الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْعِبَادَةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]
ُ الْأَوَّلُ: فِي حَقِيقَتِهَا، قَالَ الْإِمَامُ فِي الْأَسَالِيبِ هِيَ التَّذَلُّلُ وَالْخُضُوعُ، وَبِالتَّقَرُّبِ إلَى الْمَعْبُودِ بِفِعْلِ (أَوَامِرِهِ) . وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: فِعْلٌ يُكَلِّفُهُ اللَّهُ عِبَادَهُ (مُخَالِفًا) لِمَا يَمِيلُ إلَيْهِ الطَّبْعُ عَلَى سَبِيلِ (الِابْتِلَاءِ) . وَقَالَ (الْمَرْوَزِيُّ:) مَا وَرَدَ التَّعَبُّدُ بِهِ قُرْبَةً لِلَّهِ تَعَالَى، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ: الْعِبَادَةُ وَالتَّعَبُّدُ، وَالنُّسُكُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ الْخُضُوعُ. وَالْعِبَادَةُ مَا (تَعَبَّدْنَا بِهِ) عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ وَالطَّاعَةِ، وَقِيلَ: الْعِبَادَةُ مَا كَانَ الْعَابِدُ لِأَجْلِهَا عَابِدًا، وَقِيلَ: مَا اُشْتُقَّ اسْمُ الْعَابِدِ مِنْهَا، وَقِيلَ: مَا كَانَ طَاعَةً لِلَّهِ عز وجل ، وَقِيلَ: مَا كَانَ قُرْبَةً إلَيْهِ. قَالَ وَهَذَانِ لَيْسَا بِصَحِيحَيْنِ، فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ طَاعَةً وَلَيْسَ بِعِبَادَةٍ وَلَا (قُرْبَةٍ) وَهُوَ النَّظَرُ وَالِاسْتِدْلَالُ الْمُؤَدَّيَانِ إلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ انْتَهَى. وَقَالَ (الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ) هِيَ الطَّاعَةُ بِالْتِزَامِ الْخُضُوعِ وَالِاسْتِسْلَامِ
وَالتَّعَبُّدُ اسْتِدْعَاءُ ذَلِكَ مِنْ الْعَبْدِ، قَالَ وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى مُجَرَّدِ الطَّاعَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ} [مريم: 44] .
الثَّانِي: الْفَضِيلَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ (تُقَدَّمُ) عَلَى الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا وَسَتَأْتِي فِي حَرْفِ الْفَاءِ.
الثَّالِثُ: إنْ تَعَلَّقَتْ (بِوَقْتٍ) فَتَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ مُبَادَرَةً لِلِامْتِثَالِ، وَلِهَذَا جَاءَ «الصَّلَاةُ أَوَّلَ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ» ، وَقَدْ يَتَرَجَّحُ التَّأْخِيرُ؛ لِعَوَارِضَ: مِنْهَا حِيَازَةُ فَضِيلَةٍ أُخْرَى كَتَيَقُّنِ وُجُودِ الْمَاءِ آخَرَ الْوَقْتِ، وَالْإِبْرَادِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، وَتَأْخِيرِ الزَّكَاةِ؛ لِانْتِظَارِ قَرِيبٍ أَوْ جَارٍ مَعَ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ وَاسْتِحْبَابُ (تَأْخِيرِ) زَكَاةِ الْفِطْرِ لِيَوْمِ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهَا تَجِبُ بِالْغُرُوبِ وَاسْتَحَبَّ (الْإِمَامُ) الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فِعْلَ (ابْنُ عُمَرَ) مِنْ إخْرَاجِهَا قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ.
وَدَمُ (التَّمَتُّعِ) يَجِبُ بِالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ تَأْخِيرُهُ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ، وَكَذَلِكَ دَمُ الْقِرَانِ.
وَمِنْهَا أَفْعَالُ يَوْمِ النَّحْرِ كَالْحَلْقِ وَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَدْخُلُ وَقْتُهَا بِنِصْفِ اللَّيْلِ، وَيُسْتَحَبُّ (تَأْخِيرُهَا) لِيَوْمِ النَّحْرِ.
تَنْبِيهٌ مَنْ أَمَرْنَاهُ بِالتَّأْخِيرِ فَمَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ لَمْ يَعْصِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّأْخِيرِ، وَقَدْ أَحْسَنَ (بِالِامْتِثَالِ) فَكَيْفَ يَعْصِي؟ وَكَذَا مَنْ جُوِّزَ لَهُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ لَا يَعْصِي فِي الْأَصَحِّ، بِخِلَافِ مَا وَقْتُهُ الْعُمُرُ كَالْحَجِّ وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي حَرْفِ الْمِيمِ.
فَائِدَةٌ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ لَيْسَ لَنَا أَحَدٌ يُقْتَلُ بِتَرْكِ عِبَادَةٍ إذَا صَحَّ مُعْتَقَدُهُ إلَّا الصَّلَاةَ فَقَطْ؛ لِشَبَهِهَا بِالْإِيمَانِ، وَلَمَّا كَانَ تَارِكُ الْإِيمَانِ مَقْتُولًا فَكَذَلِكَ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ.
ضَابِطٌ لَيْسَ لَنَا عِبَادَةٌ يَجِبُ الْعَزْمُ عَلَيْهَا، وَلَا يَجِبُ فِعْلُهَا سِوَى الْفَارِّ مِنْ (الزَّحْفِ) بِقَصْدِ التَّحَيُّزِ إلَى فِئَةٍ يَجُوزُ، وَإِذَا تَحَيَّزَ إلَيْهَا لَا يَلْزَمُهُ الْقِتَالُ مَعَهَا فِي الْأَصَحِّ.