الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوسيط حفظا في دروس معلومة. وقرأ الأصول والخلاف. وولي الإعادة وأقام بحلب مدّة.
ثمّ عاد إلى دمشق، فتولّى تدريس مدرسة الملك الظاهر التي على الشرف القبليّ.
وقدم إلى القاهرة مع القاضي زين الدين [عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله](1) رسولا من صاحب حلب. وعاد إلى دمشق، وبها مات في سنة أربعين وستّمائة.
2999 - المأمون البطائحيّ [478 - 522]
(2)
[204 ب] محمد بن فاتك بن مختار بن حسن بن تمّام، الوزير الأجلّ، المأمون، تاج الخلافة، وجيه الملك، فخر الصنائع، ذخر أمير المؤمنين، عزّ الإسلام، فخر الأنام، نظام الدين، أمير الجيوش، سيف الإسلام، ناصر الإمام، كافل قضاة المسلمين، وهادي دعاة المؤمنين- ثمّ استقرّ من نعوته: السيّد الأجلّ أمير الجيوش، سيف الإسلام، ناصر الإمام، كافل قضاة المسلمين وهادي دعاة المؤمنين، عضد الله به الدين وأمتع بطول بقائه أمير المؤمنين، وأدام قدرته وأعلى كلمته- أبو عبد الله، ابن الأمير نور الدولة أبي شجاع [فاتك]، ابن الأمير منجد الدولة أبي الحسن [مختار]، ابن الأمير أمين الدولة أبي عليّ، المعروف بابن البطائحيّ، الأحول، الشيعيّ، الإماميّ.
ولد في سنة ثمان- أو سنة تسع- وسبعين وأربعمائة. واتّصل بخدمة الأفضل شاهنشاه ابن
أمير الجيوش بدر الجماليّ، في شهور إحدى وخمسمائة، عوضا عن تاج المعالي مختار، وسلّم إليه ما كان بيد مختار من الخدمة، وتصرّف فيها، وأجرى له الأفضل ما كان برسم مختار من العين، وهو مائة دينار وثلاثون دينارا في الشهر، سوى الأصناف الراتبة في اليوم والشهر. فحسن عند الأفضل موقع خدمته وسلّم إليه جميع أموره وصرّفه في سائر أحواله، فاستعان بأخويه أبي تراب حيدرة (3)، وأبي الفضل جعفر. ونعت بالقائد فصار عند الأفضل استداره.
[تمنّعه من الوزارة ثمّ قبولها على شروط]
فلم يزل على ذلك إلى أن قتل الأفضل، فخلع عليه الخليفة الآمر بأحكام الله أبو عليّ منصور في مستهلّ ذي القعدة سنة خمس عشرة وخمسمائة بمجلس اللعبة من القصر، والآمر جالس. ولم يخلع على أحد قبله بهذا المجلس. وكانت الخلعة بدلة مذهّبة بشدّة الخليفة الدائميّة (4)، وحلّت المنطقة من وسطه، وأخلع على ولده بدلة مذهبة، وحلّت منطقته، وخلع على أخويه بمثل ذلك.
واستمرّ ينفّذ الأمور، ولا يخرج شيء عن نظره، والخليفة يواصل الحديث معه في الوزارة وهو يمتنع، إلى مستهلّ ذي الحجّة منها: ففي يوم الجمعة ثانيه، أخلع عليه من الملابس الخاصّ الشريفة في فرد كمّ (5) مجلس اللعبة، وطوّق بطوق ذهب مرصّع وقلّد بسيف ذهب مرصّع، وسلّم على الخليفة وخرج، وكافّة الأستاذين المحنّكين
(1) تكملة من تاريخ الإسلام تحت سنة 623 ص 142.
(2)
الإشارة 62، ابن ميسّر (ماسي) 60، النجوم 5/ 170، الخطط 1/ 125، ابن القلانسي 204، 209، 212، دائرة المعارف الإسلاميّة (البطائحيّ).
(3)
ولقبه نظام الدين، المؤتمن (ابن ميسّر 63).
(4)
الشدّة الدائميّة غير العربيّة للوزير.
(5)
قال في الخطط 2/ 218: «يخرج الوزير من المقطع الذي يقال له: فرد الكمّ» ، فكأنّه ستارة ذات جناح واحد. وفي موضع آخر 2/ 290 قال: وخرج
…
من باب فرد الكمّ- فكأنّ الاسم كان يطلق على باب معيّن من غرف القصر.
والأمراء بين يديه. وركب من حيث كان الأفضل يركب، ومشى القوّاد في ركابه على عادة الأفضل.
وخرج من باب العيد راكبا إلى داره، فضاعف الرسوم وأطلق الهبات إلى يوم الاثنين خامس ذي الحجّة المذكور. [ف] اجتمع أمراء الدولة لتقبيل الأرض بين يدي الخليفة على العادة التي قرّرها مستجدّة.
فاستدعى الشيخ أبا الحسن عليّ بن أحمد بن أبي أسامة كاتب الإنشاء وأمره بإحضار السجلّ، فأحضره في لفافة خاصّ مذهبة، وسلّمه الخليفة إلى المأمون من يده [205 أ]، فقبله وسلّمه لزمام القصر (1). وأمر الخليفة المأمون بالجلوس عن يمينه، وقرئ السجلّ على باب المجلس، وهو أوّل سجلّ قرئ هناك، وكانت السجلّات عادة تقرأ قبل هذا بالإيوان. ورسم للشيخ أبي الحسن ابن أبي أسامة أن ينقل نسبة الأمراء والأستاذين المحنّكين من الآمر إلى المأمون، ولم يكن أحد قبل ذلك ينتسب إلى الأفضل ولا لأبيه أمير الجيوش، وإنّما ينتسبون إلى الخليفة. فصاروا ينتسبون إلى المأمون. وقدّمت للمأمون الدواة فعلّم في مجلس الخليفة. وتقدّم الأمراء والأجناد فقبّلوا الأرض وشكروا أمير المؤمنين على هذا الإحسان. واستدعى الخلع لحاجب الحجّاب حسام الملك فأحضرت وأفيضت عليه، وطوّق بطوق ذهب وقلّد سيف ذهب. وخلع على الشيخ أبي الحسن ابن أبي أسامة، وعلى أبي البركات ابن أبي الليث متولّي ديوان المجلس، وعلى أبي الرضا سالم ابن الشيخ أبي الحسن، وعلى أخويه أبي المكارم وأبي محمد، وعلى أبي الفضل يحيى بن سعيد الميمذيّ منشئ ما يصدر عن ديوان المكاتبات ومحرّر ما يؤمر به من المهمّات،
وهو الذي قرأ السجلّ، ووصل بدنانير جزيلة.
وخلع على أبي الفضائل ابن أبي البركات بن أبي الليث صاحب دفتر المجلس، وعلى غذيّ الملك سعيد بن عماد الضيف متولّي دار الضيافة وأخذ العلامات على التوقيعات.
وانصرف المأمون إلى داره والموكب بين يديه.
وقال القاضي أبو الفتح محمود بن قادوس يمدحه، وقد زيد في نعوته [الكامل]:
قالوا: أتاه النعت وهو السيّد ال
…
مأمون حقّا والأجلّ الأشرف
ومغيث أمّة أحمد ومجيرها:
…
ما زادنا شيئا على ما نعرف
ثمّ إنّه سأل الخليفة أن يتحدّث معه في خلوة، فأمر بخلوّ المجلس، فقال: يا مولانا، امتثال الأمر صعب ومخالفته أصعب، وما يتّسع قدّام أمراء دولة أمير المؤمنين، وهو في دست خلافته، ومنصب آبائه وأجداده، خلافه. وما في قواي ما يرومه منّي، فيكفيني هذا المقدار- وهيهات أن أقوم به! - والأمير كثير (2).
فتغيّر الآمر وحلف: لا كان لي وزير غيرك! وهو في نفسي من أيّام الأفضل.
فأعاد الاستعفاء، فتغيّر الآمر وقال: ما اعتقدت أنّك تخرج عن أمري ولا أنّك تخالفني.
فقال المأمون عند ذلك: فلي شروط أذكرها.
فقال: ما شئت فاشترط.
قال: قد كنت مع الأفضل، وهو يجتهد في أن يشرّفني بعدّة النعوت [205 ب] ويحلّ المنطقة من وسطي، فلم أفعل.
فقال الخليفة: علمت ذلك في وقته.
قال: وكان أولاد الأفضل يكتبون إليه بما يعلمه
(1) زمام القصر هو أحد الأستاذين المحنّكين (ابن المأمون:
أخبار مصر ص 21 هامش 1).
(2)
أي: الأمراء غيري كثيرون.