منهم راكبا أنزله وضربه ونكّل به، وإذا وجده ماشيا وعليه ثياب سريّة أهانه، فضاق ذرع الأقباط به، ولم يجدوا سبيلا إلى الطعن عليه. وكان كبير الدولة وعظيمها يومئذ كريم الدين أكرم بن هبة الله ناظر الخاصّ. فلمّا قام ابن الحريريّ من مجلس السلطان وهو مغضب، وجد القبط السبيل إلى كيده. وكان من جملة نواب ابن الحريريّ سراج الدين أبو حفص عمر بن محمود بن أبي بكر، المعروف بالسراج الحنفيّ (2). فالتزم بالحكم بالاستبدال بالأرض وتوصّل إلى إعلام كريم الدين. فاستدعاه إليه ووعده بإفراد قضاء مصر عن القاهرة، وتكلّم مع السلطان في ذلك، فأجابه إليه. وولي السراج قضاء مصر خاصّة في أوّل شهر رجب سنة سبع عشرة [91 أ] وسبعمائة. فلم يمكث غير قليل حتّى مرض ومات في سادس عشرين شهر رمضان منها قبل أن يحكم بالاستبدال. فأعيد ابن الحريريّ إلى
(1) الصوّة: المعلم المنصوب في الطريق، وأيضا: ما غلظ من الأرض وارتفع.
والصوّة في لهجة الساحل التونسيّ: الريف والبادية المغروسة. ولعلّها هنا: مكان معروف قرب قلعة الجبل.
(2)
السراج الحنفي: ترجم له المقريزي في درر العقود (2/ 318 رقم 368)، خارجا عن شروط الدرر لأنّه مات سنة 717 أي قبل سنة 760.