المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْهِبَةِ، لِأَنَّ مِلْكَ الْوَصِيَّةِ بِقَبُولِهِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.   ‌ ‌[السَّكْرَانُ فِي - المنثور في القواعد الفقهية - جـ ٢

[بدر الدين الزركشي]

فهرس الكتاب

- ‌[حَرْفُ الْجِيمِ] [

- ‌الْجَائِزُ]

- ‌[الْجُبْرَان]

- ‌[الْجَعَالَةُ كَالْإِجَارَةِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ]

- ‌[الْجِلْسَاتُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْجِمَاعُ وَدَوَاعِيهِ]

- ‌[الْجَمْعُ أَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ]

- ‌[الْجَهْلُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[حَرْفُ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌الْحَاجَةُ الْعَامَّةُ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ الْخَاصَّةِ فِي حَقِّ آحَادِ النَّاسِ]

- ‌[الْحَاجَةُ الْخَاصَّةُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَ]

- ‌[الْحَالُّ لَا يَتَأَجَّلُ]

- ‌[الْحَجْرُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحُجَّةُ الَّتِي يَسْتَنِدُ إلَيْهَا الْقَاضِي فِي قَضَائِهِ]

- ‌[حَدِيثُ النَّفْسِ لَهُ خَمْسُ مَرَاتِبَ]

- ‌[الْحُدُودُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحَدَثُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَالِاسْتِيلَاءِ]

- ‌[الْحَرِيمُ يَدْخُلُ فِي الْوَاجِبِ وَالْحَرَامِ وَالْمَكْرُوهِ]

- ‌[الْحَشَفَةُ]

- ‌[الْحَصْرُ وَالْإِشَاعَةُ]

- ‌[الْحُقُوقُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ]

- ‌[الْحُقُوقُ تُوَرَّثُ كَمَا يُوَرَّثُ الْمَالُ]

- ‌[الْحُقُوقُ الْمُوَرَّثَةُ]

- ‌[حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَة]

- ‌[حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى إذَا اجْتَمَعَتْ]

- ‌[الْحُكْمُ هُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[حُكْمُ الْحَاكِمِ]

- ‌[الْحَلَالُ]

- ‌[الْحَلِفُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحَمْلُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْحَوَاسُّ خَمْسَةٌ]

- ‌[الْحَيْلُولَةُ بَيْنَ الْمُسْتَحِقِّ وَحَقِّهِ]

- ‌[الْحِيَلُ]

- ‌[الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ وَالْمُسْتَمِرَّةُ وَعَيْشُ الْمَذْبُوحِ]

- ‌[الْحَيَوَانُ يَتَعَلَّقُ بِهِ أُمُورٌ]

- ‌[حَرْفُ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الْخَبَرُ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَنْ خَاصٍّ أَوْ عَامٍّ]

- ‌[الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَة]

- ‌[الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ]

- ‌[الْخُطَبُ اثْنَتَا عَشْرَةَ]

- ‌[الْخَطَأُ يَرْفَعُ الْإِثْمَ]

- ‌[الْخَلْطُ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ بِمَنْزِلَةِ الْإِتْلَافِ]

- ‌[الْخُلْفُ فِي الصِّفَةِ]

- ‌[الْخِلَافُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْخِيَارُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[حَرْفُ الدَّالِ] [

- ‌الدَّفْعُ أَقْوَى مِنْ الرَّفْعِ]

- ‌[الدَّوْرُ قِسْمَانِ]

- ‌[الدَّيْنُ ضَرْبَانِ حَالٌّ وَمُؤَجَّلٌ]

- ‌[حَرْفُ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الذَّهَبُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى الرِّجَالِ]

- ‌[حَرْفُ الرَّاءِ] [

- ‌الرُّخَصُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الرِّدَّةُ لَا تُحْبِطُ الْعَمَلَ]

- ‌[الرِّشْوَةُ أَخْذُ الْمَالِ لِيُحِقَّ بِهِ الْبَاطِلَ أَوْ يُبْطِلَ الْحَقَّ]

- ‌[الرِّضَا بِالشَّيْءِ رِضًا بِمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ]

- ‌[حَرْفُ الزَّاي] [

- ‌الزَّائِلُ الْعَائِدُ كَاَلَّذِي لَمْ يَزُلْ]

- ‌[الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ تَتْبَعُ الْأَصْلَ]

- ‌[الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ لَا أَثَرَ لَهَا]

- ‌[الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَدَدِ إذَا لَمْ تَكُنْ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ]

- ‌[الزَّرْعُ النَّابِتُ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ]

- ‌[حَرْفُ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌السَّبَبُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[السِّرَايَةُ حَقِيقَتُهَا]

- ‌[السَّفَرُ قِسْمَانِ طَوِيلٌ وَقَصِيرٌ]

- ‌[السَّفِيهُ تَصَرُّفَاتُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[السَّكْرَانُ فِي سَائِرِ أَحْوَالِهِ كَالصَّاحِي]

- ‌[السُّكُوتُ ضَرْبَانِ]

- ‌[السُّنَّةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[السُّؤَالُ مَعَادٌ فِي الْجَوَابِ]

- ‌[سَلَامَةُ الْعَاقِبَةِ]

- ‌[السَّهْوُ]

- ‌[السَّهْوُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[السَّيِّدُ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ ابْتِدَاءً]

- ‌[حَرْفُ الشَّيْنِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الشَّبَهُ]

- ‌[الشُّبْهَةُ فِيهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الشَّرْطُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[شَرْطُ الْعِلَّةِ هَلْ يَجْرِي مَجْرَى شَطْرِ الْعِلَّةِ]

- ‌[الشُّرُوعُ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الْمَشْرُوعِ فِيهِ]

- ‌[الشَّفَاعَةُ ضَرَاعَةٌ عِنْدَ الْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ]

- ‌[الشَّرِكَةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الشَّكُّ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الشَّلَلُ هَلْ هُوَ مَوْتٌ أَوْ تَيَبُّسٌ]

- ‌[حَرْفُ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌الصَّبِيُّ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الصِّحَّةُ وَالْجَوَازُ وَالِانْعِقَادُ فِي بَابِ الْعُقُودِ]

- ‌[الصَّرِيحُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الصِّفَةُ فِي الْمَعْرِفَةِ لِلتَّوْضِيحِ]

- ‌[صِفَاتُ الْحُقُوقِ لَا تُفْرَدُ بِالْإِسْقَاطِ]

- ‌[حَرْفُ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ]

- ‌[قَاعِدَةٌ مَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا]

- ‌[الضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ]

- ‌[أَسْبَابُ الضَّمَانُ]

- ‌[حَرْفُ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌الطَّارِئُ هَلْ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْمُقَارِنِ]

- ‌[الطَّهَارَةُ تَثْبُتُ بِالتَّبَعِيَّةِ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ]

- ‌[حَرْفُ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌ظُهُورُ أَمَارَاتِ الشَّيْءِ هَلْ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ تَحَقُّقِهِ]

- ‌[الظَّنُّ إذَا كَانَ كَاذِبًا فَلَا أَثَرَ لَهُ]

- ‌[حَرْفُ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ] [

- ‌الْعَادَةُ فِيهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الْعِبَادَةُ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ]

- ‌[الْعِبْرَةُ بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ أَوْ الْمَأْمُومِ]

- ‌[الْعِبْرَةُ بِصِيَغِ الْعُقُودِ أَوْ بِمَعَانِيهَا]

- ‌[الْعَدَالَةُ هَلْ تُتَحَرَّى]

- ‌[الْعُذْرُ الْعَامُّ]

- ‌[الْعُرْفُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[الْعَزْمُ عَلَى الْإِبْطَالِ مُبْطِلٌ]

- ‌[الْعَقْدُ حقيقته]

- ‌[الْعَمَلُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]

- ‌[عِلَّةُ الْحُكْمُ إذَا زَالَتْ وَخَلَفَهَا عِلَّةٌ أُخْرَى]

- ‌[الْعَوْلُ وَالرَّدُّ]

- ‌[الْعُيُوبُ الْمُعْتَبَرَةُ شَرْعًا]

- ‌[حَرْفُ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ] [

- ‌الْغَايَةُ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ]

- ‌[غَالِبُ الْبَلَدِ يُعْتَبَرُ فِي مَسَائِلَ]

- ‌[حُكْم غَرِيمُ الْغَرِيمِ]

- ‌[الْغُسْلُ يَنْقَسِمُ إلَى وَاجِبٍ وَمُسْتَحَبٍّ]

- ‌[حُكْم غُسْلُ الْعِيدَيْنِ]

الفصل: الْهِبَةِ، لِأَنَّ مِلْكَ الْوَصِيَّةِ بِقَبُولِهِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.   ‌ ‌[السَّكْرَانُ فِي

الْهِبَةِ، لِأَنَّ مِلْكَ الْوَصِيَّةِ بِقَبُولِهِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.

[السَّكْرَانُ فِي سَائِرِ أَحْوَالِهِ كَالصَّاحِي]

عَلَى الْمَذْهَبِ، إلَّا فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ.

[السُّكُوتُ ضَرْبَانِ]

ِ " الْأَوَّلُ " أَنْ يَكُونَ بِمُجَرَّدِهِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ التَّصْرِيحِ بِالنُّطْقِ فِي حَقِّ مَنْ تَجِبُ لَهُ الْعِصْمَةُ.

وَلِهَذَا كَانَ تَقْرِيرُهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ شَرْعِهِ، وَكَانَ الْإِجْمَاعُ السُّكُوتِيُّ حُجَّةً عِنْدَ كَثِيرِينَ، لِأَنَّهُ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ النَّصِّ، فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ مَشْهُودٌ لَهُ بِالْعِصْمَةِ، وَأَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ لَا إطْعَامَ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ، لِأَنَّهُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ فِي الْآيَةِ، وَالْمَسْكُوتُ لَا يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْمَنْطُوقِ، وَهَذَا عَلَى رَأْيِ مَنْ يَقُولُ أَنَّ السُّكُوتَ عَنْ الْحُكْمِ مُنَاسِبٌ لِانْتِفَائِهِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ خِلَافُ حُكْمِ الْمَنْطُوقِ فِي جَانِبِ " الْمَسْكُوتِ عَنْهُ لِكَوْنِ التَّخْصِيصِ بِالذِّكْرِ " مُقَيَّدًا " مِنْ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ.

أَمَّا إذَا عُلِمَ أَنَّ " الْمَسْكُوتَ " أَشَدُّ مُنَاسَبَةً لِلْحُكْمِ فِي الْمَنْطُوقِ، كَمَا فِي الضَّرْبِ مَعَ التَّأْفِيفِ، وَكَمَا فَوْقَ الدِّينَارِ " وَدُونَ " الْقِنْطَارِ " انْعَكَسَ الْحُكْمُ "، وَكَانَ مِنْ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ، وَيَتَأَكَّدُ بِذَلِكَ " الْقَوْلُ "" بِشَرْعِيَّةِ الْإِطْعَامِ " فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ.

ص: 205

وَالثَّانِي غَيْرُ الْمَعْصُومِ، فَالْأَصْلُ أَنْ لَا يَنْزِلَ مَنْزِلَةَ نُطْقِهِ، " لَا سِيَّمَا " إذَا كَانَ السُّكُوتُ " مُحَرَّمًا ".

وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - "، لَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ. نَعَمْ، " إذَا " قَامَ دَلِيلٌ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِهِ كَسُكُوتِ الْبِكْرِ عِنْدَ الِاسْتِئْذَانِ فِي التَّزْوِيجِ.

" وَلِهَذَا " اكْتَفَى بِهِ " وَكَذَلِكَ إذَا قَامَتْ قَرَائِنُ تَدُلُّ عَلَى " رِضَاهُ " فَيَنْزِلُ مَنْزِلَةَ النُّطْقِ.

وَالْأَحْوَالُ بِحَسَبِ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ:

" الْأَوَّلُ ": مَا يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ النُّطْقِ قَطْعًا كَالسُّكُوتِ مِنْ الْبِكْرِ فِي الْإِذْنِ فِي النِّكَاحِ إذَا اسْتَأْذَنَهَا الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا سَكَتَ عَنْ الْجَوَابِ بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ جُعِلَ كَالْمُنْكَرِ النَّاكِلِ فَتُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي.

وَلَوْ نَقَضَ " بَعْضُ " أَهْلِ " الْهُدْنَةِ "، وَلَمْ يُنْكِرْ الْبَاقُونَ بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ، انْتَقَضَ فِي السَّاكِتِينَ أَيْضًا.

وَلَوْ تَبَارَزَ اثْنَانِ وَشَرَطْنَا الْأَمَانَ إلَى انْقِضَاءِ الْقِتَالِ، فَأَعَانَ " الْكَافِرَ " جَمَاعَةٌ مِنْ صَفِّهِ بِغَيْرِ " اسْتِجَارَةٍ "، وَسَكَتَ " وَلَمْ " يَمْنَعْهُمْ انْتَقَضَ أَمَانُهُ،

ص: 206

وَجَازَ لِغَيْرِ الْمُبَارِزِينَ قَتْلُهُ.

وَلَوْ رَأَى السَّيِّدُ عَبْدَهُ يُتْلِفُ مَالًا لِغَيْرِهِ، وَسَكَتَ عَنْهُ، فَإِنَّ السَّيِّدَ " يَضْمَنُهُ " ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْتِقَاطِ الْعَبْدِ.

وَلَوْ الْتَقَطَ الصَّبِيُّ وَصَحَّحْنَاهُ فَرَآهُ الْوَلِيُّ، فَلَمْ يَنْزِعْهُ، فَتَلِفَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ، كَمَا وَلَوْ احْتَطَبَ وَرَآهُ مَعَهُ فَلَمْ يَأْخُذْهُ.

الثَّانِي: مَا يَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ فِي الْأَصَحِّ، وَهُوَ السُّكُوتُ فِي الْبِكْرِ " الْبَالِغِ " إذَا اسْتَأْذَنَهَا الْعَصَبَةُ أَوْ الْحَاكِمُ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَظْهَرَ قَرِينَةٌ بِالْمَنْعِ، فَلَوْ بَكَتْ مَعَ صِيَاحٍ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ.

" وَلَوْ حَلَقَ الْحَلَالُ رَأْسَ مُحْرِمٍ " وَهُوَ سَاكِتٌ، فَلَمْ يَمْنَعْهُ مَعَ الْقُدْرَةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ كَمَا لَوْ حَلَقَ بِأَمْرِهِ فَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ، وَعَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الشَّعْرَ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَيَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ، قِيلَ وَمُقْتَضَى هَذَا، أَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَ مُكَلَّفٌ الْوَدِيعَةَ، وَالْمُودِعُ سَاكِتٌ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى دَفْعِهِ أَنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا، وَيَنْزِلُ سُكُوتُهُ مَنْزِلَةَ الْإِذْنِ فِي الْإِتْلَافِ.

وَمِنْهُ: لَوْ بَاعَ الْعَبْدُ الْبَالِغُ وَهُوَ سَاكِتٌ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ لَا بُدَّ أَنْ يَعْتَرِفَ " بِأَنَّ " الْبَائِعَ سَيِّدُهُ.

وَمِنْهُ: الْقِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ، وَهُوَ سَاكِتٌ " يَسْمَعُ " تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ نُطْقِهِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ " يُشْتَرَطُ " أَنَّهُ لَوْ عَرَضَ مِنْ الْقَارِئِ " تَصْحِيفٌ " وَتَحْرِيفٌ لَرَدَّهُ

ص: 207

الشَّيْخُ، فَسُكُوتُهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ قِرَاءَتِهِ " قَطْعًا ".

وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الْعِنْوَانِ، إذَا سَكَتَ الشَّيْخُ " مُقِرًّا " عَلَى مَا قُرِئَ عَلَيْهِ، فَهَلْ يَجُوزُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ " يُقَالَ " أَخْبَرَنَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ " الْإِمَامِ " الشَّافِعِيِّ " رضي الله عنه " أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ اللَّائِقُ بِمَذْهَبِهِ، لِتَرَدُّدِ السُّكُوتِ بَيْنَ الْإِخْبَارِ وَعَدَمِهِ، وَقَدْ قَالَ " الْإِمَامُ " الشَّافِعِيُّ " رضي الله عنه "، لَا يُنْسَبُ لِسَاكِتٍ قَوْلٌ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَقِيلَ يَجُوزُ اعْتِمَادًا عَلَى الْقَرَائِنِ وَظَاهِرِ الْحَالِ.

الثَّالِثُ: مَا لَا يَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ قَطْعًا، كَمَا لَوْ سَكَتَ عَنْ وَطْءِ أَمَتِهِ، لَا يَسْقُطُ بِهِ الْمَهْرُ، وَكَذَا لَوْ سَكَتَ عَنْ قَطْعِ عُضْوٍ مِنْهُ أَوْ إتْلَافِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ مِنْهُ، لَا يَسْقُطُ ضَمَانُهُ، وَكَذَا لَوْ اُسْتُؤْذِنَتْ " الثَّيِّبُ " فِي النِّكَاحِ، (فَسَكَتَتْ)" لَا أَثَرَ لَهُ. وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يَمْلِكُ قَبْضَ مَهْرِ الْبِكْرِ الرَّشِيدَةِ، إلَّا بِإِذْنِهَا، فَلَوْ اسْتَأْذَنَهَا فَسَكَتَتْ، لَمْ يُسْتَفَدْ بِسُكُوتِهَا " الْإِذْنُ " فِي الْقَبْضِ قَطْعًا، وَحَاوَلَ الرَّافِعِيُّ تَخْرِيجَ وَجْهٍ فِيهِ ذَكَرَهُ فِي " بَابِ " النِّزَاعِ " مِنْ " الصَّدَاقِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَنَحْكِيهِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ.

الرَّابِعُ: مَا لَا يَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ فِي الْأَصَحِّ.

فَمِنْهُ: إذَا عَلِمَ الْبَائِعُ أَنَّ الْمُشْتَرِي " يَطَأُ " الْجَارِيَةَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَا يَكُونُ

ص: 208

مُجِيزًا لِلْعَقْدِ بِسُكُوتِهِ فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ حُمِلَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي مَجْلِسِ الْخِيَارِ فَأُخْرِجَ وَلَمْ يُمْنَعْ مِنْ الْكَلَامِ فَالْأَصَحُّ أَنَّ خِيَارَهُ لَا يَبْطُلُ، لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ فِي الْمُفَارَقَةِ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ، فَحُمِلَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الدَّفْعِ لَا يَحْنَثُ.

وَلَوْ اسْتَلْحَقَ بَالِغًا وَلَمْ يُكَذِّبْهُ وَسَكَتَ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ وَالشَّرْطُ التَّصْدِيقُ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ " ثُمَّ ذَكَرَ فِي فَصْلِ التَّسَامُحِ فِي الشَّهَادَةِ أَنَّ سُكُوتَ الْبَالِغِ فِي النَّسَبِ " كَالْإِقْرَارِ بِهِ.

قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَإِنَّمَا أَقَامُوا السُّكُوتَ فِي النَّسَبِ مَقَامَ النُّطْقِ، لِأَنَّ الْإِقْرَارَ عَلَى الْأَنْسَابِ الْفَاسِدَةِ لَا يَجُوزُ، وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ فِي ذَلِكَ أَنْ يَتَكَرَّرَ الْحَالُ.

وَلَوْ اُسْتُؤْذِنَتْ الْبِكْرُ فِي أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ فِي غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ فَسَكَتَتْ، لَمْ يَكُنْ إذْنًا، لِأَنَّهُ مَالٌ، فَلَا يَكْفِي سُكُوتُهَا " كَبَيْعِ " مَا لَهَا، قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَكِنَّ كَلَامَ الْبَغَوِيِّ فِي فَتَاوِيهِ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِهِ.

وَلَوْ عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ وَلَمْ تُزَفَّ إلَيْهِ، بَلْ بَقِيَتْ سَاكِتَةً، وَلَمْ تَعْرِضْ نَفْسَهَا فَلَا نَفَقَةَ " لَهَا "، إنْ قُلْنَا " إنَّهَا تَجِبُ " بِالتَّمْكِينِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْعَقْدِ وَجَبَتْ. تَنْبِيهٌ حَيْثُ قُلْنَا لَا يُنْسَبُ لَهُ قَوْلٌ فَلَا يُنْسَبُ لَهُ فِعْلٌ.

ص: 209