الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْهَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ حَالُ (النَّهْرِ) هَلْ هُوَ مُبَاحٌ أَوْ مَمْلُوكٌ، هَلْ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْإِبَاحَةِ أَوْ الْمِلْكِ حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ (مَبْنِيِّينَ) عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ الْحَظْرُ أَوْ الْإِبَاحَةُ.
[الْحَلِفُ يَتَعَلَّقُ بِهِ مَبَاحِثُ]
الْأَوَّلُ: هُوَ (مَا تَعَلَّقَ) بِهِ حِنْثٌ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ (تَعَالَى)، قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي: قِيَاسُ مَذْهَبِنَا (أَنَّهُ) لَا يَقَعُ، لِأَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ وُجُودَ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَامْتَنَعَ الْحِنْثُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَلِفَ لَيْسَ بِيَمِينٍ، وَالْيَمِينُ (حَيْثُ)(أُطْلِقَتْ) ، إنَّمَا يُرَادُ بِهَا الْمُوجِبَةُ لِلْكَفَّارَةِ، وَالْحَلِفُ قَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ وَقَدْ لَا (يَكُونُ، كَمَا) فِي التَّعْلِيقِ عَلَى الْحَثِّ أَوْ الْمَنْعِ أَوْ التَّحْقِيقِ.
وَقَدْ غَايَرَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ (فِيمَا) ، إذَا حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَمَا دُونَهَا، لَا يَكُونُ
مُولِيًا، وَاَلَّذِي جَرَى مِنْهُ يَمِينٌ أَوْ تَعْلِيقٌ فَافْهَمْ أَنَّ التَّعْلِيقَ لَيْسَ بِيَمِينٍ.
الثَّانِي:
الْحِنْثُ فِي الْحَلِفِ الْوَاحِدِ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَا يُوجِبُ إلَّا كَفَّارَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ، (وَمَتَى) وُجِدَ الْحِنْثُ مَرَّةً انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَلَا تُعَادُ مَرَّةً ثَانِيَةً.
وَإِنْ شِئْتَ فَقُلْ الْحَلِفُ الْوَاحِدُ عَلَى الْمُتَعَدِّدِ يُوجِبُ تَعَلُّقَ الْحِنْثِ بِأَيِّ وَاحِدٍ وَقَعَ، وَلَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ، لِأَنَّ الْيَمِينَ (الْوَاحِدَةَ) ، لَا يَتَبَعَّضُ فِيهَا الْحِنْثُ، بَلْ مَتَى حَصَلَ (حِنْثٌ) حَصَلَ الِانْحِلَالُ، وَإِذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ، فَدَخَلَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حِنْثَ وَسَقَطَتْ الْيَمِينُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ خِلَافًا (لِصَاحِبِ الْإِفْصَاحِ) ، كَمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ، وَفِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْإِيلَاءِ أَنَّهُ، إذَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ تَخْصِيصَ كُلِّ وَاحِدَةٍ (بِالْإِيلَاءِ) عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِصَوَاحِبِهَا أَنَّهُ إذَا وَطِئَ وَاحِدَةً لَا يَرْتَفِعُ الْيَمِينُ، وَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ (رحمهم الله) فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ أَنَّ تَقْدِيرَ (الْمُقْسَمِ) بِهِ، لَا يَقْتَضِي يَمِينًا، وَلَوْ نَوَاهُ الْحَالِفُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ حَلَفْت
لَأَفْعَلَنَّ كَذَا (أَوْ أَقْسَمْت) لَأَفْعَلَنَّ (لَيْسَ) بِيَمِينٍ، وَإِنْ نَوَاهُ، وَغَايَةُ التَّقْدِيرِ الَّذِي قَدَّرَهُ الْإِمَامُ وَالرَّافِعِيُّ أَنْ يَكُونَ (كَهَذَا)(وَلَا) أَثَرَ لَهُ فِي إلْزَامِ الْكَفَّارَةِ، (أَمَّا مَنْ) قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَلَا (عَمْرًا)، فَفِيهَا احْتِمَالَانِ - أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، إلَّا بِالْمَجْمُوعِ وَهُوَ مَا فِي الْوَسِيطِ، وَكَأَنَّ " لَا " عِنْدَهُ زَائِدَةً لِتَوْكِيدِ النَّفْي.
وَالثَّانِي: وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ (أَنَّهُ يَحْنَثُ) بِأَيِّ وَاحِدٍ كَلَّمَهُ، وَفِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ (بِكَلَامِ) كُلٍّ مِنْهُمَا الْخِلَافُ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ بِالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ مِنْ صُوَرِ الْإِيلَاءِ - فَإِنْ نَوَى (تَعَدُّدَ) الطَّلَاقِ كَانَ مُتَعَدِّدًا، وَإِنْ أَطْلَقَ، (فَالْأَقْرَبُ) أَنَّهُ لَا يَتَعَدَّدُ، وَلَا يَلْزَمُهُ، إلَّا طَلَاقٌ (وَاحِدٌ) .
أَمَّا الْحَلِفُ الْمُتَعَدِّدُ، فَالْأَصْلُ فِيهِ تَعَدُّدُ مُوجِبِهِ.
وَلِهَذَا، لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَكَرَّرَهُ، وَأَطْلَقَ حَنِثَ بِتَعَدُّدِهِ فِي الْأَصَحِّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَرَّرَ لَفْظَ (الظِّهَارِ) ، وَأَطْلَقَ فَالْأَصَحُّ، خِلَافًا (لِلْحَاوِي الصَّغِيرِ) أَنَّهُ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الطَّلَاقِ مُوجِبَ اللَّفْظِ الثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ الظِّهَارِ، لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّحْرِيمِ، وَلَا نَظَرَ إلَى تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ، لِأَنَّ تَعَدُّدَهَا مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ لَا مِنْ حَيْثُ مُجَرَّدِ اللَّفْظِ، وَلَوْ قَالَ كُلُّ مَا أَمْلِكُهُ حَرَامٌ عَلَيَّ، وَلَهُ زَوْجَاتٌ وَإِمَاءٌ، (وَنَوَى) التَّحْرِيمَ
فِيهِنَّ) أَوْ طَلَّقَ، وَجَعَلْنَاهُ صَرِيحًا كَفَاهُ لِلْجَمِيعِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الْأَصَحِّ.
وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ أَنْتُنَّ حَرَامٌ عَلَيَّ، وَلَوْ قَالَ (أَنْتُنَّ)(عَلَيَّ حَرَامٌ) وَنَوَى التَّحْرِيمَ (أَوْ أَطْلَقَ) ، فَإِنْ (قَالَهَا) فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ كَفَتْهُ (كَفَّارَةٌ) وَاحِدَةٌ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ، وَأَرَادَ التَّكْرَارَ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ الِاسْتِئْنَافَ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ (وَاحِدَةٍ) كَفَّارَةٌ، وَقِيلَ يَكْفِي كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَقَوْلَانِ حَكَاهُمَا الرَّافِعِيُّ فِي فَصْلِ الْكِنَايَةِ، بِلَا تَرْجِيحٍ، وَالْأَرْجَحُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، كَمَا فِي الْأَيْمَانِ، وَهُوَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَتَهَا.
وَلَوْ كَرَّرَ " أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا "(بِلَا نِيَّةٍ لَهُ وَقَعَ الثَّلَاثُ. نَعَمْ لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ أَعَادَ ثَلَاثًا) بِلَا نِيَّةٍ لَهُ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقَعُ بِالدُّخُولِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ.
وَمِثْلُهُ: وَاَللَّهِ لَا دَخَلْت الدَّارَ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ، وَفَعَلَهُ، لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنْ أَطْلَقَ أَوْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ مِنْ زَوَائِدِهِ، وَالِاتِّحَادُ عِنْدَ الِاسْتِئْنَافِ مُشْكِلٌ.
(الثَّالِثُ) : الْحَلِفُ يَكُونُ عَلَى الْبَتِّ فِي فِعْلِ نَفْسِهِ إثْبَاتًا وَنَفْيًا، وَأَمَّا عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ، فَإِنْ كَانَ إثْبَاتًا، حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ، وَإِنْ كَانَ نَفْيًا فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، إلَّا فِي صُورَتَيْنِ:
(إحْدَاهُمَا) - جَنَتْ بَهِيمَتُك، (فَتَحْلِفُ) عَلَى الْبَتِّ قَطْعًا.
الثَّانِيَةُ - جَنَى عَبْدُك، فَتَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّ فِعْلَ بَهِيمَتِهِ، وَفِعْلَ عَبْدِهِ كَفِعْلِهِ، وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا اسْتِثْنَاءَ. نَعَمْ قَدْ يَشْكُلُ عَلَى الْقَاعِدَةِ صُوَرٌ: مِنْهَا مَسْأَلَةُ الْغُرَابِ، إذَا قَالَ (لِإِحْدَاهُمَا) ، إنْ كَانَ غُرَابًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ - حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ (أَنَّهُ) ، لَمْ يَكُنْ غُرَابًا وَلَا يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الدُّخُولِ، لَوْ عَلَّقَ عَلَى دُخُولِهَا، أَوْ دُخُولِ غَيْرِهَا، (فَتَنَازَعَا) اكْتَفَى مِنْهُ بِيَمِينٍ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالدُّخُولِ، قَالَ فِي الْبَسِيطِ، كَذَا قَالَهُ إمَامِي وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ أَصْلًا. بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ (وَعَلَيْهِ) يَمِينٌ جَازِمَةٌ (أَوْ نُكُولٌ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا.
قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: وَمِنْ الْعَجَبِ (يُوَجَّهُ) بِالْعَجْزِ عَنْ الْفَرْقِ، وَعِنْدِي أَنَّهُ ظَاهِرٌ جِدًّا، لِأَنَّ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ عَلَى دُخُولِ زَيْدٍ الدَّارَ تَعْلِيقٌ عَلَى فِعْلٍ (يَتَجَدَّدُ) مِنْ زَيْدٍ قَطْعًا، (يَحْلِفُ) نَافِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ.
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْغُرَابِ فَلَيْسَتْ تَعْلِيقًا عَلَى فِعْل الْغَيْرِ مُطْلَقًا، بَلْ (تَعْلِيقًا)