الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلمّا قدم أبوه مكّة حمله وطاف به البيت وسأل الله أن يجعله عالما عاملا. فنشأ بمدينة قوص على حالة واحدة من الصمت ولزوم الاشتغال بالعلوم والصيانة والديانة والتحرّز في أقواله وأفعاله والتنزّه عن النجاسة والتشدّد في ذلك، حتى إنّه، وهو في عشر سنين من عمره، أراد أن يركّب حبرا، فغسل الهاون بيده مرّات عديدة.
[شيوخه]
ثمّ رحل إلى القاهرة، وسافر إلى دمشق سنة ستّين وستّمائة. وسمع الحديث من أبيه الشيخ مجد الدين أبي الحسن علي بن وهب، ومن البهاء أبي الحسن عليّ بن هبة الله بن سلامة الشافعيّ، والحافظ زكيّ الدين عبد العظيم المنذريّ، وأبي الحسن محمد بن الأنجب أبي عبد الله بن عبد الرحمن الصوفيّ البغداديّ النعّال، والحافظ أبي الحسن عليّ بن محمد بن محمد بن محمد التّيميّ البكريّ، وأبي العبّاس أحمد بن عبد الدائم بن نعمة المقدسيّ، وأبي الحسن عبد الوهّاب بن الحسن بن محمد بن الحسن الدمشقيّ، وأبي الحسن عليّ بن أحمد بن عبد الواحد المقدسيّ، وقاضي القضاة أبي الفضل يحيى، ابن قاضي القضاة أبي المعالي محمد بن علي بن محمد القرشيّ، وأبي المعالي أحمد بن عبد السلام بن المطهّر، وأبي الحسن عبد اللطيف بن إسماعيل، والحافظ أبي الحسين يحيى العطّار، وخلائق.
وحدّث بقوص ومصر، فسمع منه شمس الدين محمد بن أحمد بن حيدرة، وشمس الدين محمد بن أحمد بن عدلان، وعلاء الدين عليّ بن إسماعيل القونويّ، وأثير الدين أبو حيّان محمد بن يوسف الغرناطيّ، وفخر الدين عثمان ابن بنت أبي سعد، وفتح الدين محمد ابن سيّد الناس، وقطب الدين عبد الكريم بن عبد النور الحلبيّ، وخلائق.
وكان قليل التحديث. واشتغل بالفقه على مذهب الشافعيّ، ومذهب مالك أيضا، على أبيه مجد الدين، وبفقه الشافعيّ على البهاء هبة الله القفطيّ. وكان يقول: البهاء معلّميّ.
ثمّ لازم شيخ الإسلام عزّ الدين عبد العزيز ابن عبد السلام (1) وأخذ عنه علما كثيرا. وقرأ الأصول على والده. وحضر عند شمس الدين محمود الأصبهانيّ لمّا كان [164 ب] حاكما بقوص وسمع دروسه.
[مصنّفاته]
وقرأ العربيّة على الشيخ محمد ابن أبي الفضل المرسيّ. وصنّف وأملى. فمن أماليه: شرح عمدة الأحكام، وهو يدلّ على علوّ منزلته في العلم.
وشرح كتاب الإلمام (2)، وهو يتضمّن من الفوائد النقليّة، والقواعد العقليّة، والأنواع الأدبيّة، والنكت الأخلاقيّة، والمباحث المنطقيّة، واللطائف البيانيّة، والموادّ اللغويّة، والأبحاث النحويّة، والعلوم الحديثيّة، والملح التاريخيّة، والإشارات الصوفيّة ما لو كمل، لأغنى عن كلّ مصنّف في هذا المعنى. قال القاضي شمس الدين محمد بن أحمد ابن القمّاح الشافعيّ: أنا جازم أنّه ما وضع في هذا الفنّ مثله.
وينقل عن شيخ الإسلام تقيّ الدين أحمد ابن تيميّة مثل ذلك، وأنّه قال: وهو كتاب الإسلام.
وجمع كتاب الإلمام في أحاديث النبيّ عليه الصلاة والسلام: حاز مع صغر حجمه جملة كبيرة.
وله كتاب اقتناص السوانح أتى فيه بأشياء
(1) توفّي العزّ ابن عبد السلام سنة 660.
(2)
الإسنويّ 2/ 229: الإلمام هو مختصر كتابه «الإمام» .