الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَادَتُهُ، كَانَ بَعْضُ مَنْ أَدْرَكْنَا يُبْدِي (فِيهَا) تَرَدُّدًا عَمَّنْ لَقِيَ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَلَا يَخْفَى (مَأْخَذُهُ مِمَّا) ذَكَرْنَا، وَمِنْهَا (ظَهَرَتْ) أَمَارَاتُ نُشُوزِ (الْمَرْأَةِ) لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ (حُكْمُهُ) حَتَّى يَتَحَقَّقَ.
وَمِنْهَا لَوْ (بَدَتْ) تَبَاشِيرُ الْهِدَايَةِ عَلَى الْكَافِرِ فَابْتَدَرَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَقْبَلَ، وَأَسْلَمَ فِي الْحَالِ، وَقُلْنَا: لَا يَصِحُّ غُسْلُهُ فِي حَالِ كُفْرِهِ صَحَّ هُنَا عَلَى أَحَدِ احْتِمَالَيْ الْإِمَامِ.
[الظَّنُّ إذَا كَانَ كَاذِبًا فَلَا أَثَرَ لَهُ]
ُ وَلَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ، وَلِهَذَا لَوْ ظَنَّ (الْمُكَلَّفُ) فِي الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إلَى آخِرِهِ (تَضَيَّقَ) عَلَيْهِ، فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ ثُمَّ عَاشَ وَفَعَلَهُ فَأَدَاءٌ عَلَى الصَّحِيحِ.
وَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ فَصَلَّى ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ الْحَدَثُ أَوْ ظَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ (فَصَلَّى ثُمَّ) تَبَيَّنَ أَنَّهُ (صَلَّى) قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ طَهَارَةَ الْمَاءِ فَتَوَضَّأَ (بِهِ) ثُمَّ تَبَيَّنَ نَجَاسَتُهُ، أَوْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ يَظُنُّهُ مُسْلِمًا فَأَخْلَفَ ظَنَّهُ (أَوْ دَفَعَ) الزَّكَاةَ مِنْ مَالٍ يَظُنُّهُ لَهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ أَوْ ظَنَّ بَقَاءَ اللَّيْلِ فِي الصَّوْمِ فَتَسَحَّرَ أَوْ غُرُوبَ الشَّمْسِ فَأَفْطَرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ لَمْ يُؤَثِّرْ (أَيْ الظَّنُّ) .
وَمِنْهُ إذَا أَنْفَقَ عَلَى الْبَائِنِ (الْحَائِلِ) ظَانًّا حَمْلَهَا (ثُمَّ تَبَيَّنَ) خِلَافُهُ فَإِنَّهُ (يَسْتَرِدُّهُ) ، وَشَبَّهَهُ الرَّافِعِيُّ بِمَا إذَا ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَأَدَّاهُ (ثُمَّ بَانَ) خِلَافُهُ وَمَا إذَا أَنْفَقَ عَلَى ظَنِّ (إعْسَارِهِ لِمُدَّةٍ) ثُمَّ بَانَ يَسَارُهُ.
وَلَوْ سَرَقَ دَنَانِيرَ ظَنَّهَا فُلُوسًا قُطِعَ، (وَهَذَا) بِخِلَافِ مَا لَوْ سَرَقَ مَالًا يَظُنُّهُ مِلْكَهُ أَوْ مِلْكَ (أَبِيهِ) فَلَا قَطْعَ (كَمَا) لَوْ وَطِئَ امْرَأَةً يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مُشْكِلٌ فَإِنَّهُمْ اُعْتُبِرُوا فِي الْأُولَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا مَا فِي ظَنِّهِ، وَعَكَسُوا فِي الْأُخْرَى.
وَيُسْتَثْنَى صُوَرٌ: مِنْهَا: لَوْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ يَظُنُّهُ مُتَطَهِّرًا فَبَانَ حَدَثُهُ تَصِحُّ صَلَاتُهُ، وَلَوْ رَأَى الْمُتَيَمِّمُ الْمُسَافِرُ رَكْبًا فَظَنَّ أَنَّ مَعَهُمْ مَاءً فَإِنَّ تَيَمُّمَهُ يَبْطُلُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مَاءٌ لِتَوَجُّهِ الطَّلَبِ عَلَيْهِ.
وَلَوْ خَاطَبَ (امْرَأَتَهُ) بِالطَّلَاقِ يَظُنُّ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةُ فَكَانَتْ زَوْجَتَهُ نَفَذَ الطَّلَاقُ، وَلَا أَثَرَ لِظَنِّهِ الْخَطَأِ، وَكَذَا لَوْ (أَعْتَقَ) عَبْدًا يَظُنُّهُ لِغَيْرِهِ فَكَانَ لَهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى الْيَقِينِ هَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالظَّنِّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ مِمَّا (يَعْتَدُّ) فِيهِ بِالْقَطْعِ لَمْ يَجُزْ قَطْعًا كَالْمُجْتَهِدِ الْقَادِرِ عَلَى النَّصِّ لَا يَجْتَهِدُ، وَكَذَا إنْ
كَانَ بِمَكَّةَ لَا يَجْتَهِدُ فِي الْقِبْلَةِ.
وَلَوْ اسْتَقْبَلَ الْمُصَلِّي (حِجْرَ) الْكَعْبَةِ وَحْدَهُ دُونَ الْبَيْتِ وَصَلَّى لَمْ تَصِحَّ (صَلَاتُهُ) ، وَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِنْ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ مِنْ الْبَيْتِ ظَنِّيٌّ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَعَبَّدْ فِيهِ بِهِ جَازَ، كَالِاجْتِهَادِ بَيْنَ الطَّاهِرِ وَالنَّجَسِ مِنْ الثِّيَابِ وَالْأَوَانِي، مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى طَاهِرٍ بِيَقِينٍ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ اجْتَهَدَ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ جَازَتْ الصَّلَاةُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ عِلْمِهِ فِي الْأَصَحِّ.