الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حَرْفُ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ] [
الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ]
الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ
وَمِنْ ثَمَّ أُبِيحَتْ الْمَيْتَةُ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ، وَإِسَاغَةُ اللُّقْمَةِ بِالْخَمْرِ لِمَنْ غَصَّ، وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا، وَأُبِيحَتْ كَلِمَةُ الْكُفْرِ لِلْمُكْرَهِ، وَكَذَلِكَ إتْلَافُ الْمَالِ، وَكَذَلِكَ أَخْذُ مَالِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ الدَّيْنِ بِغَيْرِ إذْنِهِ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَلَوْ كَانَ بِكَسْرِ بَابِهِ.
وَلَوْ صَالَ الصَّيْدُ عَلَى مُحْرِمٍ فَقَتَلَهُ دَفْعًا لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ بِالصِّيَالِ الْتَحَقَ بِالْمُؤْذِيَاتِ، وَإِذَا عَمّ الْحَرَامُ قُطْرًا بِحَيْثُ لَا يُوجَدُ فِيهِ حَلَالٌ إلَّا نَادِرًا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ، وَلَا يُقْتَصَرُ عَلَى الضَّرُورَةِ، قَالَ الْإِمَامُ:(وَلَا يَتَبَسَّطُ فِيهِ كَمَا يَتَبَسَّطُ) فِي الْحَلَالِ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ دُونَ أَكْلِ الطَّيِّبَاتِ وَنَحْوِهَا مِمَّا هُوَ كَالتَّتِمَّاتِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَتَوَقَّعَ مَعْرِفَةَ الشَّخْصِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، أَمَّا عِنْدَ الْإِيَاسِ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْمَسْأَلَةُ (كَأَنَّهُ) حِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَالُ لِلْمَصَالِحِ، (لِأَنَّ مِنْ) جُمْلَةِ (أَمْوَالِ) بَيْتِ الْمَالِ مَا جُهِلَ مَالِكُهُ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مِنْ شَرْحِ التَّلْخِيصِ وَمَنْ اُضْطُرَّ إلَى مَالِ غَيْرِهِ وَتَرَكَ الْأَكْلَ هَلْ يَعْصِي؟ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: نَعَمْ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ إحْيَاءَ نَفْسِهِ، وَالثَّانِي لَهُ أَنْ يَسْتَسْلِمَ لِلْهَلَاكِ، كَمَا لَوْ قَصَدَ مُسْلِمٌ لِقَتْلِهِ قَالَ: وَهَكَذَا الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ احْتَاجَ لِشُرْبِ الْخَمْرِ لِلْعَطَشِ، وَيَجُوزُ إتْلَافُ شَجَرِ الْكُفَّارِ وَبِنَائِهِمْ لِحَاجَةِ الْقِتَالِ، وَكَذَا إتْلَافُ الْحَيَوَانِ (الَّذِينَ) يُقَاتِلُونَ عَلَيْهِ؛ لِدَفْعِهِمْ أَوْ (ظَفْرٍ
بِهِمْ) ، وَيَجُوزُ نَبْشُ الْمَيِّتِ بَعْدَ دَفْنِهِ لِلضَّرُورَةِ بِأَنْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ أَوْ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ، أَوْ فِي أَرْضٍ أَوْ ثَوْبٍ مَغْصُوبٍ لَا لِلتَّكْفِينِ فِي الْأَصَحِّ؛ وَلَا لِيُدْفَنَ عَلَيْهِ آخَرُ.
وَيَجُوزُ غَصْبُ الْخَيْطِ لِخِيَاطَةِ جُرْحِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ إذَا لَمْ يَجِدْ خَيْطًا حَلَالًا.
هَذَا إذَا كَانَ الْحَيَوَانُ غَيْرَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ فَإِنْ كَانَ فَوَجْهَانِ.
وَالنَّجَاسَاتُ إذَا عَمَّتْ الْبَلْوَى بِهَا يَرْتَفِعُ حُكْمُهَا.
وَمِنْهُ الْمَاءُ الَّذِي يَسِيلُ مِنْ فَمِ النَّائِمِ إذَا حَكَمْنَا بِنَجَاسَتِهِ وَعَمَّتْ (بَلْوَى) شَخْصٍ بِهِ، فَالظَّاهِرُ الْعَفْوُ، قَالَهُ النَّوَوِيُّ.
قَالَ: وَلَوْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِذَرْقِ (الطَّيْرِ) ، وَتَعَذَّرَ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ عُفِيَ عَنْهُ كَطِينِ الشَّارِعِ، وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَهُ.
وَفِي النُّكَتِ لِلشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ يُعْفَى عَنْ ذَرْقِ الطُّيُورِ فِي الْمَسَاجِدِ.
وَحَكَاهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ ذَرْقُ الْعُصْفُورِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَهَذَا (تَصَرُّفٌ) بِالْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ فَإِنَّ الشَّيْخَ عَمَّ الطُّيُورَ وَخَصَّ الْمَسَاجِدَ، وَالرَّافِعِيُّ عَكَسَ النَّقْلَ عَنْهُ (فَخَصَّ) الْعُصْفُورَ وَعَمَّ (الْعَفْوَ)(وَكَالْعَفْوِ) عَنْ أَثَرِ الِاسْتِنْجَاءِ وَسَلَسِ الْبَوْلِ.
وَلَوْ وَلِيَ الْإِمَامَ غَيْرُ أَهْلٍ نَفَذَ قَضَاؤُهُ؛ لِلضَّرُورَةِ، وَأَلْحَقَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ بِقَاضِي أَهْلِ الْبَغْيِ، وَنَازَعَ فِيهِ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الْكَتَّانِيُّ (فَإِنَّ) الْمَنْقُولَ فِي
قَاضِي أَهْلِ الْبَغْيِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْأَهْلِ وَغَيْرِهِ، قَالَ وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى حَتَّى (يَنْفُذَ) ، أَلَا تَرَى أَنَّ بَيْعَ الْمُعَاطَاةِ قَدْ غَلَبَ فِي هَذَا الزَّمَانِ.
وَلَوْ رُفِعَ إلَى حَاكِمٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ تَصْحِيحُهُ؛ لِأَنَّ مَا خَالَفَ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ لَا أَثَرَ فِيهِ لِلضَّرُورَةِ.
فَائِدَةٌ: جَعَلَ بَعْضُهُمْ الْمَرَاتِبَ خَمْسَةً ضَرُورَةٌ، وَحَاجَةٌ، وَمَنْفَعَةٌ، وَزِينَةٌ، وَفُضُولٌ.
فَالضَّرُورَةُ: بُلُوغُهُ حَدًّا إنْ لَمْ يَتَنَاوَلْ الْمَمْنُوعَ هَلَكَ أَوْ قَارَبَ كَالْمُضْطَرِّ لِلْأَكْلِ وَاللُّبْسِ بِحَيْثُ لَوْ بَقِيَ جَائِعًا أَوْ عُرْيَانًا لَمَاتَ أَوْ تَلِفَ مِنْهُ عُضْوٌ.
وَهَذَا يُبِيحُ تَنَاوُلَ الْمُحَرَّمِ.
وَالْحَاجَةُ: كَالْجَائِعِ الَّذِي لَوْ لَمْ يَجِدْ مَا يَأْكُلُ لَمْ يَهْلِكْ غَيْرَ أَنَّهُ يَكُونُ فِي جَهْدٍ وَمَشَقَّةٍ، وَهَذَا لَا يُبِيحُ الْمُحَرَّمَ.
، وَأَمَّا الْمَنْفَعَةُ: فَكَاَلَّذِي يَشْتَهِي خُبْزَ الْحِنْطَةِ وَلَحْمَ الْغَنَمِ، (وَالطَّعَامَ) الدَّسِمَ.
وَأَمَّا الزِّينَةُ: فَكَالْمُشْتَهِي (الْحُلْوَ) الْمُتَّخَذَ مِنْ (اللَّوْزِ وَالسُّكَّرِ) وَالثَّوْبَ الْمَنْسُوجَ مِنْ