الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِهَذَا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَةٌ فَارْتَضَعَتْ الصَّغِيرَةُ، وَهِيَ سَاكِتَةٌ فَهُوَ كَمَا " لَوْ كَانَتْ " نَائِمَةً أَوْ لَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ.
وَلَوْ قَصَدَ رَجُلٌ قَطْعَ يَدِ آخَرَ ظُلْمًا، فَلَمْ يَدْفَعْهُ الْمَقْطُوعُ وَسَكَتَ حَتَّى قَطَعَ لَا يَكُونُ إهْدَارًا فِي الْأَصَحِّ.
[السُّنَّةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]
ُ: الْأَوَّلُ: أَنَّهَا تَنْقَسِمُ إلَى سُنَّةِ عَيْنٍ " وَإِلَى سُنَّةِ " كِفَايَةٍ، كَمَا فِي الْفَرْضِ، وَنَقَلَ الشَّاشِيُّ عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ " لَيْسَ لَنَا سُنَّةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، إلَّا الِابْتِدَاءُ بِالسَّلَامِ، وَهُوَ " مُسْتَدْرَكٌ " بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالتَّسْمِيَةِ عَلَى الْأَكْلِ وَشَاةِ الْأُضْحِيَّةِ، فَإِذَا ضَحَّى وَاحِدٌ فِي بَيْتِهِ أَقَامَ شِعَارَ السُّنَّةِ وَتَشْمِيتَ الْعَاطِسِ وَمَا يُفْعَلُ بِالْمَيِّتِ مِمَّا نُدِبَ إلَيْهِ.
الثَّانِي: إذَا تَرَكَ الْمُصَلِّي سُنَّةً ثُمَّ ذَكَرَهَا، فَإِنْ فَاتَ مَحَلُّهَا، فَلَا تَدَارُكَ، كَمَا إذَا تَذَكَّرَ أَنَّهُ " تَرَكَ " رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ بَعْدَ فَرَاغِهَا، وَإِنْ لَمْ يَفُتْ فَإِنْ لَمْ يَتَلَبَّسْ بِغَيْرِهَا، نُدِبَ الْعَوْدُ إلَيْهَا، وَإِنْ تَلَبَّسَ لَمْ يَعُدْ سَوَاءٌ تَلَبَّسَ بِفَرْضٍ أَوْ سُنَّةٍ.
فَالْأَوَّلُ: كَمَا لَوْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ ثُمَّ ذَكَرَهُ بَعْدَ الْقِيَامِ، هَذَا فِي الْفَرْضِ
الْفِعْلِيِّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمِثْلُهُ الْقَوْلِيُّ، إنْ قُلْنَا " تَكَرُّرُهُ " مُبْطِلٌ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ إلَى الْمَتْرُوكِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ، فَقَالُوا: إذَا ذَكَرَ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي الْفَاتِحَةِ، كَانَ " لَهُ الْعَوْدُ إلَيْهَا " عَلَى " الْقَوْلِ " الْقَدِيمِ.
وَالثَّانِي " لَا "، كَمَا لَوْ تَرَكَ دُعَاءَ الِاسْتِفْتَاحِ فَذَكَرَهُ بَعْدَ التَّعَوُّذِ لَا يَعُودُ إلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ، وَيُمْكِنُ جَعْلُ هَذَا مِنْ الْقَسَمِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ مَحَلَّ الِاسْتِفْتَاحِ أَوَّلُ الصَّلَاةِ وَبِالتَّعَوُّذِ أَوَّلَهُ تَزُولُ الْأَوْلَوِيَّةُ.
وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْقِسْمِ مَا " إذَا " تَرَكَ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ، فَذَكَرَهَا بَعْدَ التَّعَوُّذِ، وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْفَاتِحَةِ، فَيَأْتِي بِهِنَّ قَطْعًا، كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، لِأَنَّ مَحَلَّهُنَّ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَتَقْدِيمَهُنَّ عَلَى " التَّعَوُّذِ " سُنَّةٌ لَا شَرْطٌ.
وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ مَا لَوْ صَلَّى قَاعِدًا لِعُذْرٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ السُّجُودِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، " وَقَعَدَ "" ابْتَدَأَ " الْفَاتِحَةَ، فَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ، أَنَّهُ إنْ عَلِمَ " أَنَّهُ " مَحَلُّ التَّشَهُّدِ، لَكِنْ جَرَتْ الْفَاتِحَةُ عَلَى لِسَانِهِ عَادَ لِلتَّشَهُّدِ، وَجَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ بِخِلَافِ مَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ قَرَأَ التَّشَهُّدَ وَفَرَغَ مِنْهُ ثُمَّ شَرَعَ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ إلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ.
ثُمَّ قَالَ الْبَغَوِيّ: " وَلَوْ " نَسِيَ الْجُلُوسَ فَاشْتَغَلَ بِالْفَاتِحَةِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ مَحَلُّ قِيَامٍ، هَلْ يَعُودُ إلَى التَّشَهُّدِ فِيهِ احْتِمَالُ وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا لَا، لِأَنَّ هَذَا الْقُعُودَ بَدَلٌ عَنْ الْقِيَامِ، كَمَا " ذَكَرْنَاهُ ".
وَمِنْهَا لَوْ قَرَأَ الْمُصَلِّي آيَةَ السَّجْدَةِ فَلَمْ يَسْجُدْ وَرَكَعَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَسْجُدَ، فَقَالَ الْمَسْعُودِيُّ لَيْسَ " لَهُ " ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي الْفَرْضِ، قَالَ صَاحِبُ " الْخَوَاصِّ الشَّرْعِيَّةِ "، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ " مَهْمَا " شَاءَ، لِقِيَامِ سُنَّةِ السُّجُودِ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَ التَّشَهُّدَ وَقَامَ لَا يَعُودُ إلَى التَّشَهُّدِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَوْ عَادَ لَكَانَ فِي ذَلِكَ " زِيَادَةُ رُكْنٍ "، وَلَيْسَ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ تَرْتِيبٌ حَتَّى " يُعِيدَ " الرُّكْنَ.
أَمَّا إذَا تَرَكَ السُّنَّةَ وَتَلَبَّسَ بِفَرْضٍ وَعَارَضَهُ فَرْضُ الْمُتَابَعَةِ، كَمَا لَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ نَاسِيًا، فَتَابَعَهُ الْمَأْمُومُ، ثُمَّ عَادَ الْإِمَامُ قَبْلَ الِانْتِصَابِ وَالْمَأْمُومُ قَدْ انْتَصَبَ، فَهَلْ يَعُودُ الْمَأْمُومُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ، لِأَنَّ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ فَرْضٌ بِخِلَافِ الْإِمَامِ " وَالْمُنْفَرِدِ " فَإِنَّهُمَا لَوْ رَجَعَا لَرَجَعَا مِنْ فَرْضٍ إلَى سُنَّةٍ.
وَقَدْ يُقَالُ تَعَارَضَ فِيهِ فَرْضَانِ، لِأَنَّهُ قَدْ تَلَبَّسَ بِفَرْضٍ، وَهُوَ الْقِيَامُ وَالْقُدْوَةُ وَاجِبَةٌ، وَمُضِيُّهُ فِيمَا تَلَبَّسَ بِهِ أَوْلَى مِنْ إبْطَالِهِ " وَالشُّرُوعِ " فِي غَيْرِهِ.
وَيُجَابُ بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ تَلَبُّسَهُ بِالْقُدْوَةِ سَابِقٌ، فَلِذَلِكَ جَوَّزَ لَهُ الْعَوْدَ إلَيْهَا.
وَالثَّانِي أَنَّ الْقُدْوَةَ آكَدُ، وَلِهَذَا " يَسْقُطُ " فِيهَا الْقِيَامُ وَالْقِرَاءَةُ عَنْ الْمَسْبُوقِ إلَى الرُّكُوعِ.
وَهَذَا فِيمَا إذَا قَامَ نَاسِيًا، أَمَّا إذَا قَامَ ظَانًّا قِيَامَ إمَامِهِ، فَبَانَ خِلَافُهُ، " وَأَنَّهُ " قَعَدَ لِلتَّشَهُّدِ، " فَهُوَ " يَتَخَيَّرُ.
الثَّالِثُ: إذَا فَاتَتْ السُّنَّةُ فِي مَحِلِّهَا جَازَ قَضَاؤُهَا فِي مِثْلِ مَحِلِّهَا، إذَا لَمْ يَكُنْ فِي قَضَائِهَا تَرْكُ سُنَّةٍ أُخْرَى.
وَيَتَّضِحُ ذَلِكَ بِصُوَرٍ:
مِنْهَا: مَا أَدْرَكَهُ الْمَسْبُوقُ، فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ، فَلَوْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ " الْأَخِيرَتَيْنِ " مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ، فَالنَّصُّ أَنَّهُ يَقْرَأُ السُّورَةَ فِي " الْأَخِيرَتَيْنِ "، وَإِنْ قُلْنَا لَا يُسْتَحَبُّ " فِيهِمَا "، لِأَنَّهَا فَضِيلَةٌ فَاتَتْ فِي أُولَيَيْنِ، فَلَا يَفُوتُهَا.
وَمِنْهَا: نَصَّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ قِرَاءَةَ السُّورَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ " يَقْضِيهَا فِي الْأُخْرَيَيْنِ ".
وَمِنْهَا: إذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فِي الْجُمُعَةِ فِي الْأُولَى " سُورَةَ " الْمُنَافِقِينَ، وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ فِي الثَّانِيَةِ قَضَاءُ سُورَةِ الْجُمُعَةِ وَإِتْبَاعُهَا بِالْمُنَافِقِينَ.
وَمِنْهَا إذَا قُلْنَا لَا يُسَنُّ " التَّعَوُّذُ "، إلَّا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، فَلَوْ تَرَكَهُ فِي الْأُولَى عَمْدًا أَوْ سَهْوًا تَدَارَكَهُ فِي الثَّانِيَةِ، بِخِلَافِ دُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ، وَقَوْلُنَا، إذَا لَمْ