الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّهَادَةِ، لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، فَلَوْ رَجَعَ مِنْهُمْ خَمْسَةٌ ضَمِنُوا " لِنُقْصَانِ " مَا بَقِيَ مِنْ الْعَدَدِ الْمَشْرُوطِ، لَكِنْ خَالَفُوا هَذَا فِيمَا لَوْ مَلَكَ تِسْعَةً مِنْ الْإِبِلِ وَحَالَ " عَلَيْهَا " الْحَوْلُ، ثُمَّ تَلِفَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ أَرْبَعٌ، فَإِنْ قُلْنَا الْوَقْصُ عَفْوٌ كَمَا الْأَصَحُّ فَعَلَيْهِ شَاةٌ، وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ سَقَطَ عَلَى الْجَمِيعِ فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ، لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الزِّيَادَةَ لَمَّا " لَمْ " تَكُنْ شَرْطًا فِي وُجُودِ الشَّاةِ لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ بِتَلَفِهَا.
وَالْأَصَحُّ " أَنَّهُ " عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَتْسَاعِ شَاةٍ لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِجَمِيعِ التِّسْعِ، فَحِصَّةُ كُلِّ بَعِيرٍ " مِنْهَا " تُسْعٌ، فَيَسْقُطُ بِتَلَفِ الْأَرْبَعِ أَرْبَعَةُ أَتْسَاعٍ وَيَبْقَى الْبَاقِي.
[الزَّرْعُ النَّابِتُ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ]
ِ أَقْسَامٌ
" الْأَوَّلُ ": أَنْ يُزْرَعَ تَعَدِّيًا فَيُقْلَعَ مَجَّانًا، وَلَيْسَ لِعَرَقِ ظَالِمٍ حَقٌّ، وَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ، فَلَيْسَ لَهُ مِنْ الزَّرْعِ شَيْءٌ وَلَهُ نَفَقَتُهُ»
نَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ " الْبُخَارِيِّ " أَنَّهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
قَالَ: وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ "، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ بِهِ أَحْمَدُ مَا دَامَ الزَّرْعُ فِي الْأَرْضِ، فَإِنْ " كَانَ " حُصِدَ فَإِنَّمَا لَهُمْ الْأُجْرَةُ.
وَقَالَ الْجُمْهُورُ: الْخَبَرُ إمَّا مَنْسُوخٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ عَلَى أَنَّهُ زَرْعُ أَرْضِهِمْ بِبَذْرِهِمْ عَلَى خِلَافِ شَرْطِهِمْ، فَالزَّرْعُ لَهُمْ، وَعَلَيْهِمْ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَقَالَ " الطَّحَاوِيُّ " فِي مُشْكِلِ الْآثَارِ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، إلَّا " شَرِيكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيّ، وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ.
وَوَقَعَ فِي الْفَتَاوَى أَرْضٌ تُؤْجَرُ وَقْتَ الزِّرَاعَةِ بِعِشْرِينَ الْفَدَّانِ، وَإِذَا أَوْجَرْت بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ إلَى الْمَغْلِ أَوْجَرْت بِأَرْبَعِينَ، فَغَصَبَهَا غَاصِبٌ وَزَرَعَهَا، وَلَمْ يُطَالِبْهُ
صَاحِبُهَا إلَى أَوَانِ الْمَغْلِ، وَالْوَاقِعُ فِي الْأَرْضِ أَنَّ الزَّرْعَ يَبْطُلُ مَنْفَعَتُهَا فَلَا يَتَأَتَّى اعْتِبَارُ كُلِّ مُدَّةٍ " فِي نَحْوِهَا ".
وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، إنَّمَا تَكُونُ حَالَّةً فَهَلْ يَضْمَنُ الْعِشْرِينَ فَقَطْ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ " عَلَيْهِ " وَقْتَ زِرَاعَتِهِ حَالَّةً؟ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ " هُنَا ضَمَانَيْنِ ":
أَحَدُهُمَا ضَمَانُ " جِنَايَتِهِ " بِإِبْطَالِهِ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ بِزَرْعِهِ فَيَضْمَنُهُ بِقِيمَةِ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ حَالًّا، وَثَبَتَتْ فِي ذِمَّتِهِ سَوَاءٌ " طَلَبَ " أَمْ لَا.
وَالثَّانِي ضَمَانُ أُجْرَةِ بَقَاءِ الْأَرْضِ فِي يَدِهِ إمَّا " لِاسْتِمْرَارِ " زَرْعِهِ " فِيهَا أَوْ لِغَيْرِهِ.
وَهَذَا يَجِبُ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَأَيُّ وَقْتٍ حَضَرَ الْمَالِكُ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا ضَمَانَ الْمَنْفَعَةِ الْفَائِتَةِ بِجِنَايَتِهِ " وَوَقْتِ " تَفْوِيتِهَا وَضَمَانِ أُجْرَةِ " مِثْلِ " الْمُدَّةِ الَّتِي أَقَامَتْ فِي يَدِهِ.
" الثَّانِي " زَرَعَهَا بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَقَدْ " سَبَقَتْ "
" الثَّالِثُ ": أَنْ يَنْبُتَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، كَمَا لَوْ حَمَلَ السَّيْلُ بَذْرًا إلَى أَرْضِ الْغَيْرِ فَنَبَتَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ فَيَجِبُ رَدُّهُ إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَحَبَّةٍ أَوْ نَوَاةٍ، فَهَلْ النَّابِتُ لِمَالِكِ الْأَرْضِ أَوْ لِصَاحِبِ الْحَبِّ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي.
وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِهِ إذْ لَا تَسْلِيطَ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ
" الرَّابِعُ ": أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ فِي شَيْءٍ " فَزَرَعَ " مَا ضَرَرُهُ أَعْظَمُ مِنْهُ " كَمَا " لَوْ اسْتَأْجَرَ لِزِرَاعَةِ حِنْطَةٍ فَزَرَعَ الْقُطْنَ فَلِلْمَالِكِ الْقَطْعُ مَجَّانًا فَإِنْ مَضَتْ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَفِي الْمَطْلَبِ إنْ قُلْنَا فِي نَظِيرِهِ " مِنْ " الْأُجْرَةِ تَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَكَذَا هُنَا وَإِنْ قُلْنَا يَسْتَحِقُّ مَا زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ " فَهُنَا " تَرَدُّدٌ.
" الْخَامِسُ ": أَنْ يَزْرَعَ الْمَأْذُونَ فِيهِ بِبَذْرِهِ فَالزَّرْعُ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَلَّاحًا يَزْرَعُ بِالْمُقَاسَمَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِ الْأَرْضِ كَعَادَةِ الشَّامِ فَإِنَّ الزَّرْعَ يَكُونُ فِي حُكْمِ الْمُقَاسَمَةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ " أَهْلُ " الشَّامِ " وَأَجَازَهُ " بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالَ وَوَجْهُهُ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ أَنَّ الْفَلَّاحَ كَأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ الْبَذْرِ " لِصَاحِبِ " الْأَرْضِ بِالشَّرْطِ الْمَعْلُومِ بَيْنَهُمَا " فَثَبَتَتْ " عَلَى ذَلِكَ وَإِذَا عَرَفْت هَذَا وَتَعَدَّى شَخْصٌ عَلَى أَرْضٍ " وَغَصَبَهَا " وَهِيَ فِي يَدِ الْفَلَّاحِ فَزَرَعَهَا عَلَى عَادَتِهِ لَا نَقُولُ الزَّرْعُ لِلْغَاصِبِ بَلْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى حُكْمِ الْمُقَاسَمَةِ وَهَذِهِ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ تَنْفَعُ فِي الْأَحْكَامِ.
" فَائِدَةٌ أَعَارَ أَرْضًا لِلزَّرْعِ فَزَرَعَ وَرَجَعَ الْمُعِيرُ " فَهَلْ " لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْقَلْعِ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي الْمُطَارَحَاتِ إنْ كَانَ مِمَّا يُؤْخَذُ فَصِيلًا فِي الْعُرْفِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِقَطْعِهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا " يَسْتَحْصِدُهُ " لَمْ يَكُنْ لَهُ مُطَالَبَتُهُ وَيُقَالُ لَهُ " إنْ شِئْت "
أَذِنْت فَأَعْطِهِ قِيمَةَ زَرْعِهِ قَائِمًا وَإِنْ امْتَنَعَ الْمُسْتَعِيرُ كَانَ عَلَيْهِ " أُجْرَةُ " مِثْلِ الْأَرْضِ إلَى الْحَصَادِ.