الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِأَنَّ التَّذْفِيفَ لَمْ يَتَمَحَّضْ لِلْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ، (وَإِذَا) اقْتَرَنَ قَطْعُ الْحُلْقُومِ بِقَطْعِ رَقَبَةِ الشَّاةِ مِنْ قَفَاهَا، بِأَنْ يُجْرِيَ سِكِّينًا مِنْ الْقَفَا وَسِكِّينًا مِنْ الْحُلْقُومِ حَتَّى الْتَقَيَا فَهِيَ مَيْتَةٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَقَدَّمَ قَطْعُ الْقَفَا وَبَقِيَتْ الْحَيَاةُ مُسْتَقِرَّةً إلَى وُصُولِ السِّكِّينِ الْمَذْبَحِ وَإِنَّمَا أَطَلْت فِي هَذَا الْفَصْلِ لِأَنَّهُ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ، وَقَلَّ مَنْ أَتْقَنَهُ.
[الْحَيَوَانُ يَتَعَلَّقُ بِهِ أُمُورٌ]
الْأَوَّلُ:
كُلُّهُ طَاهِرٌ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، إلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ وَالْمُتَوَلِّدَ مِنْهُمَا، وَفِي الْخِنْزِيرِ قَوْلٌ قَدِيمٌ، اُخْتِيرَ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ، وَيَلْتَحِقُ بِهِمَا الْجَلَّالَةُ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ، أَمَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فَمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ الذَّكَاةُ عِنْدَنَا، بَلْ هُوَ مَيْتَةٌ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ (رضي الله عنه) ، وَمَنَاطُ حِلِّ أَكْلِ الذَّبِيحَةِ هَلْ هُوَ جَوَازُ الذَّبْحِ أَوْ قَصْدُ الْأَكْلِ فِيهِ خِلَافٌ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ مِنْ الصَّائِلَةِ إذَا قُتِلَتْ بِالصِّيَالِ تَرَدَّدَ ابْنُ كَجٍّ فِي حِلِّ أَكْلِهَا وَقَالَ الْمَرْوَزِيُّ، إنْ لَمْ يُصِبْ الْمَذْبَحَ لَمْ تَحِلَّ، وَإِنْ أَصَابَ فَوَجْهَانِ.
وَمِنْهَا: تَذْكِيَةُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ وَالْمَجْنُونِ، وَالْأَصَحُّ الْحِلُّ، وَالدَّابَّةُ الْمَوْطُوءَةُ إذَا قُلْنَا تُقْتَلُ، فَذُبِحَتْ فَفِي حِلِّ أَكْلِهَا وَجْهَانِ وَوَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهَا بِوُجُوبِ قَتْلِهَا الْتَحَقَتْ بِالْمُؤْذِيَاتِ.
الثَّانِي: فِي قَتْلِهِ وَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: مَا فِيهِ نَفْعٌ بِلَا ضَرَرٍ (فَيَحْرُمُ) قَتْلُهُ.
ثَانِيهَا: مَا فِيهِ ضَرَرٌ بِلَا نَفْعٍ فَيُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ كَالْحَيَّاتِ وَالسِّبَاعِ الْمُؤْذِيَةِ وَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ وَمِنْهُ الْعَنَاكِبُ لِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ السَّمُومِ، كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْعَوَامّ (مَنْ) يَمْتَنِعُ مِنْ قَتْلِهَا لِأَنَّهُ عَشَّشَ فِي فَمِ الْغَارِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا يَلْزَمُهُ أَنْ لَا يَذْبَحَ الْحَمَامُ.
ثَالِثُهَا: مَا فِيهِ نَفْعٌ مِنْ وَجْهٍ، كَالصَّقْرِ وَالْبَازِيِّ وَالشَّاهِينِ وَالْعُقَابِ وَنَحْوِهَا، (وَكَالْفَهْدِ) ، وَسَائِرِ أَنْوَاعِ السِّبَاعِ الَّتِي تَصِيدُ، فَلَا يُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ، وَلَا يُكْرَهُ قَتْلُهُ لِلضَّرَرِ، وَذُكِرَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَحْرُمُ قَتْلُ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْأُمِّ.
رَابِعُهَا: مَا لَا نَفْعَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ كَالْخَنَافِسِ وَالدِّيدَانِ (وَالْجُعَلِ) وَالْفَرَاشِ وَغَيْرِهَا فَلَا يَحْرُمُ قَتْلُهَا لِعَدَمِ نَفْعِهَا، وَلَا يُسْتَحَبُّ لِعَدَمِ (ضَرَرِهَا) .
قَاعِدَةٌ: مَنْ مَلَكَ صَيْدًا حُرِّمَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ إلَّا فِي صُوَرٍ: أَنْ يُحْرِمَ، أَوْ يَكُونَ لِلطَّائِرِ فَرْخٌ يَمُوتُ (بِحَبْسِهِ) ، أَوْ لَمْ يَجِدْ مَا يُطْعِمُهُ أَوْ مَا يَذْبَحُهُ (بِهِ) فَيَجِبُ إرْسَالُهُ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ حُرِّمَ، قَالَ الْقَفَّالُ (يَحْسِبُونَهُ) قُرْبَةً وَهُوَ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ سَوَائِبَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَقِيلَ يُبَاحُ ذَلِكَ وَيَزُولُ الْمِلْكُ (كَالْعِتْقِ) (فِي الْعَبْدِ) وَعَلَى الْأَصَحِّ: لَا يَزُولُ مِلْكُهُ بِإِرْسَالِهِ، وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْمَالِكِ اصْطِيَادُهُ، إلَّا أَنْ يُبِيحَهُ الْمَالِكُ لِمَنْ أَخَذَهُ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ لَهُ اخْتِيَارًا. وَلِهَذَا لَوْ فَتَحَ قَفَصًا (عَنْ) طَائِرٍ فَوَقَفَ، ثُمَّ طَارَ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ طَارَ عَقِبَ الْفَتْحِ فَقَوْلَانِ نَظِيرُهُ مَا لَوْ نَفَرَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا فَعَثَرَ فَمَاتَ (عَقِبَ التَّنْفِيرِ ضَمِنَهُ) ، وَإِنْ (نَفَرَهُ) فَسَكَنَ، ثُمَّ عَثَرَ (فَمَاتَ لَا ضَمَانَ) ، وَمَا لَوْ أَكَلَ الْجَارِحُ مِنْ الصَّيْدِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ.
(قَالَ) الْإِمَامُ وَدِدْت لَوْ فَصَلَ بَيْنَ أَنْ يَقِفَ زَمَانًا، ثُمَّ يَأْكُلَ، وَبَيْنَ أَنْ يَأْكُلَ بِنَفْسِ الْأَخْذِ، لَكِنْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ، قَالَ النَّوَوِيُّ قَدْ تَعَرَّضَ لَهُ الْجُرْجَانِيُّ فِي مَسْأَلَةِ، لَوْ وَضَعَ السَّارِقُ الْمَتَاعَ فِي الْحِرْزِ عَلَى ظَهْرِ دَابَّةٍ (وَسَيَّرَهَا) حَتَّى خَرَجَتْ قُطِعَ، وَإِنْ مَشَتْ بِنَفْسِهَا حَتَّى خَرَجَتْ فَلَا قَطْعَ فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ إنْ سَارَتْ عَلَى الْفَوْرِ قُطِعَ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَقِيلَ بِالْعَكْسِ.
وَلَوْ عَلَّمَ قِرْدًا إخْرَاجَ الْمَتَاعِ (بِنَقْبٍ) وَأَرْسَلَهُ، حَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْطَعَ لِشُبْهَةِ اخْتِيَارِ الْحَيَوَانِ، (وَلَكِنْ) لَوْ أَمْسَكَ إنْسَانًا وَعَرَّضَهُ لِلسَّبُعِ وَجَبَ الْقِصَاصُ قَطْعًا لِأَنَّهُ آلَةٌ (لَهُ) فَكَانَ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ، وَمِثْلُهُ (الْحَيَوَانُ) الضَّارِي بِطَبْعِهِ.
وَلَوْ رَمَى مِنْ الْحِلِّ صَيْدًا فِي الْحِلِّ فَقَطَعَ السَّهْمُ فِي مُرُورِهِ (هَوَاءَ) الْحَرَمِ فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا يَضْمَنُهُ، كَمَا لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا (فِي) الْحِلِّ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ، فَتَخَطَّى طَرَفَ الْحَرَمِ، فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ (وَأَصَحُّهُمَا) يَضْمَنُ بِخِلَافِ الْكَلْبِ لِأَنَّ لِلْكَلْبِ اخْتِيَارًا بِخِلَافِ السَّهْمِ، (وَلِهَذَا) قَالَ الْأَصْحَابُ، لَوْ رَمَى صَيْدًا فِي الْحِلِّ فَلَمْ يُصِبْهُ وَأَصَابَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ وَجَبَ الضَّمَانُ، (وَمِثْلُهُ) ، لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا لَا يَجِبُ وَلَوْ سَرَقَ دَابَّةً لَا تُسَاوِي نِصَابًا فَتَبِعَهَا وَلَدُهَا، فَلَا قَطْعَ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ لِلْحَيَوَانِ اخْتِيَارًا