الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَحَدُهَا: مَا يَحْرُمَانِ (فِيهِ) ، كَالْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ، وَالرَّجْعِيَّةِ، وَالْمُسْتَبْرِئَة غَيْرِ الْمَسْبِيَّةِ.
ثَانِيهَا: مَا يَحْرُمُ دُونَ دَوَاعِيهِ، كَالْحَيْضِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْقُبْلَةِ، وَاللَّمْسِ، وَنَحْوِهِ (فِي)(الْمُسْتَبْرِئَةِ) الْمَسْبِيَّةِ.
ثَالِثُهَا: مَا يَمْنَعُ الْجِمَاعَ، وَفِي دَوَاعِيهِ قَوْلَانِ وَهُوَ الِاعْتِكَافُ.
رَابِعُهَا: مَا يَحْرُمُ وَلَا تَحْرُمُ دَوَاعِيهِ، إذَا لَمْ يُحَرِّكْ الشَّهْوَةَ وَهُوَ الصَّوْمُ، لَا يُكْرَهُ إذَا لَمْ يَخَفْ الْإِنْزَالَ، وَلَا يُفْسِدُهُ إذَا لَمْ يُنْزِلْ.
[الْجَمْعُ أَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ]
ٌ فَلَوْ قَالَ عَلَيَّ دَرَاهِمُ وَفَسَّرَهَا بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ لَا يُقْبَلُ عِنْدَنَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدَرَاهِمَ، لَا يُخْرِجُ عَنْ نَذْرِهِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَهَكَذَا فِي الْيَمِين، لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ مَا لِي دَرَاهِمُ، وَلَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ.
وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَيَّامٍ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ بِعْتُكَهُ بِدَرَاهِمَ، لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ، لِأَنَّ الثَّمَنَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعِ، فَيَكُونُ مَجْهُولًا، وَالْبَيْعُ لَا يَقْبَلُ (الْغُرُورَ) ، وَحَكَى الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَجْهًا أَنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ، وَيُحْمَلُ عَلَى ثَلَاثَةٍ.
[الْجَهْلُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]
ُ الْأَوَّلُ: فِي مَعْنَاهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي كَلَامِهِ عَلَى قَاعِدَةِ (مُدِّ عَجْوَةٍ) مَعْنَاهُ الْمَشْهُورُ الْجَزْمُ بِكَوْنِ الشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ (عَدَمُ) الْعِلْمِ.
قُلْت: وَالْأَوَّلُ يُسَمَّى الْمُرَكَّبُ وَالثَّانِي الْبَسِيطُ، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَيْدٍ وَهُوَ عَدَمُ الْعِلْمِ (عَمَّا) شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا، لَا عَدَمُ الْعِلْمِ مُطْلَقًا، وَإِلَّا لَوُصِفَتْ الْجَمَادَاتُ بِكَوْنِهَا جَاهِلَةً.
(الثَّانِي) : الْجَهْلُ بِالصِّفَةِ هَلْ هُوَ جَهْلٌ بِالْمَوْصُوفِ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ؟ الْمُرَجَّحُ الثَّانِي، (لِأَنَّهُ) جَاهِلٌ بِالذَّاتِ مِنْ حَيْثُ صِفَاتِهَا، لَا مُطْلَقًا. وَمِنْ ثَمَّ لَا نُكَفِّرُ (أَحَدًا) مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ (الْإِمَامِ) الشَّافِعِيِّ (رضي الله عنه) فِيمَا، إذَا نَكَحَ وَشَرَطَ فِيهَا الْإِسْلَامَ، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا النَّسَبَ أَوْ الْحُرِّيَّةَ، فَاخْتُلِفَ هَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ؟ وَالْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ، وَهُوَ الْجَدِيدُ مَأْخَذُهُ، أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مُعَيَّنٌ، لَا يَتَبَدَّلُ بِالْخُلْفِ فِي الصِّفَةِ وَالْقَوْلُ بِالْفَسَادِ مَأْخَذُهُ أَنَّ اخْتِلَافَ الصِّفَةِ، كَاخْتِلَافِ (الْعَيْنِ) .
وَاعْلَمْ أَنَّ ابْنَ الرِّفْعَةِ، أَخَذَ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ خِلَافًا فِي تَكْفِيرِ مُنْكِرِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، (وَقَضِيَّتُهُ) تَرْجِيحُ عَدَمِ التَّكْفِيرِ، قَالَ، لَكِنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْبَيْعِ، إذَا قَالَ بِعْتُك هَذَا الْفَرَسَ، (وَكَانَ) بَغْلًا، لَا يَصِحُّ فِي الْأَصَحِّ.
الثَّالِثُ: الْجَهْلُ بِمَعْنَى اللَّفْظِ مُسْقِطٌ لِحُكْمِهِ.
فَإِذَا نَطَقَ الْأَعْجَمِيُّ بِكَلِمَةِ (كُفْرٍ) ، أَوْ إيمَانٍ، أَوْ طَلَاقٍ، أَوْ إعْتَاقٍ، أَوْ بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ، أَوْ نَحْوِهِ، وَلَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ، لَا يُؤَاخَذُ بِشَيْءٍ مِنْهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ مُقْتَضَاهُ، (وَكَذَلِكَ) ، إذَا نَطَقَ الْعَرَبِيُّ بِمَا يَدُلُّ عَلَى هَذِهِ (الْعِبَارَةِ)
بِلَفْظٍ أَعْجَمِيٍّ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ: نَعَمْ، لَوْ قَالَ الْأَعْجَمِيُّ، أَرَدْت بِهِ مَا يُرَادُ عِنْدَ أَهْلِهِ: فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ، إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَى اللَّفْظِ، لَمْ يَصِحَّ قَصْدُهُ.
وَمِثْلُهُ، لَوْ قَالَ طَلْقَةً فِي طَلْقَتَيْنِ، وَجَهِلَ الْحِسَابَ، وَلَكِنْ قَصَدَ مَعْنَاهُ وَقَعَتْ طَلْقَةً وَقِيلَ طَلْقَتَانِ.
وَلَوْ نَطَقَ الْعَرَبِيُّ بِكَلِمَاتٍ عَرَبِيَّةٍ، لَكِنَّهُ لَا يَعْرِفُ مَعَانِيَهَا فِي الشَّرْعِ، مِثْلَ قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ، أَوْ لِلْبِدْعَةِ، وَهُوَ جَاهِلٌ بِمَعْنَى اللَّفْظِ أَوْ نَطَقَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ، أَوْ النِّكَاحِ، فَفِي الْقَوَاعِدِ لِلشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِشَيْءٍ إذْ لَا شُعُورَ لَهُ بِمَدْلُولِهِ حَتَّى يَقْصِدَهُ إلَى اللَّفْظِ، قَالَ وَكَثِيرًا مَا يُخَالِعُ الْجُهَّالُ بَيْنَ (الْأَغْبِيَاءِ) الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ مَدْلُولَ لَفْظِ الْخُلْعِ، وَيَحْكُمُونَ بِصِحَّتِهِ لِلْجَهْلِ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ، (وَقَدْ) قَالُوا فِيمَا لَوْ قَالَ زَنَأْت (بِالْهَمْزِ) فِي الْجَبَلِ أَنَّهُ كِنَايَةٌ، لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الصُّعُودِ سَوَاءٌ كَانَ قَائِلُهُ عَامِّيًّا أَوْ غَيْرَهُ وَعَنْ (ابْنِ سَلَمَةَ) أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْعَامِّيِّ الَّذِي لَا يَعْرِفُ اللُّغَةَ دُونَ غَيْرِهِ، فَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ، إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.
وَمِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ، لَوْ قَالَ أَلَيْسَ لِي (عَلَيْك) أَلْفٌ؟ فَقَالَ بَلَى أَوْ نَعَمْ فَإِقْرَارٌ، وَقِيلَ، لَا يَلْزَمُهُ فِي نَعَمْ، وَهُوَ قِيَاسُ النَّحْوِ، وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ الْعَامِّيِّ
وَالنَّحْوِيِّ) نَعَمْ فَصَلُوا بَيْنَهُمَا، فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْ لَمْ تَدْخُلْ الدَّارَ بِفَتْحِ أَنْ، فَإِنَّهُ يَقَعُ فِي الْحَالِ إنْ كَانَ قَائِلُهُ نَحْوِيًّا، بِخِلَافِ الْعَامِّيِّ، فَإِنَّهُ لَا يَقْصِدُ إلَّا التَّعْلِيقَ.
(الرَّابِعُ) : الْجَهْلُ بِالتَّحْرِيمِ مُسْقِطٌ لِلْإِثْمِ وَالْحُكْمُ فِي الظَّاهِرِ لِمَنْ (يَخْفَى) عَلَيْهِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَ (الْمُرَتَّبَ عَلَيْهِ لَمْ يُعْذَرْ. وَلِهَذَا، لَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ عُذِرَ، وَلَوْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَجَهِلَ) الْإِبْطَالَ بَطَلَتْ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ جِنْسَ الْكَلَامِ يَحْرُمُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ التَّنَحْنُحَ وَالْمِقْدَارَ الَّذِي نَطَقَ بِهِ (مُحَرَّمٌ) فَمَعْذُورٌ فِي الْأَصَحِّ.
وَمِنْهَا، لَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ عُذِرَ، وَلَمْ يُحَدَّ، فَلَوْ قَالَ عَلِمْت التَّحْرِيمَ وَجَهِلْت الْحَدَّ حُدَّ وَإِنْ قَالَ عَلِمْت الْحَدَّ، وَلَكِنْ ظَنَنْت أَنَّ (ذَلِكَ) الْقَدْرَ لَا يُسْكِرُ حُدَّ وَلَزِمَهُ قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَةِ فِي السُّكْرِ.
وَمِنْهَا لَوْ تَطَيَّبَ الْمُحْرِمُ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ فَلَا فِدْيَةَ، خِلَافًا لِلْمُزَنِيِّ، وَلَوْ عَلِمَ تَحْرِيمَ الِاسْتِعْمَالِ، وَجَهِلَ وُجُوبَ الْفِدْيَةِ وَجَبَتْ، وَلَوْ عَلِمَ تَحْرِيمَ الطِّيبِ وَجَهِلَ كَوْنَ الْمَمْسُوسِ طِيبًا، فَلَا فِدْيَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَوْ مَسَّ طِيبًا رَطْبًا وَهُوَ يَظُنُّهُ يَابِسًا لَا يَعْلَقُ (بِهِ مِنْهُ) شَيْءٌ، فَفِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ قَوْلَانِ، وَذَكَرَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ أَنَّ الْجَدِيدَ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَمِنْهَا الرَّدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْفَوْرِ، فَلَوْ أَخَّرَ وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ لِي الرَّدَّ، قُبِلَ إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ، وَلَوْ قَالَ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ قُبِلَ، لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى عَلَى الْعَوَامّ، قَالَ النَّوَوِيُّ (وَهَذَا)
بِشَرْطِ) أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُهُ، وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي الشُّفْعَةِ. وَمِنْهَا لَوْ (عَتَقَتْ) الْأَمَةُ تَحْتَ الْعَبْدِ وَقَالَتْ جَهِلْت الْخِيَارَ عُذِرَتْ فِي الْأَظْهَرِ.
وَمِنْهَا، لَوْ قَالَ عَلِمْت تَحْرِيمَ الْجِمَاعِ وَجَهِلْت وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ وَجَبَتْ بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ رَاجِحٌ.
وَمِنْهَا لَوْ أَكَلَ الصَّائِمُ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ، وَكَانَ يَجْهَلُ مِثْلَ ذَلِكَ لَمْ يُفْطِرْ، وَإِلَّا أَفْطَرَ، وَقَدْ اسْتَشْكَلَ (تَصْوِيرُ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، لِأَنَّ حَقِيقَةَ الصَّوْمِ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ، فَمَتَى لَمْ يَعْرِفْ الصَّائِمُ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ، وَحِينَئِذٍ فَكَيْفَ يَتَعَمَّدُ الْفِطْرَ مَعَ الْجَهْلِ بِتَحْرِيمِ الْإِفْطَارِ. وَيُمْكِنُ (تَصْوِيرُهَا) بِمَا إذَا أَكَلَ نَاسِيًا وَقُلْنَا لَا يُفْطِرُ فَظَنَّ أَنَّهُ أَفْطَرَ بِهَذَا الظَّنِّ مُتَعَمِّدًا جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ.
وَمِنْهَا لَوْ سَبَقَ الْإِمَامُ بِرُكْنَيْنِ عَمْدًا مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، (فَإِنْ) كَانَ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ، لَكِنْ لَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ، فَيَتَدَارَكُهَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ. تَنْبِيهَانِ
(الْأَوَّلُ) : هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِحُقُوقِ اللَّهِ (تَعَالَى) ، بَلْ يَجْرِي فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، فَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ، لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ رَجُلًا وَادَّعَى الْجَهْلَ بِتَحْرِيمِ الْقَتْلِ وَكَانَ مِثْلُهُ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إسْقَاطِ الْقِصَاصِ وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ قَوِيٌّ.
(الثَّانِي) : إعْذَارُ الْجَاهِلِ مِنْ بَابِ التَّخْفِيفِ، لَا مِنْ حَيْثُ جَهْلُهُ.
وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ (رضي الله عنه) : لَوْ عُذِرَ الْجَاهِلُ، لِأَجْلِ جَهْلِهِ لَكَانَ الْجَهْلُ (خَيْرًا) مِنْ الْعِلْمِ (إذْ) كَانَ يَحُطُّ عَنْ الْعَبْدِ أَعْبَاءَ التَّكْلِيفِ (وَيُرِيحُ) قَلْبَهُ (مِنْ) ضُرُوبِ التَّعْنِيفِ، فَلَا (حُجَّةَ) لِلْعَبْدِ فِي جَهْلِهِ (بِالْحُكْمِ) بَعْدَ التَّبْلِيغِ وَالتَّمْكِينِ، (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) .
(الْخَامِسُ) : الْجَهْلُ بِالشَّرْطِ مُبْطِلٌ وَإِنْ صَادَفَهُ.
فَمَنْ صَلَّى جَاهِلًا بِكَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ، وَإِنْ أَصَابَ كَمَا أَنَّ (مَنْ) فَسَّرَ كِتَابَ اللَّهِ (تَعَالَى) بِغَيْرِ عِلْمٍ أَثِمَ، وَإِنْ أَصَابَ (وَكَمَا أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا حَكَمَ وَهُوَ جَاهِلٌ بِحُكْمِ اللَّهِ يَدْخُلُ النَّارَ، وَإِنْ أَصَابَ) ، وَكَذَا قَالَ فِي الْمَطْلَبِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ مَنْ اعْتَقَدَ التَّوْحِيدَ عَمَّا ظَنَّهُ دَلِيلًا وَلَيْسَ بِدَلِيلٍ فِي الْحَقِيقَةِ فَهُوَ غَيْرٌ عَارِفٍ بِالتَّوْحِيدِ (كَمَنْ) اعْتَقَدَهُ (لَا عَنْ دَلِيلٍ) أَصْلًا. وَلِهَذَا امْتَنَعَ عَلَى الشَّاهِدِ إذَا كَانَ فَاسِقًا مِنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ حَمَلَ الْحَاكِمَ عَلَى الْبَاطِلِ، وَلَا يُقَالُ إنَّ الْحَاكِمَ قَضَى بِالْحَقِّ فَكَيْفَ يَكُونُ بَاطِلًا، لِأَنَّا نَقُولُ السَّبَبُ الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْقَضَاءُ إذَا كَانَ بَاطِلًا (شَرْعًا) كَانَ
الْقَضَاءُ) بَاطِلًا وَإِنْ صَادَفَ الْحَقَّ. انْتَهَى.
وَكَمَا أَنَّ «مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ يَضْمَنُ وَإِنْ أَصَابَ» (رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ) ، وَعَلَى هَذَا لَوْ وَصَفَ وَهُوَ طَبِيبٌ دَوَاءً لِأَبِيهِ فَاسْتَعْمَلَهُ فَمَاتَ لَمْ يَرِثْهُ، إنْ كَانَ جَاهِلًا بِالطِّبِّ، لِأَنَّهُ يُعَدُّ قَاتِلًا، وَإِنْ كَانَ عَارِفًا، فَلَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَغُشَّهُ، (قَالَ) الرَّافِعِيُّ، لَوْ سَقَى مُوَرِّثَهُ الصَّبِيُّ دَوَاءً (أَوْ بَطَّ) ، جُرْحَهُ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَالَجَةِ وَمَاتَ لَمْ يَرِثْهُ، (وَفِيهِ) وَجْهٌ حَكَاهُ (ابْنُ اللَّبَّانِ) عَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ، وَالتَّقْيِيدُ بِالصَّبِيِّ يُخْرِجُ الْبَالِغَ.
السَّادِسُ) : الْجَهْلُ وَالنِّسْيَانُ يُعْذَرُ بِهِمَا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الْمَنْهِيَّاتِ دُونَ الْمَأْمُورَاتِ وَالْأَصْلُ فِيهِ (حَدِيثُ)«مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ، لَمَّا تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِالْإِعَادَةِ لِجَهْلِهِ بِالنَّهْيِ» وَحَدِيثُ «يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ حَيْثُ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِنَزْعِ الْجُبَّةِ عَنْ الْمُحْرِمِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْفِدْيَةِ لِجَهْلِهِ» ، (وَاحْتَجَّ)(بِهِ)(الْإِمَامُ) الشَّافِعِيُّ (رضي الله عنه) عَلَى أَنَّ مَنْ وَطِئَ فِي الْإِحْرَامِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمَأْمُورَاتِ إقَامَةُ مَصَالِحِهَا وَذَلِكَ
لَا يَحْصُلُ، إلَّا بِفِعْلِهَا، وَالْمَنْهِيَّاتِ مَزْجُورٌ عَنْهَا (بِسَبَبِ) مَفَاسِدِهَا امْتِحَانًا لِلْمُكَلَّفِ بِالِانْكِفَافِ عَنْهَا، وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِالتَّعَمُّدِ لِارْتِكَابِهَا وَمَعَ النِّسْيَانِ وَالْجَهَالَةِ لَمْ يَقْصِدْ الْمُكَلَّفُ ارْتِكَابَ (الْمَنْهِيِّ) فَعُذِرَ بِالْجَهْلِ فِيهِ.
(وَمِنْ فُرُوعِهَا) وَلَوْ جَاوَزَ الْمُرِيدُ لِلْإِحْرَامِ الْمِيقَاتَ نَاسِيًا لَزِمَهُ الدَّمُ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَطَيَّبَ نَاسِيًا، لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ مَأْمُورٌ بِهِ، وَالطِّيبُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، لَكِنْ يَشْكُلُ عَلَى هَذَا قَصُّ (الْأَظَافِرِ) ، فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَلَوْ فَعَلَهُ نَاسِيًا، لَزِمَهُ الدَّمُ، وَلَوْ نَسِيَ التَّرْتِيبَ فِي الْوُضُوءِ لَا يَجْزِيه عَلَى الْجَدِيدِ (وَكَذَا) ، لَوْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ نَاسِيًا، قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُمَا جَارِيَانِ فِيمَا لَوْ نَسِيَ الْمَاءَ فِي رَحْلِهِ (وَصَلَّى) بِالتَّيَمُّمِ، وَكَذَا لَوْ صَلَّى أَوْ صَامَ أَوْ تَوَضَّأَ بِالِاجْتِهَادِ، فَصَادَفَ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ بِالْإِنَاءِ النَّجَسَ، أَوْ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِي الْقِبْلَةِ أَوْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ نَاسِيًا (أَوْ رَأَوْا سَوَادًا) ظَنُّوهُ عَدُوًّا، فَصَلَّوْا صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ أَوْ دَفَعَ الزَّكَاةَ لِمَنْ ظَنَّهُ فَقِيرًا فَبَانَ غَنِيًّا أَوْ مَرِضَ وَقَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ إنَّهُ مَعْضُوبٌ، فَأَحَجَّ عَنْ نَفْسِهِ فَبَرِئَ أَوْ غَلِطُوا فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَوَقَفُوا (فِي) الثَّامِنِ أَوْ بَاعَهُ حَيَوَانًا، عَلَى أَنَّهُ بَغْلٌ فَبَانَ حِمَارًا، أَوْ بِالْعَكْسِ، فَإِنَّ الْخِلَافَ ثَابِتٌ فِي الْجَمِيعِ (قَالَ) ، لَكِنْ صَحَّحُوا الصِّحَّةَ فِي صُوَرٍ أُخْرَى، كَمَا لَوْ نَوَى الصَّلَاةَ خَلْفَ زَيْدٍ (هَذَا) ، فَبَانَ (عَمْرًا) أَوْ
عَلَى هَذَا الْمَيِّتِ زَيْدٍ (فَبَانَ)(عَمْرًا) أَوْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ، فَبَانَ مَيِّتًا أَوْ شُرِطَ فِي أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَصْفًا فَبَانَ خِلَافُهُ سَوَاءٌ كَانَ أَعْلَى مِنْ الْمَشْرُوطِ أَوْ دُونَهُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِ فَأَذِنَ وَلَمْ تَسْمَعْ فَخَرَجَتْ فَالْأَصَحُّ لَا حِنْثَ، لِأَنَّ الْإِذْنَ قَدْ حَصَلَ.
(أَمَّا فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ فَقَدْ لَا يُعْذَرُ، كَمَا لَوْ ضَرَبَ مَرِيضًا جَهِلَ مَرَضَهُ ضَرْبًا يَقْتُلُ الْمَرِيضَ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْأَصَحِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَبَسَ مَنْ بِهِ جُوعٌ وَعَطَشٌ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهِ مُدَّةً لَا يَمُوتُ فِيهَا الشَّبْعَانُ عِنْدَ الْحَبْسِ لَا قِصَاصَ، وَكَأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ أَمَارَاتِ الْمَرَضِ، لَا تَخْفَى، بِخِلَافِ الْجُوعِ. وَلَوْ شَهِدَا بِقَتْلٍ ثُمَّ رَجَعَا، وَقَالَا تَعَمَّدْنَا، وَلَكِنْ مَا عَرَفْنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ بِشَهَادَتِنَا فَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ، فِي الْأَصَحِّ إذْ لَمْ يَظْهَرْ تَعَمُّدُهُمْ لِلْقَتْلِ. وَلَوْ سَرَقَ ثَوْبًا رَثًّا لَا يُسَاوِي رُبُعَ دِينَارٍ، وَكَانَ فِي جَيْبِهِ تَمَامُ الرُّبُعِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ) .
(وَمِنْهَا فِي حِنْثِ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي قَوْلَانِ: أَرْجَحُهُمَا الْمَنْعُ) .
وَمِنْ صُوَرِ الْجَهْلِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ لَمْ يَكُنْ أَوْ كَانَ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ كَذَلِكَ، فَبَانَ أَنَّهُ (عَلَى) خِلَافِ مَا ظَنَّهُ، وَبِهَاتَيْنِ صَوَّرَهَا ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ صُورَتُهُ أَنَّهُ يُعَلِّقُ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ، فَيَفْعَلُهُ نَاسِيًا لِلْيَمِينِ، أَوْ جَاهِلًا بِأَنَّهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
وَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ (لَوْ) جَلَسَ مَعَ جَمَاعَةٍ فَقَامَ وَلَبِسَ خُفَّ غَيْرِهِ، فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ اسْتَبْدَلْت بِخُفِّك وَلَبِسْت خُفَّ غَيْرِك، فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَإِنْ خَرَجَ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا مَا لَبِسَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ بَقِيَ غَيْرُهُ (فَقَالَ) الرَّافِعِيُّ طَلُقَتْ قَالَ النَّوَوِيُّ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ خَرَجَ بَعْدَ خُرُوجِهِمْ وَقَصَدَ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ بَدَلَهُ حَنِثَ إنْ كَانَ (عَالِمًا) وَإِلَّا فَقَوْلَا النَّاسِي.
تَنْبِيهَاتٌ
(الْأَوَّلُ) : لَا فَرْقَ فِي الْجَاهِلِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْيَمِينُ عَلَى الْمَاضِي أَوْ الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَقَالَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ إذَا حَلَفَ أَنَّ (هَذَا) ذَهَبُهُ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ فُلَانٍ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ (أَنَّهُ لَيْسَ ذَهَبُهُ) حَنِثَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى نَفْيٍ (لِأَنَّهُ يُمْكِنُ) الْإِحَاطَةُ بِهِ.
(الثَّانِي) : إذَا قُلْنَا لَا يَحْنَثُ النَّاسِي صَدَقَ فِي دَعْوَاهُ النِّسْيَانَ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى قَوْلَيْ تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ.
وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ فِيمَا لَوْ قَالَ (لَهَا) إنْ ضَرَبْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَضَرَبَ امْرَأَةً غَيْرَهَا أَوْ نَفْسَهُ فَأَصَابَهَا فَهُوَ ضَارِبٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَكُونُ (قَاتِلًا تَجِبُ) بِهِ الدِّيَةُ، وَهَلْ يَحْنَثُ؟ فَعَلَى قَوْلَيْ الْمُكْرَهِ: فَإِنْ قُلْنَا لَا يَحْنَثُ الْمُكْرَهُ فَادَّعَى أَنِّي قَصَدْت ضَرْبَ غَيْرِهَا أَوْ ضَرْبَ نَفْسِي فَأَصَابَهَا لَمْ يُقْبَلْ لِأَنَّ الضَّرْبَ (تَعَيَّنَ) ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْبَلَ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ انْتَهَى.
وَالْأَشْبَهُ التَّفْصِيلُ (بَيْنَ مَا) يَتَعَلَّقُ بِهِ (حَقُّ) الْغَيْرِ أَوْ لَا وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ لَوْ حَلَفَ وَقَالَ لَمْ أَقْصِدْ الْيَمِينَ بِهِ صُدِّقَ إلَّا فِي طَلَاقٍ أَوْ (عَتَاقٍ) وَإِيلَاءٍ فَلَا يُصَدَّقُ ظَاهِرًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ.
(الثَّالِثُ) : قَدْ يَحْنَثُ النَّاسُ كَمَا لَوْ (حَلَفَ) لَا يَفْعَلُ كَذَا عَالِمًا وَلَا نَاسِيًا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا انْحَلَّتْ يَمِينُهُ جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَعَلَّلَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ مَقْصُودَ الْيَمِينِ وُجُودُ الدَّاعِي إلَى (فِعْلِهِ) فَإِذَا وُجِدَ الْفِعْلُ حَصَلَ الْمَقْصُودُ (الْأَصْلِيُّ) .