المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَلِهَذَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى شَخْصٍ دَيْنٌ، وَمَعَهُ قَدْرُهُ فَقَطْ - المنثور في القواعد الفقهية - جـ ٢

[بدر الدين الزركشي]

فهرس الكتاب

- ‌[حَرْفُ الْجِيمِ] [

- ‌الْجَائِزُ]

- ‌[الْجُبْرَان]

- ‌[الْجَعَالَةُ كَالْإِجَارَةِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌[الْجِلْسَاتُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْجِمَاعُ وَدَوَاعِيهِ]

- ‌[الْجَمْعُ أَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ]

- ‌[الْجَهْلُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[حَرْفُ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌الْحَاجَةُ الْعَامَّةُ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ الْخَاصَّةِ فِي حَقِّ آحَادِ النَّاسِ]

- ‌[الْحَاجَةُ الْخَاصَّةُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَ]

- ‌[الْحَالُّ لَا يَتَأَجَّلُ]

- ‌[الْحَجْرُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحُجَّةُ الَّتِي يَسْتَنِدُ إلَيْهَا الْقَاضِي فِي قَضَائِهِ]

- ‌[حَدِيثُ النَّفْسِ لَهُ خَمْسُ مَرَاتِبَ]

- ‌[الْحُدُودُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحَدَثُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَالِاسْتِيلَاءِ]

- ‌[الْحَرِيمُ يَدْخُلُ فِي الْوَاجِبِ وَالْحَرَامِ وَالْمَكْرُوهِ]

- ‌[الْحَشَفَةُ]

- ‌[الْحَصْرُ وَالْإِشَاعَةُ]

- ‌[الْحُقُوقُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ]

- ‌[الْحُقُوقُ تُوَرَّثُ كَمَا يُوَرَّثُ الْمَالُ]

- ‌[الْحُقُوقُ الْمُوَرَّثَةُ]

- ‌[حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَة]

- ‌[حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى إذَا اجْتَمَعَتْ]

- ‌[الْحُكْمُ هُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[حُكْمُ الْحَاكِمِ]

- ‌[الْحَلَالُ]

- ‌[الْحَلِفُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحَمْلُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحَوَاسُّ خَمْسَةٌ]

- ‌[الْحَيْلُولَةُ بَيْنَ الْمُسْتَحِقِّ وَحَقِّهِ]

- ‌[الْحِيَلُ]

- ‌[الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ وَالْمُسْتَمِرَّةُ وَعَيْشُ الْمَذْبُوحِ]

- ‌[الْحَيَوَانُ يَتَعَلَّقُ بِهِ أُمُورٌ]

- ‌[حَرْفُ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الْخَبَرُ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَنْ خَاصٍّ أَوْ عَامٍّ]

- ‌[الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَة]

- ‌[الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ]

- ‌[الْخُطَبُ اثْنَتَا عَشْرَةَ]

- ‌[الْخَطَأُ يَرْفَعُ الْإِثْمَ]

- ‌[الْخَلْطُ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ بِمَنْزِلَةِ الْإِتْلَافِ]

- ‌[الْخُلْفُ فِي الصِّفَةِ]

- ‌[الْخِلَافُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْخِيَارُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[حَرْفُ الدَّالِ] [

- ‌الدَّفْعُ أَقْوَى مِنْ الرَّفْعِ]

- ‌[الدَّوْرُ قِسْمَانِ]

- ‌[الدَّيْنُ ضَرْبَانِ حَالٌّ وَمُؤَجَّلٌ]

- ‌[حَرْفُ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الذَّهَبُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى الرِّجَالِ]

- ‌[حَرْفُ الرَّاءِ] [

- ‌الرُّخَصُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الرِّدَّةُ لَا تُحْبِطُ الْعَمَلَ]

- ‌[الرِّشْوَةُ أَخْذُ الْمَالِ لِيُحِقَّ بِهِ الْبَاطِلَ أَوْ يُبْطِلَ الْحَقَّ]

- ‌[الرِّضَا بِالشَّيْءِ رِضًا بِمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ]

- ‌[حَرْفُ الزَّاي] [

- ‌الزَّائِلُ الْعَائِدُ كَاَلَّذِي لَمْ يَزُلْ]

- ‌[الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ تَتْبَعُ الْأَصْلَ]

- ‌[الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ لَا أَثَرَ لَهَا]

- ‌[الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَدَدِ إذَا لَمْ تَكُنْ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ]

- ‌[الزَّرْعُ النَّابِتُ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ]

- ‌[حَرْفُ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌السَّبَبُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[السِّرَايَةُ حَقِيقَتُهَا]

- ‌[السَّفَرُ قِسْمَانِ طَوِيلٌ وَقَصِيرٌ]

- ‌[السَّفِيهُ تَصَرُّفَاتُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[السَّكْرَانُ فِي سَائِرِ أَحْوَالِهِ كَالصَّاحِي]

- ‌[السُّكُوتُ ضَرْبَانِ]

- ‌[السُّنَّةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[السُّؤَالُ مَعَادٌ فِي الْجَوَابِ]

- ‌[سَلَامَةُ الْعَاقِبَةِ]

- ‌[السَّهْوُ]

- ‌[السَّهْوُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[السَّيِّدُ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ ابْتِدَاءً]

- ‌[حَرْفُ الشَّيْنِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الشَّبَهُ]

- ‌[الشُّبْهَةُ فِيهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الشَّرْطُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[شَرْطُ الْعِلَّةِ هَلْ يَجْرِي مَجْرَى شَطْرِ الْعِلَّةِ]

- ‌[الشُّرُوعُ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الْمَشْرُوعِ فِيهِ]

- ‌[الشَّفَاعَةُ ضَرَاعَةٌ عِنْدَ الْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ]

- ‌[الشَّرِكَةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الشَّكُّ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الشَّلَلُ هَلْ هُوَ مَوْتٌ أَوْ تَيَبُّسٌ]

- ‌[حَرْفُ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌الصَّبِيُّ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الصِّحَّةُ وَالْجَوَازُ وَالِانْعِقَادُ فِي بَابِ الْعُقُودِ]

- ‌[الصَّرِيحُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الصِّفَةُ فِي الْمَعْرِفَةِ لِلتَّوْضِيحِ]

- ‌[صِفَاتُ الْحُقُوقِ لَا تُفْرَدُ بِالْإِسْقَاطِ]

- ‌[حَرْفُ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ]

- ‌[قَاعِدَةٌ مَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا]

- ‌[الضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ]

- ‌[أَسْبَابُ الضَّمَانُ]

- ‌[حَرْفُ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌الطَّارِئُ هَلْ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْمُقَارِنِ]

- ‌[الطَّهَارَةُ تَثْبُتُ بِالتَّبَعِيَّةِ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ]

- ‌[حَرْفُ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌ظُهُورُ أَمَارَاتِ الشَّيْءِ هَلْ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ تَحَقُّقِهِ]

- ‌[الظَّنُّ إذَا كَانَ كَاذِبًا فَلَا أَثَرَ لَهُ]

- ‌[حَرْفُ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌الْعَادَةُ فِيهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الْعِبَادَةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الْعِبْرَةُ بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ أَوْ الْمَأْمُومِ]

- ‌[الْعِبْرَةُ بِصِيَغِ الْعُقُودِ أَوْ بِمَعَانِيهَا]

- ‌[الْعَدَالَةُ هَلْ تُتَحَرَّى]

- ‌[الْعُذْرُ الْعَامُّ]

- ‌[الْعُرْفُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْعَزْمُ عَلَى الْإِبْطَالِ مُبْطِلٌ]

- ‌[الْعَقْدُ حقيقته]

- ‌[الْعَمَلُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[عِلَّةُ الْحُكْمُ إذَا زَالَتْ وَخَلَفَهَا عِلَّةٌ أُخْرَى]

- ‌[الْعَوْلُ وَالرَّدُّ]

- ‌[الْعُيُوبُ الْمُعْتَبَرَةُ شَرْعًا]

- ‌[حَرْفُ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الْغَايَةُ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ]

- ‌[غَالِبُ الْبَلَدِ يُعْتَبَرُ فِي مَسَائِلَ]

- ‌[حُكْم غَرِيمُ الْغَرِيمِ]

- ‌[الْغُسْلُ يَنْقَسِمُ إلَى وَاجِبٍ وَمُسْتَحَبٍّ]

- ‌[حُكْم غُسْلُ الْعِيدَيْنِ]

الفصل: وَلِهَذَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى شَخْصٍ دَيْنٌ، وَمَعَهُ قَدْرُهُ فَقَطْ

وَلِهَذَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى شَخْصٍ دَيْنٌ، وَمَعَهُ قَدْرُهُ فَقَطْ فَإِنَّهُ (يُؤْخَذُ، وَإِنْ) تَضَرَّرَ الْمَدْيُونُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عُشْرُ دَارٍ (لَا) يَصْلُحُ لِلسُّكْنَى وَالْبَاقِي لِآخَرَ، وَطَلَبَ صَاحِبُ الْأَكْثَرِ الْقِسْمَةَ أُجِيبَ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرُ شَرِيكِهِ، وَمِنْ هَذَا ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ فِي الشِّقْصِ وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي مَوْقُوفًا عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ.

وَلَوْ بَاعَهُ شَيْئًا وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَرَهَنَهُ ثُمَّ أَفْلَسَ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِ مَالِهِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إضْرَارًا بِالْمُرْتَهِنِ وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ، وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا (فَغَرَسَ) فِيهَا أَوْ بَنَى، ثُمَّ أَفْلَسَ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِيهَا، وَيَبْقَى الْغِرَاسُ وَالْبِنَاءُ لِلْمُفْلِسِ فِي الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ قِيمَتَهَا، وَيَضُرُّ بِالْمُفْلِسِ وَالْغُرَمَاءِ (، وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ) ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ ضَيِّقَةَ الْمَحَلِّ، وَالرَّجُلُ كَبِيرَ الْآلَةِ لَا يُمْكِنُهُ وَطْؤُهَا إلَّا بِإِفْضَائِهَا لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ الْوَطْءِ.

[أَسْبَابُ الضَّمَانُ]

ِ أَرْبَعَةٌ.: عَقْدٌ، وَيَدٌ وَإِتْلَافٌ، وَحَيْلُولَةٌ.

ص: 322

الْأَوَّلُ: الْعَقْدُ كَالْبَيْعِ وَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالسَّلَمِ وَالْإِجَارَةِ وَنَحْوِهَا.

الثَّانِي: (الْيَدُ) وَهِيَ ضَرْبَانِ: يَدٌ غَيْرُ مُؤْتَمَنَةٍ كَيَدِ الْغَاصِبِ وَالْمُسْتَامِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُشْتَرِي فَاسِدًا، (وَكَذَلِكَ) الْأَجِيرُ عَلَى قَوْلٍ.

وَيَدُ أَمَانَةٍ كَالْوَدِيعَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْوَكَالَةِ وَنَحْوِهَا إذَا وَقَعَ مِنْهَا التَّعَدِّي صَارَتْ الْيَدُ يَدَ ضَمَانٍ فَيَضْمَنُ إذَا تَلِفَتْ بِنَفْسِهَا، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُؤْتَمَنًا.

قَالَ الْجُرْجَانِيُّ؛ فِي التَّحْرِيرِ الْمُوجِبُ لِضَمَانِ الْمَالِ خَمْسَةٌ: أَحَدُهَا: الْقَبْضُ لِلسَّوْمِ.

الثَّانِي: الْقَبْضُ عَنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ.

الثَّالِثُ: الْعَارِيَّةُ.

الرَّابِعُ: (الْإِتْلَافَاتُ) بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ (سَبَبٍ) .

الْخَامِسُ: التَّعَدِّي بِالْغَصْبِ أَوْ (بِالتَّصَرُّفِ) فِي الْأَمَانَةِ أَوْ (بِالتَّفْرِيطِ) فِي رَدِّهَا انْتَهَى.

ص: 323

وَأَمَّا الْأَمَانَاتُ الشَّرْعِيَّةُ فَإِنَّهَا تُضْمَنُ بِالتَّفْوِيتِ وَهَلْ تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ فِيهِ خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ، كَمَا إذَا خَلَّصَ الْمُحْرِمُ (الصَّيْدَ) مِنْ جَارِحِهِ؛ لِيُدَاوِيَهُ فَتَلِفَ (عِنْدَهُ أَوْ أَخَذَ الْوَدِيعَةَ مِنْ صَبِيٍّ صِيَانَةً لَهَا؛ لِيَرُدَّهَا لِوَلِيِّهِ فَتَلِفَتْ) فِي يَدِهِ أَوْ الْتَقَطَ مَا لَا يَمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ؛ لِلْحِفْظِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لِلْآحَادِ ذَلِكَ وَهُوَ (الصَّحِيحُ) الْمَنْصُوصُ.

وَمِثْلُهُ لَوْ أَطَارَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا إلَى دَارِهٍ فَأَخَذَهُ؛ لِيَرُدَّهُ لِمَالِكِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ ظَفِرَ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ، وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّهُ يَبِيعُهُ بِنَفْسِهِ وَيَسْتَوْفِي ذَلِكَ مِنْهُ، فَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ ضَمِنَ، وَلَوْ نَقَصَ ضَمِنَ نَقْصَهُ، وَإِنَّمَا ضَمِنَ هُنَا، وَإِنْ كَانَ مُؤْتَمَنًا؛ لِتَقْصِيرِهِ بِالتَّأْخِيرِ، وَلَا يُسْتَثْنَى مَا لَوْ انْتَزَعَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ؛ لِيَرُدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ فَتَلِفَ عِنْدَهُ يَضْمَنُهُ فِي الْأَصَحِّ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْآحَادِ (الِانْتِزَاعُ) فَإِنَّ الْقَاضِيَ نَائِبُ (الْغَائِبِينَ) وَلَيْسَ هُوَ بِمُؤْتَمَنٍ شَرْعًا.

الثَّالِثُ: الْإِتْلَافُ فِي النَّفْسِ أَوْ الْمَالِ، قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ، وَضَمَانُ الْأَمْوَالِ مَبْنِيٌّ عَلَى (جَبْرِ الْفَائِتِ) ، وَضَمَانُ (النَّفْسِ) مَبْنِيٌّ عَلَى شِفَاءِ الْغَلِيلِ انْتَهَى.

وَيَفْتَرِقُ ضَمَانُ الْإِتْلَافِ وَالْيَدُ فِي أَنَّ ضَمَانَ الْإِتْلَافِ يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ فِيهِ (بِالْمُبَاشَرَةِ) دُونَ السَّبَبِ فِي الْأَظْهَرِ وَضَمَانُ الْيَدِ مُتَعَلِّقٌ بِهِمَا؛ لِوُجُودِهِ فِي كُلِّ

ص: 324

مِنْهُمَا، (ثُمَّ عِنْدَنَا) أَنَّ ضَمَانَ الْيَدِ فِي مُقَابَلَةِ فَوَاتِ يَدِ الْمَالِكِ، وَالْمِلْكُ بَاقٍ لِحَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجُرَّ نَاقِلٌ عَنْ مِلْكِهِ (وَالْفَائِتُ) عَلَيْهِ هُوَ الْيَدُ (وَالتَّصَرُّفُ) فَيَكُونُ الضَّمَانُ فِي مُقَابَلَةِ مَا فَاتَ.

وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الضَّمَانَ فِي مُقَابَلَةِ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي وَجَبَ رَدُّهَا، فَالضَّمَانُ بَدَلٌ عَنْهَا وَبَنَوْا (عَلَيْهِ) فُرُوعًا: مِنْهَا: إذَا غَصَبَ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا أَوْ ثَوْبًا فَخَاطَهُ أَوْ شَاةً فَذَبَحَهَا لَا يَمْلِكُ الْمَغْصُوبَ بِذَلِكَ، وَعِنْدَهُمْ (يَمْلِكُ) الْعَيْنَ، وَيَنْتَقِلُ حَقُّ الْمَالِكِ إلَى الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ.

وَمِنْهَا: إذَا ضَمِنَ بَدَلَ الْمَغْصُوبِ ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ الْمَالِكُ كَانَ لَهُ وَيَرُدُّ إلَى الْغَاصِبِ مَا أَخَذَهُ عِنْدَنَا، وَعِنْدَهُمْ يَمْلِكُ الْمَغْصُوبَ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ حَتَّى لَوْ كَانَ قَرِيبَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَمِنْهَا: أَنَّ الْجِنَايَةَ الْمُوجِبَةَ لِقِيمَةٍ الْعَبْدِ كَقَطْعِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ لَا تَقْتَضِي مِلْكَ الْجَانِي لِلْعَبْدِ وَعِنْدَهُمْ تَقْتَضِي ذَلِكَ.

الرَّابِعُ: الْحَيْلُولَةُ كَمَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ أَوْ ثَوْبًا فَضَاعَ أَوْ نَقَلَهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَيَغْرَمُ الْغَاصِبُ (الْقِيمَةُ؛ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَ الْمَالِكِ وَمِلْكِهِ، كَمَا يَغْرَمُ لَوْ ظَفِرَ بِهِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ) مَعَ بَقَاءِ الْعَبْدِ، وَكَمَا لَوْ شَهِدُوا بِمَالٍ فَرَجَعُوا (فَإِنَّهُمْ) يَغْرَمُونَ

ص: 325

لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ؛ لِحُصُولِ الْحَيْلُولَةِ بِشَهَادَتِهِمْ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ الضَّمَانَ بِالْيَدِ أَوْ (بِالْإِتْلَافِ) ، وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَإِنْ أَتَوْا بِمَا يَقْتَضِي الْفَوَاتَ، كَمَنْ حَبَسَ الْمَالِكَ عَنْ مَاشِيَتِهِ حَتَّى ضَاعَتْ وَمَسَائِلُ الْحَيْلُولَةِ سَبَقَتْ فِي حَرْفِ الْحَاءِ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ فِي كِتَابِ الدَّلَائِلِ وَالْأَعْلَامِ: الْمَضْمُونَاتُ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: بِالتَّعَدِّي وَمِنْهُ الْجِنَايَاتُ وَالْإِتْلَافَاتُ، وَالثَّانِي: بِالْمُرَاضَاةِ كَالْبُيُوعِ وَالضَّمَانِ.

وَالْأَوَّلُ يَسْتَوِي فِي إيجَابِ الضَّمَانِ فِيهِ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ؛ لِأَنَّ النِّسْيَانَ إنَّمَا يَسْقُطُ عَنْ الْإِنْسَانِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِهِ لَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ فَلَيْسَ عَلَى غَيْرِهِ نِسْيَانُهُ وَخَطَؤُهُ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَتَدَاعَى النَّاسُ (النِّسْيَانَ) وَتَسَاقَطَتْ الْحُقُوقُ إلَّا أَنَّ الْعَامِدَ يَغْرَمُ الْبَدَلَ، وَعَلَيْهِ الْإِثْمُ وَالْمُخْطِئُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ حُرْمَةُ النُّفُوسِ فِي ذَلِكَ أَقْوَى مِنْ الْأَمْوَالِ فَوَجَبَ عَلَى الْقَاتِلِ خَطَأً الْكَفَّارَةُ، وَمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ عَنْهُ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ مِنْ الدِّيَةِ، وَعَلَى الْقَاتِلِ الْمُكَافِئِ (عَمْدًا) الْقِصَاصُ؛ لِيَكُفَّ عَنْ الْقَتْلِ وَيَقَعَ التَّحَفُّظُ (بِهِ) .

قَالَ (وَأَمَّا) الْقُرُوضُ وَالْعَوَارِيّ فَإِنَّمَا صَارَتْ مَضْمُونَةً، وَإِنْ سَمَحَ (بِهَا) صَاحِبُهَا، وَأَذِنَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْآخِذَ أَخَذَهُ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَالشَّيْءُ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ هُوَ الْمَنْفَعَةُ فَلَمْ يَرْتَفِعْ ضَمَانُ الْعَيْنِ مِنْ أَجْلِ إبَاحَةِ الْمَنْفَعَةِ، قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ: أَنَّ الْمُودَعَ إنَّمَا يَدُهُ يَدُ الْمُودِعِ فَكَانَ حُكْمُهُ فِي الْيَدِ أَقْوَى مِنْ حُكْمِ الْوَكِيلِ الَّذِي يَأْخُذُ الْجُعْلَ عَلَى الْعَمَلِ بِأَمْرِ الْوَكِيلِ، وَمَتَى كَانَتْ الْيَدُ تَخْلُفُ يَدَ الْمَالِكِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى وَفَارَقَ الْمُسْتَأْجِرَ فِي ضَمَانِ الْعَيْنِ؛ لِأَخْذِهِ الْعِوَضَ عَلَى الْمَنْفَعَةِ، وَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى الِانْتِفَاعِ،

ص: 326

إلَّا بِأَنْ يَخْلُفَ الْمَالِكَ فِي الْيَدِ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي وَفَارَقَ صَاحِبَ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الْوَثِيقَةَ فِي الْعَقْدِ بِأَنْ يَكُونَ أَحَقَّ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَالْمَنَافِعُ لِلْمَالِكِ فَلَا ضَمَانَ.

قَالَ ثُمَّ (إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى عَلَى أَرْبَابِ الْمَوَاشِي حِفْظَهَا بِاللَّيْلِ) ؛ لِأَنَّهَا لَوْ أُرْسِلَتْ بِاللَّيْلِ لَمْ يَكُنْ (مَانِعًا) لَهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ (تَعَالَى){وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا} [الأنعام: 96] لِكُلِّ أَحَدٍ، وَلَوْ مَنَعَهُمْ مِنْ إرْسَالِهَا بِالنَّهَارِ لَسَقَطَتْ مَنَافِعُهُمْ فِي (الرَّعْيِ) وَالْكَلَأِ، فَإِذَا أَرْسَلُوا بِاللَّيْلِ ضَمِنُوا، وَإِذَا أَرْسَلُوا بِالنَّهَارِ لَمْ يَضْمَنُوا، وَكَانَ التَّحَفُّظُ عَلَى أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ.

وَمِنْ هَذَا مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ فَدَخَلَ إلَيْهِ دَاخِلٌ فَسَقَطَ فِي الْبِئْرِ لَمْ يَضْمَنْ، وَمَنْ حَفَرَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ ضَمِنَ، وَلَوْ حَفَرَ فِي الصَّحْرَاءِ لَمْ يَضْمَنْ، وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ إذَا " انْقَلَبَتْ وَلَا " ضَمَانَ، وَمَتَى كَانَ عَلَيْهَا سَائِقٌ أَوْ قَائِدٌ فَعَلَيْهِ حِفْظُهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ.

قَالَ: وَالضَّابِطُ أَنَّ (التَّعَدِّيَ) مَضْمُونٌ أَبَدًا، إلَّا مَا قَامَ دَلِيلُهُ، وَفِعْلُ الْمُبَاحِ سَاقِطٌ أَبَدًا، إلَّا مَا قَامَ دَلِيلُهُ، وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ (التَّعَدِّي) فِي حُكْمِ (التَّعَدِّي)

ص: 327

كَالْجِرَاحَةِ إذَا سَرَتْ إلَى النَّفْسِ.

قَالَ، وَأَمَّا رَدُّ الْمَضْمُونِ فَأَقْسَامٌ: الْأَوَّلُ: مَا عَيْنُهُ مَوْجُودَةٌ فَيُكَلَّفُ رَدَّهُ إلَّا أَنْ يَخْتَارَ الْمَالِكُ خِلَافَهُ.

الثَّانِي: أَنْ تَنْقُصَ الْعَيْنُ فَيَرُدُّهَا وَقِيمَةَ نَقْصِهَا، إنْ لَمْ يُوجَدْ مِثْلُ النَّقْصِ كَحِنْطَةٍ نَقَصَ مِنْهَا جُزْءٌ.

الثَّالِثُ: أَنْ تَفُوتَ الْعَيْنُ فَيَلْزَمُهُ مِثْلُهَا كَالْحِنْطَةِ (وَالزَّيْتِ) ؛ لِأَنَّ الْمِثْلَ مَوْجُودٌ فِي نَفْسِهِ، وَيَسْقُطُ الِاجْتِهَادُ فِي الْقِيمَةِ، وَمَا لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ أَوْ لَا يُمْكِنُ فِعْلُ الْمِثْلِ كَشَقِّ ثَوْبِ رَجُلٍ فَلَا يَشُقُّ ثَوْبَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فَسَادٌ عَلَيْهِمَا فِي الْأَمْوَالِ، وَكُلُّ مَا كَانَ مِثْلُهُ مِنْ جِنْسِهِ يَتَفَاضَلُ وَلَا يَتَحَصَّلُ (فَالرُّجُوعُ) إلَى الْقِيمَةِ كَالْإِحْرَاقِ بِالنَّارِ وَالرَّمْيِ بِالشَّيْءِ فِي الْبَحْرِ.

قَالَ: وَأَمَّا الْجِنَايَاتُ فِي النُّفُوسِ فَإِنَّ الْمِثْلَ فِيهَا مَعْدُومٌ فَيَعْدِلُ إلَى الْقِيمَةِ، وَمِنْهُ الدِّيَةُ فِي الْأَحْرَارِ، وَالْقِيمَةُ فِي الْعَبِيدِ.

قَالَ: وَالْمَضْمُونُ فِي الْجِنَايَةِ وَغَيْرِهَا ضَرْبَانِ: ضَرْبٌ (يَتَوَقَّفُ)(لَا يَتَجَاوَزُهُ) كَالْخَمْسِ مِنْ الْإِبِلِ فِي الْمُوضِحَةِ

ص: 328

وَنَحْوِهِ، وَكَذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ كَصَاعِ الْمُصَرَّاةِ.

وَضَرْبٌ يُرَدُّ إلَى الِاجْتِهَادِ وَالتَّقْوِيمِ فَيُرَدُّ إلَى أَهْلِ (صِنَاعَتِهِ) ، وَأَهْلِ الْخِبْرَةِ، وَإِلَّا لَبَطَلَتْ مَعْرِفَتُهُ، فَإِذَا وَجَبَ أَرْشُ جُرْحٍ (مِنْ) حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ وَلَا تَوْقِيفَ فِيهِ نُظِرَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْأَخْيَلِ وَالتَّمْثِيلِ فَأُجْرِيَ عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ (بِالتَّبْخِيتِ)(فِيهِ) بَاطِلٌ انْتَهَى.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي حَرْفِ الْمِيمِ قَوَاعِدُ (مُهِمَّةٌ)(تَتَعَلَّقُ بِالْمَضْمُونَاتِ) وَهَا هُنَا أَيْضًا قَوَاعِدُ تَتَعَلَّقُ بِالْمَضْمُونَاتِ.:

الْأُولَى: هَلْ تَثْبُتُ يَدُ الضَّمَانِ مَعَ ثُبُوتِ يَدِ الْمَالِكِ؟ (قَالَ) الْأَصْحَابُ فِي بَابِ الْغَصْبِ: لَوْ أَتْلَفَ مَالًا فِي يَدِ مَالِكِهِ ضَمِنَهُ إلَّا الْعَبْدَ الْمُرْتَدَّ وَالْحَيَوَانَ الصَّائِلَ وَالْمُقَاتِلَ حِرَابَةً، وَمَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ الْمُنْكِرُ مِنْ إرَاقَةِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ، إلَّا بِكَسْرِ آنِيَةٍ، وَمَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ (مِنْ) دَفْعِ الصَّائِلِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ، إلَّا بِعَقْرِ جَوَادِهِ وَكَسْرِ سِلَاحِهِ، وَمَا يُتْلِفُهُ الْعَادِلُ عَلَى الْبَاغِي حَالَةَ الْحَرْبِ وَعَكْسُهُ وَمَا (يُتْلِفُهُ) الْحَرْبِيُّونَ عَلَيْنَا،

ص: 329

وَالْعَبْدُ فِي يَدِ سَيِّدِهِ عَلَى سَيِّدِهِ.

أَمَّا لَوْ (تَلِفَ) فَقَدْ ذَكَرُوا فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ أَنَّهُ لَوْ سَخَّرَ دَابَّةً وَمَعَهَا مَالِكُهَا فَتَلِفَتْ لَا (يَضْمَنُهَا)، وَقَالُوا: لَوْ اسْتَوْلَى عَلَى حُرٍّ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ لَا يَضْمَنُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ سَبَبُ التَّلَفِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ ضَمِنَ، كَمَا لَوْ أَكْرَى دَابَّةً؛ لِحَمْلِ مِائَةٍ فَحَمَلَ مِائَةً وَعَشَرَةً، وَتَلِفَتْ بِذَلِكَ وَصَاحِبُهَا مَعَهَا ضَمِنَ قِسْطَ الزِّيَادَةِ عَلَى الصَّحِيحِ وَفِي قَوْلٍ قِيمَتَهَا، وَمِنْهَا الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ إذَا أَتْلَفَ الْمَالَ بِحُضُورِ الْمَالِكِ لَا (يَضْمَنُ) فِي الصَّحِيحِ.

الثَّانِيَةُ: الْمَضْمُونُ قِسْمَانِ: مَا يُضْمَنُ بِالتَّلَفِ وَالْإِتْلَافِ، وَمَا لَا يُضْمَنُ بِالتَّلَفِ، وَيُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ، فَمِنْ الْأَوَّلِ: الزَّكَاةُ إذَا تَلِفَ الْمَالُ قَبْلَ دَفْعِهَا ضَمِنَهُ، وَكَذَا الصَّيْدُ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ

وَمِنْ الثَّانِي: الْعَبْدُ الْجَانِي إذَا أَتْلَفَهُ السَّيِّدُ أَوْ أَعْتَقَهُ ضَمِنَهُ، وَلَوْ تَلِفَ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَلَوْ نَذَرَ عِتْقَ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ عِتْقُ غَيْرِهِ، وَلَوْ أَتْلَفَهُ ضَمِنَهُ، وَكَذَا الْأَمَانَاتُ الشَّرْعِيَّةُ عَلَى مَا سَبَقَ.

الثَّالِثَةُ: إذَا وَجَبَتْ قِيمَةُ الْمُتْلَفِ اُعْتُبِرَ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ، كَمَا يُعْتَبَرُ فِي الْمُتْلَفَاتِ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ التَّلَفُ وَالْإِتْلَافُ، إلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَهُوَ إبِلُ

ص: 330

الدِّيَةِ، فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ إبِلُ بَلَدِ إقَامَةِ الْجَانِي لَا مَحَلُّ جِنَايَتِهِ.

وَلِهَذَا اعْتَبَرُوا بَلَدَ الْعَاقِلَةِ وَالْعَاقِلَةُ لَا جِنَايَةَ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِمَحَلِّ إقَامَتِهِمْ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: إنَّ ذَلِكَ خَرَجَ عَنْ قِيَاسِ الْقَاعِدَةِ.

الرَّابِعَةُ: قَدْ يَكُونُ الْفِعْلُ مُبَاحًا وَهُوَ مَضْمُونٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَذَلِكَ فِي التَّعْزِيرِ مِنْ الْمُتَيَقَّنِ.

وَمِنْهَا: أَكْلُ الْمُضْطَرِّ طَعَامَ الْغَيْرِ يُبَاحُ لَهُ وَيَضْمَنُ بَدَلَهُ، وَلِلْمُحْرِمِ ذَبْحُ الصَّيْدِ لِلِاضْطِرَارِ وَيَضْمَنُهُ، وَلَوْ نَصَبَ مِيزَابًا فَتَقَصَّفَ مِنْ الْخَارِجِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَأَتْلَفَ إنْسَانًا تَجِبُ الدِّيَةُ مَعَ إنَّهُ يُبَاحُ لَهُ نَصْبُهُ.

وَلَوْ أَرْسَلَ سَهْمًا عَلَى حَرْبِيٍّ فَأَسْلَمَ ثُمَّ وَقَعَ السَّهْمُ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ دِيَةُ الْمُسْلِمِ، وَلَوْ سَقَطَتْ عَلَيْهِ جَرَّةٌ مِنْ سَطْحٍ فَكَسَرَهَا ضَمِنَهَا مَعَ أَنَّ لَهُ دَفْعَهَا.

وَقَدْ يَكُونُ الْفِعْلُ حَرَامًا وَلَا ضَمَانَ، كَقَوْلِهِ: اقْطَعْ يَدِي فَقَطَعَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ فَلَا قِصَاصَ (وَلَا دِيَةَ) ، وَلَوْ غَصَبَ شَيْئًا مِمَّا يَخْتَصُّ بِهِ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ أَوْ سِرْقِينٍ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ مَعَ أَنَّ فِعْلَهُ حَرَامٌ.

وَلَوْ كَانَ الْفِعْلُ سَبَبًا لِلْهَلَاكِ، كَمَا إذَا فَتَحَ زِقًّا فِيهِ مَائِعٌ فَانْصَبَّ مَا فِيهِ بِالرِّيحِ أَوْ (فَتَحَ) قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ فَوَقَفَ ثُمَّ طَارَ فَإِنَّ الْفِعْلَ حَرَامٌ، وَلَا ضَمَانَ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَضَعَ صَبِيًّا فِي مَسْبَعَةٍ فَأَكَلَهُ سَبُعٌ فَلَا ضَمَانَ.

ص: 331

الْخَامِسَةُ: مَا وَجَبَ ضَمَانُهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: مَا هُوَ ضَمَانُ عَقْدٍ (قَطْعًا) وَهُوَ ضَمَانُ الْعِوَضِ الْمُعَيَّنِ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ الْمَحْضَةِ، (كَالْمَبِيعِ) وَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَكَذَلِكَ السَّلَمُ فِي رَأْسِ الْمَالِ الْمُعَيَّنِ، وَكَذَلِكَ أُجْرَةُ الْإِجَارَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَجُعْلُ الْجَعَالَةِ كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ كَالْأُجْرَةِ لَكِنْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي مَسْأَلَةِ (الْعِلْجِ) قَوْلَيْنِ فِي أَنَّ جُعْلَ الْجَعَالَةِ الْمُعَيَّنِ مَضْمُونٌ ضَمَانَ عَقْدٍ أَوْ ضَمَانَ يَدٍ كَالصَّدَاقِ.

الثَّانِي: ضَمَانُ يَدٍ قَطْعًا، كَالْمَغْصُوبِ وَالْمُسْتَعَارِ وَالْمُسْتَامِ وَالْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا وَلَا خِلَافَ فِيهِ إلَّا فِي صُورَةٍ:(وَهِيَ) مَا لَوْ أَصْدَقَهَا قِصَاصًا وَجَبَ لَهُ عَلَيْهَا، فَالْأَصَحُّ يَضْمَنُ (بِنِصْفِ) الْأَرْشِ عَلَى الْقَاعِدَةِ، وَقِيلَ: بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ.

الثَّالِثُ: مَا فِيهِ خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ ضَمَانُ عَقْدٍ كَالصَّدَاقِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ وَالْعِتْقِ عَلَى الْمَنَافِعِ، وَمِنْهُ جُعْلُ الْجَعَالَةِ عَلَى طَرِيقِهِ.

الرَّابِعُ: مَا فِيهِ خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ ضَمَانُ يَدٍ، كَمَسْأَلَةِ الْعِلْجِ، وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ مَنْ دَلَّنِي عَلَى قَلْعَةٍ فَلَهُ (مِنْهَا) جَارِيَةٌ (فَإِذَا) مَاتَتْ فَهَلْ يُعْطِي قِيمَتَهَا أَوْ أُجْرَةَ الْمِثْلِ قَوْلَانِ، (الصَّحِيحُ) أَنَّهُ يُعْطِي الْقِيمَةَ، وَهَذَا تَرْجِيحٌ لِضَمَانِ الْيَدِ.

ص: 332

وَالْفَرْقُ بَيْنَ ضَمَانِ الْعَقْدِ وَضَمَانِ الْيَدِ أَنَّ ضَمَانَ الْعَقْدِ هُوَ الْمَضْمُونُ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْعِوَضِ الَّذِي اتَّفَقَا عَلَيْهِ (إذْ) جُعِلَ مُقَابِلُهُ شَرْعًا، كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ بِالثَّمَنِ لَوْ تَلِفَ لَا بِالْبَدَلِ مِنْ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ.

وَكَذَلِكَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ فَإِنَّهُ لَوْ فَسَخَ أَوْ انْفَسَخَ رَجَعَ إلَى رَأْسِ الْمَالِ لَا إلَى قِيمَةِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ.

وَأَمَّا ضَمَانُ الْيَدِ فَهُوَ مَا يُضْمَنُ عِنْدَ التَّلَفِ بِالْبَدَلِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ، وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ فِي ضِمْنِ تَعْلِيلِ (الْقَدِيمِ) فِي ضَمَانِ الصَّدَاقِ أَنَّ مَا لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ فِي يَدِ الْعَاقِدِ يَكُونُ مَضْمُونًا ضَمَانَ يَدٍ، كَمَا لَوْ غَصَبَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ يَضْمَنُهُ ضَمَانَ الْيَدِ، وَكَذَا النِّكَاحُ لَا يَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الصَّدَاقِ، فَلْيَكُنْ مَضْمُونًا ضَمَانَ يَدٍ.

السَّادِسَةُ: الْمَضْمُونُ فِي الشَّرِيعَةِ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ: أَنْ يُضْمَنَ بِالْبَدَلَيْنِ الْمِثْلِ وَالْقِيمَةَ جَمِيعًا، وَذَلِكَ فِي الصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ إذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ أَوْ الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ بِالْقِيمَةِ لِلْمَالِكِ بِالْمِثْلِ الصُّورِيِّ لَحِقَ اللَّهِ تَعَالَى.

وَصُورَتُهُ فِي الْمُحْرِمِ إذَا اسْتَعَارَ صَيْدًا مَمْلُوكًا مِنْ حَلَالٍ، وَتَلِفَ عِنْدَهُ فَإِنْ كَانَ مَغْصُوبًا، وَتَلِفَ عِنْدَهُ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ لَزِمَهُ مَعَ ذَلِكَ الْأُجْرَةُ فَيَزْدَادُ (وَجْهُ) الضَّمَانِ.

الثَّانِي: مَا يُضْمَنُ بِالْقِيمَتَيْنِ وَذَلِكَ فِي صُورَتَيْنِ:

ص: 333

أَحَدَاهُمَا: إذَا أَتْلَفَ الْمُحْرِمُ مَا لَا مِثْلَ لَهُ مِنْ النَّعَمِ كَالْعَصَافِيرِ الْمَمْلُوكَةِ فَتَجِبُ لِلَّهِ (تَعَالَى) ، وَقِيمَتُهُ لِمَالِكِهِ.

الثَّانِيَةُ: أَنْ يَغْصِبَ عَبْدًا ثُمَّ يَجْنِي جِنَايَةً عَلَى غَيْرِهِ، وَتَكُونُ الْجِنَايَةُ مُسَاوِيَةً لِقِيمَةٍ الْعَبْدِ ثُمَّ يَتْلَفُ الْعَبْدُ عِنْدَهُ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِمَالِكِهِ، وَيَغْرَمُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَضَمِنَ ثَانِيًا إنْ أَخَذَ (مَا أَخَذَ) لِلْجِنَايَةِ، وَلَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ يَغْرَمُ فِيهِ بَدَلَانِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مُتْلَفٍ وَاحِدٍ، إلَّا فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ: هَاتَانِ، وَالثَّالِثَةُ: إذَا وَطِئَ (زَوْجَةَ) أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ بِشُبْهَةٍ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مَهْرَيْنِ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَمَهْرًا وَنِصْفًا إنْ كَانَ قَبْلَهُ.

وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إيجَابُ بَدَلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي (مُتْلَفٍ) وَاحِدٍ مُمْتَنِعٌ إنْ كَانَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا يَمْتَنِعُ مَعَ اخْتِلَافِ جِهَةِ ضَمَانِهِمَا، كَالْقَتْلِ يُضْمَنُ بِبَدَلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ الدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ.

قُلْت وَكَذَا قَتْلُ الْعَبْدِ يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ وَالْكَفَّارَةِ، وَإِذَا وَطِئَ امْرَأَةً مُكْرَهَةً، وَأَفْضَاهَا لَزِمَهُ الدِّيَةُ وَالْمَهْرُ، وَلَوْ جَرَحَ صَيْدًا فَأَزَالَ امْتِنَاعَهُ وَانْدَمَلَ الْجُرْحُ لَزِمَهُ جَزَاءٌ (كَامِلٌ) فِي الْأَصَحِّ فَلَوْ جَاءَ مُحْرِمٌ آخَرُ وَقَتَلَهُ لَزِمَهُ جَزَاؤُهُ زَمَنًا وَبَقِيَ الْجَزَاءُ عَلَى الْأَوَّلِ بِحَالِهِ، وَقِيلَ: يَلْزَمُ الْأَوَّلَ قَدْرُ النُّقْصَانِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ إيجَابُ جَزَاءَيْنِ لِمُتْلَفٍ وَاحِدٍ.

الثَّالِثُ: مَا لَا يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ وَلَا بِالْقِيمَةِ وَهُوَ لَبَنُ الْمُصَرَّاةِ إذَا تَلِفَ فَإِنَّهُ لَا

ص: 334

يَضْمَنُهُ إذَا تَلِفَ (لَا) بِمِثْلِهِ وَلَا بِقِيمَتِهِ، بَلْ بِالثَّمَنِ؛ وَلَا مَا لَا يُضْمَنُ أَصْلًا كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ وَزَبِيبَةٍ وَتَمْرَةٍ لَمْ يَدْخُلْ فِي هَذَا الضَّابِطِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمِثْلِيٍّ وَلَا مُتَقَوِّمٍ.

الرَّابِعُ: مَا يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ دُونَ الْمِثْلِ وَهُوَ الْمُتَقَوِّمُ كَالدُّورِ وَالْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ وَالسِّلَعِ وَالْمَنَافِعِ، إلَّا فِي صُوَرٍ:(إحْدَاهَا) جَزَاءُ الصَّيْدِ.

الثَّانِيَةُ: إذَا اقْتَرَضَ مُتَقَوِّمًا فَإِنَّهُ يَرُدُّ (مِثْلَهُ) صُورَةً فِي الْأَصَحِّ؛ (لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اقْتَرَضَ بَكْرًا وَرَدَّ بَازِلًا)، وَقِيلَ: الْقِيمَةَ، وَهُوَ الْقِيَاسُ.

الثَّالِثَةُ: إذَا هَدَمَ جِدَارَ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ، كَمَا أَجَابَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَنَقَلَ عَنْ النَّصِّ لِقِصَّةِ جُرَيْجٍ، وَقِيلَ: إنَّهُ مَذْهَبُ (الْإِمَامِ) الشَّافِعِيِّ (رحمه الله) وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَبِهِ الْفَتْوَى، وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ يَلْزَمُهُ أَرْشُ نَقْصِهِ لَا بِنَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلِيًّا، الرَّابِعَةُ: طَمُّ الْأَرْضِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ.

الْخَامِسَةُ: إذَا ضَمِنَ عَنْ غَيْرِهِ (حَيَوَانًا فِي الذِّمَّةِ) ، وَأَعْطَاهُ لِلْمَضْمُونِ لَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ بِالْمِثْلِ الصُّورِيِّ دُونَ الْقِيمَةِ.

السَّادِسَةُ: إذَا أَتْلَفَ رَبُّ الْمَالِ الْمَاشِيَةَ كُلَّهَا بَعْدَ الْحَوْلِ، وَقَبْلَ الْإِخْرَاجِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الشَّاةَ بِشَاةٍ أُخْرَى لَا بِقِيمَتِهَا، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ الزَّكَاةَ تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ تَعَلُّقَ

ص: 335

الشَّرِكَةِ) ، وَإِنَّ الْفُقَرَاءَ شُرَكَاءُ رَبِّ الْمَالِ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي زَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ، وَتَابَعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ إخْرَاجَهُ جَائِزٌ مَعَ بَقَاءِ الْمَالِ (فَتَعَيَّنَ) عِنْدَ عَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ.

(الْخَامِسُ) مَا يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ دُونَ الْقِيمَةِ وَهُوَ الْمِثْلِيُّ كَالنَّقْدَيْنِ وَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ، وَهُوَ يَنْقَسِمُ إلَى (مِثْلِيٍّ) صُورِيٍّ وَتَقْدِيرِيٍّ، وَالصُّورِيُّ يَنْقَسِمُ إلَى حِسِّيٍّ (وَمَعْنَوِيٍّ) ، وَالتَّقْدِيرِيُّ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ وَجَازَ السَّلَمُ فِيهِ.

وَقَدْ يُضْمَنُ هَذَا النَّوْعُ بِالْقِيمَةِ وَذَلِكَ فِي صُوَرٍ: (إحْدَاهَا) : عِنْدَ (تَعَذُّرِ) الْمِثْلِ وَالْوَاجِبُ قِيمَةُ الْمِثْلِ، كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ فِي التَّنْبِيهِ وَقِيلَ: قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ.

فَإِنْ قِيلَ: قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ هِيَ قِيمَةُ مِثْلِهِ أَلَا تَرَى أَنَّا نَقُولُ (قِيمَةُ الْمِثْلِ) وَنَعْنِي بِهِ قِيمَةَ الشَّيْءِ قُلْنَا لَا (وَصَوَابُ الْعِبَارَةِ) أَنَّا إذَا قَوَّمْنَا (شَيْئًا أَنْ نَقُولَ) قِيمَتُهُ لَا قِيمَةَ مِثْلِهِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْغَصْبِ.

الثَّانِيَةُ: (أَنْ) لَا يُوجَدَ الْمِثْلُ، إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ تَحْصِيلُهُ،

ص: 336

وَيَصِيرُ كَالْعَدَمِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ.

الثَّالِثَةُ: إذَا ظَفِرَ بِهِ الْمَالِكُ فِي غَيْرِ بَلَدِ التَّلَفِ (وَكَانَ الْمَغْصُوبُ مِمَّا يَزْدَادُ بِالِانْتِقَالِ فَطَالَبَهُ فِي مَوَاضِعِ الزِّيَادَةِ فَلَا يَغْرَمُ الْمِثْلَ، وَلَهُ تَغْرِيمُهُ قِيمَةَ بَلَدِ التَّلَفِ) .

الرَّابِعَةُ: إذَا كَانَ لِلْأَصْلِ قِيمَةٌ حِينَ الْأَخْذِ، وَالْمِثْلُ لَا قِيمَةَ لَهُ عِنْدَ الرَّدِّ وَيَدْخُلُ فِيهِ صُوَرٌ: مِنْهَا: إذَا غَصَبَ مَاءً (لِوُضُوئِهِ) فِي الْمَفَازَةِ، وَظَفِرَ بِهِ عَلَى الشَّطِّ فَإِنَّ الْمُطَالَبَةَ هُنَا تَكُونُ بِقِيمَةِ الْمَفَازَةِ لَا بِالْمِثْلِ؛ لِحَقَارَتِهِ حِينَئِذٍ، فَلَوْ أَخَذَ الْقِيمَةَ ثُمَّ اجْتَمَعَا بَعْدُ فِي مَوْضِعٍ لَهُ قِيمَةٌ كَالْمَفَازَةِ فَهَلْ يَجِبُ (رَدُّ) الْقِيمَةِ وَاسْتِرْدَادُ الْمِثْلِ وَجْهَانِ؟ فِي التَّتِمَّةِ إنْ قُلْنَا نَعَمْ فَلَا اسْتِثْنَاءَ فَإِنَّ الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ لِلْحَيْلُولَةِ.

وَمِنْهَا: لَوْ أَطْعَمَ الْمُضْطَرُّ مِثْلِيًّا فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ بِقِيمَتِهِ فِي الْمَخْمَصَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَمِنْهَا: الْمَاءُ الْمَبْذُولُ (لِطَالِبِهِ) فِي الْمَفَازَةِ (يُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ) هُنَاكَ.

وَمِنْهَا: الْجَمْدُ فِي الصَّيْفِ كَالْمَاءِ فِي الْمَفَازَةِ فَإِذَا غَصَبَ جَمْدًا فِي الصَّيْفِ وَتَلِفَ وَظَفِرَ بِهِ فِي الشِّتَاءِ فَإِنَّهُ تَجِبُ قِيمَتُهُ مُعْتَبَرًا فِي الصَّيْفِ، وَمِنْهَا: إذَا غَصَبَ وَرَقَ التُّوتِ فِي أَوَانِهِ وَتَلِفَ ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ فَإِذَا انْقَضَى أَوَانُهُ (ضَمِنَهُ) بِقِيمَتِهِ أَيْ لِنُقْصَانِ قِيمَتِهِ حِينَئِذٍ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي فَتَاوِيهِ، وَفِي الْمُسْكِتِ لِلزُّبَيْرِيِّ.

لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ بَارِدٌ فِي الصَّيْفِ فَوَضَعَ إنْسَانٌ فِيهِ حِجَارَةٌ مُحْمَاةٌ

ص: 337

حَتَّى سَخَّنَتْهُ أَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ سُخْنًا فِي الشِّتَاءِ فَبَرَّدَهُ عَلَيْهِ بِصَبِّ مَاءٍ وَنَحْوِهِ، (وَحَكَى) فِيهَا اخْتِلَافَ أَجْوِبَةٍ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ (أَرْشُ النَّقْصِ وَيَقْرُبُ مِنْهُ تَسْخِينُ الْمَاءِ بِحَطَبٍ وَغَيْرِهِ أَوْ حَمَى الْوَطِيسَ فَبَرَّدَهُ عَلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَهُوَ) أُجْرَةُ مَا يَخْبِزُ وَيَشْوِي فِيهِ مِنْ اللَّحْمِ دُونَ قِيمَةِ الْحَطَبِ.

وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ لَوْ حَمَى الْوَطِيسُ فَجَاءَ إنْسَانٌ فَخَبَزَ فِيهِ خُبْزًا (لَزِمَهُ) أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ مَا إذَا (أَفْسَدَتْ) الْمَرْأَةُ طَهَارَةَ الرَّجُلِ أَوْ بِالْعَكْسِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي النَّفَقَاتِ يَجِبُ مَاءِ الْوُضُوءِ عَلَى الزَّوْجِ (، وَإِنْ) كَانَ هُوَ اللَّامِسَ.

(وَكَذَلِكَ) ثَمَنُ مَاءِ الْغُسْلِ مِنْ الْوَطْءِ وَالْوِلَادَةِ وَالنِّفَاسِ، وَهَذَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مَنْسُوبًا إلَيْهِ فَإِنْ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ لَمْ يَجِبْ، وَعَلَى هَذَا فَلَوْ لَمَسَتْ (الْمَرْأَةُ) أَجْنَبِيًّا أَوْ بِالْعَكْسِ وَجَبَ عَلَيْهِ ثَمَنُ مَاءِ الْوُضُوءِ.

الْخَامِسَةُ: لَحْمُ الْأُضْحِيَّةِ إذَا أَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ، كَمَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَنَّهُ مِثْلِيٌّ.

السَّادِسَةُ: الْحُلِيُّ أَوْ آنِيَةِ النَّقْدِ إذَا أَتْلَفَهُ لَا يَضْمَنُهُ بِمِثْلِهِ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ مَعَ صَنْعَتِهِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ (وَلَا رِبًا لِاخْتِصَاصِهِ) بِالْعُقُودِ.

ص: 338

السَّابِعَةُ: الْمُسْتَعَارُ إذَا كَانَ مِثْلِيًّا، وَقُلْنَا: يُضْمَنُ (بِقِيمَتِهِ) يَوْمَ التَّلَفِ، كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ، (كَمَا) صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَصَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرُهُمَا، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمِثْلِيَّ رُبَّمَا يَنْقُصُ بِالِاسْتِعْمَالِ فَلَوْ ضَمَّنَّا الْمِثْلَ لَكُنَّا قَدْ أَوْجَبْنَا الْأَجْزَاءَ الْمُسْتَحَقَّةَ، لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فِي الْمُرْشِدِ بِوُجُوبِ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ، وَقَالَ فِي (الِانْتِصَارِ) أَنَّهُ أَصَحُّ الطَّرِيقَيْنِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّهُ يُبْنَى عَلَى أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ فَإِنْ اعْتَبَرْنَا قِيمَةَ يَوْمِ التَّلَفِ ضَمِنَ (الْمِثْلَ) بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ اعْتَبَرْنَا الْأَكْثَرَ مِنْ النَّقْصِ إلَى التَّلَفِ ضَمِنَهُ بِالْمِثْلِ.

فَإِنْ قِيلَ: مَا صُورَةُ الْمُسْتَعَارِ الْمِثْلِيِّ؟ (قُلْت) فِيمَا إذَا أَعَارَهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَجَوَّزْنَاهُ.

الثَّامِنَةُ: الْمُسْتَامُ.

التَّاسِعَةُ: الْمَبِيعُ الْمَفْسُوخِ لَا يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ، بَلْ بِالْقِيمَةِ بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ.

الْعَاشِرَةُ: الْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا عَلَى (مَا أَطْلَقَهُ) الرَّافِعِيُّ وُجُوبُ الْقِيمَةِ وَلَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَ

ص: 339

مِثْلِيٍّ وَمُتَقَوَّمٍ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ، قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْهُ وَقْتَ النَّقْصِ بِالْمِثْلِ، وَإِنَّمَا ضَمِنَهُ بِالْعِوَضِ، بِخِلَافِ الْغَصْبِ وَطَرْدُ ذَلِكَ فِي الْمَقْبُوضِ بِالسَّوْمِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَكُلِّ عَقْدٍ مَفْسُوخٍ.

وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ضَعِيفٌ نَقْلًا وَتَوْجِيهًا: أَمَّا التَّوْجِيهُ؛ فَلِأَنَّ ضَمَانَهُ بِالْعِوَضِ زَالَ بِالْفَسْخِ، وَصَارَ كَمَا لَوْ (لَمْ) يَرِدْ عَلَيْهِ (عَقْدٌ فَاسِدٌ) وَأَمَّا النَّقْلُ (فَإِنَّ)(الْإِمَامَ) الشَّافِعِيَّ (رحمه الله) نَصَّ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْأُمِّ عَلَى وُجُوبِ الْمِثْلِ.

وَمِنْهَا: قَوْلُهُ لَوْ اشْتَرَى ثَمَرَةً لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ، وَقَطَعَ مِنْهَا غُصْنًا إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ رَدَّ مِثْلَهُ، وَلَا أَعْلَمُ لَهُ مِثْلًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيمَتُهُ.

الْحَادِيَةَ عَشْرَ: إذَا جَوَّزْنَا الْمُعَامَلَةَ بِالْمَغْشُوشَةِ فَهِيَ مِثْلِيَّةٌ، وَإِذَا تَلِفَتْ لَا يُضْمَنُ (مِثْلُهَا) ، بَلْ تُضْمَنُ قِيمَةُ الدَّرَاهِمِ (ذَهَبًا) وَقِيمَةُ الْمَغْشُوشَةِ كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَهُوَ يُشْبِهُ قَوْلَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ فِي الدَّعْوَى بِهَا بِذِكْرِ قِيمَتِهَا مِنْ النَّقْدِ الْآخَرِ.

السَّابِعَةُ: قَدْ يُضْمَنُ (الْمِثْلُ) الصُّورِيُّ بِوَاسِطَةٍ، وَهُوَ مَا إذَا أَتْلَفَ الشَّاةَ الْمَنْذُورَةَ

ص: 340

فَإِنَّهُ يَشْتَرِي بِقِيمَتِهَا مِثْلَهَا، وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ الصُّوَرِ.

وَقَدْ يُضْمَنُ الْمُتَقَوِّمُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَذَلِكَ فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ عَيْنًا لِلرَّهْنِ وَبَاعَهَا فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا بِمَا بَاعَهَا بِهِ فِي الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ.

وَحَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وُجُوبَ الْقِيمَةِ وَهُوَ الْقِيَاسُ.

وَلَوْ أَكَلَ جَمِيعَ لَحْمِ (الْأُضْحِيَّةِ) الْمُتَطَوَّعِ بِهَا، وَقُلْنَا: يَجِبُ التَّصَدُّقُ (مِنْهَا) وَهُوَ الْأَصَحُّ فَفِيمَا يَضْمَنُهَا أَوْجُهٌ: أَصَحُّهَا: يَضْمَنُ الْقَدْرَ الَّذِي لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً أَجْزَأَهُ، وَالثَّانِي يَضْمَنُ الْقَدْرَ الْمُسْتَحَبَّ وَهُوَ الثُّلُثُ (وَالرُّبُعُ) وَعَلَى هَذَا يُقَالُ يُضْمَنُ الْمِثْلُ (بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ بِإِضْعَافِهِ. وَالثَّالِثُ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِحَيَوَانٍ آخَرِ يَذْبَحُهُ، وَعَلَى هَذَا فَيُضْمَنُ الْمِثْلُ) التَّقْدِيرِيُّ بِالْمِثْلِ الصُّورِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كَجٍّ وَالْمَاوَرْدِيِّ، وَقَدْ يُضْمَنُ الْبَعْضُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يُضْمَنُ الْكُلُّ، وَذَلِكَ فِي إتْلَافِ الْعَبْدِ قِيمَتَهُ، وَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَجَبَتْ قِيمَتَانِ، وَيَزِيدُ الْغُرْمُ بِزِيَادَةِ قَطْعِ الْأَعْضَاءِ.

وَكَذَلِكَ الْحُرُّ فِيهِ الدِّيَةُ وَفِي أَبْعَاضِهِ دِيَاتٌ.

وَقَدْ يَخْتَلِفُ الْمَضْمُونُ بِاخْتِلَافِ الضَّامِنِ، كَمَا إذَا افْتَضَّ بِكْرًا بِشُبْهَةٍ أَوْ (بِنِكَاحٍ) فَاسِدٍ، وَكَانَ مِنْ عَادَةِ نِسَائِهِمْ مُسَامَحَةُ الْعَشِيرَةِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مِنْهُمْ سُومِحَ، وَإِلَّا فَلَا.

قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَلَيْسَ لَنَا مَضْمُونٌ مُخْتَلِفٌ إلَّا هَذَا.

قُلْت يَرِدُ عَلَيْهِ صُوَرٌ:

ص: 341

إحْدَاهَا: مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ شَاةٌ فِي أَرْبَعِينَ فَأَتْلَفَهَا لَزِمَهُ شَاةٌ وَلَوْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ لَزِمَتْ الْقِيمَةُ لِلْفُقَرَاءِ.

الثَّانِيَةُ: لَوْ أَتْلَفَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا مَمْلُوكًا ضَمِنَهُ بِالْجَزَاءِ أَوْ الْقِيمَةِ (وَلَوْ أَتْلَفَهُ غَيْرُهُ ضَمِنَهُ بِالْقِيمَةِ) فَقَطْ.

الثَّالِثَةُ: إذَا أَتْلَفَ الْمَالِكُ الثِّمَارَ قَبْلَ الْخَرْصِ وَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانُ عَيْنِ الرُّطَبِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ لَزِمَهُ عُشْرُ قِيمَةِ مَا أَتْلَفَهُ لِلْمَسَاكِينِ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُجَفِّفَ ذَلِكَ الرُّطَبَ وَالْمَالِكُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فَأَلْزَمْنَاهُ (مِثْلَ) مَا كَانَ يَفْعَلُهُ.

الرَّابِعَةُ: قَاتِلُ رَحِمِهِ خَطَأً تَغْلُظُ فِيهِ الدِّيَةُ وَفِي الْأَجْنَبِيِّ تُخَفَّفُ.

الْخَامِسَةُ: الْبَائِعُ إذَا أَتْلَفَ السِّلْعَةَ قَبْلَ قَبْضَ الْمُشْتَرِي يُخَالِفُ حُكْمُهُ إتْلَافَ الْأَجْنَبِيِّ.

السَّادِسَةُ: الْغَاصِبُ إذَا قَطَعَ يَدَ الْمَغْصُوبِ فَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ (أَوْ مَا) نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَإِذَا قَطَعَهَا غَيْرُهُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْقِيمَةِ.

ص: 342

السَّابِعَةُ: قَدْ يَضْمَنُ الْإِنْسَانُ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، إمَّا لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ (تَعَالَى) بِهِ أَوْ حَقِّ الْآدَمِيِّ.

فَمِنْ الْأَوَّلِ: الْمُحْرِمُ إذَا قَتَلَ صَيْدَ نَفْسِهِ أَوْ قَطَعَ شَعْرَ نَفْسِهِ أَوْ حَلَقَهُ وَالسَّيِّدُ إذَا قَتَلَ عَبْدَهُ تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَكَذَا إذَا قَتَلَ نَفْسَهُ.

وَمِنْ الثَّانِي: الرَّاهِنُ إذَا أَتْلَفَ الْمَرْهُونَ يَضْمَنُهُ بِالْبَدَلِ، وَيَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ وَسَيِّدُ الْعَبْدِ الْجَانِي إذَا قَتَلَهُ عَلَيْهِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ، وَسَيِّدُ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ، إذَا قَتَلَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ غَرِمَ مَهْرَ مِثْلِهَا لِزَوْجِهَا عَلَى قَوْلٍ.

وَقَدْ يَضْمَنُ غَيْرُهُ مَا بَاشَرَ هُوَ إتْلَافُهُ مِنْ مِلْكِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ أَوْ أَمَرَهُ بِعِتْقِ عَبْدِهِ أَوْ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ عَلَى مَالٍ أَوْ (أَمَرَهُ) بِقَطْعِ (ثَوْبٍ) ، فَإِذَا هُوَ لِلْقَاطِعِ أَوْ ذَبْحِ (حَيَوَانٍ) فَإِذَا هُوَ لِلذَّابِحِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَكَلَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ ذَبَحَ لِلْغَاصِبِ، (وَذَلِكَ)(انْتَفَعَ) بِأَكْلِهِ.

وَلَوْ جَنَى الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ عَلَى مَالِكِهِ فَقَتَلَهُ الْمَالِكُ لِلدَّفْعِ لَمْ يَبْرَأْ الْغَاصِبُ سَوَاءٌ عِلْم أَنَّهُ عَبْدُهُ أَمْ لَا عَلَى الْأَصَحِّ " (؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ) بِهَذِهِ الْجِهَةِ كَإِتْلَافِ الْعَبْدِ نَفْسَهُ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ.

ص: 343

الثَّامِنَةُ: سَائِرُ الْمُتْلَفَاتِ تُعْتَبَرُ فِيهَا قِيمَةٌ الْمُتْلَفِ إلَّا (فِي) الصَّيْدِ الْمِثْلِيِّ فَإِنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ مِثْلِهِ، وَاخْتُلِفَ فِي الْغَصْبِ وَفِي الدِّيَةِ.

التَّاسِعَةُ: مَا ضُمِنَ كُلُّهُ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ التَّلَفِ ضُمِنَ بَعْضُهُ بِبَعْضِهَا، كَالْغَاصِبِ، وَكَمَا إذَا تَحَالَفَ الْبَيِّعَانِ وَالْمَبِيعُ تَالِفٌ فَيَغْرَمُهُ فَلَوْ (وُجِدَ) ، لَكِنَّهُ نَاقِصٌ غَرِمَ الْأَرْشَ فِي الْأَصَحِّ.

وَلَوْ ظَهَرَ مَالِكُ اللُّقَطَةِ وَهِيَ تَالِفَةٌ غَرِمَهَا الْمُلْتَقِطُ أَوْ نَاقِصَةٌ ضَمِنَ الْأَرْشَ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ.

وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْقَاعِدَةِ صُوَرٌ: إحْدَاهَا: الشَّاةُ الْمُعَجَّلَةُ (عَنْ) الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ، وَخَرَجَ الْمَالِكُ عَنْ كَوْنِهِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ بِأَنْ تَلِفَ مَالُهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْفَقِيرِ بِقِيمَةِ الشَّاةِ، وَإِنْ تَعَيَّبَتْ فِي يَدِهِ فَفِي الْأَرْشِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا لَا.

الثَّانِيَةُ: لَوْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالصَّدَاقُ تَالِفٌ فَلَهُ بَدَلُهُ فَلَوْ كَانَ مَعِيبًا فَلَا أَرْشَ لَهُ إنْ رَجَعَ فِي نِصْفِهِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ إلَى قِيمَةِ نِصْفِهِ.

الثَّالِثَةُ: رَدَّ (الْبَائِعِ) الْمَبِيعَ بِالْعَيْبِ، وَقَدْ نَقَصَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ (فِيهِ) نَاقِصًا بِلَا أَرْشٍ فِي وَجْهٍ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ إلَى بَدَلِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ حَقُّهُ فِيهِ نَاقِصًا مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ، وَلَا خِيَارَ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ وَالْبَيْعِ.

ص: 344

الرَّابِعَةُ: رَجَعَ الْبَائِعُ فِي الْمَبِيعِ عِنْدَ إفْلَاسِ الْمُشْتَرِي، وَوَجَدَهُ نَاقِصًا بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِإِتْلَافِ الْبَائِعِ، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ فِيهِ فَلَا أَرْشَ لَهُ فِي الْأُولَى قَطْعًا، وَلَا فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي الرَّوْضَةِ.

الْخَامِسَةُ: الْقَرْضُ إذَا تَعَيَّبَ فِي يَدِ الْمُقْتَرَضِ ثُمَّ رَجَعَ (الْمُقْرِضُ) فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ إنْ شَاءَ رَجَعَ فِيهِ نَاقِصًا، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِمِثْلِهِ (إنْ) كَانَ مِثْلِيًّا، كَذَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَحَكَى فِيمَا إذَا كَانَ الْوَاجِبُ رَدَّ الْقِيمَةِ خِلَافَ ذَلِكَ.

وَقَرِيبٌ مِنْهُ نَصُّ (الشَّافِعِيِّ)(رحمه الله) فِيمَا لَوْ تَعَيَّبَتْ الْعَيْنُ الْمَبِيعَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ وَغَرِمَ أَرْشَهَا لِمَالِكِهَا أَنَّهُ يَرْجِعُ (بِهِ) عَلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ وَغَرِمَ قِيمَتَهَا لَمْ يَرْجِعْ بِهَا.

وَزَعَمَ الْإِمَامُ انْعِكَاسَ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ، وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ إذَا أُتْلِفَ لَا يُضْمَنُ (الْجُزْءُ) إذَا أُتْلِفَ كَالْبَائِعِ يَتَعَيَّبُ الْمَبِيعُ بِيَدِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ.

قُلْت: وَالْمُكَاتَبُ فَإِنَّ سَيِّدَهُ لَوْ قَطَعَ يَدَهُ ضَمِنَهَا وَلَوْ قَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَالْجِنَايَةُ عَلَى بَعْضِهِ كَقَطْعِ يَدِهِ، وَأَيْضًا لَوْ غَرَّمَ الْمَالِكُ لِلْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ مُشْتَرِيَهَا مِنْ الْغَاصِبِ قِيمَتَهَا (لِلتَّلَفِ) لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ (تَعَيَّبَتْ) فِي يَدِهِ فَأَخَذَهَا الْمَالِكُ مَعَ الْأَرْشِ رَجَعَ بِالْأَرْشِ عَلَى الْبَائِعِ قَالَهُ فِي الْوَسِيطِ، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهَذَا الْأَصْلُ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَسَائِلُ.

ص: 345

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ عَبَّرَ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ بِقَوْلِهِ (مَنْ لَمْ يَضْمَنْ) الشَّيْءَ بِقِيمَتِهِ لَا يَضْمَنُ أَرْشَ نَقْصِهِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْعَيْنِ مِنْ يَدِهِ كَالْبَائِعِ لَمَّا ضَمِنَ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ دُونَ قِيمَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ أَرْشَ مَا حَدَثَ مِنْ نَقْصِهِ فِي يَدِهِ، وَكَمَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ حَتَّى حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ فَوَجَدَهُ نَاقِصًا بِآفَةٍ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ فَذَاكَ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ نَقْصِهِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَضْمَنُهُ بِثَمَنِهِ، وَأَمَّا مَنْ ضَمِنَ الشَّيْءَ بِقِيمَتِهِ فَيَضْمَنُ أَرْشَ مَا حَدَثَ مِنْ النُّقْصَانِ فِي يَدِهِ كَالْغَاصِبِ.

الْعَاشِرَةُ: إنَّمَا يُضْمَنُ الْمُتَمَوَّلُ أَمَّا مَا لَيْسَ بِمُتَمَوَّلٍ فِي الْحَالِ، لَكِنَّهُ يَئُولُ إلَى الْمَالِ فَلَا.

وَلِهَذَا لَوْ قَتَلَ (رَجُلٌ) الْأَسِيرَ قَبْلَ أَنْ يَضْرِبَ الْإِمَامُ عَلَيْهِ الرِّقَّ لَمْ يَضْمَنْهُ وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ فَوَّتَ الْإِرْقَاقَ فَهَلَّا كَانَ بِمَثَابَةِ تَفْوِيتِ الرِّقِّ بِالْغُرُورِ وَالْمَغْرُورُ (يَلْتَزِمُ الْقِيمَةَ كَقَطْعِ الرِّقِّ مِنْ الْحُرِّ إنْ قُلْنَا ذَاكَ الرِّقُّ كَانَ يَجْرِي لَا مَحَالَةَ لَوْلَا الْغُرُورُ فَالْمَغْرُورُ) دَفَعَ الرِّقَّ الَّذِي لَا حَاجَةَ لِتَحْصِيلِهِ وَالرِّقُّ لَا يَجْرِي عَلَى الْأَسِيرِ مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ، كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ، وَأَشْبَهَ الْأَشْيَاءِ بِمَا نَحْنُ فِيهِ إتْلَافُ الْجِلْدِ الْقَابِلِ لِلدِّبَاغِ قَبْلَ الدِّبَاغِ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ مَعَ تَهَيُّئِهِ لِلدِّبَاغِ ابْتِدَاءً فَإِنْشَاءُ الدِّبَاغِ كَإِنْشَاءِ الْإِرْقَاقِ.

وَهَذَا بِخِلَافِ الْخَمْرَةِ الْمُحْتَرَمَةِ فَإِنَّهَا تُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ عَلَى وَجْهٍ؛ لِأَنَّهَا لَوْ تُرِكَتْ فَإِلَى التَّخْلِيلِ مَصِيرُهَا.

ص: 346