الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلّيت قالوا: زوكر (1)
…
ما أكثر فضول الناس
فأعجبني.
وذكر له أنّ جارية النطّاع تغنّي غناء في غاية الحسن، فقال: أمرها عندي خفيف.
وقال لفتح الدين ابن سيّد الناس: ما يعجبك أن يكون عندك عوّادة؟
قال: ما أكره ذلك- وأنشده لبعضهم [الكامل](2):
غنّت فأخفت صوتها في عودها
…
فكأنّما الصوتان صوت العود
هيفاء تأمر عودها فيطيعها
…
أبدا ويتبعها اتّباع ودود
وكأنّما الصوتان حين تمازجا
…
ماء الغمامة وابنة العنقود [167 أ]
فقال: أعد عليّ!
فأعدت عليه فحفظه.
[حلمه]
وكان عديم البطش قليل المقابلة على الإساءة.
كلّمه قطب الدين ابن الشاميّة بحضرة الناس كلاما تألّم منه، وقام من المجلس، وظنّ الناس أنّه يقابله فلم يفعل. وسألوه عن ذلك فقال: خشيت أن يعيّر بذلك.
وكان بمجلس الحكم بدار الحديث الكامليّة، وإذا بشخص هجم وقصده، فمنعه الرسل منعا عنيفا. فرماهم بيديه وقال بصوت قويّ: من هو هذا حتّى تمنعوني عنه؟ خليفة هذا؟
فنظر إليه لحظة وعمل بيديه: ما فيك تأنّ؟
وهجاه برهان الدين إبراهيم الحنفيّ وقد عزله من مباشرة وقف. فلمّا بلغته الأبيات قال له: يا فقيه، بلغني أنّك هجوتني؟
فسكت البرهان، فقال: أنشدني! وألحّ عليه فأنشده [الطويل]:
وليت فولّى الزهد عنك بأسره
…
وبان لنا غير الذي كنت تظهر
ركنت إلى الدنيا وعاشرت أهلها
…
ولو كان عن جبر لقد كنت تعذر
فسكت زمانا وقال: ما حملك على هذا؟
قال: أنا رجل فقير، وأباشر وقفا، وقد أخذه منّي فلان.
فقال: ما علمت بهذا، أنت على حالك.
فباشر الوقف مدّة، ثمّ أتاه يستأذنه في الحجّ.
فقال: هل معك هجو آخر؟
قال: لا، ولكنّي جئت أستأذن سيّدي في الحجّ.
فقال: مع السلامة، وما نغيّر عليك.
وهجاه عبد اللطيف القفصيّ، فقال: بلغني أنّك هجوتني فأنشدني!
فأنشده بلّيقة أوّلها:
قاضي القضاة أعزل نفسه
…
لمّا ظهر للناس نحسه
فقال: هجوت جيّدا.
(قال): وله نثر أحسن من نثر الدرر.
[نظمه]
وله نظم فائق. وأنشد له [الطويل]:
وقائلة: مات الكرام، فمن لنا
…
إذا عضّنا الدهر الشديد بنابه؟
(1) الزوكر ج زواكرة: المنافق (دوزي).
(2)
المنشد هو ابن سيّد الناس.