الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَسْتَدْخِلُ) حَشَفَتَهُ ثُمَّ يَبِيعُ الْعَبْدَ مِنْهَا (فَيَنْفَسِخُ) النِّكَاحَ، وَيَحْصُلُ التَّحْلِيلُ قَالُوا وَهَذَا مِنْ لَطَائِفِ الْحِيَلِ، لِأَنَّهُ يَخْشَى مِنْ الزَّوْجِ أَنْ لَا يُطَلِّقَ، وَأَنْ يَحْصُلَ بِوَطْئِهِ الْعُلُوقُ وَهَذِهِ حِيلَةٌ فِي عَدَمِ التَّوَقُّفِ عَلَى الطَّلَاقِ وَعَدَمِ الْعُلُوقِ.
[الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ وَالْمُسْتَمِرَّةُ وَعَيْشُ الْمَذْبُوحِ]
اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ تَقَعُ فِي عِبَارَاتِهِمْ وَيُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ (بَيْنَهَا) فَأَمَّا الْمُسْتَمِرَّةُ فَهِيَ الْبَاقِيَةُ إلَى انْقِضَاءِ الْأَجَلِ إمَّا بِمَوْتٍ أَوْ قَتْلٍ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ فِي الثَّانِي.
وَالْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ هِيَ أَنْ تَكُونَ الرُّوحُ فِي الْجَسَدِ (وَمَعَهَا) الْحَرَكَةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ دُونَ (الِاضْطِرَارِيَّةِ) كَالشَّاةِ، إذَا أَخْرَجَ الذِّئْبُ حَشْوَتَهَا وَأَبَانَهَا (حَرَّكَتْهَا) حَرَكَةً اضْطِرَارِيَّةً، فَلَا تَحِلُّ إذَا ذُبِحَتْ كَمَا لَوْ كَانَ إنْسَانًا لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَإِنْ عَضَّهَا الذِّئْبُ، فَقَوَّرَ بَطْنَهَا، وَلَمْ يَنْفَصِلْ كِرْشُهَا فَحَيَاتُهَا مُسْتَقِرَّةٌ (لِأَنَّ حَرَكَتَهَا الِاخْتِيَارِيَّةَ) مَوْجُودَةٌ.
وَلِهَذَا لَوْ طُعِنَ إنْسَانٌ وَقُطِعَ (بِمَوْتِهِ) بَعْدَ سَاعَةٍ أَوْ يَوْمٍ وَقَتَلَهُ إنْسَانٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَجَبَ الْقِصَاصُ لِأَنَّ حَيَاتَهُ مُسْتَقِرَّةٌ، وَحَرَكَتُهُ الِاخْتِيَارِيَّةُ مَوْجُودَةٌ، وَلِهَذَا أَمْضَوْا وَصِيَّةَ (أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ) عُمَرَ (بْنِ الْخَطَّابِ) رضي الله عنه، بِخِلَافِ مَا إذَا أُبِينَتْ الْحَشْوَةُ؛ لِأَنَّ مَجَارِيَ النَّفْسِ قَدْ ذَهَبَتْ وَصَارَتْ الْحَرَكَةُ اضْطِرَارِيَّةً، وَقَدْ
تَكُونُ الْحَوَاسُّ سَلِيمَةً وَالْحَيَاةُ مُسْتَقِرَّةً وَالْحَرَكَةُ اخْتِيَارِيَّةً، وَيُعْطَى الْإِنْسَانُ فِيهَا حُكْمَ الْأَمْوَاتِ كَالْوَاقِعِ فِي بَحْرٍ لَا يَنْجُو مِنْهُ (وَتَابَ) فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، (فَإِنَّهُ) لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَيُقَسَّمُ مَالُهُ وَتُنْكَحُ نِسَاؤُهُ، وَلَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ، وَلِهَذَا لَمْ يُقْبَلْ إيمَانُ فِرْعَوْنَ، وَفِي مِثْلِهَا لَوْ أَشْرَفَ إنْسَانٌ عَلَى الْغَرَقِ وَقَتَلَهُ قَاتِلٌ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ.
وَلَوْ كَانَتْ شَاةً فَذَبَحَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَلَّتْ (وَأَمَّا حَيَاةُ عَيْشِ الْمَذْبُوحِ وَهِيَ الَّتِي لَا يَبْقَى مَعَهَا)(إبْصَارٌ) وَلَا نُطْقٌ وَلَا حَرَكَةٌ اخْتِيَارِيَّةٌ، فَإِذَا انْتَهَى الْإِنْسَانُ إلَى ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ بِجِنَايَةِ جَانٍ وَقَتَلَهُ آخَرُ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَالْقِصَاصُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ انْتَهَى إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَرَضٍ وَقَتَلَهُ قَاتِلٌ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، قَالَ الْإِمَامُ لَوْ انْتَهَتْ الشَّاةُ بِالْمَرَضِ إلَى أَدْنَى الرَّمَقِ فَذُبِحَتْ (حَلَّتْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ، بِخِلَافِ مَا إذَا افْتَرَسَهَا سَبُعٌ، فَوَصَلَتْ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ، قَالَ وَلَوْ أَكَلْت الشَّاةُ نَبَاتًا مُضِرًّا، فَصَارَتْ إلَى أَدْنَى الرَّمَقِ، فَذُبِحَتْ فَقَدْ ذَكَرَ شَيْخِي فِيهِ وَجْهَيْنِ ثُمَّ قَطَعَ فِي كَثِيرٍ بِنَفْيِ (الْحِلِّ) لِأَنَّهُ وُجِدَ سَبَبٌ يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ، فَصَارَ كَجُرْحِ السَّبُعِ.
وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الشَّاةَ إذَا انْتَهَتْ بِالْمَرَضِ إلَى حَالَةِ عَدَمِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ، وَذُبِحَتْ حَلَّتْ وَهُوَ نَظِيرُ إيجَابِ الْقِصَاصِ عَلَى (قَاتِلِ) الْمَرِيضِ، حَتَّى قَالَ الْإِمَامُ إنَّ الْمَرِيضَ لَوْ انْتَهَى إلَى سَكَرَاتِ الْمَوْتِ، (وَبَدَتْ) مَخَايِلُهُ وَتَغَيَّرَتْ الْأَنْفَاسُ فِي (الشَّرَاسِفِ) لَا يُحْكَمُ لَهُ بِالْمَوْتِ حَتَّى يَجِبَ الْقِصَاصُ عَلَى قَاتِلِهِ،
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْخَصَ بَصَرُ الْمَيِّتِ أَمْ لَا وَحَالَةُ شُخُوصِ الْبَصَرِ هُوَ الْحَالَةُ الَّتِي يُشَاهِدُ فِيهَا (الْمَيِّتُ) مَلَكَ الْمَوْتِ. وَهَذِهِ الْحَالَةُ (هِيَ) الَّتِي لَا تُقْبَلُ فِيهَا التَّوْبَةُ قَالَ (اللَّهُ) تَعَالَى {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} [النساء: 18] وَقَالَ صلى الله عليه وسلم «إنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ» .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ لَا يُعْتَبَرُ تَحَقُّقُ حُصُولِهَا فِي الشَّاةِ الْمَرِيضَةِ وَيُعْتَبَرُ فِي (أَكِيلَةِ) السَّبُعِ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا فَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنْ تَكُونَ الْحَيَاةُ (الْمُسْتَقِرَّةُ) بِحَيْثُ لَوْ تُرِكَ (لَبَقِيَ) يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ وَغَيْرُ (الْمُسْتَقِرَّةِ) لَوْ تُرِكَ لَمَاتَ فِي الْحَالِ، وَقَالَ (غَيْرُهُ) الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ أَنْ لَا تَنْتَهِيَ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، وَقَالَ فِي الْمُرْشِدِ تُعْرَفُ الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةِ بِشَيْئَيْنِ (أَحَدُهُمَا - أَنْ تَكُونَ حَالَةُ وُصُولِ السِّكِّينِ إلَى الْحُلْقُومِ
يَطْرِفُ عَيْنُهُ أَوْ يَتَحَرَّكُ ذَنَبُهُ لِأَنَّ) الْحَيَاةَ إذَا زَالَتْ مِنْ أَسْفَلَ لَمْ يَتَحَرَّكْ ذَنَبُهُ، وَيَشْخَصُ بَصَرُهُ - وَالثَّانِي - أَنْ لَا يَتَحَرَّكَ فِيهِ شَيْءٌ بَعْدَ إبَانَةِ الرَّأْسِ، وَلَا (عِبْرَةَ) بِالِاخْتِلَاجِ بَعْدَ الذَّبْحِ، وَكَذَا إنْهَارُ الدَّمِ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ حَرَكَةٍ، وَجَزَمَ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ انْفِجَارَ الدَّمِ بَعْدَ الذَّبْحِ وَتَدَفُّقَهُ مَعَ وُجُودِ الْحَرَكَةِ الشَّدِيدَةِ مِنْ أَمَارَاتِ بَقَاءِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ. وَأَنَّ الْحَرَكَةَ الشَّدِيدَةَ (وَحْدَهَا) كَذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ، قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَعَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّ مُجَرَّدَ خُرُوجِ الدَّمِ دَلِيلٌ (عَلَى) اسْتِقْرَارِ الْحَيَاةِ (وَقَالَ) فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَدْ وَقَعَتْ (هَذِهِ) الْمَسْأَلَةُ فِي الْفَتَاوَى مَرَّاتٍ فَكَانَ الْجَوَابُ فِيهَا أَنَّ الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ تُعْرَفُ بِقَرَائِنَ يُدْرِكُهَا النَّاظِرُ، مِنْ عَلَامَاتِهَا الْحَرَكَةُ الشَّدِيدَةُ بَعْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَجَرَيَانُ الدَّمِ، فَإِذَا حَصَلَتْ قَرِينَةٌ مَعَ (إحْدَاهَا) حَلَّ الْحَيَوَانُ وَالْمُخْتَارُ الْحِلُّ بِالْحَرَكَةِ الشَّدِيدَةِ وَحْدَهَا، فَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي نَعْتَمِدُهُ انْتَهَى.
وَاسْتَفَدْنَا مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَرَكَةَ الشَّدِيدَةَ، لَا تَحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ مَعَهَا، بِخِلَافِ انْفِجَارِ الدَّمِ، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى قَرِينَةِ الْحَيَاةِ.
قَالَ وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ مَا يَجُوزُ أَنْ تَبْقَى مَعَ الْحَيَوَانِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ (فَإِنْ) شُقَّ جَوْفُهَا وَظَهَرَتْ الْأَمْعَاءُ وَلَمْ تَنْفَصِلْ (إذَا)(ذُكِّيَتْ) حَلَّتْ،
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ (مُنَزَّلٌ) عَلَى (مَا قَدَّمْنَاهُ) ، قَالَ وَإِذَا جُرِحَتْ الشَّاةُ (وَوَصَلَتْ) إلَى أَدْنَى الرَّمَقِ (فَذُبِحَتْ) ، فَإِنَّهَا تَحِلُّ بِلَا خِلَافٍ، وَحَكَى صَاحِبُ الْفُرُوعِ عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهَا مَا دَامَتْ تَضْرِبُ بِيَدِهَا وَتَفْتَحُ عَيْنَهَا حَلَّتْ بِالذَّكَاةِ، قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْحَيَاةَ فِيهَا غَيْرُ مُسْتَقِرَّةٍ، فَإِنَّ (حَرَكَتَهَا) حَرَكَةُ مَذْبُوحٍ، (فَلَا) تَحِلُّ، وَالْمَذْهَبُ مَا سَبَقَ.
فَرْعٌ شَكَّ فِي الْمَذْبُوحِ هَلْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ بَعْدَ الذَّبْحِ، فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا الْحِلُّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ، وَأَصَحُّهُمَا التَّحْرِيمُ لِلشَّكِّ فِي الذَّكَاةِ الْمُبِيحَةِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ بَقَاءُ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ حَلَّتْ، وَهَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي فَرَّقُوا فِيهَا بَيْنَ الظَّنِّ وَالشَّكِّ.
تَنْبِيهٌ كَلَامُ الْإِمَامِ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ يُعْتَبَرُ وُجُودُهَا عِنْدَ أَوَّلِ الْقَطْعِ لَا بَعْدَهُ، فَإِنَّهُ قَالَ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ عِنْدَ ابْتِدَاءِ قَطْعِ الْمَرِيءِ، وَلَكِنْ لَمَّا قُطِعَ بَعْضُ الْحُلْقُومِ انْتَهَى إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، لِمَا (نَالَهُ) مِنْ (قَبْلُ)(بِسَبَبِ) قَطْعِ الْقَفَا فَهُوَ حَلَالٌ؛ لِأَنَّ (الْمَعْنَى بِمَا) وَقَعَ التَّعَبُّدُ بِهِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ عِنْدَ الِابْتِدَاءِ (بِقَطْعِ)(الْمَذْبَحِ) انْتَهَى، وَنَقَلَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَلَامَ الْإِمَامِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ
أَيْضًا بَعْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، بَلْ الَّذِي يَقَعُ الِابْتِدَاءُ بِقَطْعِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْمَرِيءُ - وَالثَّانِي - (عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الَّذِي يَقَعُ الِابْتِدَاءُ بِقَطْعِهِ فِي هَذِهِ)(الصُّورَةِ) الْحُلْقُومُ أَنَّ (الْمَذْهَبَ) الِاكْتِفَاءُ بِكَوْنِ الْحَيَاةِ مُسْتَقِرَّةً عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي قَطْعِ الْحُلْقُومِ، (وَقِيَاسُهُ) أَنْ يَكْتَفِيَ بِكَوْنِ الْحَيَاةِ مُسْتَقِرَّةً فِيمَا إذَا ابْتَدَأَ الْقَطْعَ (مِنْ) مُقَدَّمِ الْعُنُقِ عِنْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ خَاصَّةً أَيْضًا وَعَلَيْهِ يَنْطَبِقُ قَوْلُ الْإِمَامِ فِي أَنَّ الْحَيَاةَ، لَوْ كَانَتْ مُسْتَقِرَّةً عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي (قَطْعِ) الْمَرِيءِ وَالْحُلْقُومِ تَحِلُّ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ عِنْدَ تَمَامِ (قَطْعِهِمَا) إذَا وُجِدَ الْإِسْرَاعُ عَلَى النَّسَقِ الْمُعْتَادِ لَكِنَّ الَّذِي حَكَاهُ الْمُزَنِيّ عَنْ (الْإِمَامِ) الشَّافِعِيِّ (رضي الله عنه) فِي الْمُخْتَصَرِ أَنَّهَا إنْ تَحَرَّكَتْ بَعْدَ قَطْعِ رَأْسِهَا أُكِلَتْ وَإِلَّا لَمْ تُؤْكَلْ، وَفَسَّرَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَجُمْهُورُ الْأَصْحَابِ ذَلِكَ، بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ (رحمه الله) قَالَ إنَّمَا تُعْلَمُ الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ بِشِدَّةِ الْحَرَكَةِ، فَإِنْ كَانَتْ الْحَرَكَةُ شَدِيدَةً بَعْدَ قَطْعِ الرَّقَبَةِ (فَالْحَيَاةُ مُسْتَقِرَّةٌ) ، وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ اسْتِقْرَارِ الْحَيَاةِ إلَى انْتِهَاءِ مَا يَجِبُ قَطْعُهُ بِالذَّكَاةِ، وَهُوَ (يُوَافِقُ) مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ النَّصِّ. (قُلْت) وَبِذَلِكَ يَحْصُلُ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثُ احْتِمَالَاتٍ انْتَهَى.
وَيَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ، لَوْ ذَبَحَ الشَّاةَ مِنْ مُقَدَّمِ عُنُقِهَا فَانْتَهَتْ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، لَمْ تَحِلَّ، وَإِنْ انْتَهَتْ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ بَعْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَبَعْضِ الْمَرِيءِ حَلَّتْ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ، وَلَمْ تَحِلَّ عَلَى ظَاهِرِ النَّصِّ وَاخْتِيَارِ الْغَزَالِيِّ، وَكَذَا لَوْ قَطَعَ الْبَعْضَ فَمَاتَتْ يَكُونُ مَوْتُهَا كَانْتِهَائِهَا إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، وَهَذَا قِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الذَّبْحِ مِنْ الْقَفَا (وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ فَتَحِلُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنْ انْتَهَتْ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ قَبْلَ قَطْعِ شَيْءٍ مِنْ الْمَرِيءِ، بِخِلَافِ الذَّبْحِ مِنْ الْقَفَا) لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ هُنَاكَ بِعِصْيَانِهِ بِالذَّبْحِ مِنْ الْقَفَا، لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ يَجِبُ أَنْ يُسْرِعَ الذَّابِحُ فِي الْقَطْعِ، فَلَا يَتَأَتَّى بِحَيْثُ يَظْهَرُ انْتِهَاءُ الشَّاةِ قَبْلَ اسْتِتْمَامِ قَطْعِ الْمَذْبَحِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا سَبَقَ أَنَّ الْمُتَعَبَّدَ بِهِ كَوْنُ الْحَيَاةِ مُسْتَقِرَّةً عِنْدَ الِابْتِدَاءِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ هُنَا، إذَا تَبَيَّنَ مَصِيرُهُ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ وَهُنَاكَ، إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْحَالُ، قَالَ النَّوَوِيُّ (وَهَذَا الَّذِي) قَالَهُ خِلَافُ مَا سَبَقَ تَصْرِيحُ الْإِمَامِ بِهِ، بَلْ الْجَوَابُ أَنَّ هَذَا مُقَصِّرٌ فِي الثَّانِي فَلَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ لَا تَقْصِيرَ فِي حَقِّهِ، فَلَوْ لَمْ يُحَلِّلْهُ أَدَّى إلَى حَرَجٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ أَنْ يَذْبَحَ بِسِكِّينٍ غَيْرِ كَالٍّ، وَيُسْرِعَ فَتَحِلَّ ذَبِيحَتُهُ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ الْقَطْعِ، وَبَيْنَ أَنْ يَذْبَحَ بِسِكِّينٍ (كَالَّةٍ) ، فَلَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ، كَمَا لَوْ تَبَاطَأَ فِي الذَّبْحِ بِالسِّكِّينِ غَيْرِ (الْكَالِّ) .
قَالَ النَّوَوِيُّ، وَلَوْ أَمَرَّ السِّكِّينَ مُلْصَقًا بِاللَّحْيَيْنِ فَوْقَ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَأَبَانَ الرَّأْسَ، فَلَيْسَ هَذَا بِذَبْحٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ وَلَوْ أَخَذَ الذَّابِحُ فِي قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ، وَأَخَذَ آخَرُ فِي نَزْعِ حَشْوَتِهِ (أَوْ نَخْسِ خَاصِرَتِهِ) لَمْ يَحِلَّ،